للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ وَجَبَ لَهَا الشَّطْرُ بِتَسْمِيَةٍ أَوْ بِفَرْضٍ فِي التَّفْوِيضِ، فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا، وَتَشْطُرُ الْمَهْرَ لِمَا لَحِقَهَا مِنْ الِابْتِذَالِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى شَيْءٍ آخَرَ وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} [البقرة: ٢٤١] (وَكَذَا الْمَوْطُوءَةُ فِي الْأَظْهَرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] ، وَالثَّانِي لَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ وَبِهِ غَنِيَّةٌ عَنْ الْمُتْعَةِ.

(وَفُرْقَةٌ لَا بِسَبَبِهَا) ، كَرِدَّتِهِ وَإِسْلَامِهِ وَلِعَانِهِ وَإِرْضَاعِ أُمِّهِ أَوْ بِنْتِهِ زَوْجَتَهُ وَوَطْءِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لَهَا (كَطَلَاقٍ) ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولٍ فَيَجِبُ لَهَا الشَّطْرُ، فَلَا مُتْعَةَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ دُخُولٍ فَيَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبَبِهَا كَإِسْلَامِهَا وَرِدَّتِهَا، وَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ وَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا فَلَا مُتْعَةَ لَهَا سَوَاءٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ) الْمُتْعَةُ (عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا) ، وَأَنْ لَا تُزَادَ عَلَى خَادِمٍ فَلَا حَدَّ لِلْوَاجِبِ وَقِيلَ هُوَ أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ كَمَا سَيَأْتِي وَإِذَا تَرَاضَيَا بِشَيْءٍ فَذَاكَ (فَإِنْ تَنَازَعَا قَدَّرَهَا الْقَاضِي بِنَظَرِهِ) أَيْ اجْتِهَادِهِ (مُعْتَبِرًا حَالَهُمَا) ، أَيْ يَسَارَ الزَّوْجِ وَإِعْسَارَهُ وَنَسَبَ الزَّوْجَةِ وَصِفَاتِهَا (وَقِيلَ حَالُهُ) فَقَطْ (وَقِيلَ حَالُهَا) فَقَطْ (وَقِيلَ) لَا يُقَدِّرُهَا بِشَيْءٍ بَلْ الْوَاجِبُ.

(أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ) ، وَعَلَى تَقْدِيرِهِ يَجِبُ مَا يُقَدِّرُهُ. .

فَصْلٌ. اخْتَلَفَا أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي قَدْرِ مَهْرٍ) مُسَمًّى كَأَنْ قَالَتْ نَكَحْتَنِي بِأَلْفٍ، فَقَالَ بِخَمْسِمِائَةٍ (أَوْ) فِي (صِفَتِهِ) كَأَنْ قَالَتْ بِأَلْفٍ صَحِيحَةٍ، فَقَالَ بَلْ مُكَسَّرَةٍ (تَحَالَفَا) كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فِي كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ فَتَحْلِفُ الزَّوْجَةُ أَنَّهُ مَا نَكَحَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَإِنَّمَا نَكَحَهَا بِأَلْفٍ، وَيَحْلِفُ الزَّوْجُ

ــ

[حاشية قليوبي]

أَوْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ مُفِيدٌ لِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤] فَلَا حَاجَةَ لِجَعْلِهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا قِيلَ أَوْ لِجَعْلِهَا بِمَعْنَى إلَى أَوْ إلَّا لِأَنَّ هَذَا نَاظِرٌ إلَى أَصْلِ اللُّغَةِ، وَذَاكَ إلَى اسْتِعْمَالِهَا. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ) قِيلَ إنَّهُ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمَوْطُوءَةُ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَوْ رَجْعِيَّةٌ وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الرَّجْعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا تُسْتَرَدُّ مِنْهَا لَوْ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ وَاسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ لَيْسَ كَالْوَطْءِ فَلَا مُتْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَإِنْ وَجَبَتْ بِهِ الْعِدَّةُ. قَوْلُهُ: (لِقَوْلِهِ) أَيْ لِعُمُومِهِ وَلَمْ يُنْظَرْ لِهَذَا الْعُمُومِ فِيمَنْ وَجَبَ لَهَا الشَّطْرُ، كَمَا تَقَدَّمَ لِمُعَارَضَتِهِ فِيهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا مُتْعَةً وَالْخُصُوصُ مُقَدَّمٌ وَمَا سَلَكَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هُنَا فِي الدَّلِيلِ فِيهِ بَحْثٌ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (لَا بِسَبَبِهَا) أَيْ وَلَا بِسَبَبِهِمَا مَعًا وَلَا بِمِلْكِهِ لَهَا وَلَا بِمَوْتٍ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَلَا مُتْعَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَرِدَّتِهِ وَإِسْلَامِهِ) أَيْ وَحْدَهُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (بِسَبَبِهَا) أَيْ وَلَوْ مَعَهُ فَيَشْمَلُ مَا بِسَبَبِهِمَا مَعًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَإِسْلَامِهَا وَرِدَّتِهَا) وَلَوْ مَعَهُ فِيهِمَا بِخِلَافِ التَّشْطِيرِ كَمَا مَرَّ. لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَهَا وَغُلِّبَ جَانِبُهَا هُنَا لِأَنَّ الْمُتْعَةَ لِإِيحَاشِهَا وَفِعْلُهَا يُنَافِيه أَوْ يُعَارِضُهُ، وَلِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَسْبِقْ لِلْمُتْعَةِ سَبَبٌ يُغَلَّبُ فِيهِ جَانِبُهَا فَتَأَمَّلْ وَلَوْ تَسَبَّبَا مَعًا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَالْفُرْقَةُ بِسَبَبِهِمَا مَعًا أَوْ كَامِلًا فَبِسَبَبِهَا وَحْدَهَا لِأَنَّهَا تَرِقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ وَلَوْ مَلَكَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا مُتْعَةَ لِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ كَانَتْ عَلَيْهَا لَهُ وَلَوْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا مُتْعَةَ أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَا إيحَاشَ وَفِي مَوْتِهِ وَحْدَهُ مُتَفَجِّعَةٌ لَا مُسْتَوْحِشَةٌ.

