للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ شَاءَ اللَّهُ، (وَيَمِينٌ) نَحْوُ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَن كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَنَذْرٌ) نَحْوُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمِائَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ، (وَكُلُّ تَصَرُّفٍ) غَيْرُ مَا ذَكَرَ كَبَيْعٍ وَغَيْرِهِ، (وَلَوْ قَالَ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا لِصُورَةِ النِّدَاءِ الْمُشْعِرِ بِحُصُولِ الطَّلَاقِ حَالَتَهُ وَالْحَاصِلُ لَا يُعَلَّقُ بِالْمَشِيئَةِ.

وَالثَّانِي لَا يَقَعُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَعْنَى بِالنِّدَاءِ إنْشَاءُ الطَّلَاقِ وَهُوَ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ، (أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (فَلَا) يَقَعُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَشِيئَةِ يُوجِبُ حَصْرَ الْوُقُوعِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ وَالثَّانِي يَقَعُ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ وَجَعَلَ الْمَخْلَصَ عَنْهُ الْمَشِيئَةَ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَلَا يَحْصُلُ الْخَلَاصُ.

فَصْلٌ: شَكَّ فِي طَلَاقٍ مُنْجَزٍ أَوْ مُعَلَّقٍ: أَيْ هَلْ وَقَعَ عَلَيْهِ أَوْ لَا (فَلَا) يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ (أَوْ فِي عَدَدٍ) كَأَنْ شَكَّ هَلْ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ أَوْ وَاحِدَةٌ (فَالْأَقَلُّ) يَأْخُذُ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، (وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ) فِيمَا ذَكَرَ بِأَنْ يُحْتَاطَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ رَاجَعَ لِيَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْحِلِّ أَوْ الْبَائِنِ بِدُونِ ثَلَاثٍ جَدَّدَ النِّكَاحَ أَوْ بِثَلَاثٍ أَمْسَكَ عَنْهَا، وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا وَإِنْ كَانَ

ــ

[حاشية قليوبي]

لِلْجَزْمِ الْمُعْتَبَرِ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (لَأَفْعَلَنَّ) هُوَ لِلْمُسْتَقْبِلِ وَيُمْنَعُ فِي الْمَاضِي أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي قَوْلِهِ فِي شَيْءٍ فَعَلَهُ، وَاَللَّهِ مَا فَعَلْته إنْ شَاءَ اللَّهُ. قَوْلُهُ: (لِصُورَةِ النِّدَاءِ) وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقُ لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ النِّدَاءِ وَغَيْرِهِ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ يَا طَالِقُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَقَعُ فِيهِمَا وَاحِدَةً بِالنِّدَاءِ، وَتَقْدِيمُ الْمَشِيئَةِ كَتَأْخِيرِهَا كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَا طَالِقُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَيَقَعُ فِيهِمَا وَاحِدَةً أَيْضًا وَالْعَطْفُ كَغَيْرِهِ أَيْضًا كَقَوْلِهِ هِنْدُ طَالِقٌ، وَزَيْنَبُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَرْجِعُ إلَيْهِمَا حَيْثُ قَصَدَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَالْحَاصِلُ لَا يُعَلَّقُ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي قَرِيبِ الْحُصُولِ، وَمُتَوَقَّعِهِ كَمَا يُقَالُ لِلْمَرِيضِ أَنْتَ صَحِيحٌ.

تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْفَصْلَ بِقَوْلِهِ يَا طَالِقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالْمُعَلَّقِ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ فَرَاجِعْهُ.

فَرْعٌ: لَوْ قَالَ قَصَدْت بِقَوْلِي يَا طَالِقُ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ الَّذِي قَبْلَهُ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَمْ يُقْبَلْ وَيَدِينُ.

فَصْلٌ: فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ لِأَنَّهُ إمَّا شَكٌّ فِي أَصْلِهِ، أَوْ فِي عَدَدِهِ أَوْ فِي مَحِلِّهِ أَوْ فِي صِيغَتِهِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ قَبْلَ تَنْجِيزٍ أَوْ تَعْلِيقٍ، وَهَذِهِ لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا وَقِيَاسُ مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ الْوُقُوعِ فِيمَا لَوْ شَكَّ، هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ أَوْ لَا أَنْ يَقَعَ هُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ.

