للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ مَنْ طَلَبَ زَكَاةً، وَعَلِمَ الْإِمَامُ اسْتِحْقَاقًا أَوْ عَدَمَهُ عَمِلَ بِعِلْمِهِ فَلَا يَجُوزُ الصَّرْفُ لِمَنْ عَلِمَ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ، وَيَجُوزُ لِمَنْ عَلِمَ اسْتِحْقَاقَهُ، (وَإِلَّا) . أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ اسْتِحْقَاقَهُ أَوْ عَدَمَهُ، أَيْ لَمْ يَعْلَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا (فَإِنْ ادَّعَى فَقْرًا أَوْ مَسْكَنَةً، لَمْ يُكَلَّفْ بَيِّنَةً) لِعُسْرِهَا وَلَا يَحْلِفُ إنْ اُتُّهِمَ فِي الْأَصَحِّ، (فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَادَّعَى تَلَفَهُ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ) لِسُهُولَتِهَا، (وَكَذَا إنْ ادَّعَى عِيَالًا) يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَوْ قَالَ: لَا كَسْبَ لِي، وَحَالُهُ يَشْهَدُ بِصِدْقِهِ بِأَنْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، أَوْ زَمِنًا أُعْطِيَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ (وَيُعْطَى غَازٍ وَابْنُ سَبِيلٍ بِقَوْلِهِمَا) بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ، (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا اُسْتُرِدَّ) مِنْهُمَا، وَيُحْتَمَلُ تَأْخِيرُ الْخُرُوجِ لِانْتِظَارِ الرِّفْعَةِ، وَتَحْصِيلِ الْأُهْبَةِ وَغَيْرِهِمَا. (وَيُطَالَبُ عَامِلٌ وَمُكَاتَبٌ وَغَارِمٌ بِبَيِّنَةٍ) بِالْعَمَلِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالْغُرْمِ لِسُهُولَتِهَا، وَالصِّنْفُ الثَّانِي مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ يُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ، وَالْأَوَّلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، (وَهِيَ) أَيْ الْبَيِّنَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَمَا تَقَدَّمَ (إخْبَارُ عَدْلَيْنِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي مُقْتَضَى صَرْفِ الزَّكَاةِ وَصِفَةِ مَنْ يَأْخُذُ مِنْهَا، وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (مَنْ طَلَبَ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (وَعُلِمَ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلظَّنِّ. قَوْلُهُ: (الْإِمَامُ) وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِعْطَاءِ. قَوْلُهُ: (اسْتِحْقَاقَهُ) أَيْ لِلزَّكَاةِ، وَمِثْلُهَا الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْوَقْفُ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (عَمِلَ بِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ لِعَدَمِ الْحُكْمِ هُنَا، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ عِلْمِهِ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا مَا لَمْ تَذْكُرْ نَقْلَهُ مِنْ حَالَةٍ إلَى غَيْرِهَا، وَلَوْ قَامَتْ بِخِلَافِ ظَنِّهِ عَمِلَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لِمَنْ إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فَالدَّفْعُ لِوَلِيِّهِ لَا لَهُ. قَوْلُهُ: (ادَّعَى فَقْرًا أَوْ مَسْكَنَةً) أَيْ وَأَنَّهُ غَيْرُ كَسُوبٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ يُعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إنْ عَدِمَ الْعِلْمَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالْآخَرِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِهِمَا مَعًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ) سَوَاءٌ مَنَعَ صَرْفَ جَمِيعِ الزَّكَاةِ إلَيْهِ أَوْ بَعْضَهَا وَيُعْطِي فِي الثَّانِي مَا زَادَ عَلَى مَالِهِ بِلَا يَمِينٍ. قَوْلُهُ: (كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ) أَيْ فِيمَا يَحْتَاجُ فِي دَعْوَى تَلَفِهِ إلَيْهَا، وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، أَوْ بِلَا يَمِينٍ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (ادَّعَى عِيَالًا) أَيْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ. قَوْلُهُ: (يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ لَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ عَلَيْهِ مِنْ الْيَمِينِ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ هَذَا الْمُقَابِلَ، وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَحَالُهُ يَشْهَدُ إلَخْ) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْقَطْعِ، وَإِلَّا فَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا اُسْتُرِدَّ مِنْهُمَا) أَيْ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ الَّتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْمُقَدَّرَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُمَا إذَا مَضَى عَامُ الْأَخْذِ فَقَبْلَ مُضِيِّهِ يُطَالَبُ الْغَازِي بِالْغَزْوِ أَوْ الرَّدِّ، وَلَوْ عَادَ بَعْدَ السَّفَرِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ دُخُولِهِ بِلَادَ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَهَا، وَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَ قُرْبِ الْعَدُوِّ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ الْجَمِيعُ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ الْغَزْوِ وَفَضَلَ مَعَهُ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا أَوْ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يُسْتَرَدَّ وَإِلَّا اُسْتُرِدَّ، وَيُطَالَبُ ابْنُ السَّبِيلِ بِالسَّفَرِ، أَوْ الرَّدِّ فَإِنْ عَادَ بَعْدَ السَّفَرِ اسْتَرَدَّ الْفَاضِلَ مِنْهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ كَانَ الْفَاضِلُ يَسِيرًا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَصْرِفْهُ وَعَادَ بِهِ، وَصَرَفَهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ حَاجَةِ السَّفَرِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي حَاجَةِ السَّفَرِ، وَكُلُّ مَا يُسْتَرَدُّ يَجِبُ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا فَبَدَلُهُ. قَوْلُهُ: (وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْإِعْطَاءَ حَالَةَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّأَخُّرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَأَقَلُّ. قَوْلُهُ: (بِالْعَمَلِ) هُوَ جَوَابُ الزَّرْكَشِيّ وَبِهِ سَقَطَ مَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ كَيْفَ يَحْتَاجُ الْعَامِلُ إلَى بَيِّنَةٍ مَعَ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّهُ الَّذِي وَلَّاهُ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُصَوَّرُ، بِمَا إذَا اخْتَلَفَ الْإِمَامُ، أَوْ وَلَّاهُ نَائِبُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ هُوَ بِهِ أَوْ أَنَّ الْإِمَامَ نَسِيَ تَوْلِيَتَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُخْبِرُ بِأَنَّهُ عَامِلٌ، وَهُوَ لَيْسَ مُرَادًا نَعَمْ يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ مَعَ الْمَالِكِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ بِغَيْرِ مَا أَخَذَهُ أَوْ بَرِئَ الْغَارِمُ مِنْ الدَّيْنِ بِغَيْرِهِ، أَوْ اسْتَغْنَى فِي غَيْرِ الْغَارِمِ لِذَاتِ الْبَيْنِ بِغَيْرِهِ اُسْتُرِدَّ مِنْ كُلِّ

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ مَنْ طَلَبَ زَكَاةً وَعَلِمَ الْإِمَامُ اسْتِحْقَاقًا أَوْ عَدَمَهُ]

فَصْلٌ مَنْ طَلَبَ زَكَاةً قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَمِلَ بِعِلْمِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يُخْرِجُوهُ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إضْرَارٌ بِمُعَيَّنٍ بِخِلَافِ الْحُكْمِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: مَنْ طَلَبَ الْحُكْمَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُكَلَّفْ إلَخْ) دَلِيلُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى لِلَّذِينَ سَأَلَاهُ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُمَا أَنَّهُ لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ» ، وَكَذَا يَصْدُقُ فِي دَعْوَى عَدَمِ الْكَسْبِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا كَانَ ظَاهِرُ حَالِهِ مُخَالِفًا لِمَسْأَلَتِهِ وَقُوَّةِ بَدَنِهِ وَحُسْنِ هَيْئَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهُ عَلَى طَرِيقِ الْوَعْظِ مَا قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذَيْنِ سَأَلَاهُ «لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي قُوَّةٍ يَكْتَسِبُ» ، ثُمَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالزَّكَاةِ فَفِي الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأُولَى وَبَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، فَإِنَّ الْغَنِيَّ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، قَوْلُهُ: (الْبَيِّنَةَ لِسُهُولَتِهَا) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ بِفَقْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُقَابِلَهُ، وَهُوَ عَدَمُ تَكْلِيفِ الْبَيِّنَةِ قِيَاسًا عَلَى دَعْوَى الْفَقْرِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ قَطْعًا قَوْلُهُ: (بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لِأَنَّهُ فِي أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ. قَوْلُهُ: (وَيُحْتَمَلُ تَأْخِيرُ الْخُرُوجِ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>