للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِبَاقِي الْخِصَالِ) كَالنَّسَبِ وَالْحِرْفَةِ، (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُعَيَّرُ بِاسْتِقْرَاضِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ نَعَمْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ، وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِيهِ غِبْطَةٌ.

فَصْلٌ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ حَاجَتُهُ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، (وَكَذَا) أَيْ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ (كَبِيرٌ إلَّا لِحَاجَةٍ) كَأَنْ تَظْهَرَ رَغْبَتُهُ فِي النِّسَاءِ بِدَوَرَانِهِ حَوْلَهُنَّ وَتَعَلُّقِهِ بِهِنَّ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ يُتَوَقَّعُ الشِّفَاءُ بِهِ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ، (فَوَاحِدَةٌ) لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا، وَيُزَوِّجُهُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ السُّلْطَانُ دُونَ سَائِرِ الْعَصَبَاتِ كَوِلَايَةِ الْمَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ تَزْوِيجُ مَجْنُونٍ ظَهَرَتْ حَاجَتُهُ

، (وَلَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ (تَزْوِيجُ صَغِيرٍ عَاقِلٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ وَغِبْطَةٌ تَظْهَرُ لِلْوَلِيِّ وَيُزَوِّجُهُ الْأَبُ وَالْجَدُّ دُونَ الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي لِعَدَمِ الْحَاجَةِ وَانْتِفَاءِ كَمَالِ الشَّفَقَةِ

(وَيُزَوِّجُ الْمَجْنُونَةَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ إنْ ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ) فِي تَزْوِيجِهَا، (وَلَا تُشْتَرَط الْحَاجَةُ) إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ يُفِيدُهَا الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ وَيَغْرَمُ الْمَجْنُونُ، (وَسَوَاءٌ) فِي جَوَازِ التَّزْوِيجِ (صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ ثَيِّبٌ وَبِكْرٌ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ تَزْوِيجَ مَجْنُونَةٍ بَالِغَةٍ، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَجَدٌّ لَمْ تُزَوَّجْ فِي صِغَرِهَا) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، (فَإِنْ بَلَغَتْ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَلِي مَالَهَا لَكِنْ بِمُرَاجَعَةِ أَقَارِبِهَا وُجُوبًا فِي وَجْهٍ صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَصْلَحَتِهَا وَنَدْبًا فِي آخَرَ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ، وَالثَّانِي يُزَوِّجُهَا الْقَرِيبُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ مَقَامَ إذْنِهَا (لِلْحَاجَةِ) كَأَنْ تَظْهَرَ عَلَامَاتُ غَلَبَةِ شَهْوَتِهَا أَوْ يُتَوَقَّعُ الشِّفَاءُ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ، (لَا لِمَصْلَحَةٍ) مِنْ كِفَايَةِ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا، (فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ يُلْحَقُ السُّلْطَانُ بِالْمُجْبِرِ

(وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) أَيْ تَبْذِيرٍ فِي مَالِهِ (لَا يَسْتَقِلُّ بِنِكَاحٍ) لِئَلَّا يُفْنِيَ مَالَهُ فِي مُؤْنَةٍ (بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ يَقْبَلُ لَهُ الْوَلِيُّ) بِإِذْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَالْإِذْنِ وَيُعْتَبَرُ فِي نِكَاحِهِ حَاجَتُهُ إلَيْهِ، بِالْأَمَارَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ، وَقِيلَ بِقَوْلِهِ لَا يُرَادُ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ تَكْفِي فِي نِكَاحِهِ الْمَصْلَحَةُ (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ) الْوَلِيُّ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالْحَجْرُ هُنَا بِجُنُونٍ أَصْغَرَ أَوْ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ أَوْ رِقٍّ سَوَاءٌ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ. قَوْلُهُ: (لَا يُزَوَّجُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مَجْنُونٌ ذَكَرٌ صَغِيرٌ أَيْ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَاحْتَاجَ إلَى الْخِدْمَةِ وَظَهَرَ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُ ذَلِكَ) كَالْخِدْمَةِ وَمَعْنَى الْجَوَازِ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَنْعٍ، كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ الْمُرَادِ بِالْحَاجَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (فَوَاحِدَةٌ) أَيْ وَلَوْ بِأَمَةٍ لَا بِمَعِيبَةٍ، وَلَوْ بِغَيْرِ عُيُوبِ النِّكَاحِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا) وَلَا نَظَرَ لِحَاجَةِ خِدْمَةٍ بَعْدَ الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّ لِلْأَجْنَبِيَّاتِ أَنْ يَقُمْنَ بِهَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ يُزَادُ عَلَيْهَا لِأَجْلِ الْخِدْمَةِ لَا لِلنِّكَاحِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَجْنُونِ، الْمُطْبِقِ جُنُونُهُ وَإِلَّا فَلَا يُزَوَّجُ إلَّا فِي حَالِ إفَاقَتِهِ وَإِذْنِهِ وَكَالْمَجْنُونِ مُخْتَلُّ الْعَقْلِ وَمُغْمًى عَلَيْهِ أَيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ فَيُقَالُ فِي السُّلْطَانِ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِمَنْ ذُكِرَ الْوَصِيُّ فَهُوَ كَالْعَصَبَاتِ فَلَا يُزَوِّجُهُ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ تَزْوِيجُ صَغِيرٍ عَاقِلٍ) أَيْ لِلْوَلِيِّ ذَلِكَ بِشَرْطِ الْمَصْلَحَةِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَمْسُوحٍ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) وَلَوْ أَرْبَعًا وَإِنْ اسْتَغْرَقَ مَالَهُ. قَوْلُهُ: (وَيُزَوِّجُهُ الْأَبُ وَالْجَدُّ) وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا عَدَمُ الْعَدَاوَةِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ بِاخْتِيَارِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ) أَيْ فِي الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا مَعَ الْحَاجَةِ وَاجِبٌ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وَثَيِّبٌ) وَفَارَقَ الصَّغِيرَةَ الْعَاقِلَةَ بِأَنَّ لَهَا أَمَدًا يَنْتَظِرُ. قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ إلَخْ) فَالْجَوَازُ فِيهَا الشَّامِلُ لَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (زَوَّجَهَا) أَيْ الْمَجْنُونَةَ الْبَالِغَةَ السُّلْطَانُ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (بِمُرَاجَعَةِ أَقَارِبِهَا) أَيْ الَّذِينَ لَهُمْ الْوِلَايَةُ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. قَوْلُهُ: (وُجُوبًا فِي وَجْهٍ) هُوَ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَنَدْبًا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُرَادُ بِالْأَقَارِبِ عَلَى هَذَا الْعَمُّ الشَّامِلُ لِلْخَالِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنِ السُّلْطَانِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِلْحَاجَةِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْهَا الْخِدْمَةَ وَالنَّفَقَةَ وَنَحْوَهُمَا فَنَفْيُهَا الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ فِيمَا بَعْدَهُ فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

تَنْبِيهٌ: لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْحَاجَةِ لِلْخِدْمَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ هُنَا، وَفِيمَا يَأْتِي كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.

قَوْلُهُ: (أَيْ تَبْذِيرٌ فِي مَالِهِ) حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْحَجْرِ الْحِسِّيِّ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَتِهِ بِطُرُوِّ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ فَمَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ كَذَلِكَ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهُ بِأَنْ يُرَادَ مَنْ وُصِفَ بِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَنْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ، وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالرَّشِيدِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَعَاضِلٌ، وَلَهُ التَّزْوِيجُ، بِلَا إذْنٍ إنْ خَافَ الْعَنَتَ، وَالْمُرَادُ بِوَلِيِّهِ هُنَا الْأَبُ إنْ عَلَا ثُمَّ السُّلْطَانُ لَا الْوَصِيُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ]

فَصْلٌ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَوَاحِدَةً) أَيْ وَلَوْ أَمَةً بِشَرْطِهَا وَيَجُوزُ فِي وَاحِدَةٍ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ السُّلْطَانُ إلَخْ) وَيَأْتِي فِي مُرَاجَعَةِ الْأَقَارِبِ مَا سَيَأْتِي فِي تَزْوِيجِ الْمَجْنُونَةِ.

قَوْلُهُ: (وَنَدْبًا فِي آخِرٍ) عَلَى هَذَا يُقَالُ: لَنَا مَوْضِعٌ يُزَوِّجُ فِيهِ السُّلْطَانُ جَبْرًا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِ أَحَدٍ وَهُوَ هَذَا دُونَ غَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>