للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السؤال (١١١) : فضيلة الشيخ، ما المقصود بالزكاة في اللغة، وفي الشرع؟ وما العلاقة بين المفهومين؟]

الجواب: الزكاة في اللغة: الزيادة والنماء، فكل شيء زاد عدداً، أو نما حجماً فإنه يقال: زكا. فيقال: زكا الزرع، إذا نما وطال.

وأما في الشرع: فهي التعبد لله تعالى بإخراج قدر واجب شرعاً في أموال مخصومة لطائفة أو جهة مخصوصة.

والعلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي، أن الزكاة وإن كان ظاهرها النقص، نقص كمية المال، لكن آثارها زيادة المال، زيادة المال بركة، وزيادة المال كمية، فإن الإنسان قد يفتح الله له من أبواب الرزق ما لا يخطر على باله إذا قام بما أوجب الله عليه في ماله، قال الله تعالى: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) (الروم: ٣٩) ، وقال تعالى: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سبأ: ٣٩) ، يخلفه: أي يأتي بخلفه وبدله.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما نقصت صدقة من مال" (١) . وهذا أمر مشاهد، فإن الموفقين لأداء ما يجب عليهم في أموالهم يجدون بركة فيما ينفقونه، وبركة فيما يبقى عندهم، وربما يفتح الله لهم أبواب رزق يشاهدونها رأي العين، بسبب إنفاقهم أموالهم في سبيل الله.

ولهذا كانت الزكاة في الشرع ملاقية للزكاة في اللغة من حيث النماء والزيادة.

ثم إن في الزكاة أيضاً زيادة أخرى، وهي زيادة الإيمان في قلب صاحبها، فإن الزكاة من الأعمال الصالحة، والأعمال الصالحة تزيد في إيمان الرجل، لأن مذهب أهل السنة والجماعة أن الأعمال الصالحة من الإيمان، وأن الإيمان يزداد بزيادتها، وينقص بنقصها، وهي أيضاً تزيد الإنسان في خلقه، فإنها بذل وعطاء، والبذل والعطاء يدل على الكرم والسخاء، والكرم والسخاء لا شك أنه خلق فاضل كريم، بل إن له آثاراً بالغة في انشراح الصدر، ونور القلب، وراحته، ومن أراد أن يطلع على ذلك فليجرب الإنفاق، يجد الآثار الحميدة التي تحصل له بهذا الإنفاق، ولا سيما فيما إذا كان الإنفاق واجباً مؤكداً كالزكاة، فإن الزكاة أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، وهي التي تأتي كثيراً مقرونة بالصلاة التي هي عمود الإسلام، وهي في الحقيقة محك تبين كون الإنسان محبا لما عند الله عز وجل، لأن المال محبوب إلى النفوس، وبذل المحبوب لا يمكن أن يكون إلا من أجل محبوب يؤمن به الإنسان وبحصوله، ويكون هذا المحبوب أيضاً أحب مما بذله.

ومصالح الزكاة، وزيادة الإيمان بها، وزيادة الأعمال، وغير ذلك أمر معلوم، يحصل بالتأمل فيه أكثر مما ذكرنا الآن.

آثار الزكاة على المجتمع والاقتصاد


(١) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة، باب استحباب العفو والتواضع، رقم (٢٥٨٨) .

<<  <   >  >>