للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السؤال (٣٠٦) : فضيلة الشيخ، سألنا عن الأخطاء التي تقع عند رمي الجمار أو في الرمي، وذكرتم من هذه الأخطاء: الظن بأن الحصى لابد أن يكون من مزدلفة، وغسل الحصى، والظن بأن الجمرات شياطين، والرمي بالأحجار الكبيرة، والرمي بالأحذية والخشب وما إلى ذلك، وأيضا: الرمي دون تحقق وقوع الحصى في الحوض، والظن بأنه لابد من إصابة العمود، والتهاون أيضا في التوكيل في الرمي مع القدرة، وعكس الترتيب في الرمي ورمي الجمرات قبل الزوال، فهل هناك أخطاء أيضا غير هذه الأخطاء التي ذكرتم؟]

الجواب: نعم، هناك أخطاء بقيت من الأخطاء التي تقع من بعض الحجاج في الرمي، لكن ورد فيما ذكرتم أن من الأخطاء عدم تحقق وصول الحصاة في المرمى، والواقع: أن المقصود هو أن بعض الناس يرمي جمرة العقبة من الخلف، من خلف الجدار، فيقع الحصى في غير المرمى؛ لأن الجدار يحول بينه وبين الحوض، وتحقق وقوع الحصاة في المرمى ليس بشرط؛ لأنه يكفي أن يغلب على الظن أنها وقعت فيه، فإذا رمى الإنسان من المكان الصحيح وحذف الحصاة، وهو يغلب على ظنه أنها وقعت في المرمى: كفى؛ لأن اليقين في هذه الحال قد يتعذر، وإذا تعذر اليقين، عمل بغلبة الظن، ولأن الشارع أحال على غلبة الظن فيما إذا شك الإنسان في صلاته: كم صلى، ثلاثا أم أربعا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((ليتحر الصواب، ثم ليتم عليه)) (١) ، وهذا يدل على أن غلبة الظن في أمور العبادة كافية وهذا من تيسير الله عز وجل؛ لأن اليقين أحيانا يتعذر.

نرجع الآن إلى تكميل الأخطاء التي تحضرنا في مسألة الرمي، أعني رمي الجمرات:

فمنها: أن بعض الناس يرمي بحصى أقل مما ورد، فيرمي بثلاث أو أربع أو خمس وهذا خلاف السنة بل يجب عليه أن يرمي بسبع حصيات؛ كما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه رمى بسبع حصيات بدون نقص، لكن رخص بعض العلماء في نقص حصاة أو حصاتين؛ لأن ذلك وقع من بعض الصحابة رضي الله عنهم، فإذا جاءنا رجل يقول: إنه لم يرم إلا بست ناسيا أو جاهلا، فأننا في هذه الحالة نعذره ونقول: لا شيء عليك، لورود مثل ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، وإلا فالأصل أن المشروع سبع حصيات؛ كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن الخطأ الذي يرتكبه بعض الحجاج في الرمي، وهو سهل لكن ينبغي أن يتفطن له الحاج: أن كثيرا من الحجاج يهملون الوقوف للدعاء بعد الجمرة الأولى والوسطى في أيام التشريق، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا رمى الجمرة الأولى، انحدر قليلا، ثم استقبل القبلة، فرفع يديه يدعو الله تعالى دعاء طويلا، وإذا رمى الجمرة الوسطى فعل ذلك، وإذا رمى جمرة العقبة، انصرف ولم يقف، فينبغي للحاج أن لا يفوت هذه السنة على نفسه، بل يقف ويدعو الله تعالى دعاء طويلا إن تيسر له، وإلا فبقدر ما تيسر، بعد الجمرة الأولى والوسطى.

وبهذا نعرف أن في الحج ست وقفات للدعاء: على الصفا وعلى المروة ـ وهذا في السعي ـ وفي عرفة، ومزدلفة، وبعد الجمرة الأولى، وبعد الجمرة الوسطى. فهذه ست وقفات كلها وقفات للدعاء في هذه المواطن، ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن الأخطاء التي يرتكبها بعض الناس: ما حدثني به من أثق به من أن بعض الناس يرمي رميا زائدا عن المشروع ـ إما في العدد، وإما في النوبات والمرات؛ فيرمي أكثر من سبع، ويرمي الجمرات في اليوم مرتين أو ثلاثا، وربما يرمي في غير وقت الحج، وهذا كله من الجهل والخطأ، والواجب على المرء: أن يتعبد بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لينال بذلك محبة الله ومغفرته؛ لقول الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران: ٣١) .

هذا ما يحضرني الآن من الأخطاء في رمي الجمرات

أخطاء تقع في المبيت بمنى أيام التشريق


(١) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب التوجه نحو ذلك القبلة حيث كان، رقم (٤٠١) ، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، رقم (٥٧٢)

<<  <   >  >>