قَوْلُهُ: (هَلْ وَقَعَ عَلَيْهِ) وَهُوَ فِي الْمُعَلَّقِ شَكَّ فِي وُجُودِ صِفَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَقَلُّ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ.

قَوْلُهُ: (الْوَرَعُ) هُوَ فِي الْأَصْلِ الْكَفُّ عَنْ الْحَرَامِ ثُمَّ اُسْتُعِيرَ هُنَا لِلْكَفِّ عَنْ الْحَلَالِ. قَوْلُهُ: (رَاجَعَ) احْتِيَاطًا وَيَعْتَدُّ بِهَذِهِ الرَّجْعَةِ لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا.

ــ

[حاشية عميرة]

أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَيَمِينٌ) يَدْخُلُ فِي عُمُومِ هَذَا نَحْوُ وَاَللَّهِ مَا فَعَلْته إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ فِيهِ بِأَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ الْفِعْلَ عَلَى الْمَشِيئَةِ بَلْ عَلَى الْقَسَمِ، وَاسْتَشْهَدَ بِأَنَّ مَنْ قَالَ فِي حَلِفِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَاَللَّهِ مَا غَصَبْته إنْ شَاءَ اللَّهُ يُجْعَلُ نَاكِلًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ ذَلِكَ، وَهُوَ يَعْنِي قَوْلَ الْبَارِزِيِّ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ، إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي قَوْلُهُ: (إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَمَّا لَوْ قَالَ إنْ شَاءَ زَيْدٌ ثُمَّ شَاءَ فَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَاضِي عَدَمَ اللُّزُومِ وَخَطَّأَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ مِثْلُ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا. وَلَهُ: (وَكُلُّ تَصَرُّفٍ) يَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا لَوْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ يَا طَالِقُ إلَخْ) فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ بِأَنَّ يَا كَذَا يَقْتَضِي حُصُولَ الْوَصْفِ حَالَةَ النِّدَاءِ، وَلَا يُقَالُ لِلْحَاصِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَنْتِ كَذَا قَدْ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْهُ، وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ مِنْ الْوُصُولِ وَاصِلٌ وَلِقَرِيبِ الشِّفَاءِ أَنْتَ صَحِيحٌ فَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَنْتَظِمُ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ) أَيْ فَالْعِلَّةُ هُنَاكَ هِيَ الْعِلَّةُ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَحْصُلُ الْخَلَاصُ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ، وَلَمْ تَعْلَمْ مَشِيئَتَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَيُفَرَّقُ بِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ إنَّ الْوَجْهَ الثَّانِيَ رَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَرَجَّحَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ.

فَرْعٌ: طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّك قُلْت عَقِبَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي إنْ كَانَ لَهُ حَالَةُ غَضَبٍ أُخِذَ بِقَوْلِهِمَا، وَإِلَّا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِمَا وَنَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، بِأَنَّ فِعْلَ الشَّخْصِ لَا يُرْجَعُ فِيهِ لِلْغَيْرِ كَالْمُصَلِّي وَالشَّاهِدِ.

[فَصْلٌ شَكَّ فِي طَلَاقٍ مُنْجَزٍ أَوْ مُعَلَّقٍ]

فَصْلٌ قَوْلُهُ: (شَكَّ فِي طَلَاقٍ) أَيْ بِاسْتِوَاءٍ أَوْ رُجْحَانٍ كَنَظِيرِهِ فِي الْحَدَثِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ) كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي النِّكَاحِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ إلَخْ) خِلَافًا لِمَالِكٍ حَيْثُ أَوْقَعَ الْأَكْثَرَ كَنَجَاسَةٍ فِي ثَوْبٍ جَهِلَ مَوْضِعَهَا، وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الثَّوْبِ كَيْ يُسْتَصْحَبُ الْعَدَمُ فِي غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ تَحَقُّقُهَا فِي طَرَفٍ مِنْ الثَّوْبِ مَعَ الشَّكِّ فِي إصَابَةِ غَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>