للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا إقْرَاعَ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَخْرُجَ الْقُرْعَةُ بِالْحُرِّيَّةِ لِسَالِمٍ، فَيَلْزَمُ إرْقَاقُ غَانِمٍ فَيَفُوتُ شَرْطُ عِتْقِ سَالِمٍ، وَلَوْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ مُثَلَّثًا

(وَلَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ، وَبَاقِيهِ غَائِبٌ لَمْ تُدْفَعْ كُلُّهَا إلَيْهِ فِي الْحَالِ) لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الْغَائِبِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الثُّلُثِ مِنْهَا أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ مِنْهَا، لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ الْغَائِبِ، وَالثَّانِي يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ الْوَارِثِ.

فَصْلٌ: إذَا ظَنَنَّا الْمَرَضَ مَخُوفًا أَيْ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ. (لَمْ يُنَفَّذْ تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ (فَإِنْ بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (نُفِّذَ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْحَجْرِ (وَإِنْ ظَنَنَّاهُ غَيْرَ مَخُوفٍ فَمَاتَ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْفُجَاءَةِ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْمَدِّ وَبِفَتْحِهَا وَسُكُونِ الْجِيمِ. (نُفِّذَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهَا (فَمَخُوفٌ)

ــ

[حاشية قليوبي]

الشَّارِحُ

. قَوْلُهُ: (غَائِبٌ) أَيْ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَكَالْحَاضِرِ وَالدَّيْنُ كَالْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (لَا يَتَسَلَّطُ) أَيْ ظَاهِرًا فَلَوْ تَصَرَّفَ وَبَانَ أَنَّهُ لَهُ صَحَّ. قَوْلُهُ: (لَا يَتَسَلَّطُ) أَيْ وَشَرْطُ تَسَلُّطِ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْمُوصِي كَأَنْ يَتَسَلَّطَ الْوَارِثُ عَلَى مِثْلَيْهِ، وَلَمْ يُوجَدْ فَلَا يُقَالُ: إنَّ ثُلُثَ الْحَاضِرِ لِلْمُوصَى لَهُ مُطْلَقًا، فَلَا يَمْنَعُ مِنْ التَّسَلُّطِ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَهُ التَّصَرُّفُ بِنَحْوِ إجَارَةٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ فَبَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ صَحَّ فِي الثُّلُثَيْنِ عَلَى نَظِيرِ مَا قَبْلَهُ اعْتِبَارًا بِالْوَاقِعِ فِي الْمَفْقُودِ.

فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْحَجْرُ فِي التَّصَرُّفِ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ظَنَنَّا) ضَمِيرُهُ عَائِدٌ إلَى الْفُقَهَاءِ بِاعْتِبَارِ مَا بَلَغَهُمْ عَنْ الْأَطِبَّاءِ الْعُدُولِ، أَوْ عَنْ النُّصُوصِ وَقَدْ يَرْتَقِي الظَّنُّ فِي ذَلِكَ إلَى الْعِلْمِ، وَالْيَقِينِ لِنَحْوِ تَوَاتُرٍ فَيُرَادُ بِالظَّنِّ مَا يَشْمَلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَرَضِ، مَا هُوَ وَاقِعٌ بِالْمُتَصَرِّفِ بِالْفِعْلِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَجُمْلَةُ مَا يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ مَرَضٍ، وَالْمَخُوفُ مِنْهَا مَا نَصُّوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ) مُقْتَضَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَنْ يُقَالَ: مُخِيفٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ الصَّوَابُ، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَوْتُ بِهِ نَادِرًا. قَوْلُهُ: (تَبَرُّعٌ) مُنْجَزًا أَوْ لَا.

