للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسَوَاءٌ أَذِنَ السَّيِّدُ وَالْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ فِي الْحُضُورِ أَمْ لَا، (وَهُوَ دُونَ سَهْمٍ) وَإِنْ كَانُوا فُرْسَانًا وَ (يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَدْرِهِ) بِحَسَبِ مَا يَرَى، وَيُفَاوِتُ بَيْنَ أَهْلِهِ بِحَسَبِ نَفْعِهِمْ، فَيَرْجِعُ الْمُقَاتِلُ، وَمَنْ قِتَالُهُ أَكْثَرُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْفَارِسُ عَلَى الرَّاجِلِ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَسْقِي الْعِطَاشَ عَلَى الَّتِي تَحْفَظُ الرِّحَالَ، (وَمَحَلُّهُ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْأَظْهَرِ، وَالثَّانِي أَصْلُ الْغَنِيمَةِ وَالثَّالِثُ خُمُسُ الْخُمُسِ لَهُمْ الْمَصَالِحُ، وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ) ، وَفِي قَوْلٍ مُسْتَحَبٌّ قُلْت أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (إنَّمَا يُرْضَخُ لِذِمِّيٍّ حَضَرَ بِلَا أُجْرَةٍ، وَبِإِذْنِ الْإِمَامِ عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، فَإِنْ حَضَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يُرْضَخْ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِمُوَالَاةِ أَهْلِ دِينِهِ، بَلْ يُعَزِّرُهُ إنْ رَأَى ذَلِكَ، وَإِنْ حَضَرَ بِإِذْنِهِ بِأُجْرَةٍ فَلَهُ الْأُجْرَةُ فَقَطْ.

كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

أَيْ الزَّكَوَاتِ لِمُسْتَحِقِّيهَا وَهُمْ ثَمَانِيَةُ أَصْنَافٍ يُذْكَرُونَ عَلَى تَرْتِيبِ ذِكْرِهِمْ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] إلَى آخِرِهِ، (الْفَقِيرُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِ) ، كَمَنْ يَحْتَاجُ إلَى عَشَرَةٍ، وَلَا يَمْلِكُ أَوْ يَكْسِبُ إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، (وَلَا

ــ

[حاشية قليوبي]

وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ فِي الْخَاءِ الْإِهْمَالَ أَيْضًا. وَشَرْعًا مَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ أَذِنَ السَّيِّدُ إلَخْ) فَرَضْخُهُ لِسَيِّدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا وَلَا مُبَعَّضًا فَإِنْ كَانَ مُكَاتَبًا فَلَهُ أَوْ مُبَعَّضًا فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ إنْ كَانَ مُهَايَأَةً وَإِلَّا فَلَهُمَا.

تَنْبِيهٌ: مَنْ كَمُلَ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي أَثْنَاءِ الْقِتَالِ أُسْهِمَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ وَاجِبٌ بِسَبَبِ الْحُضُورِ كَالسَّهْمِ؛ إذْ إنَّهُ نَاقِصٌ عَنْهُ، فَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنِ الْإِمَامِ) وَلَوْ مُكْرَهًا. قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْأُجْرَةُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى سَهْمِ الرَّاجِلِ وَهَذَا فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فِيمَا إذَا أَكْرَهَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ بَلْ يُعَزِّرُهُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

