للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السؤال (٢١٠) : فضيلة الشيخ، ما هي شروط وجوب الحج والعمرة؟]

الجواب: شروط وجوب الحج والعمرة خمسة، مجموعة في قول الناظم:

الحج والعمرة واجبان في العمر مرة بلا تواني

بشرط إسلام كذا حرية عقل بلوغ قدرة جلية

فيشترط لوجوبه أولا: الإسلام، فغير المسلم لا يجب عليه الحج، بل ولا يصح منه لو حج، بل ولا يجوز دخوله مكة؛ لقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) (التوبة: ٢٨) ، فلا يحل لمن كان كافراً بأي سبب كان كفره، لا يحل له دخول حرم مكة. ولكن يحاسب الكافر على ترك الحج وغيره من فروع الإسلام على القول الراجح من أقوال أهل العلم، لقوله تعالى: (إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ) (٣٩) (فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ) (٤٠) (عَنِ الْمُجْرِمِينَ) (٤١) (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) (٤٢) (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (٤٣) (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) (٤٤) (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) (٤٥) (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) (٤٦) (حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ) (المدثر: ٣٩، ٤٧) .

الشرط الثاني: العقل؛ فالمجنون لا يجب عليه الحج، فلو كان الإنسان مجنوناً من قبل أن يبلغ حتى مات، فإنه لا يجب عليه الحج ولو كان غنياً.

الثالث: البلوغ؛ فمن كان دون البلوغ فإن الحج لا يجب عليه، ولكن لو حج، فحجه صحيح، إلا أنه لا يجزئه عن فريضة الإسلام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي رفعت إليه صبياً وقالت: ألهذا حج؟ قال: ((نعم ولك أجر)) (١) ، لكنه لا يجزئه عن فريضة الإسلام لأنه لم يوجه إليه الأمر بها حتى يجزئه عنها؛ إذا لا يتوجه الأمر إليه إلا بعد بلوغه.

وبهذه المناسبة أحب أن أقول: إنه في المواسم التي يكثر فيها الزحام، ويشق فيها الإحرام بالصغار، ومراعاة إتمام مناسكهم، فالأولى ألا يحرموا لا بحج ولا بعمرة، أعني هؤلاء الصغار؛ لأنه يكون فيه مشقة عليهم وعلى أولياء أمورهم، وربما شغلوهم عن إتمام نسكهم، أي: ربما شغل الأولاد آباءهم أو أمهاتهم عن إتمام نسكهم، فبقوا في حرج، وما دام الحج لا يجب عليهم، فإنهم في سعة من أمرهم.

الرابع: الحرية؛ فالرقيق المملوك لا يجب عليه الحج؛ لأنه مملوك مشغول بسيده، فهو معذور بترك الحج، لا يستطيع السبيل إليه.

الخامس: القدرة على الحج بالمال والبدن؛ فإن كان الإنسان قادراً بماله دون بدنه، فإنه ينيب من يحج عنه؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة خثعمية سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج، شيخا كبير لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال ((نعم)) (٢) ، وذلك في حجة الوداع ففي قولها: أدركته فريضة الله على عباده في الحج، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم إياها على ذلك، دليل على أن من كان قادراً بماله دون بدنه، فإنه يجب عليه أن يقيم من يحج عنه، أما إن كان قادراً ببدنه دون ماله، ولا يستطيع الوصول إلى مكة ببدنه، فإن الحج لا يجب عليه.

ومن القدرة: أن تجد المرأة محرما لها، فإن لم تجد محرما، فإن الحج لا يجب عليها، لكن اختلف العلماء: هل يجب عليها في هذه الحال أن تقيم من يحج عنها أو يعتمر، أو لا يجب؟ على قولين لأهل العلم؛ بناء على أن وجود المحرم هل هو شرط لوجوب الأداء، أو هو شرط للوجوب من أصله، والمشهور عند الحنابلة رحمهم الله: أن المحرم شرط للوجوب، وأن المرأة التي لا تجد محرما ليس عليها حج ولا يلزمها أن تقيم من يحج عنها.

فهذه شروط خمسة لوجوب الحج، أعيدها فأقول: هي الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والاستطاعة، وهذه الشروط تشمل الحج والعمرة أيضا.

شروط الإجزاء في أداء الحج والعمرة


(١) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب صحة حج الصبي وأجر من حج به، رقم (١٣٣٦)
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله، رقم (١٥١٣) ومسلم كتاب الحج، باب الحج عن العاجز، رقم (١٣٣٤) .

<<  <   >  >>