للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَعَالَى سَمَّاهُمَا حَكَمَيْنِ، وَالْوَكِيلُ مَأْذُونٌ لَيْسَ بِحَكَمٍ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَالَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْفِرَاقِ وَالْبُضْعُ حَقُّ الزَّوْجِ، وَالْمَالُ حَقُّ الزَّوْجَةِ وَهُمَا رَشِيدَانِ، فَلَا يُوَلَّى عَلَيْهِمَا فِي حَقِّهِمَا (فَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا) بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ (فَيُوَكِّلُ) هُوَ (حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ وَقَبُولِ عِوَضِ خُلْعٍ وَتُوكِلُ) هِيَ (حَكَمَهَا بِبَذْلِ عِوَضٍ وَقَبُولِ طَلَاقٍ بِهِ) ، وَيُفَرِّقُ الْحَكَمَانِ بَيْنَهُمَا إنْ رَأَيَاهُ صَوَابًا وَعَلَى الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ، وَإِذَا رَأَى حَكَمُ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ اسْتَقَلَّ بِهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى طَلْقَةٍ وَإِنْ رَأَى الْخُلْعَ، وَوَافَقَهُ حَكَمُهَا تَخَالَعَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ ثُمَّ الْحَكَمَانِ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا الْحُرِّيَّةُ وَالْعَدَالَةُ وَالِاهْتِدَاءُ إلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ بَعْثِهِمَا دُونَ الِاجْتِهَادِ، وَتُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ عَلَى الثَّانِي وَكَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ أَوْلَى لَا وَاجِبٌ.

كِتَابُ الْخُلْعِ (هُوَ فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ) مَقْصُودٌ لِجِهَةِ الزَّوْجِ، (بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ) كَقَوْلِهِ طَلَّقْتُك أَوْ خَالَعْتكِ عَلَى كَذَا فَتَقْبَلُ، وَسَيَأْتِي صِحَّتُهُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِلَفْظِ طَلَاقٍ لَفْظٌ مِنْ أَلْفَاظِهِ، صَرِيحًا كَانَ أَوْ كِنَايَةً وَلَفْظُ الْخُلْعِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ (شَرْطُهُ زَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا مُخْتَارًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (فَلَوْ خَالَعَ عَبْدٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ صَحَّ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ وَالْوَلِيُّ، (وَوَجَبَ دَفْعُ الْعِوَضِ) دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا (إلَى مَوْلَاهُ وَوَلِيِّهِ) ، لِيَبْرَأَ الدَّافِعُ مِنْهُ،

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (فَيُوَكِّلُ هُوَ حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ) وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُخَالِعَ. قَوْلُهُ: (وَقَبُولُ عِوَضِ خُلْعٍ) وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُطَلِّقَ مَجَّانًا وَمِثْلُهُ فِي حُكْمِهَا، وَإِذَا عَجَزَ الْحَكَمَانِ بَعَثَ الْقَاضِي غَيْرَهُمَا، فَإِنْ عَجَزَ أَيْضًا أَدَّبَ الْقَاضِي الظَّالِمَ مِنْهُمَا وَأَخَذَ حَقَّ الْآخَرِ مِنْهُ، وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْ الْحَكَمَيْنِ أَنْ يَحْتَاطَ، فَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِحَكَمِهِ خُذْ مَالِي مِنْهُ وَطَلِّقْ أَوْ خَالِعْ أَوْ عَكْسَهُ تَعَيَّنَ أَخْذُ الْمَالِ أَوَّلًا وَإِنْ قَالَ طَلِّقْ أَوْ خَالِعْ ثُمَّ خُذْ جَازَ تَقْدِيمُ أَخْذِ الْمَالِ وَعَكْسُهُ. كَذَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَذُكِرَ عَنْ شَيْخِنَا مُخَالَفَتُهُ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ فِيهِمَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْإِسْلَامُ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ كَافِرَيْنِ وَالتَّكْلِيفُ اللَّازِمُ لِلْعَدَاوَةِ مَانِعًا اُشْتُرِطَ فِيهِمَا ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِمَا، وَكِيلَيْنِ لِتَعَلُّقِ وَكَالَتِهِمَا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ، وَيُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ عَلَى الثَّانِي وَتُنْدَبُ عَلَى الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

