للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السؤال (٧٣) : فضيلة الشيخ، ما هي موجبات الغسل؟ وما صفته؟]

الجواب: أما صفة الغسل فعلى وجهين: صفة واجبة وهي أن يعم بدنه كله بالماء، ومن ذلك المضمضة والاستنشاق، فإذا عمم بدنه بالماء على أي وجه كان، فقد ارتفع عنه الحدث الأكبر، والوجه الثاني: صفة كاملة، وهي أن يغتسل كما اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا اغتسل من الجنابة، فإنه يغسل كفيه، ثم يغسل فرجه، وما تلوث من الجنابة، ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً، على صفة ما ذكرنا في الوضوء، ثم يغسل رأسه بالماء ثلاثاً تروية، ثم يغسل بقية بدنه، هذه صفة الغسل.

أما موجبات الغسل فمنها: إنزال المني بشهوة يقظة أو مناماً لكنه في المنام يجب عليه الغسل وإن لم يحس بالشهوة، لأن النائم قد يحتلم ولا يحس بنفسه، فإذا خرج منه المني بشهوة وجب عليه الغسل بكل حال.

الثاني: الجماع، فإذا جامع الرجل زوجته وجب عليه الغسل، والجماع يكون بأن يولج الحشفة في فرجها، فإذا أولج الحشفة في فرجها فعليه الغسل، لقول النبي صلى عليه وسلم عن الأول: " الماء من الماء" (١) ، يعني أن الغسل يجب من الإنزال، وقوله عن الثاني: " إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها، فقد وجب الغسل وإن لم ينزل" (٢) .

وهذه المسألة أعني الجماع بدون إنزال يخفى حكمها على كثير من الناس، حتى إن بعض الناس تمضي عليه الأسابيع أو الشهور، وهو يجامع زوجته بدون إنزال ولا يغتسل جهلاً منه، وهذا أمر له خطورته، فالواجب على الإنسان أن يعلم حدود ما أنزل الله على رسوله، فإن الإنسان إذا جامع زوجته وإن لم ينزل، وجب الغسل عليه وعليها، للحديث الذي أشرنا إليه آنفاً.

ومن موجبات الغسل: خروج دم الحيض والنفاس، فإن المرأة إذا حاضت ثم طهرت، وجب عليها الغسل، لقول الله تعالى: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) (البقرة: ٢٢٢) .

ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة إذا جلست قدر حيضها أن تغتسل (٣) والنفساء مثلها، فيجب عليها أن تغتسل.

وصفة الغسل من الحيض والنفاس كصفة الغسل من الجنابة، إلا أن بعض أهل العلم استحب في غسل الحائض، أن تغتسل بالسدر، لأن ذلك أبلغ في نظافتها وتطهيرها.

وذكر بعض العلماء أيضاً من موجبات الغسل: الموت، مستدلين بقول النبي صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي كن يغسلن ابنته: " اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك" (٤) ، وقوله صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي وقصته راحلته بعرفة وهو محرم: "اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين" (٥) ، فقالوا: إن الموت موجب للغسل، ولكن الوجوب هنا يتعلق بالحي، لأن الميت انقطع تكليفه بموته.

ومعنى يتعلق بالحي، أن الحي هو الذي يوجه إليه الأمر بأن يغسل الميت، فالميت هو الذي يغسل، والحي هو الذي يغسله، فعلى الأحياء أن يقوموا بما وجب عليهم من تغسيل موتاهم، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

حكم المسح على الخفين وشروطه


(١) أخرجه مسلم، كتاب الحيض، باب إنما الماء من الماء رقم (٣٤٣) .
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الغسل، باب إذا التقى الختانان، رقم (٢٩١) ومسلم، كتاب الحيض، باب نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين، رقم (٣٤٨) .
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها، رقم (٣٣٤) .
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب غسل الميت ووضوئه بالماء، رقم ١٢٥٣) ، ومسلم، كتاب الجنائز، باب في غسل الميت، رقم (٩٣٩) .
(٥) أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب الكفن في ثوبين، رقم (١٢٦٥) ، ومسلم، كتاب الحج، باب ما يفعل بالمحرم إذا مات، رقم (١٢٠٦) .

<<  <   >  >>