للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الْخِيَارَ (عَلَى الْفَوْرِ) كَخِيَارِ الْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَالثَّانِي يَمْتَدُّ مُدَّةَ التَّرَوِّي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَبْدَؤُهَا مِنْ حِينِ عَلِمَتْ بِالْعِتْقِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَالثَّالِثُ يَمْتَدُّ إلَى أَنْ تُصَرِّحَ بِإِسْقَاطِهِ أَوْ تُمَكِّنَ مِنْ الْوَطْءِ طَائِعَةً (فَإِنْ قَالَتْ) بَعْدَ تَأْخِيرِهَا الْفَسْخَ مُرِيدَةً لَهُ (جَهِلْت الْعِتْقَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إنْ أَمْكَنَ) جَهْلُهَا (بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ غَائِبًا) عَنْهَا حِينَ الْعِتْقِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ مَعَهُ فِي بَيْتِهِ وَيَبْعُدُ خَفَاءُ الْعِتْقِ عَلَيْهَا فَالْمُصَدِّقُ الزَّوْجُ (وَكَذَا إنْ قَالَتْ جَهِلْت الْخِيَارَ بِهِ) أَيْ بِالْعِتْقِ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ بِهِ خَفِيٌّ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ، وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ وَيَبْطُلُ خِيَارُهَا بِالتَّأْخِيرِ، وَلَوْ ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِأَنَّ الْخِيَارَ عَلَى الْفَوْرِ، فَقَالَ الْعَبَّادِيُّ إنْ كَانَتْ قَدِيمَةَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ، وَخَالَطَتْ أَهْلَهُ لَمْ تُعْذَرْ، وَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةَ الْعَهْدِ بِهِ، أَوْ لَمْ تُخَالِطْ أَهْلَهُ فَقَوْلَانِ وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ، أَنَّهَا لَا تُعْذَرُ وُجِّهَ، بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَصْلَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ عِلْم أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ.

فَرْعٌ:

الْفَسْخُ بِالْعِتْقِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمُرَافَعَةِ، إلَى الْحَاكِمِ، لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ (فَإِنْ فَسَخَتْ قَبْلِ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ) ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهَا مَنْعُهَا مِنْ الْفَسْخِ لِتَضَرُّرِهَا بِتَرْكِهِ (أَوْ بَعْدَهُ بِعِتْقٍ بَعْدَهُ وَجَبَ الْمُسَمَّى أَوْ) يَعْتِقُ (قَبْلَهُ) بِأَنْ لَمْ تَعْلَمْ بِالْعِتْقِ إلَّا بَعْدَ الْوَطْءِ (فَمَهْرُ مِثْلٍ) لَا الْمُسَمَّى لِتَقَدُّمِ سَبَبِ الْفَسْخِ عَلَى الْوَطْءِ (وَقِيلَ الْمُسَمَّى) لِتَقَرُّرِهِ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الْعِلْمِ وَمَا وَجَبَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى فَلِلسَّيِّدِ.

(وَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهَا أَوْ كُوتِبَتْ أَوْ عَتَقَ عَبْدٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَلَا خِيَارَ) ، لَهَا وَلَا لَهُ لِأَنَّ مُعْتَمَدَ هَذَا الْخِيَارِ الْخَبَرُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَعْنَى صُورَتِهِ لِبَقَاءِ النَّقْصِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِاسْتِفْرَاشِ النَّاقِصَةِ، وَيُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ بِالطَّلَاقِ.

فَصْلٌ. يَلْزَمُ الْوَلَدَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (إعْفَافُ الْأَبِ وَالْأَجْدَادِ) مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ مِنْ وُجُوهِ حَاجَاتِهِمْ الْمُهِمَّةِ كَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ، وَالثَّانِي لَا كَمَا لَا يَلْزَمُ الْأَبَ إعْفَافُ الِابْنِ وَالْإِعْفَافُ (بِأَنْ يُعْطِيَهُ مَهْرَ حُرَّةٍ أَوْ يَقُولَ) لَهُ (انْكِحْ وَأُعْطِيك الْمَهْرَ أَوْ يَنْكِحُ لَهُ بِإِذْنِهِ وَبِمَهْرٍ أَوْ بِمِلْكِهِ أَمَةً) لَمْ يَطَأْهَا (أَوْ ثَمَنِهَا) ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحُرَّةِ الْمَنْكُوحَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ، وَالْكِتَابِيَّةِ، وَلَا يَكْفِي أَنْ يُزَوِّجَهُ أَوْ يُمَلِّكَهُ عَجُوزًا

