للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السؤال (٣٠٢) : فضيلة الشيخ، بعد أن عرفنا أهم الأخطاء التي تقع من الحجاج في عرفة نود أن نعرف أيضا إذا كان هناك أخطاء يقع فيها بعض الحجاج في الطريق إلى المزدلفة وفي المزدلفة نفسها؟]

الجواب: تقع أخطاء في الانصراف إلى المزدلفة، منها ما يكون في ابتداء الانصراف، وهو ما أشرنا إليه سابقا من انصراف بعض الحجاج من عرفة قبل غروب الشمس، ومنها أنه في دفعهم من عرفة إلى المزدلفة تحدث المضايقات بعضهم لبعض، والإسراع الشديد حتى يؤدي ذلك أحيانا إلى تصادم السيارات، وقد دفع النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة بسكينة، وكان عليه الصلاة والسلام دفع وقد شنق لناقته القصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب موضع رحله، وهو يقول بيده الكريمة: ((أيها الناس، السكينة السكينة)) ، ولكنه صلى الله عليه وسلم مع ذلك إذا أتى فجوة أسرع، وإذا أتى حبلا من الحبال (١) أرخى لناقته الزمام حتى تصعد (٢) ، فكان عليه الصلاة والسلام يراعي الأحوال في مسيره هذا، ولكن إذا دار الأمر بين كون الإسراع أفضل أو التأني، فالتأني أفضل.

ومن الأخطاء في مزدلفة والدفع إليها: أن بعض الناس ينزل قبل أن يصلوا إلى مزدلفة، ولا سيما المشاة منهم، يعييهم المشي ويتعبهم، فينزلون قبل أن يصلوا إلى مزدلفة، ويبقون هنالك حتى يصلوا الفجر ثم ينصرفوا منه إلى منى ومن فعل هذا فإنه قد فاته المبيت في المزدلفة، وهذا أمر خطير جدا، لأن المبيت بمزدلفة ركن من أركان الحج عند بعض أهل العلم، وواجب من واجباته عند جمهور أهل العلم، وسنة في قول بعضهم، ولكن الصواب: أنه واجب من واجبات الحج، وأنه يجب على الإنسان أن يبيت في مزدلفة، وألا ينصرف إلا في الوقت الذي أجاز الشارع له فيه الانصراف كما سيأتي إن شاء الله تعالى، المهم: أن بعض الناس ينزلون قبل أن يصل إلى مزدلفة.

ومن الأخطاء أيضا: أن بعض الناس يصلي المغرب والعشاء في الطريق على العادة، قبل أن يصل إلى مزدلفة، وهذا خلاف السنة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل في أثناء الطريق وبال وتوضأ، قال له أسامة بن زيد وكان رديفه: الصلاة يا رسول الله قال: ((الصلاة أمامك)) (٣) ، وبقي عليه الصلاة والسلام ولم يصل إلا حين وصل إلى مزدلفة، وكان قد وصلها بعد دخول وقت العشاء؛ فصلى فيها المغرب والعشاء جمع تأخير.

أخطاء تقع في مزدلفة ((تتمة))


(١) الحبل: هو التل اللطيف من الرمل.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم رقم (١٢١٨) وهو جزء من حديث جابر السابق.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب النزول بين عرفة وجمع، رقم (١٦٦٩) ومسلم، كتاب الحج، باب الإفاضة من عرفات إلى مزدلفة، رقم (١٢٨٠) .

<<  <   >  >>