للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ وَبَهِيمَتِهِ، فَيُصْرَفُ الثَّمَنُ إلَى مَا ذُكِرَ وَيَتَيَمَّمُ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُحْتَرَمِ عَنْ غَيْرِهِ كَالْمُرْتَدِّ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ.

(وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَاءٌ أَوْ أُعِيرَ دَلْوًا) أَوْ رِشَاءً (وَجَبَ الْقَبُولُ فِي الْأَصَحِّ) وَلَوْ وُهِبَ ثَمَنَهُ فَلَا يَجِبُ قَبُولَهُ قَطْعًا لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ وَخِفَّتِهَا فِيمَا قَبْلَهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهِ يَنْظُرُ إلَى أَصْلِ الْمِنَّةِ فِي الْهِبَةِ، وَيَقُولُ فِي الْعَارِيَّةِ: إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْمُعَارِ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ فَيَضْمَنُهُ، وَلَوْ وُهِبَ آلَةَ الِاسْتِقَاءِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهَا، وَلَوْ أُقْرِضَ الْمَاءَ وَجَبَ قَبُولُهُ عَلَى الصَّحِيحِ.

وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْقَبُولِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَجِبُ سُؤَالُ الْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ فِي الْأَصَحِّ، وَمِثْلُهُمَا الْقَرْضُ وَالْأَوْلَى فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْبَلْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ أَثِمَ وَلَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى مَالِكِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَذْلُهُ لِطَهَارَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ قَرْضٍ فِي الْأَصَحِّ

(وَلَوْ نَسِيَهُ) أَيْ الْمَاءَ (فِي رَحْلِهِ أَوْ أَضَلَّهُ فِيهِ فَلَمْ يَجِدْهُ بَعْدَ الطَّلَبِ) هَذَا تَفْسِيرُ إضْلَالِهِ لَهُ (فَتَيَمَّمَ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَصَلَّى، ثُمَّ تَذَكَّرَهُ وَوَجَدَهُ (قَضَى) الصَّلَاةَ (فِي الْأَظْهَرِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

وَلَوْ مَآلًا وَسَفَرُ غَيْرِهِ إذَا لَزِمَهُ كَسَفَرِهِ وَمِنْهُ أَجْنَبِيٌّ خِيفَ انْقِطَاعُهُ عَنْ رُفْقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَنَفَقَتِهِ عِنْدَ خَوْفِ ضَرَرِهِ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُقِيمِ مُؤْنَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.

(فَرْعٌ) يُقَدِّمُ سُتْرَةَ الصَّلَاةِ ثَمَنًا وَأُجْرَةً عَلَى شِرَاءِ الْمَاءِ وَيَعْدِلُ إلَى التَّيَمُّمِ لِأَنَّهَا آكَدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَفَقَةِ) أَيْ مُؤْنَةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَعَهُ) أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ الْمُرَادُ الْقَافِلَةُ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (كَالْمُرْتَدِّ) وَمِثْلُهُ تَارِكُ الصَّلَاةِ بِشَرْطِهِ وَكَذَا الزَّانِي الْمُحْصَنُ. نَعَمْ يُقَدَّمُ شُرْبُ نَفْسِهِ عَلَى تَيَمُّمِهِ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ عَلَى نَفْسِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ غَيْرَ الزَّانِي مِثْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا فِي شَرْحِهِ، فَيُقَدِّمُونَ شُرْبَهُمْ عَلَى طَهَارَتِهِمْ لِمَا ذُكِرَ. نَعَمْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ إنْ تُبْتُمْ تَرَكْت الْمَاءَ لَكُمْ وَتَيَمَّمْت وَإِلَّا تَوَضَّأْت بِهِ وَتَرَكْتُكُمْ تَمُوتُونَ، وَفِي الْوُجُوبِ نَظَرٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ التَّوْبَةُ فِي الزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ عَلَى الْعَاصِي بِالسَّفَرِ الشُّرْبُ وَالتَّيَمُّمُ قَبْلَ تَوْبَتِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ) لَا غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، وَأَجَازَ وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ قَتْلَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَمْرُ بِقَتْلِهِ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ نُسِخَ.

