للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ. نَكَحَهَا بِخَمْرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَغْصُوبٍ كَثَوْبٍ بِأَنْ أَشَارَ إلَى مَا ذُكِرَ وَلَمْ يَصِفْهُ أَوْ وَصَفَهُ بِمَا ذُكِرَ أَوْ بِخِلَافِهِ، كَعَصِيرٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ (وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ) لِفَسَادِ الصَّدَاقِ بِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مَالًا فِي الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي وَمِلْكًا لِلزَّوْجِ فِي الثَّالِثِ (وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ بِأَنْ يُقَدَّرَ الْحُرُّ رَقِيقًا وَالْخَمْرُ عَصِيرًا لَكِنْ يَجِبُ مِثْلُهُ وَكَذَا الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ يَجِبُ مِثْلُهُ، وَالْأَكْثَرُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا الْحُرُّ الْقَطْعُ بِوُجُوبِ مَهْرِ، الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْعِبَارَةِ وَيُلْحَقُ بِهِ هَذَا الْخَمْرُ، وَهَذَا الْمَغْصُوبُ (أَوْ بِمَمْلُوكٍ وَمَغْصُوبٍ بَطَلَ فِيهِ وَصَحَّ فِي الْمَمْلُوكِ فِي الْأَظْهَرِ) ، مِنْ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (وَتَتَخَيَّرُ) هِيَ بَيْنَ فَسْخِ الصَّدَاقِ وَإِبْقَائِهِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى لَمْ يُسَلَّمْ لَهَا (فَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ الْمِثْلِ وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهَا) وَيَأْتِي الْقَوْلَانِ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُمَا لِيَشْمَلَ الْمِثْلِيَّ كَانَ أَحْسَنَ. (وَإِنْ أَجَازَتْ فَلَهَا مَعَ الْمَمْلُوكِ حِصَّةُ الْمَغْصُوبِ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ بِحَسَبِ قِيمَتِهَا) ، فَإِذَا كَانَتْ مِائَةً بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا، فَلَهَا عَنْ الْمَغْصُوبِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ (وَفِي قَوْلٍ تَقْنَعُ بِهِ) أَيْ بِالْمَمْلُوكِ لِإِجَازَتِهَا. .

(وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك ثَوْبَهَا بِهَذَا الْعَبْدِ صَحَّ النِّكَاحُ، وَكَذَا الْمَهْرُ وَالْبَيْعُ فِي الْأَظْهَرِ) ، مِنْ قَوْلَيْ جَمْعِ الصَّفْقَةِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ، (وَيُوَزَّعُ الْعَبْدُ عَلَى الثَّوْبِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ) فَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَلْفًا وَقِيمَةُ الثَّوْبِ خَمْسَمِائَةٍ فَثُلُثُ الْعَبْدِ عَنْ الثَّوْبِ، وَثُلُثَاهُ صَدَاقٌ يَرْجِعُ الزَّوْجُ، فِي نِصْفِهِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ بُطْلَانُهُمَا وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَبْسَطُ مِمَّا ذَكَرَهُ فِيهَا فِي الْمَنَاهِي مِنْ الْبَيْعِ (وَلَوْ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ وَأَسْبَابِهِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ سِتَّةٌ عَدَمُ الْمَالِيَّةِ وَتَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَالشَّرْطُ الْفَاسِدُ وَتَفْرِيطُ الْوَلِيِّ وَالْمُخَالَفَةُ وَالدَّوْرُ كَمَا فِي جَعْلِ الْأَمَةِ صَدَاقًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَصَفَهُ) عَطْفٌ عَلَى أَشَارَ لِإِفَادَةِ أَنَّ الْإِشَارَةَ مُنْفَرِدَةٌ وَالْوَصْفَ مُنْفَرِدٌ وَبِهِ صَرَّحَ الْخَطِيبُ، وَغَيْرُهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْإِشَارَةِ وَالْوَصْفِ طَرِيقَيْنِ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى لَمْ يَصِفْهُ، وَلَا يَضُرُّ دُخُولُهَا فِي كَلَامِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (بِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مَالًا) فَكُلُّ مَا لَيْسَ مَالًا كَذَلِكَ كَالْحَشَرَاتِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَفَارَقَ عَدَمَ وُجُودِ الْعِوَضِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا فِي الْخُلْعِ عَلَى الدَّمِ بِأَنَّ عَدَمَ الْعِوَضِ هُنَا مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ وَكَذَا عَدَمُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِهِ فِي الْبَيْعِ كَمَا سَيَأْتِي آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَالْخَمْرَ عَصِيرًا) كَذَا قَدَّرُوهُ هُنَا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ خَلًّا وَلَمْ يُقَدِّرُوهُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ شَيْئًا بَلْ أَوْجَبُوا قِيمَتَهُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ اعْتِبَارُ كُلِّ مَحِلٍّ بِمَا فِيهِ، فَلْيُنْظَرْ حِكْمَةُ الْمُخَالَفَةِ وَقَدْ يُقَالُ فِي الْحِكْمَةِ إنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْعَقْدُ مَعَ الْخَمْرِ فَاسِدًا اُعْتُبِرَ لَهُ وَقْتُ صِحَّةٍ وَهُوَ كَوْنُهُ خَلًّا أَوْ عَصِيرًا، وَاعْتُبِرَ الْخَلُّ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ لُزُومَهُ مُسْتَقِلٌّ عَنْ الْعَقْدِ فَرُبَّمَا فُسِخَ بَعْدَهُ فَتَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ، فَاعْتُبِرَ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ حَالُ الْخَمْرِ بِخِلَافِ عَقْدِ النِّكَاحِ، فَاعْتُبِرَ بِوَقْتٍ سَابِقٍ لَهُ فِيهِ قِيمَةٌ وَهُوَ كَوْنُهُ عَصِيرًا وَأَمَّا نِكَاحُ الْمُشْرِكِ فَالْعَقْدُ وَقَعَ صَحِيحًا بِالْخَمْرِ عِنْدَهُمْ وَلَمَّا امْتَنَعَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ رَجَعَ إلَى قِيمَتِهِ، وَوَقْتِهِ، لِأَنَّ اعْتِبَارَ غَيْرِ وَقْتِهِ يُؤَدِّي إلَى اعْتِبَارِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صِحَّتِهِ، وَرُبَّمَا يَقَعُ إجْحَافٌ لِأَنَّ قِيمَتَهُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا أَقَلُّ غَالِبًا مِنْ قِيمَةِ الْخَلِّ أَوْ الْعَصِيرِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ عَثَرَاتِ الْأَفْهَامِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ دَقَائِقِ نَفَائِسِ الْإِلْهَامِ. قَوْلُهُ: (بِمَمْلُوكٍ وَمَغْصُوبٍ) وَكَالْمَغْصُوبِ الْآبِقُ وَالْمَرْهُونُ وَكُلُّ غَيْرِ مُتَمَوِّلٍ أَوْ غَيْرِ مَالٍ كَالدَّمِ فَإِنْ كَانَ مَعَ الْفَاسِدِ صَحِيحٌ وَجَبَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا الدَّمِ وَالْحَشَرَاتِ فَلَا شَيْءَ فِي مُقَابَلَتِهِ وَلَا خِيَارَ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْمَهْرُ فِيهِ إذَا انْفَرَدَ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ كَالْعَدَمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حِصَّةُ الْمَغْصُوبِ فِي صُورَتِهِ) وَفِي غَيْرِهِ كَذَلِكَ إلَّا الدَّمَ وَنَحْوَهُ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا) أَيْ الْمَمْلُوكِ وَالْمَغْصُوبِ وَيُقَدَّرُ الْحُرُّ رَقِيقًا وَالْمَيْتَةُ مُذَكَّاةً وَالْخَمْرُ خَلًّا كَذَا قِيلَ هُنَا وَقَدْ مَرَّ فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ يُقَدَّرُ عَصِيرًا وَهُوَ الْوَجْهُ فَلَعَلَّ مَنْ قَدَّرَ الْخَلَّ هُنَا سَرَى إلَيْهِ مِنْ تَقْدِيرِ ذَلِكَ، فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ مُعْتَبَرًا هُنَا فَهُوَ سَهْوٌ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. .

قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمَهْرُ وَالْبَيْعُ) إنْ كَانَ الثَّوْبُ لَهَا كَمَا أَفَادَتْهُ الْإِضَافَةُ وَكَانَ لَهُ جَوَازُ بَيْعِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَإِلَّا بَطَلَا وَرُجِعَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ وَصُورَةُ الْأَخِيرَةِ، أَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَمَلَّكْتُك

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ نَكَحَهَا بِخَمْرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَغْصُوبٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ]

فَصْلٌ

قَوْلُهُ: (نَكَحَهَا بِخَمْرٍ) مِثْلُ ذَلِكَ الدَّمُ، وَنَحْوُهُ لَكِنْ خَالَفُوا ذَلِكَ فِي الْخُلْعِ فَجَعَلُوهُ رَجْعِيًّا إذَا كَانَ عَلَى دَمٍ وَنَحْوِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلْيُطْلَبْ الْفَرْقُ، فَإِنَّ قَضِيَّةَ مَا فِي الْخُلْعِ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَالْمُفَوِّضَةِ قِيلَ وَوَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْخُلْعِ التَّعَرُّضُ لِلْمَسْأَلَةِ وَقَالَ إنَّ قَضِيَّتَهُ فِي الْخُلْعِ أَنْ يَكُونَ الْحَالُ فِي مَسْأَلَتِنَا كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ قَضِيَّةَ الْخُلْعِ جَعْلُهَا كَالْمُفَوِّضَةِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَغْصُوبٌ) فِي مَعْنَاهُ الْآبِقُ وَالْمَرْهُونُ لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ) عُلِّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ ذِكْرَهُمَا الْعِوَضَ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَصَدَهُمَا دُونَ قِيمَةِ الْبُضْعِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْبَدَلِ، كَانَ أَوْلَى وَالْعَجَبُ أَنَّ الرَّافِعِيَّ أَنْكَرَ عَلَى الْغَزَالِيِّ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْقِيمَةِ وَعَبَّرَ بِهَا فِي الْمُحَرَّرِ.

قَوْلُهُ: (وَالْخَمْرُ عَصِيرًا) قَدْ قَدَّرُوهُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ أَهْلِهَا وَفِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِالْخَلِّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالِاضْطِرَابُ مِمَّا يُؤَيِّدُ الْأَصَحَّ قُوَّةً، وَهُوَ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ قَوْلُهُ: (وَالْأَكْثَرُ إلَخْ) أَيْ فَمَا اقْتَضَاهُ عُمُومُ الْمَتْنِ مِنْ تَرْجِيحِ طَرِيقِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ مُرَادًا قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ تَقْنَعُ بِهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقْنَعُ بِبَعْضِ الْمَبِيعِ إذَا خَرَجَ بَعْضُهُ مُسْتَحَقًّا

قَوْلُهُ: (وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا عَسَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>