للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن بيع الغرر، بعد قوله تعالى: «وأحل الله البيع» (١) ، فهذه لأجل استقلاله يستحيل جعله مع الأصل كلاماً واحداً، فيتعين أن اللفظ الأوّل استعمل في غير موضوعه فيكون مجازاً.

وجوابه: أن جعل غير المستقل مع الأصل كلاماً واحداً غير صحيح، فإن (إلاّ) للإخراج إجماعاً واشتقاقاً من الثَّنْي وهو فرع وجود شيء يرجع ويثنى عليه ومتى جعل الجميع كلاماً واحداً بطل هذا كله، بل الحق أن كلام أخرج منه كلام. نعم معنى الكلام الأوّل لا يستقر حتى بتعقبه السكوت، وعدم استقرار حكم الأوّل لا يصيره جزء كلام، ثم إن هذا إذا سلم يتأتى في المخصص اللفظي المتصل وهو لا يتأتى في المخصص العقلي؛ فإن العقلي مستقل.

وهو حجة عند الجميع إلاّ عيسى بن أبان وأبا ثور، وخصص الكرخي التمسك به إذا خصص بالمتصل، وقال الإمام فخر الدين إن خصص تخصيصاً إجمالياً نحو قوله هذا العام مخصوص فليس بحجة، وما أظنه يخالف في هذا التفصيل.

لنا أنه وضع للاستغراق ولم يستعمل فيه فيكون مجازاً ومقتضياً لثبوت الحكم لكل أفراده، وليس البعض شرطاً في البعض، وإلا لزم الدور، فيبقى حجة في الباقي بعد التخصيص.

كونه حجة هو الصحيح، وقد قيل ما من عام إلاّ وقد خص إلاّ قوله تعالى: «والله بكل شيء عليم» وروى ذلك عن ابن عباس، وحينئذ لا يبقى حجة في جميع عمومات الكتاب والسنة، وذلك تعطيل للاستدلال.

حجة عيسى بن أبان بأن حقيقة اللفظ هي الاستغراق وهو غير مراد، وإذا خرجت الحقيقة عن الإرادة لم يتعين مجاز يحمل اللفظ عليه، إذ ليس البعض أولى من البعض، فيتعين الإجمال، فسقط الاستدلال.


(١) ١٧٣ آل عمران.

<<  <   >  >>