كِتَابُ الْخُلْعِ بِضَمِّ الْخَاءِ مِنْ الْخَلْعِ بِفَتْحِهَا وَهُوَ لُغَةً النَّزْعُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لِبَاسُ الْآخَرِ، فَكَأَنَّهُ نَزَعَ لِبَاسَهُ وَشَرْعًا مَا سَيَأْتِي وَالْمَعْنَى فِي جَوَازِهِ أَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِالْبُضْعِ جَازَتْ إزَالَتُهُ بِعِوَضٍ كَالْمَبِيعِ وَفِيهِ دَفْعُ ضَرَرٍ عَنْ الْمَرْأَةِ غَالِبًا وَأَصْلُهُ الْكَرَاهَةُ، وَلَوْ مَعَ الشِّقَاقِ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنَّ لَهُ حُكْمَ الطَّلَاقِ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنْ مَنَعَهَا نَحْوَ نَفَقَةٍ لِتَخْتَلِعَ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَسَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا خِلَافُهُ وَهُوَ مِنْ الطَّلَاقِ وَقَدَّمَهُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَالِبًا عَنْ الشِّقَاقِ وَأَوَّلُ خُلْعٍ وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فِي امْرَأَتِهِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً، كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ مَخْلَصٌ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيَّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمْ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَخْلُصُ فِي الْإِثْبَاتِ الْمُقَيَّدِ نَحْوُ لَأَفْعَلَن كَذَا فِي هَذَا الشَّهْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْبِرِّ بِاخْتِيَارِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَقْصُودٌ) خَرَجَ نَحْوُ الدَّمِ فَهُوَ رَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ. قَوْلُهُ: (لِجِهَةِ الزَّوْجِ) نَفْسِهِ أَوْ سَيِّدِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ، كَأَنْ أَبْرَأْتنِي وَزَيْدًا فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَتَصِحُّ الْبَرَاءَةُ لَهُمَا بِخِلَافِ إنْ أَبْرَأْت زَيْدًا فَرَجْعِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا وَالْبَرَاءَةُ صَحِيحَةٌ أَيْضًا وَفِي بَرَاءَةِ زَيْدٍ فِي الصُّورَتَيْنِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ، وَدَخَلَ فِيمَا ذَكَرَ مَا لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ عَلَى عَشَرَةٍ مَثَلًا خَمْسَةٌ لِي وَخَمْسَةٌ لِزَيْدٍ فَحَرِّرْهُ وَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) إشَارَةٌ لِإِخْرَاجِ لَفْظِ الطَّلَاقِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَذَكَرَ لَفْظَ الْخُلْعِ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي إلَخْ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ هُوَ وَصْفُ الزَّوْجِ لَا نَفْسِهِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ الْخَمْسَةِ كَالْعِوَضِ وَالْبُضْعِ وَالْمُلْتَزِمِ وَالصِّيغَةِ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) بَيَانٌ لِذَلِكَ الْوَصْفِ فَيَخْرُجُ بِهِ " الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُكْرَهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الرَّقِيقُ وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ وَالْمَرِيضُ، وَهُوَ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ فَاحْتَاجَ لِذِكْرِهِمْ.

ــ

[حاشية عميرة]

[كِتَابُ الْخُلْعِ]

ِ قَالَ الْقَفَّالُ هُوَ ضَرْبٌ مِنْ الْجَعَالَةِ مُشَاكِلٌ لِلْمُعَاوَضَةِ، لِأَنَّ بُضْعَهَا فِي مَعْنَى الْمَمْلُوكِ لِلزَّوْجِ بِالْمَهْرِ، فَإِذَا خَالَعَهَا فَقَدْ رَدَّ بَعْضَهَا وَجَوَّزَهُ الشَّارِعُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ أهـ. قَوْلُهُ: (بِعَرَضٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خَلْعٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ هُنَا لِلْمَعْنَى الْمُسَمَّى بِالْخُلْعِ لَا لِلَفْظِ الْخُلْعِ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا دَفْعَ مَحْذُورِ الْإِخْبَارِ بِالذَّاتِ عَنْ الْحَدَثِ وَأَيْضًا الزَّوْجُ رُكْنٌ لَا شَرْطٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ) كَذَا قَطَعُوا بِهِ وَلَمْ يُجْرُوا فِيهِ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا قَبِلَ هِبَةً، أَوْ وَصِيَّةٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ هَلْ يَصِحُّ الْقَبُولُ أَوْ لَا، لِأَنَّهُ جَرَى فِي ضِمْنِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْحَجْرِ قَالَهُ الْإِمَامُ فِي بَابِ نِكَاحِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (وَوَجَبَ دَفْعُ الْعِوَضِ إلَخْ) . لَوْ دَفَعَتْهُ لِلسَّفِيهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ، فَلَا ضَمَانَ وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ رُشْدِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَتْهُ لِلْعَبْدِ، وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>