للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا للعوام عند الجمهور لقوله تعالى: «ولا تقف ما ليس لك به علم» (١) ولعظم الخطأ والخطر في جوانب الربوبيةن بخلاف الفروع لأنه ربما كفر في الألو ويثاب في الثاني جزماً.

العامي ليس له أهلية فيتعين أن يقلد كما في القبلة، والعالم الذي لم يبلغ درجة

الاجتهاد احتمالات الخطأ في حقه موجودة غير أنها أقل من العامي، فهذا وجه التردد، وكما اتفقوا على تعيين الحكم في حق المجتهد فكذلك من قلده، ومعناه لو فرض موصوفاً بسببه وغلا فقد يجتهد في الغنم وزكاتها ولا غنم له أو في الجنايات ولا جناية له ولا عليه، بل قد يجتهد في أحكام الحيض والعدة وغيرها مِمّا لا يوصف بد منه، وقد تقدم أول الكتاب حجة منع التقليد على المجتهد مطلقاً أن الأصل أن لا يجوز الظن لقوله تعالى: «ولا تقف ما ليس لك به علم» (٢) خالفناه في أعلى مراتب الظنون الناشئة عن الاجتهاد فيبقى ظن التقليد الضعيف على مقتضى الدليل.

حجة الجواز مطلقاً: أن غاية المجتهد في اجتهاده أن يحصل مثل ما حصله غيره وكما يجوز أن يكون الثاني أقوى يجوز أن يكون أضعف فيتساقطان فيبقى التساوي وأحد المثلين يقوم مقام الآخر، وبهذا يظهر تفنيد العالم للأعلم، لأن الظاهر أن اجتهاد الأعلم أقرب للصواب، وأما ما يخصصه فلأن الحاجة تدعو إليه بخلاف الفتيا فله أن يحيل المستفتي على غيرهن وكذلك إذا ضاق الوقت كانت حالة ضرورة بخلاف اتساعه، وأما أصول الدين فقد تقدم حكاية إمام الحرمين في الشامل أنه لم يخالف في ذلك إلاّ الحنابلةن وقول الإسفرايني أنه لم يخالف فيه إلاّ أهل الظاهر، مع أني سألت الحنابلة قالوا مشهور مذهبنا منع التقليد، والغزالي يميل إليه وجماعة، وقد حكى القاضي عياض في الشفاء ذلك عن غيره.


(١) ٣٦ الإسراء.
(٢) ٣٦ الإسراء.

<<  <   >  >>