(تَنْبِيهٌ) شَمِلَتْ الْحَاجَةُ لِلْعَطَشِ وَلَوْ مَآلًا، وَكَذَا لِلطَّبْخِ وَبَلِّ الْكَعْكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْحَاجَةَ لِبَلِّ الْكَعْكِ فِي الْمَاءِ بِمَا إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ تَنَاوُلُهُ دُونَ الْمَاءِ وَشَيْخُنَا لَمْ يَعْتَبِرْ غَيْرَ الْعَطَشِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُوَافِقُهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا يُمْكِنُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ الْمَاءِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ وَصَلَ إلَى مَاءٍ أَوْ فَضْلٍ مِمَّا ادَّخَرَهُ شَيْءٌ لَمْ يُعْتَبَرْ إنْ كَانَ بِسَبَبِ تَقْتِيرٍ أَوْ سُرْعَةِ سَيْرٍ وَإِلَّا وَجَبَ قَضَاءُ كُلِّ صَلَاةٍ صَحِبَهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَاءٌ) وَاجِبُ الْقَبُولِ، وَكَذَا لَوْ أُعِيرَهُ لِصِحَّةِ إعَارَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا قَرْضُهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ أُعِيرَ دَلْوًا) لَا إنْ أُقْرِضَهُ أَوْ وُهِبَهُ أَوْ ثَمَنَهُ. نَعَمْ لَا يَسْتَعِيرُ وَلِيٌّ لِمَحْجُورِهِ عَارِيَّةً مُضَمَّنَةً بَلْ غَيْرَ مُضَمَّنَةٍ كَالْإِعَارَةِ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ يَجِبُ سُؤَالُ الْهِبَةِ إلَخْ) فَالْمُرَادُ فِي جَمِيعِ مَا وَجَبَ مَا يَعُمُّ الْقَبُولَ وَالسُّؤَالَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى) .

قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: هِيَ قَبُولُ الْهِبَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: هِيَ سُؤَالُ الْهِبَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْمَاءِ الْهِبَةُ وَالْقَرْضُ وَالشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةُ وَالْإِعَارَةُ، وَفِي الْآلَةِ الْإِجَارَةُ وَالشِّرَاءُ وَالْإِعَارَةُ فَقَطْ، وَلَا يَجِبُ فِي الثَّمَنِ شَيْءٌ، وَيَتَضَيَّقُ الْوُجُوبُ بِضِيقِ الْوَقْتِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ سَعَتُهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ حَتَّى يَسْأَلَ. قَوْلُهُ: (لَوْ لَمْ يَقْبَلْ) أَوْ لَمْ يَسْأَلْ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ لَا يَجِبُ إلَخْ) دُفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ وُجُوبِ الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْمَالِكِ بِسُؤَالِ غَيْرِهِ، وَخَرَجَ بِالطَّهَارَةِ الْعَطَشُ وَسَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَاءُ) وَمِثْلُهُ ثَمَنٌ وَآلَتُهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَذَكَّرَهُ)

ــ

[حاشية عميرة]

الِاسْتِقَاءِ لَكِنْ بَحَثَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا اغْتِفَارَ الزِّيَادَةِ الَّتِي يَجِبُ بَذْلُهَا فِي تَحْصِيلِ الْمَاءِ، قَالَ لِأَنَّ الْآلَةَ تَبْقَى لَهُ، وَالْمَاءُ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ فَيُغْتَفَرُ ثَمَنُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ لِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ مُؤْنَةِ سَفَرِهِ) لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْعَطَشِ لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى ثَمَنِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (لِدَيْنٍ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُؤْنَةُ سَفَرِهِ) أَيْ وَلَوْ مُبَاحًا وَمِثْلُهُ سَفَرُ غَيْرِهِ لِمَنْ يَخَافُ انْقِطَاعَهُ عَنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَيَوَانٌ مُحْتَرَمٌ مَعَهُ) قَيَّدَ الشَّارِحُ بِالْمَعِيَّةِ هُنَا وَتَرَكَ ذَلِكَ فِي الْعَطَشِ الْآتِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ مُحْتَرَمٌ أَيْ وَلَوْ كَافِرًا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ مَعَهُ، هَذِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِيمَا يَظْهَرُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ وَهَبَ) يُقَالُ وَهَبَ لَهُ وَوَهَبَ مِنْهُ وَبَاعَ لَهُ وَبَاعَ مِنْهُ فَالْأَوْلَى لُغَةُ الْقُرْآنِ، وَالثَّانِيَةُ جَاءَتْ بِهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ الْقَبُولُ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْأَوْلَى فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا) يُرِيدُ بِالْأَوْلَى قَبُولُ الْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْقَرْضِ، وَبِالثَّانِيَةِ سُؤَالُ ذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَثِمَ وَلَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ) أَيْ مَا دَامَ إمْكَانُ الْوُضُوءِ بَاقِيًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ بِالرُّجُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>