للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ، (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَلَا) تَطْلُقُ لِأَنَّ اللَّفْظَ كِنَايَةٌ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ إلَى غَيْرِ مَحِلِّهِ، (وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ) مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ (إضَافَتَهُ إلَيْهَا) لَا تَطْلُقُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا مَحِلُّ الطَّلَاقِ وَقَدْ أُضِيفَ إلَى غَيْرِ مَحِلِّهِ، فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحِلِّهِ، وَالثَّانِي تَطْلُقُ لِوُجُودِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّعَرُّضِ لِلْمَحَلِّ (وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك بَائِنٌ اُشْتُرِطَ نِيَّةُ الطَّلَاقِ وَفِي الْإِضَافَةِ) إلَيْهَا (الْوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا الِاشْتِرَاطُ فَإِذَا نَوَى الطَّلَاقَ مُضَافًا إلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا لِمَا تَقَدَّمَ، (وَلَوْ قَالَ أَسْتَبْرِئُ رَحِمِي مِنْك فَلَغْوٌ) وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لِأَنَّ اللَّفْظَ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ فِي نَفْسِهِ وَالْكِنَايَةُ شَرْطُهَا احْتِمَالُ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى الْمُرَادِ، (وَقِيلَ إنْ نَوَى طَلَاقَهَا وَقَعَ) وَالْمَعْنَى أَسْتَبْرِئ الرَّحِمَ الَّتِي كَانَتْ لِي.

فَصْلٌ

: خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ كَقَوْلِهِ لَهَا أَنْت طَالِقٌ، (وَتَعْلِيقُهُ بِنِكَاحٍ وَغَيْرِهِ) كَقَوْلِهِ إنْ نَكَحْتُك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (لَغْوٌ) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ عَلَى زَوْجِهَا، وَلَا بِنِكَاحِهَا وَلَا بِدُخُولِهَا الدَّارَ بَعْدَ نِكَاحِهَا لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ مِنْ الْقَاتِلِ عَلَى الْمَحِلِّ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ " (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَعْلِيقِ الْعَبْدِ ثَالِثَةً كَقَوْلِهِ إنْ عَتَقْت أَوْ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ، (فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعْنَ إذَا عَتَقَتْ أَوْ دَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَصْلَ النِّكَاحِ وَهُوَ يُفِيدُ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ وُجِدَ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَنْجِيزَهَا، فَلَا يَمْلِكُ تَعْلِيقَهَا فَيَقَعُ فِيمَا ذَكَرَ طَلْقَتَانِ

(وَيَلْحَقُ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيَّةً) لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمُلْكِ الرَّجْعَةِ (لَا مُخْتَلِعَةً) لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا، (وَلَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولٍ) مَثَلًا (فَبَانَتْ) بِطَلَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ (ثُمَّ نَكَحَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ يَقَعْ إنْ) كَانَتْ (دَخَلَتْ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ) قَيَّدَ لِجَعْلِهِ كِنَايَةً. قَوْلُهُ: (لَا تَطْلُقُ) وَإِنْ نَوَى طَلَاقَ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ (مَنْ صُرِفَ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحِلِّهِ) فَهُمَا نِيَّتَانِ نِيَّةُ الطَّلَاقِ وَنِيَّةُ الْإِضَافَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ أُخْرَى، وَهِيَ كَوْنُ الْإِضَافَةِ إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (أَسْتَبْرِئُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هُوَ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ فَانْظُرْهُ مَعَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ عَلَى هَذَا إلَى نِيَّةِ الْإِضَافَةِ فَرَاجِعْهُ.

فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ، وَهِيَ الْوَلَايَةُ عَلَى الْمَحِلِّ قَوْلُهُ: (أَنْتِ طَالِقٌ) أَوْ فُلَانَةُ طَالِقٌ وَالْخِطَابُ لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (وَتَعْلِيقِهِ) عَطْفٌ عَلَى طَلَاقٍ فَهُوَ مَجْرُورٌ. قَوْلُهُ: (إنْ نَكَحْتُك) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) عَطْفٌ عَلَى نِكَاحٍ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَنْكِحُهَا إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِإِمْكَانِ وُقُوعِ طَلَاقٍ. قَوْلُهُ: (لَغْوٌ) فَلَا تَطْلُقُ عَلَى زَوْجِهَا، وَلَا بِنِكَاحِهَا وَلَا بِدُخُولِهَا الدَّارَ بَعْدَ نِكَاحِهَا، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ تَبَعًا لِلْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ وَلِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ نَقَصَ حُكْمُ غَيْرِهِ، بِصِحَّتِهِ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ سَوَاءٌ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَبَعْدَهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا قَالَ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ لَا حُكْمَ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَرَاجَعَهُ ابْنُ قَاسِمٍ، النِّكَاحُ، لَمْ يَصِحَّ النَّقْضُ أَوْ بَعْدَهُ صَحَّ لِأَنَّهُ مَحِلُّ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ عِتْقِهِ) أَيْ مَعَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا تُرَدُّ الْمُعَاشَرَةُ. قَوْلُهُ: (لَا مُخْتَلِعَةٌ) وَلَا بَائِنٌ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إلَّا الْمُعَاشَرَةَ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ بَعْدَهَا وَلَا يَصِحُّ خَلْعُهَا كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مَثَلًا) فَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ مَا يَعُمُّهُ وَغَيْرُهُ، وَمَا يَعُمُّ فِعْلُهُ أَوْ فِعْلُهَا غَيْرَهُمَا إثْبَاتًا كَانَ أَوْ نَفْيًا مُقَيَّدًا كَانَ أَوْ مُطْلَقًا وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِطَلَاقٍ) أَوْ فَسْخٍ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ إلَخْ) فَدُخُولُهَا بَعْدَ النِّكَاحِ تَكْرَارٌ لِمَا وَقَعَ مِنْهَا قَبْلَهُ، وَهُوَ قَيْدٌ لِمَحِلِّ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (لِحِلِّ السَّبَبِ) وَهُوَ الْعِصْمَةُ الَّتِي يَمْلِكُهَا مِنْهَا. قَوْلُهُ: (مَعَ النِّيَّةِ) أَيْ نِيَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ الْإِضَافَةِ إلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ) أَيْ سَوَاءٌ اقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ نَوَى تَطْلِيقَ نَفْسِهِ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ اسْتَبْرِئِي) اخْتَارَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ فِعْلٌ مُضَارِعٌ لَا أَمْرٌ.

[فَصْلٌ خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ كَقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ]

فَصْلٌ: خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَخْ قَوْلُهُ: (لَغْوٌ) أَيْ بِاتِّفَاقٍ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ وَخِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ فِي الثَّانِيَةِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الثَّالِثَةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَدِيثِ «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى وَقْعِ الطَّلَاقِ دُونَ عَقْدِهِ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَعْلُومٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى الْبَيَانِ بَلْ هُوَ عَامٌّ لِلْأَمْرَيْنِ أَيْ لَا طَلَاقَ وَاقِعَ وَلَا مَعْقُودَ، وَنَاظَرَ الْكِسَائِيُّ أَبَا يُوسُفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِمْ السَّيْلُ لَا يَسْبِقُ الْمَطَرَ انْتَهَى وَقَالَ الرَّافِعِيُّ احْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِمَا رُوِيَ عَنْ «عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ دَعَتْنِي أُمِّي إلَى قَرَابَةٍ لَهَا، فَزَوَّدُونِي فِي الْمَهْرِ فَقُلْت إنْ نَكَحْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَسَأَلْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَنْكِحْهَا فَإِنَّهُ لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ» . وَبِأَنَّهُ يَمِينٌ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ، فَيَلْغُو كَالتَّعْلِيقِ الْمُطْلَقِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ يَنْكِحُهَا ثُمَّ تَدْخُلُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ اتِّفَاقًا انْتَهَى.

قَوْلُهُ: (رَجْعِيَّةٌ) لَوْ قَالَ زَوْجَاتِي طَوَالِقُ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِنَّ.

قَوْلُهُ: (لَا مُخْتَلِعَةً) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ يَلْحَقُهَا صَرِيحُ الطَّلَاقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ: (إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>