لِمُسْتَحِقِّيهَا، وَالْقَسْمُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بِمَعْنَى تَقْدِيرِ الْأَنْصِبَاءِ هُنَا وَالصَّدَقَاتُ جَمْعُ صَدَقَةٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهَا بِصِدْقِ نِيَّةِ بَاذِلِهَا، وَهِيَ شَامِلَةٌ لِلْمَنْدُوبَةِ وَتَخْصِيصُهَا بِالزَّكَوَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ هُنَا، وَذُكِرَتْ هُنَا لِمَا فِيهَا مِنْ قَسْمِ الْإِمَامِ، وَتَعَلُّقِهَا بِسَبَبِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِمُسْتَحِقِّيهَا) أَيْ عَلَيْهِمْ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ ذِكْرَهُمْ زِيَادَةٌ عَلَى التَّرْجَمَةِ، وَلَيْسَ مَعِيبًا. قَوْلُهُ: (وَهُمْ ثَمَانِيَةٌ) وَأَنْوَاعُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَيْضًا ثَمَانِيَةٌ إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ وَذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَزَرْعٌ وَنَخْلٌ وَكَرْمٌ وَهَذَا فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ، فَلَا تَرِدُ التِّجَارَةُ بَلْ هِيَ رَاجِعَةٌ إلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. قَوْلُهُ: (لِلْفُقَرَاءِ إلَخْ) أَضَافَ فِيهَا الصَّدَقَاتِ إلَى الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى بِاللَّامِ الْمُفِيدَةِ لِلْمِلْكِ وَإِلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ، بِفِي الْمُفِيدَةِ لِلظَّرْفِيَّةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى إطْلَاقِ الْمِلْكِ فِي الْأُولَى، وَتَقْيِيدِهِ بِصَرْفِهِ فِي مَصَارِفِهِ فِي الْأَخِيرَةِ، حَتَّى لَمْ يَصْرِفُوهُ فِيهَا اسْتَرْجَعَ مِنْهُمْ كُلَّهُ أَوْ مَا بَقِيَ، وَذَكَرَ الظَّرْفِيَّةَ فِي كُلِّ صِنْفَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ مِنْهُمَا يَأْخُذَانِ لِغَيْرِهِمْ. وَالْأَخِيرَيْنِ مِنْهَا يَأْخُذَانِ لِأَنْفُسِهِمَا. قَوْلُهُ: (الْفَقِيرُ) الَّذِي هُوَ مُفْرَدُ الْفُقَرَاءِ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ. قَوْلُهُ: (يَقَعُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَمِنْ حَاجَتِهِ) أَيْ كِفَايَتِهِ لِعُمْرِهِ الْغَالِبِ أَوْ بَقِيَّتِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ عُمَرُ مُمَوَّنِهِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ كِفَايَةُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لَمْ يُعْطَ حَتَّى يَصْرِفَهُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ ثَلَاثَةً) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ أَرْبَعَةً فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَهُوَ مِنْ الْمِسْكِينِ. قَوْلُهُ: (وَثِيَابُهُ) وَحُلِيُّ الْمَرْأَةِ كَالثِّيَابِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ) أَيْ وَلَوْ مَرَّةً فِي الْعَامِ أَيْ مَعَ كَوْنِهَا لَائِقَةً بِهِ كَالْحُلِيِّ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْكَنِ نَعَمْ إنْ اسْتَغْنَى بِسُكْنَى نَحْوِ الْمَدَارِسِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْ بِنَحْوِ الْأُجْرَةِ مَنَعَ مَسْكَنَهُ فَقْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَعَبْدُهُ) أَيْ اللَّائِقُ بِهِ، وَمِثْلُهُ خَيْلُ الْجُنْدِيِّ غَيْرِ الْمُرْتَزِقِ أَوْ لَمْ يُعْطِهِ الْإِمَامُ وَكَذَا آلَةُ الْمُحْتَرِفِ، وَكُتُبُ الْعَالِمِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ طِبٍّ، أَوْ وَعْظٍ أَوْ تَعَدَّدَتْ مِنْ فَنٍّ وَاحِدٍ نَعَمْ إنْ تَعَدَّدَتْ مِنْ كِتَابٍ تُرِكَ لَهُ الْأَصَحُّ وَمِثْلُ كُتُبِ الْعِلْمِ تَوَارِيخُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ لَا غَيْرِهِمْ. وَأَشْعَارِ نَحْوِ اللُّغَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَالُهُ الْغَائِبُ) وَلَوْ حُكْمًا كَحَاضِرٍ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُؤَجَّلُ) وَإِنْ قَصُرَ الْأَجَلُ وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الْإِعْطَاءَ لِهَذَيْنِ بِمَا إذَا لَمْ يَجِدَا مِنْ يُقْرِضُهُمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَالِهِ) صَوَابُهُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ مَالُهُ أَوْ إسْقَاطُ لَفْظِ إلَى؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَفْرَادِ ابْنِ

ــ

[حاشية عميرة]

ابْنُ يُونُسَ فِيهِ الْحَاءَ الْمُهْمَلَةَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَضَرَ إلَخْ) مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ عَبْدُ الْكَافِرِ الْمُسْلِمُ إذَا حَضَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ كَافِرٌ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْأُجْرَةُ) أَيْ وَلَوْ بَلَغَتْ سَهْمَ الرَّاجِلِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي بَابِ السَّيْرِ قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَوْ بَلَغَتْ سَهْمَ الْفَارِسِ جَازَ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ.

[كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ]

ِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهَا بِصِدْقِ بَاذِلِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا كَسْبَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَجْعَلُوا الْغَنِيَّ بِالْكَسْبِ كَالْمَالِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ، كَالْحَجِّ بَلْ فِيمَا يَجِبُ لَهُ كَالزَّكَاةِ قِيلَ كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَذْكُرَ الْآيَةَ كَمَا فَعَلَ، الْمُحَرِّرُ ثُمَّ يَسُوقُ بَيَانَ الْأَصْنَافِ لِيَكُونَ الْكَلَامُ مُرْتَبِطًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَإِنَّمَا بَدَأَ فِي الْآيَةِ بِالْفَقِيرِ لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَسْكَنُهُ وَثِيَابُهُ) أَيْ اللَّائِقَانِ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَالُهُ الْغَائِبُ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى فَسْخِ الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ بِمِثْلِ ذَلِكَ.

قَالَ الْبَغَوِيّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ لَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>