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (عَلَى الْفَوْرِ) نَعَمْ لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ سُقُوطِ الْخِيَارِ أَوْ تَخَلَّفَ إسْلَامٌ، فَلَهَا انْتِظَارُ الْبَيْنُونَةِ فَإِنْ فَسَخَتْ حِينَئِذٍ، وُقِفَ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ. قَوْلُهُ: (مُرِيدَةً لَهُ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ قَالَتْ. قَوْلُهُ: (إنْ أَمْكَنَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُكَذِّبْهَا ظَاهِرُ الْحَالِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ الْعَبَّادِيُّ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ مُطْلَقًا خِلَافًا لِلْعَبَّادِيِّ وَالْغَزَالِيِّ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا قَبْلَهُ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ فَعَدَمُ الْفَوْرِيَّةِ فِيهِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمُرَافَعَةِ إلَى الْحَاكِمِ) فَلَهَا الِاسْتِقْلَالُ بِهِ فَوْرًا. قَوْلُهُ: (أَوْ بِعِتْقٍ) قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (فَمَهْرُ مِثْلٍ) أَيْ لِعَتِيقِهِ. قَوْلُهُ: (فَلِلسَّيِّدِ) لِأَنَّ سَبَبَهُ وَهُوَ الْعَقْدُ وَقَعَ فِي مِلْكِهِ فَسَقَطَ مَا اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهَا) وَلَوْ بِسَبَبِ الدَّوْرِ كَأَنْ أَعْتَقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ، وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بِالصَّدَاقِ، فَلَا خِيَارَ لِأَنَّهَا إنْ فَسَخَتْ سَقَطَ الصَّدَاقُ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ، فَيَنْقُصُ الثُّلُثُ عَنْهَا فَيَرِقُّ بَعْضُهَا، فَيَسْقُطُ خِيَارُهَا فَجَعَلَ الْمَنْهَجُ هَذِهِ مِنْ زِيَادَاتِهِ مَعَ إمْكَانِ شُمُولِ كَلَامِهِ هُنَا لَهَا فِيهِ نَظَرٌ.

[فَصْلٌ يَلْزَمُ الْوَلَدَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إعْفَافُ الْأَبِ وَالْأَجْدَادِ]

فَصْلٌ فِي الْإِعْفَافِ مِنْ أَعَفَّ مُتَعَدِّيًا أَيْ أَوْصَلَ الْعِفَّةَ إلَى أَصْلِهِ فَمَصْدَرُهُ فِي الْأَصْلِ الْعِفَّةُ، وَهِيَ هُنَا تَرْكُ نَحْوِ الزِّنَا وَفِي الْعُرْفِ الْعَامِّ مَا يَدُلُّ عَلَى شَرَفِ النَّفْسِ، وَأَمَّا عَفَّ فَهُوَ لَازِمٌ وَمَصْدَرُهُ الْعَفَافُ، وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا. قَوْلُهُ: (الْوَلَدَ) أَيْ الْمُوسِرَ بِمَا يُعَفُّ بِهِ زِيَادَةً عَلَى مُؤْنَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَمَا فِي النَّفَقَةِ. قَوْلُهُ: (ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، كَامِلَ الْحُرِّيَّةِ أَوْ مُبَعَّضًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ، مُفْرَدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ وَلَوْ غَيْرَ وَارِثٍ ثُمَّ الْوَارِثُ إذَا اسْتَوَوْا قُرْبًا فَإِنْ تَسَاوَوْا قُرْبًا وَإِرْثًا أَوْ عَدَمَهُ وُزِّعَ فِي غَيْرِ الْوَارِثِ بِحَسَبِ الرُّءُوسِ وَفِي الْوَارِثِ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَيَلْزَمُ وَلِيَّ الْمَحْجُورِ الْأَقَلُّ مِنْ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ الْآتِيَةِ إلَّا أَنْ يُلْزِمَهُ حَاكِمٌ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (الْأَبَ) الْكَامِلَ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (مِنْ حِينَ عَلِمَتْ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ فِي حِكَايَةِ هَذَا الْقَوْلِ، قَالَ الْإِمَامُ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ تَخْيِيرِهَا انْتَهَى وَزَادَ الدَّارِمِيُّ وَجْهًا آخَرَ مَا لَمْ يَمَسَّهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُرَجَّحُ فِي الدَّلِيلِ فِي أَبِي دَاوُد فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ «إنْ قَرُبَك فَلَا خِيَارَ لَك» وَأَطَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي ذَلِكَ قَوْلَهُ: (وَثُبُوتُ الْخِيَارِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْعِتْقُ. قَوْلُهُ: (إنْ أَمْكَنَ) الْأَحْسَنُ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إنْ لَمْ يُكَذِّبْهَا ظَاهِرُ الْحَالِ، وَوَجْهُ الْأَحْسَنِيَّةِ أَنَّ دَائِرَةَ الْإِمْكَانِ وَاسِعَةٌ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ) الْأَحْسَنُ كَأَنْ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ) أَيْ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَرُدَّ بِأَنَّ عُيُوبَ الْمَبِيعِ شَهِيرَةُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ الْمُسَمَّى) ، ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لِأَنَّ الْمَهْرَ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ مُحْسِنٌ بِالْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (فَلِلسَّيِّدِ) اسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا إذَا كَانَ الْوَطْءُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْعِتْقِ، قَالَ لِأَنَّهَا وُطِئَتْ وَهِيَ حُرَّةٌ انْتَهَى وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

فَصْلٌ: يَلْزَمُ الْوَلَدَ لَوْ تَعَذَّرَ الْوَلَدُ اُعْتُبِرَ الْأَقْرَبُ وَلَوْ غَيْرَ وَارِثٍ ثُمَّ الْوَارِثُ ثُمَّ التَّوْزِيعُ. قَوْلُهُ: (إعْفَافُ الْأَبِ) أَيْ الْحُرِّ الْمَعْصُومِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>