للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَالِيَّةِ فِيهَا وَتُضَمُّ إلَى الْمَالِ، وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الْجَمِيعِ أَيْ فِي قَدْرِهِ مِنْ الْكِلَابِ

(وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلٍ وَلَهُ طَبْلُ لَهْوٍ وَطَبْلٌ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَطَبْلِ حَرْبٍ) يُضْرَبُ بِهِ لِلتَّهْوِيلِ (وَ) طَبْلُ (حَجِيجٍ) يُضْرَبُ بِهِ لِلْإِعْلَامِ بِالنُّزُولِ وَالِارْتِحَالِ. (حُمِلَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (عَلَى الثَّانِي) لِتَصِحَّ (وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلِ اللَّهْوِ) وَهُوَ مَا يَضْرِبُ بِهِ الْمُخَنَّثُونَ، وَسَطُهُ ضَيِّقٌ وَطَرَفَاهُ وَاسِعَانِ (لَغَتْ إلَّا إنْ صَلَحَ لِحَرْبٍ أَوْ حَجِيجٍ) بِهَيْئَتِهِ أَوْ بِأَنْ يُغَيَّرَ فَتَصِحَّ بِهِ.

فَصْلٌ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِسَعْدٍ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ مَكْرُوهَةٌ، وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ مُحَرَّمَةٌ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْئًا (فَإِنْ زَادَ) الْمُوصِي عَلَى الثُّلُثِ شَيْئًا. (وَرَدَّ الْوَارِثُ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ) ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ (وَإِنْ أَجَازَ فَإِجَازَتُهُ تَنْفِيذٌ) لِلْوَصِيَّةِ بِالزَّائِدِ. (وَفِي قَوْلٍ عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ) مِنْهُ (وَالْوَصِيَّةُ بِالزِّيَادَةِ لَغْوٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ خَاصٌّ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا مُجِيزَ. (وَيُعْتَبَرُ الْمَالُ) الْمُوصَى بِثُلُثِهِ (يَوْمَ الْمَوْتِ وَقِيلَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ) وَيَخْتَلِفُ قَدْرُ الثُّلُثِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِ الْمَالِ فِي الْيَوْمَيْنِ (وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ) الَّذِي يُوصِي بِهِ. (أَيْضًا عِتْقٌ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

رَجَعَ إلَى اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلٍ إلَخْ) أَيْ وَالْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنٍ غَيْرِ نَحْوِ مَسْجِدٍ وَإِلَّا كَالْفُقَرَاءِ، وَالْمَسْجِدِ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مُطْلَقًا، وَيُحْمَلُ عَلَى مَا يَحِلُّ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَعَلَى مَا لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِرُضَاضِهِ. قَوْلُهُ: (حُمِلَتْ إلَخْ) أَيْ لِشُمُولِ اسْمِ الطَّبْلِ لَهُمَا مَعًا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ صِحَّتِهَا فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِعُودٍ، وَلَهُ عُودُ لَهْوٍ وَغَيْرُهُ، لِانْصِرَافِ الِاسْمِ لِلْأَوَّلِ وَحْدَهُ، وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ آنِفًا.

قَوْلُهُ: (بِطَبْلِ اللَّهْوِ) بِأَنْ صَرَّحَ بِوَصْفِهِ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَغَتْ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْبُطْلَانُ فِي هَذِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُغَيَّرَ إلَخْ) أَيْ تَغَيُّرًا لَا يَمْنَعُ اسْمَ الطَّبْلِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً.

[فَصْلٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ]

فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ وَحُكْمِ التَّبَرُّعَاتِ قَوْلُهُ: (يَنْبَغِي) أَيْ يُنْدَبُ عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ يَجِبُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، وَعِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ لَا يَنْبَغِي وَهِيَ تَصَدُّقٌ بِالْمُبَاحِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (مَالِهِ) أَيْ الْمَوْجُودِ حَالَةَ الْوَصِيَّةِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ أَصَالَةً مَالَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ كَمَا يَأْتِي.

تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْوَارِثِ، وَيُكْرَهُ لِلْوَارِثِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِسَعْدٍ) هُوَ ابْنُ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ عَادَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ وَسَأَلَهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِمَالِهِ كُلِّهِ فَلَمْ يَرْضَهُ فَقَالَ بِثُلُثَيْهِ فَلَمْ يَرْضَهُ، فَقَالَ بِنِصْفِهِ فَلَمْ يَرْضَهُ، فَقَالَ بِثُلُثِهِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» هَكَذَا حَكَاهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ مِنْ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (مَكْرُوهَةٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مُحَرَّمَةٌ) مَرْجُوحٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِ حِرْمَانِ الْوَارِثِ. وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ الْحُرْمَةَ مَعَ التَّوَقُّفِ عَلَى الْإِجَازَةِ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ الْمَالِ، عِنْدَ الْمَوْتِ بِالزِّيَادَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: بِنِصْفِ مَالِي مَثَلًا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْحُرْمَةَ مِنْ حَيْثُ إتْيَانُهُ بِمَا لَمْ يَرْضَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَنْقُصَ) فَالْمَعْنَى يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ لَا أَنَّ نَفْسَ الزِّيَادَةِ مَكْرُوهَةٌ، أَوْ مُحَرَّمَةٌ فَهُوَ كَصَلَاةِ الْحَاقِنِ، مَثَلًا فَسَقَطَ مَا قِيلَ: إنَّ فِي ذَلِكَ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ بِالْمُحَرَّمِ أَوْ بِالْمَكْرُوهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ النَّقْصُ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَدِيثِ قَدْ اسْتَكْثَرَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ حَقُّهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ مُسْتَغْرِقَةٌ، كَانَ الْمُعْتَبَرُ أَصْحَابَهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْآنَ لَهُمْ فَتُقَدَّمُ إجَازَتُهُمْ عَلَى رَدِّ الْوَارِثِ، كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَجَازَ) أَيْ الْوَارِثُ الْكَامِلُ بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَرُشْدٍ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَ كَمَالُهُ فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ حُكِمَ بِبُطْلَانِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ ظَاهِرًا، فَلَوْ كَمُلَ وَأَجَازَ تَبَيَّنَ نُفُوذُهَا وَلَا يَصِحُّ رُجُوعٌ بَعْدَ إجَازَةٍ إلَّا فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ الْمَالُ) أَيْ التَّرِكَةُ وَمِنْهَا دِيَتُهُ لَوْ قَتَلَ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْمَوْتِ) أَيْ وَقْتَهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ) كَالنَّذْرِ وَفُرِّقَ بِعَدَمِ اللُّزُومِ هُنَا فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (أَيْضًا) عَائِدٌ إلَى " يُعْتَبَرُ " فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى يَنْبَغِي كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ مِنْ الثُّلُثِ الْمُحْوِجِ إلَى رُجُوعِهِ لِأَوَّلِ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ سَابِقًا بِقَوْلِهِ: تُنَفَّذُ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَإِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

فَصْلٌ يَنْبَغِي إلَخْ قَوْلُهُ: (مُحَرَّمَةٌ) يَشْهَدُ لِذَلِكَ حَدِيثُ سَعْدٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِجَازَتُهُ تَنْفِيذٌ إلَخْ) مِنْ فَوَائِدِ هَذَا الْخِلَافِ أَنَّ إجَازَةَ الْوَارِثِ إذَا كَانَ مَرِيضًا تُحْسَبُ مِنْ ثُلُثِهِ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ تَنْفِيذٌ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ صَادَفَ الْمِلْكَ، وَحَقُّ الْوَارِثِ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدُ. وَقَوْلُهُ: عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُهَا. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ: قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَغْوٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا حَقُّ الْوَارِثِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ) قَالَ الْمُتَوَلِّي: هَذَا إذَا قُلْنَا يَنْتَقِلُ إرْثًا فَإِنْ قُلْنَا عَلَى جِهَةِ الْمَصْلَحَةِ فَيُشْبِهُ الْقَطْعَ بِالْجَوَازِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَوْمَ الْمَوْتِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَحِينَئِذٍ تَلْزَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَنْبَغِي إلَخْ. بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعِتْقٍ) قِيلَ يُسْتَثْنَى عِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ فَأَلْحَقَ الِاسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ اسْتِمْتَاعٌ وَإِتْلَافٌ، وَهُوَ لَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُسِّطَ الثُّلُثُ) ، أَيْ وَلَا يُقَدَّمُ بِالسَّبْقِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا فِي الْعَوْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>