قَوْلُهُ: (زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ عِنْدَ الْمَوْتِ كَمَا مَرَّ. وَاعْتِبَارُهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ بِمَعْنَى عَدَمِ النُّفُوذِ فِيهِ، أَنْ يَتَوَقَّفَ فِي صَرْفِهِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (الْفُجَاءَةِ) فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ وَحُمِلَ الْخَبَرُ الْأَخِيرُ بِأَنَّهُ أَخْذَةُ أَسَفٍ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَعِدِّ. قَوْلُهُ: (فَمَخُوفٌ) أَيْ حُكْمًا فَعُلِمَ أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الْمَوْتُ، فَهُوَ مَخُوفٌ مُطْلَقًا، وَمَحَلُّ التَّفْصِيلِ إذَا لَمْ يَمُتْ بِهِ وَمَاتَ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَثْبُتْ) أَيْ كَوْنُهُ مَخُوفًا أَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ، وَيُصَدَّقُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ. قَوْلُهُ: (اعْتِبَارًا بِالزِّيَادَةِ) يُفِيدُ اعْتِبَارَ كَوْنِهِمَا ذَكَرَيْنِ أَيْضًا فَلَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا يُمَحَّضُ النِّسْوَةُ إلَّا إنْ كَانَ عِلَّةً بَاطِنِيَّةً بِامْرَأَةٍ كَمَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مَعْرِفَةَ النِّسْوَةِ بِهِ دُونَ الرِّجَالِ، فَظَاهِرُ الْفَسَادِ أَوْ اطِّلَاعُهُنَّ عَلَيْهِ غَالِبًا. فَكَذَلِكَ لِجَوَازِ اطِّلَاعِ الرِّجَالِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ مَعْرِفَتِهِ كَمَا هُوَ جَائِزٌ فِيمَا هُوَ أَخْفَى مِنْ الْمَرَضِ أَوْ الْمُرَادُ إخْبَارُهُنَّ بِهِ لِمَنْ يَعْرِفُهُ مِنْ الرِّجَالِ فَهُوَ لَمْ يَثْبُتْ بِهِنَّ فَتَأَمَّلْهُ، وَعِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَرَضِ يُقَدَّمُ مِنْ الْمُخْتَلِفِينَ الْأَعْلَمُ فَالْأَكْثَرُ، فَمَنْ قَالَ إنَّهُ مَخُوفٌ أَوْ يَتَوَلَّدُ عَنْهُ مَخُوفٌ. نَعَمْ مَنْ صَارَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِمَرَضٍ أَوْ جُرْحٍ لَا يُعْتَبَرُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْأَمْوَاتِ. قَوْلُهُ: (قُولَنْجُ) وَإِنْ اعْتَادَهُ وَسَلِمَ مِنْهُ. وَيَنْفَعُهُ ابْتِلَاعُ الصَّابُونِ غَيْرِ الْمَبْلُولِ وَأَكْلُ التِّينِ وَالزَّبِيبِ وَالْقَيْءِ بِالْمَاءِ الْحَارِّ، وَيَضُرُّهُ حَبْسُ الرِّيحِ وَالْمَاءُ الْبَارِدُ، وَأَشَارَ بِمَنْ إلَى عَدَمِ حَصْرِ الْأَمْرَاضِ الْمَخُوفَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا مِنْهَا مَا يَغْلِبُ وُقُوعُهُ. قَوْلُهُ: (وَذَاتُ جَنْبٍ) وَتُسَمَّى ذَاتُ الْخَاصِرَةِ وَهِيَ الْمَرَضُ الْمَعْرُوفُ بِالْقَصَبَةِ وَمِنْ عَلَامَاتِهَا ضِيقُ النَّفَسِ وَالسُّعَالُ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا إقْرَاعَ) أَيْ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا تَقَدَّمَ وَمِثْلُهَا أَنْ يَقُولَ لِثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْكُمْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، فَإِنَّهُ لَا إقْرَاعَ لِعَدَمِ السِّرَايَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ إلَخْ) . خَصَّ الزَّرْكَشِيُّ مَنْعَ تَصَرُّفِ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَارِثِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ دُونَ الِاسْتِخْدَامِ وَنَحْوِهِ

[فَصْل إذَا ظَنَنَّا الْمَرَض يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ لَمْ يُنَفَّذْ تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي الْوَصِيَّة]

فَصْلٌ إذَا ظَنَنَّا إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَخُوفًا) أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا وَصَوَّبَ أَنْ يُقَالَ: مُخِيفًا قَالَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي الْخَوْفِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْأَسْرِ وَنَحْوِهِ، وَالثَّانِي فِيمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْخَوْفُ كَالْمَرَضِ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ جَوَّزَ الْأَمْرَيْنِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الرَّاءِ) هِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَلُغَةُ غَيْرِهِمْ الْكَسْرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْفُجَاءَةِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ تَنْكِيرُهَا، وَأَمَّا التَّعْرِيفُ فَفِي الْمُحْكَمِ اسْتَعْمَلَهُ ثَعْلَبٌ، فَلَا أَدْرِي مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ كَلَامِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَثْبُتْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ إمَّا الْوَارِثُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ ثُمَّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ صِحَّةُ الشَّهَادَةِ هُنَا عَلَى النَّفْيِ كَأَنْ يَقُولَا: لَيْسَ بِمَخُوفٍ، وَقَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي. قَوْلُهُ: (عَدْلَيْنِ) هَذَا إنْ أُرِيدَ بِهِ عَدْلُ الشَّهَادَةِ أَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ حُرَّيْنِ وَإِلَّا فَلْيَذْكُرْ بَقِيَّةَ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ مِنْ التَّكْلِيفِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ اللَّامِ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ هُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَعَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ سَمِعَ فَتْحَهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَذَاتُ جَنْبٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>