للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ بِالِانْفِرَادِ فَيَجُوزُ

(وَلِلْمُوصِي وَالْوَصِيِّ الْعَزْلُ مَتَى شَاءَ) أَيْ لِلْمُوصِي عَزْلُ الْوَصِيِّ وَلِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ، أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ، مِنْ قَاضٍ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلِلْمُوصِي الرُّجُوعُ

(وَإِذَا بَلَغَ الطِّفْلُ وَنَازَعَهُ) أَيْ الْوَصِيُّ (فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ صُدِّقَ الْوَصِيُّ) بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (أَوْ فِي دَفْعٍ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ صُدِّقَ الْوَلَدُ) بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْإِنْفَاقِ، وَفِي وَجْهٍ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْقَيِّمِ فِي آخِرِ الْوَكَالَةِ.

كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

هِيَ الْعَيْنُ الَّتِي تُوضَعُ عِنْدَ شَخْصٍ لِيَحْفَظَهَا يُسَمَّى مُودَعًا بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْوَاضِعُ مُودِعًا بِكَسْرِهَا (مَنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا) أَيْ أَخْذُهَا (وَمَنْ قَدَرَ) عَلَى حِفْظِهَا (وَلَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ) فِيهَا (كُرِهَ لَهُ) قَبُولُهَا، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لَا يَنْبَغِي، أَنْ يَقْبَلَهَا، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا هَلْ يَحْرُمُ قَبُولُهَا. أَوْ يُكْرَهُ وَجْهَانِ، (فَإِنْ وَثِقَ) بِأَمَانَتِهِ فِيهَا. (اُسْتُحِبَّ) لَهُ قَبُولُهَا.

(وَشَرْطُهُمَا) أَيْ الْمُودِعِ وَالْمُودَعُ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِهَا. (شَرْطُ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (أَيْ بِالِانْفِرَادِ) وَالتَّصْرِيحُ بِهِ، كَأَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْت إلَى كُلٍّ مِنْكُمَا، أَكُلٌّ مِنْكُمَا وَصِيٌّ أَوْ أَنْتُمَا وَصِيَّايَ وَفَارَقَ هَذَا أَوْصَيْت إلَيْكُمَا، كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ هُنَا أَثْبَتَ وَصْفَ الْوَصِيَّةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ، وَتَصَرُّفُ السَّابِقِ مِنْ الْمُنْفَرِدَيْنِ نَافِذٌ يُرْجَعُ فِي كَوْنِهِ بِالْمَصْلَحَةِ لِلْحَاكِمِ، وَلَهُ نَصْبُ بَدَلٍ عَنْ فَقْدٍ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ، وَلَهُ قَسْمُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا إنْ أَمْكَنَ، وَيُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فِي أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ إنْ تَنَازَعَا، وَيَتَصَرَّفُ كُلٌّ فِي حِصَّتِهِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلَوْ نَصَّ الْمُوصِي عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا تَعَيَّنَ وَيَبْطُلُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ، وَلَيْسَ لِمُشْرِفٍ أَوْ نَاظِرِ حِسْبَةٍ تَصَرُّفٌ بَلْ يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ تَصَرُّفِ غَيْرِهِ عَلَى مُرَاجَعَتِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا فِي حَشِيشٍ كَحُزْمَةِ بَقْلٍ، وَلَوْ قَالَ: اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ أَوْ بِأَمْرِهِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بِعِلْمِهِ جَازَتْ مُخَالَفَتُهُ، فَإِنْ قَالَ: لَا تَعْمَلْ إلَّا بِرَأْيِهِ، وَهَكَذَا امْتَنَعَ الِانْفِرَادُ؛ لِأَنَّهُمَا وَصِيَّانِ قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ

. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ إلَخْ) أَيْ فَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ عَزْلُ الْمُوصَى لَهُ وَعَزْلُهُ نَفْسَهُ، وَلَا يَنْفُذُ الْعَزْلُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ أَجَازَهُ، وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ الْعَزْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا مِنْ غَيْرِهِمَا، وَذَلِكَ كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ الْحَاكِمُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، أَوْ كَانَ الْمُوصِي اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ، وَعَلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَتُغْتَفَرُ حِينَئِذٍ الْجَهَالَةُ لِلْحَاجَةِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلِلْمُوصِي الرُّجُوعُ) فَهُوَ الْمُرَادُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّهُ غَلَبَ الْعَزْلُ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ: (وَنَازَعَهُ فِي الْإِنْفَاقِ) أَيْ فِي أَنَّهُ أَسْرَفَ، أَوْ أَنَّهُ مِنْ اللَّائِقِ وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا عُمِلَ بِمُقْتَضَى الْحَالِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْوَصِيُّ) وَكَذَا وَارِثُهُ وَالْقَاضِي وَالْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْقَيِّمُ كَالْوَصِيِّ وَكَالطِّفْلِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ) أَوْ فِي دَفْعِ زَكَاةٍ أَوْ فِي وَقْتِ مَوْتِ الْأَبِ، أَوْ فِي وَقْتِ مِلْكِ الْمَالِ صُدِّقَ الْوَلَدُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ تَنَازَعَا فِي التَّصَرُّفِ هَلْ وَقَعَ بِالْمَصْلَحَةِ صُدِّقَ الْأَبُ وَالْجَدُّ، وَكَذَا الْأُمُّ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَالْمُشْتَرِي مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ مِثْلُهُ وَمَا صَرَفَهُ الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَوْ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ مَالِ الْوَلَدِ لَا يَرْجِعُ بِهِ، إلَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، أَوْ إشْهَادٍ لَا بِنِيَّةِ رُجُوعٍ إلَّا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَاكِمِ وَالْإِشْهَادِ، وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ شِرَاءُ مَالِ الْوَلَدِ لِنَفْسِهِ بَلْ يَبِيعُهُ لَهُ الْحَاكِمُ. كَالْوَكِيلِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ تَوْلِيَةِ الطَّرَفَيْنِ فِي بَيْعِ مَالِهِ لِطِفْلِهِ وَعَكْسِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْوَلِيُّ هُنَا عَلَى غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَرَاجِعْ، وَانْظُرُوا، وَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ فِي دَفْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ لِظَالِمٍ لِدَفْعِهِ عَنْ مَالِ الطِّفْلِ، لَا فِي دَفْعِهِ لِحَاكِمٍ لِسُهُولَةِ الْبَيِّنَةِ فِيهِ، وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْخِيَانَةِ.

فَرْعٌ: لَا يُطَالَبُ أَمِينٌ مِنْ وَصِيٍّ وَقَيِّمٍ وَوَكِيلٍ وَمُقَارِضٍ وَشَرِيكٍ بِحِسَابٍ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرُّجُوعُ إلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

ذَكَرَهَا عَقِبَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يُوصَى بِهِ نَدْبًا أَوْ وُجُوبًا وَلِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ بِلَا وَارِثٍ يَصِيرُ كَالْوَدِيعَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَهِيَ تُقَالُ عَلَى الْعَيْنِ لُغَةً وَشَرْعًا فَهِيَ عَيْنٌ مَوْضُوعَةٌ عِنْدَ غَيْرِ صَاحِبِهَا أَمَانَةً، وَتُقَالُ شَرْعًا لِلْإِيدَاعِ وَهُوَ وَضْعُ عَيْنٍ إلَخْ. وَلِلْعَقْدِ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا مِنْ وَدَعَ يَدَعُ بِمَعْنَى سَكَنَ لِسُكُونِهَا عِنْدَ الْوَدِيعِ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ فِي دَعَةٍ، أَيْ رَاحَةٍ؛ لِأَنَّهَا فِي رَاحَتِهِ أَيْضًا، وَيُقَالُ لِدَافِعِهَا مُودِعٌ بِكَسْرِ الدَّالِ، وَلِآخِذِهَا مُودَعٌ بِفَتْحِهَا وَوَدِيعٌ وَشَمِلَتْ الْعَيْنُ الْمَالَ وَالِاخْتِصَاصَ، وَالْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَانِبِ الْقَبُولِ غَالِبًا وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: هِيَ الْعَيْنُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (حَرُمَ) أَيْ الْقَبُولُ وَقَالَ شَيْخُنَا مَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ الْمَالِكُ الْمُتَصَرِّفُ عَنْهُ نَفْسِهِ، وَإِلَّا أُبِيحَ قَبُولُهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَخَذَهَا) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْدِ لَا يَحْرُمُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ وَسِيلَةٌ فَيَحْرُمُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (كُرِهَ) عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحُرْمَةِ. قَوْلُهُ: (لَا يَنْبَغِي) تُفِيدُ الْإِبَاحَةَ نَصًّا وَالْحُرْمَةَ أَوْ الْكَرَاهَةَ احْتِمَالًا، فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَفْسِيرٌ لَهَا.

ــ

[حاشية عميرة]

أَنْ يُخَالِفَهُ فَيَعْمَلَ دُونَ أَمْرِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَّا بِأَمْرِهِ إلَّا بِعَمَلِهِ إلَّا بِرَأْيِهِ فَإِنَّهُمَا وَصِيَّانِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ فِي دَفْعٍ إلَيْهِ) لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ تَنْكِيرِ هَذَا دُونَ الْإِنْفَاقِ.

[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

ِ حَكَى الْكِسَائِيُّ أَنَّهُ يُقَالُ: أَوْدَعَهُ بِمَعْنَى قَبِلَ وَدِيعَتَهُ فِي إذْنٍ مِنْ الْأَضْدَادِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>