للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو (١) مفهوم الموافقة عند القاضي عبد الوهاب أو المخالفة عند غيره (٢) وكلاهما وكلاهما فحو الخطاب عند الباجي، فترادف تنبيه الخطاب وفحواه ومفهوم الموافقة لمعنى واحد وهو إثبات حكم المنطوق به للمسكوت عنه بطريق الأولى كما ترادف مفهوم المخالفة ودليل الخطاب وتنبيهه، ومفهوم الموافقة نوعان أحدهما: ثباته في الأكثر نحو قوله تعالى «فلا تقل لهما أف» (٣)

فإنه يقتضي تحريم الضرب بطريق الأولى وثانيهما إثباته في الأقل نحو قوله تعالى «ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤدي إليك» (٤) فإنه يقتضي ثبوت أمانته في الدرهم بطريق الأولى.

لحن الخطاب أصله في اللغة إفهام الشيء من غير تصريح ومنه قوله تعالى «ولتعرفنهم في لحن القول (٥) » أي في فلتات الكلام من غير تصريح بالنفاق، ولذلك قال المأمون أيها الناس لا تضمروا لنا بغضاً فإنه والله من يضمر لنا بغضاً ندركه في

فلتات كلامه وصفات وجهه ولمحات عينه، ومن ذلك قول الشاعر:

وحديث ألذه وهو مما ... يشتهي الناعتون يوزن وزنا

منطق صائب وتلحن أحيا ... نا وأحلى الحديث ما كان لحنا

أي تعريضاً وتشويقاً من غير تصريح، وقال ابن دريد اللحن الفطنة، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام «ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض» أي أفطن لها، قال ابن يونس ذكر أهل اللغة اللحن بإسكان الحاء أنه الخطأ، وبفتحها الصواب، وقال عبد الحق في النكت: اللحن من أسماء الأضداد للصواب والخطأ، فلذلك قال القاضي عبد الوهاب هنا اللغة تقتضي الاصطلاحين، وأما


(١) في نسخة هو بحذف الواو.
(٢) في نسخة من المخطوطات أسقط: عند غيره.
(٣) ٢٣ الإسراء..
(٤) ٧٥ آل عمران.
(٥) ٢٦ سورة محمد عليه السلام.

<<  <   >  >>