قَوْلُهُ: (أَنْ لَا تَنْقُصَ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا) أَوْ مَا يُسَاوِيهَا. قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا تُزَادَ عَلَى خَادِمٍ) وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ الْخَادِمِ لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ لَهُ، وَلَوْ نَقَصَ نِصْفُ الْمَهْرِ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا لَتَعَارَضَا فَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ يُرَاعَى الْأَقَلُّ اهـ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِمُرَاعَاتِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُقْتَصَرُ عَلَيْهِ وَقَالَ شَيْخُنَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُنْقَصُ عَنْ الْأَقَلِّ وَلَا يُبْلَغُ الْأَكْثَرَ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ) وَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَفِيهِ مُخَالَفَةُ الْمَنْدُوبِ السَّابِقِ، بَعْدَ بُلُوغِهِ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَمُرَاعَاةُ الْمَنْدُوبِ حِينَئِذٍ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (قَدَّرَهَا الْقَاضِي) أَيْ وُجُوبًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ بِهَا مَهْرَ الْمِثْلِ، وَيَأْتِي فِيهِ التَّعَارُضُ وَالنَّدْبُ الْمُتَقَدِّمُ. قَوْلُهُ: (حَالَهُمَا) أَيْ إنْ عَلِمَهُ، وَإِلَّا رَاعَى الْمَعْلُومَ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَأَمْثَالُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى تَقْدِيرِهِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي اعْتِبَارِ حَالِهِمَا عَلَى الرَّاجِعِ أَوْ اعْتِبَارِ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (يَجِبُ مَا يُقَدِّرُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَالَفَ الْوَاجِبَ فِيمَا مَرَّ. مِنْ عَدَمِ بُلُوغِهِ مَهْرَ الْمِثْلِ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ بَلْ فِي مُخَالَفَةِ الْمَنْدُوبِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.

فَصْلٌ فِي التَّحَالُفِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَهْرِ التَّخَالُفُ

قَوْلُهُ: (أَيْ الزَّوْجَانِ) سَوَاءٌ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (فِي قَدْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى) خَرَجَ مَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَإِنْ عُلِمَ لَهُ مَرْجِعٌ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا لَوْ فُرِضَ جَهْلُهُ فَالْمُصَدِّقُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ قَالَتْ إلَخْ) وَفِي عَكْسِ الْمِثَالِ لَا تَحَالُفَ وَيَبْقَى الزَّائِدُ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهَا بِهِ وَهِيَ تُنْكِرُهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي صِفَتِهِ) وَكَذَا فِي جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَعَيْنِهِ وَغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ هُوَ قَوِيٌّ جِدًّا لِظَاهِرِ الْآيَةِ. قَوْلُهُ: (لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} [البقرة: ٢٤١] ، الِاسْتِدْلَال بِهَذَا يُخَالِفُ مَا سَلَفَ عَنْ الْبَيْضَاوِيِّ فِي رَأْسِ الصَّفْحَةِ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِالْقِيَاسِ وَوَجْهُ الْمُخَالَفَةِ أَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ، أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُ الْفَرْعِ ثَابِتًا بِالنَّصِّ.

قَوْلُهُ: (وَوَطْءُ أَبِيهِ) أَيْ بِشُبْهَةٍ

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ حَالُهُ) أَيْ كَالنَّفَقَةِ وَلِظَاهِرِ الْآيَةِ قَوْلُهُ: (وَعَلَى تَقْدِيرِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ قَدَّرَهَا الْقَاضِي.

[فَصْلٌ اخْتَلَفَا أَيْ الزَّوْجَانِ فِي قَدْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى]

اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَهْرٍ قَوْلُهُ: (مُسَمًّى) هَذَا احْتِرَازٌ عَمَّ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ مَثَلًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ فَلَا تَحَالُفَ وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الزِّيَادَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>