للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْضَهُمْ بَعْضٍ، وَلَمْ يَقْدَحْ الِالْتِقَاطُ فِي مُرُوءَةِ الْمُلْتَقِطِ فَلَا يَكُونُ التَّرْكُ أَوْلَى، وَلَا يَخْفَى كَرَاهَةُ الِالْتِقَاطِ تَفْرِيعًا عَلَى كَرَاهَةِ النَّثْرِ، وَيُكْرَهُ أَخْذُ النِّثَارِ مِنْ الْهَوَاءِ بِإِزَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ كَذَلِكَ أَوْ الْتَقَطَهُ أَوْ وَقَعَ فِي حِجْرِهِ بَعْدَ بَسْطِهِ لَهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ وَيَمْلِكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْسُطْ حِجْرَهُ لَهُ لَا يَمْلِكُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ تَمَلُّكِهِ، وَلَا فِعْلٌ نَعَمْ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلَوْ سَقَطَ مِنْ حِجْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْصِدَ أَخْذَهُ أَوْ قَامَ، فَسَقَطَ بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ، وَلَوْ نَفَضَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ. .

كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ بِفَتْحِ الْقَافِ (يَخْتَصُّ الْقَسْمُ بِزَوْجَاتٍ) ، لَا يَتَجَاوَزُهُنَّ إلَى الْإِمَاءِ فَلَا حَقَّ لَهُنَّ فِيهِ، وَإِنْ كُنَّ مُسْتَوْلَدَاتٍ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] أَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْعَدْلُ الَّذِي هُوَ فَائِدَةُ الْقَسْمِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ، فَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ فِيهِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ كَيْ لَا يَحْقِدَ بَعْضُ الْإِمَاءِ عَلَى بَعْضٍ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَاتِ وَالْأَصْلُ فِيهِ اللَّيْلُ كَمَا سَيَأْتِي أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ حَقُّهُ، فَلَهُ تَرْكُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ مِمَّا تَضَمَّنَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ (وَمَنْ بَاتَ عِنْدَ بَعْضِ نِسْوَتِهِ لَزِمَهُ) أَنْ يَبِيتَ (عِنْدَ مَنْ بَقِيَ) مِنْهُنَّ فَيَعْصِي بِتَرْكِهِ تَسْوِيَةً بَيْنَهُنَّ سَوَاءٌ بَاتَ عِنْدَ الْبَعْضِ بِقُرْعَةٍ أَمْ لَا، وَسَيَأْتِي وُجُوبُهَا لِذَلِكَ، وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ.

(وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ أَوْ عَنْ الْوَاحِدَةِ) الَّتِي لَيْسَ تَحْتَهُ غَيْرُهَا، فَلَمْ يَبِتْ عِنْدَهُنَّ وَلَا عِنْدَهَا (لَمْ يَأْثَمْ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا لَوْ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ بَعْدَ الْقَسْمِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُنَّ مُدَّةً جَازَ.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَعْضُلَهُنَّ) بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ وَيُحْصِنَهُنَّ، وَكَذَا الْوَاحِدَةُ وَأَدْنَى دَرَجَاتِهَا أَنْ لَا يُخَلِّيَهَا كُلَّ أَرْبَعِ لَيَالٍ عَنْ لَيْلَةٍ اعْتِبَارًا بِمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ.

(وَيَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ مَرِيضَةٌ وَرَتْقَاءُ) وَقَرْنَاءُ (وَحَائِضَ وَنُفَسَاءُ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْأُنْسُ لَا الْوَطْءُ (لَا نَاشِزَةٌ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَفِي الْخِتَانِ) وَكَذَا فِي سَائِرِ الْوَلَائِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ) بِشَرْطِهِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (بِالِانْتِهَابِ) وَالنَّثْرُ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ النَّهْبِ فَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى طَعَامِ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَأْخُذُهُ مَنْ غَيْرُهُ أَحَبُّ) مَنْ فَاعِلُ يَأْخُذُ وَغَيْرُ مُبْتَدَأٌ وَأَحَبُّ خَبَرُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَكُونُ التَّرْكُ) أَيْ لِلنَّثْرِ وَالِالْتِقَاطِ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُهُ) أَيْ اللَّاقِطُ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا وَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِسُقُوطِهِ مِنْهُ فَيَجِبُ عَلَى آخِذِهِ رَدُّهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ تَمَلُّكٍ وَلَا فِعْلٍ) وَمِنْهُ مَا لَوْ عَشَّشَ طَائِرٌ فِي مِلْكِهِ أَوْ دَخَلَ سَمَكٌ فِي حَوْضِهِ، أَوْ وَقَعَ ثَلْجٌ فِي أَرْضِهٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا يَمْلِكُهُ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ، وَيَمْلِكُهُ الْآخِذُ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّمَلُّكَ لِمَا يُوجَدُ فِيهِ، أَوْ فَعَلَ مَا يَدُلُّ عَلَى قَصْدِ التَّمَلُّكِ كَتَوَحُّلِ الْأَرْضِ لَهُ مَلَكَهُ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ، وَلَا يَمْلِكُهُ الْآخِذُ وَيَجِبُ رَدُّهُ كَمَا يَأْتِي فِي الصَّيْدِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَمْلِكْهُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ) فَلَيْسَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَمَنْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ بِلَا خِلَافٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ

ذَكَرَ الْقَسْمَ عَقِبَ الْوَلِيمَةِ نَظَرًا إلَى الْمُتَعَارَفِ مِنْ فِعْلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَهُوَ عَقِبَهَا وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرَهَا عَنْهُ كَمَا مَرَّ، وَعَقَّبَهُ بِالنُّشُوزِ لِأَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَهُ غَالِبًا وَجَمَعَهُمَا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ أَحَدِهِمَا وُجُودُ الْآخَرِ، وَعَكْسُهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ وُجُوبُ الْقَسْمِ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِيهِ وَفِي عَدَدِ الطَّلَاقِ، وَفِي مَنْعِ تَزَوُّجِهِ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ وَتَحْرِيمِ جَمْعِهِ بَيْنَ نَحْوِ الْأُخْتَيْنِ وَفِي مَنْعِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ بَعْدَ مَنْ كَانَ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْقَافِ) أَيْ مَعَ سُكُونِ السِّينِ بِمَعْنَى الْعَدْلِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ أَوْ مُطْلَقًا، وَمَعَ فَتْحِهَا بِمَعْنَى الْيَمِينِ وَبِكَسْرِ الْقَافِ مَعَ سُكُونِ السِّينِ بِمَعْنَى النَّصِيبِ، وَمَعَ فَتْحِهَا جَمْعُ قِسْمَةٍ وَاسْتُغْنِيَ عَنْ ضَبْطِ السِّينِ بِذِكْرِهِ مَعَ النُّشُوزِ الَّذِي هُوَ شَرْعًا الْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ الزَّوْجِ لَا عَكْسُهُ، وَهُوَ لُغَةً الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ مُطْلَقًا.

فَائِدَةٌ: حُقُوقُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا طَاعَتُهُ وَمُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ، وَحُقُوقُهَا عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَالْقَسْمُ وَالنَّفَقَةُ وَنَحْوُهَا، وَأَمَّا الْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ فَهِيَ حَقٌّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (بِزَوْجَاتٍ) دُخُولُ الْبَاءِ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ فِي حَيِّزِ الِاخْتِصَاصِ، وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ عَلَى الْأَصْلِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِالتَّمْيِيزِ، وَنَحْوِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ غَفْلَةٌ عَنْ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ وَدَخَلَ فِي الزَّوْجَاتِ مَا لَوْ كُنَّ إمَاءً أَوْ كِتَابِيَّاتٍ أَوْ بِهِنَّ عَيْبٌ كَرَتَقٍ، وَبَرَصٍ أَوْ حَرُمَ وَطْؤُهُنَّ لِنَحْوِ حَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا تَعْدِلُوا) أَيْ فِي الْوَاجِبِ فَلَا يَتَعَارَضُ مَعَ آيَةِ، وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا لِأَنَّهُ فِي الْمَنْدُوبِ أَوْ الْأَعَمِّ أَوْ الْآيَةُ الْأُولَى فِي الْقَسْمِ الْحِسِّيِّ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالثَّانِيَةُ فِي الْمَعْنَوِيِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالْقَلْبِ كَالْمَحَبَّةِ وَعَلَيْهِ حَدِيثُ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تُؤَاخِذْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ. قَوْلُهُ: (أَشْعَرَ) إشْعَارَ دَلَالَةٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَصَالَةً. قَوْلُهُ: (أَنْ يَبِيتَ) أَيْ يَصِيرَ وَلَوْ نَهَارًا وَلَوْ فِي السَّفَرِ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَالْمُرَادُ وُجُودُهُ فِي الْمَسْكَنِ، وَلَوْ بِلَا مُضَاجَعَةٍ وَلَا نَوْمٍ وَكَذَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) أَيْ فَوْرًا وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ حَتَّى يَتِمَّ الدَّوْرُ.

ــ

[حاشية عميرة]

[كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ]

ِ قَوْلُهُ: (وَالنُّشُوزُ) أَيْ الِارْتِفَاعُ وَالِامْتِنَاعُ عَنْ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (بِزَوْجَاتٍ) تُسْتَثْنَى الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (إلَى الْإِمَاءِ) أَيْ الْمَمْلُوكَاتِ قَوْلُهُ: (أَشْعَرَ ذَلِكَ إلَخْ) كَانَ مُرَادُهُ بِالْأَشْعَارِ عَدَمَ التَّصْرِيحِ بِالْحُكْمِ، وَإِلَّا فَالْآيَةُ مُفِيدَة لِذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ.

قَوْلُهُ: (فَلَهُ تَرْكُهُ) أَيْ كَسُكْنَى الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ. قَوْلُهُ: (مَا يَضْمَنُهُ) أَيْ وَهُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْبَيَاتِ إذَا فَعَلَهُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَاتَ) رُبَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>