للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك الطلاق بالإضرار والإعسار والتوريث بالأنساب، وقد يشترط في السبب العلم كإيجاب الزنا للحد والقتل للقصاص.

لا يوجد متوقف عليه وهو كما ما يتوقف عليه إلا أحد هذه الثلاثة في العقليات والشرعيات والعبادات.

وقولي وهو كمال ما توقف عليه احتراز من جزء السبب وجزء الشرط، فإن جزء السبب يتوقف عليه، وكذلك جزء الشرط، بخلاف جزء المانع لا يتوقف على انتفائه؛ بل يكفي انتفاء تلك الحقيقة، ويكفي في انتفائها انتفاء جزء من أجزائها إذ لو كان الجزء أيضاً مانعاً لكان ذلك موانع لا مانعاً، وسميت الأحكام الخمسة خطاب تكليف توسعاً في العبارة، فإن التكليف من الكلفة والمشقة، وذلك إنما يتحقق في الواجب للكلفة في تركه أو المحرم للكلفة في فعله وما عداهما لا كلفة في فعله ولا في تركه؛ لأن الكلفة هي توقع العقوبة الربانية، وهي لا توجد في غيرهما، ولذلك نقول: الصبي غير مكلف وإن كان مندوباً للحج والصلاة عل الأصح؛ فغلب لفظ التكليف على الثلاثة الأخر تجوزاً وتوسعاً، ويدل على

اشتراط العلم في التكليف قوله تعال «وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً (١) » نفي التعذي حتى يحصل العلم بالتبليغ للسامع، وقوله تعالى «رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل» (٢) يدل على أن الحجة للخلق من جهة الجهل بعدم التبليغ، وبقوله تعالى «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها» (٣) ، والتكليف مع عدم العلم تكليف بغير الوسع، ولإجماع الأمة على أن من وطئ امرأة يظنها زوجته أو شرب خمراً يظنه خلاً لا يأثم لعدم العلم، وكذلك العاجز غير مكلف إجماعاً.

ويشترط مع العلم والقدرة شروط أخر تختص بكل عبادة منها شروط، كما يشترط في الصلاة البلوغ، والزوال والإقامة في الجمعة، والصوم ودوران الحول في الزكاة، وهو كثير مبسوط في كتب الفقه. ويسمى القسم الآخر خطاب وضع به لأنه شيء وضعه الله تعلى في شرائعه لا أنه أمر به عباده ولا أناطه بأفعالهم من


(١) ٥١ الإسراء.
(٢) ١٦٥ النساء.
(٣) ٢٣٣ البقرة.

<<  <   >  >>