للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَطَحْنُ حِنْطَةٍ وَصَّى بِهَا وَبَذْرُهَا) بِالْمُعْجَمَةِ (وَعَجْنُ دَقِيقٍ) وَصَّى بِهِ (وَغَزْلُ قُطْنٍ) وَصَّى بِهِ (وَنَسْجِ غَزْلٍ) وَصَّى بِهِ (وَقَطْعُ ثَوْبٍ) وَصَّى بِهِ (قَمِيصًا وَبِنَاءٌ وَغِرَاسٌ فِي عَرْصَةٍ) وَصَّى بِهَا (رُجُوعٌ) لِظُهُورِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ فِي الصَّرْفِ مِنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ.

تَتِمَّةٌ: لَوْ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِهِ بِبَيْعٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثُلُثُ مَالِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ.

فَصْلٌ: يُسَنُّ الْإِيصَاءُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا، وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا نَصَّبَ الْقَاضِي مَنْ يَقُومُ بِهَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَزَادَ فِيهَا أَنَّ الْإِيصَاءَ فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ، وَقَضَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي يَعْجِزُ عَنْهُ فِي الْحَالِ وَاجِبٌ، وَفِيهَا كَأَصْلِهَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ مَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ، أَوْ فِي ذِمَّتِهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، كَزَكَاةٍ وَحَجٍّ أَوْ دَيْنٍ لِآدَمِيٍّ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ غَيْرُهُ، زَادَ فِيهَا الْمُرَادَ، إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ: وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ سَنَّ الْإِيصَاءِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَرَدِّ الْمَظَالِمِ إذَا كَانَا مَعْلُومَيْنِ

(وَشُرِطَ لِوَصِيٍّ تَكْلِيفٌ) أَيْ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ (وَحُرِّيَّةٌ وَعَدَالَةٌ إلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمُوصَى بِهِ وَإِسْلَامٌ لَكِنْ الْأَصَحُّ جَوَازُ وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ إلَى ذِمِّيٍّ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ

فُرُوعٌ: إنْكَارُ الْوَصِيَّةِ لِغَرَضٍ لَيْسَ رُجُوعًا

وَلَوْ وَصَّى بِمُعَيَّنٍ لِشَخْصٍ ثُمَّ وَصَّى بِهِ لِآخَرَ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ رَدَّ أَحَدَهُمَا كَانَ جَمِيعُهُ لِلْآخَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَّى بِهِ لِاثْنَيْنِ ابْتِدَاءً فَرَدَّ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ النِّصْفُ، وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِخَاتَمٍ دَخَلَ فَصُّهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُسَمَّاهُ وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ فَصُّهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَإِلَّا نَحْوُ مَعْدِنٍ فِي نَقْدٍ فَلَا فَرَاجِعْهُ

وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِدَارٍ أَوْ بِخَاتَمٍ وَلِآخَرَ بِأَبْنِيَتِهَا، أَوْ بِفَصِّهِ فَالْعَرْصَةُ وَالْخَاتَمُ لِلْأَوَّلِ وَالْأَبْنِيَةُ وَالْفَصُّ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ، مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ أَوْ عَبْدٍ وَلِآخَرَ. بِسُكْنَاهَا، أَوْ خِدْمَتِهِ فَلَا يَشْتَرِكُ بَيْنَهُمَا فِي السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ بَلْ هُمَا لِلثَّانِي وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا جُزْءًا مِنْ الدَّارِ وَالْعَبْدِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْفَعَةَ الدَّارِ وَخِدْمَةَ الْعَبْدِ لَا تَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالدَّارِ، وَالْعَبْدِ فَرَاجِعْهُ. مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا يَأْتِي

وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِأَمَةٍ حَامِلٍ وَلِآخَرَ بِحَمْلِهَا فَالْحَمْلُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَالْأَمَةُ لِمَنْ وَصَّى لَهُ بِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ

وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ وَصَّى بِنِصْفِهِ لِآخَرَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. فَإِنَّهُ نُسِبَ فِيمَا قَالَهُ لِلسَّهْوِ رَاجِعْهُ

وَلَوْ وَصَّى بِبَيْعِ شَيْءٍ وَصَرْفِ ثَمَنِهِ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ وَصَّى بِبَيْعِهِ وَصَرْفِ ثَمَنِهِ لِلْمَسَاكِينِ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا

وَلَوْ وَصَّى بِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ وَصَّى بِبَيْعِهِ وَصَرْفِ ثَمَنِهِ لِلْمَسَاكِينِ كَانَ رُجُوعًا

فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ الْخَاصِّ وَهُوَ لُغَةً كَالْوَصِيَّةِ وَشَرْعًا إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) صَرَّحَ بِهَا وَاسْتَنَدَ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لِيَبْرَأَ مِنْ عُهْدَةِ ذِكْرِهَا الْمُؤَدِّي لِلتَّكْرَارِ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ ذِكْرِهَا فِيهِمَا أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ أَعْيَانًا فَغَلَبَ غَيْرُهَا عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ مِنْ رَدِّهَا الْخُرُوجُ عَنْهَا كَاسْتِحْلَالٍ مِنْ غِيبَةٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْحَمْلِ، وَلَوْ مِمَّا سَيَحْدُثُ وَكَذَا الْمَجَانِينُ وَالسُّفَهَاءُ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ الْإِيصَاءِ عَلَى أَطْفَالٍ خِيفَ ضَيَاعُ أَمْوَالِهِمْ لِثِقَةِ مَأْمُونٍ وَجِيهٍ، وَلَوْ لَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ بِهَا نَصَّبَ الْقَاضِي مَنْ يَقُومُ بِهَا. أَيْ الْوَصَايَا وَأَمْرِ الْأَطْفَالِ وَلَعَلَّ النَّصْبَ الْمَذْكُورَ مَنْدُوبٌ وَلَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ عَلَى الْقَاضِي فَرَاجِعْهُ.

فَرْعٌ: إذَا وَجَبَ الْإِيصَاءُ تَعَيَّنَ عَلَى الْوَصِيِّ الْقَبُولُ، إنْ تَوَقَّفَ حِفْظُ أَمْوَالِ الْأَطْفَالِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَإِنْ تَعَدَّدَ، فَهُوَ إذَا وَجَبَ الْإِيصَاءُ تَعَيَّنَ عَلَى الْوَصِيِّ الْقَبُولُ، إنْ تَوَقَّفَ حِفْظُ أَمْوَالِ الْأَطْفَالِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَإِنْ تَعَدَّدَ، فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِمْ، لَكِنْ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ طُلِبَ مِنْهُ الْقَبُولُ خَوْفُ التَّوَاكُلِ، كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ. قَوْلُهُ: (الَّذِي يَعْجِزُ عَنْهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَظَالِمِ وَالدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَوْ وَاحِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَوْ وَارِثًا وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ، وَقَالَ أَيْضًا: يَكْفِي خَطُّهُ إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ مَنْ يُثْبِتُهُ وَلِمُوصًى لَهُ أَخْذُ مُوصًى بِهِ مُعَيَّنٍ بِغَيْرِ إذْنٍ وَإِرْثٍ، وَكَذَا لِأَجْنَبِيٍّ لِيَدْفَعَهُ لَهُ، وَكَذَا نَحْوُ وَدِيعَةٍ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ نَزْعُ مُوصًى بِهِ، وَلَا نَحْوُ وَدِيعَةٍ مِنْ الْوَارِثِ

قَوْلُهُ: (وَحُرِّيَّةٌ) أَيْ كَامِلَةٌ وَلَوْ مَالًا كَمُدَبَّرِهِ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ وَمُسْتَأْجِرِ الْعَيْنِ لِكَمَالِ نَظَرِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَدَالَةٌ) وَلَوْ ظَاهِرَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا عِنْدَ التَّنَازُعِ فَتُشْتَرَطُ الْبَاطِنَةُ، وَشَرْطُهُ أَيْضًا عَدَمُ الْعَدَاوَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، قَالَ شَيْخُنَا وَشَرْطُهُ أَيْضًا النُّطْقُ لِيَخْرُجَ الْأَخْرَسُ وَإِنْ كَانَ لَهُ

ــ

[حاشية عميرة]

فِيمَا يَظْهَرُ

قَوْلُهُ: (لِظُهُورِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ إلَخْ) هَذَا مَيْلٌ مِنْ الشَّارِحِ إلَى أَنَّ فِعْلَهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَضُرُّ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّ الْأَصَحَّ الْبُطْلَانُ عِنْدَ زَوَالِ الِاسْمِ انْتَهَى، قُلْت: وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْرِيحٌ بِتَرْجِيحٍ.

[تَتِمَّةٌ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِهِ]

فَصْلٌ يُسَنُّ الْإِيصَاءُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كَانَ الْقِيَاسُ مَنْعَهُ لِانْقِطَاعِ سَلْطَنَةِ الْمُوصِي بِالْمَوْتِ، لَكِنْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشَرْطُ الْوَصِيِّ) قَالَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ: الْوَصِيُّ يُطْلَقُ عَلَى الْمُوصِي، وَعَلَى الْمُوصَى لَهُ انْتَهَى، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ الثَّانِي.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَكِنْ الْأَصَحُّ جَوَازُ وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ) مُقَابِلُهُ الْمَنْعُ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>