للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْثُ تَأَخَّرَ الْمُقَيَّدُ بِهِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ لِحُصُولِ الضَّرَرِ لِمَا فِي ذَلِكَ.

(وَلَفْظُهُ) أَيْ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيلَاءِ لِإِفَادَةِ مَعْنَى الْوَطْءِ (صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ فَمِنْ صَرِيحِهِ تَغْيِيبُ ذَكَرٍ بِفَرْجٍ، وَوَطْءٌ، وَجِمَاعٌ، وَافْتِضَاضُ بِكْرٍ) كَأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا أُغَيِّبُ ذَكَرِي بِفَرْجِكِ، أَوْ لَا أَطَؤُكِ، أَوْ لَا أُجَامِعُكِ، أَوْ لَا أَفْتَضُّكِ وَهِيَ بِكْرٌ لِاشْتِهَارِ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْوَطْءِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِالْوَطْءِ الْوَطْءَ بِالْقَدَمِ، وَبِالْجِمَاعِ الِاجْتِمَاعَ وَبِالِافْتِضَاضِ الِافْتِضَاضَ بِغَيْرِ الذَّكَرِ لَمْ يُقْبَلْ فِي الظَّاهِرِ وَيُدَيَّنُ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَكَذَا فِي الثَّالِثِ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي الْكِفَايَةِ فِي الثَّالِثِ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْأَصَحِّ وَتَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ كَتَغْيِيبِ الذَّكَرِ. (وَالْجَدِيدُ أَنَّ مُلَامَسَةً وَمُبَاضَعَةً وَمُبَاشَرَةً وَإِتْيَانًا وَغِشْيَانًا وَقُرْبَانًا وَنَحْوَهَا) كَالْمَسِّ وَالْإِفْضَاءِ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَمَسُّكِ، أَوْ لَا أُفْضِي إلَيْكِ (كِنَايَاتٌ) مُفْتَقِرَةٌ إلَى نِيَّةِ الْوَطْءِ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهَا فِيهِ وَالْقَدِيمُ أَنَّهَا صَرَائِحُ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِيهِ.

(وَلَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُكِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ) كَأَنْ مَاتَ أَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ بَاعَهُ، أَوْ وَهَبَهُ (زَالَ الْإِيلَاءُ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ فَلَوْ عَادَ إلَى مِلْكِهِ لَمْ يَعُدْ الْإِيلَاءُ وَفِيهِ قَوْلُ عَوْدِ الْحِنْثِ (وَلَوْ قَالَ:) إنْ وَطِئْتُكِ (فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي وَكَانَ ظَاهَرَ فَمُولٍ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ إلَخْ) لَوْ قَالَ لِانْتِفَاءِ ظَنِّ التَّأَخُّرِ الْمُقْتَضِي لِلْإِضْرَارِ لَوَافَقَ مَا قَبْلَهُ بَلْ هُوَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ.

تَنْبِيهٌ: إنَّمَا قُيِّدَتْ الْمُدَّةُ بِالْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهَا الْمُدَّةُ الَّتِي تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ الْجِمَاعِ فِيهَا، وَبَعْدَهَا يَفْنَى صَبْرُهَا أَوْ يَقِلُّ كَمَا نُقِلَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّهُ مَرَّ لَيْلَةً فِي شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ فَسَمِعَ امْرَأَةً تُنْشِدُ:

لَقَدْ طَالَ هَذَا اللَّيْلُ وَازْوَرَّ جَانِبُهُ ... وَأَرَّقَنِي أَنْ لَا خَلِيلَ أُلَاعِبُهْ

فَوَاَللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ تُخْشَى عَوَاقِبُهْ ... لَحَرَّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ

مَخَافَةُ رَبِّي وَالْحَيَاءُ يَصُدُّنِي ... مَخَافَةُ بَعْلِي أَنْ تُنَالَ مَرَاتِبُهْ

فَسَأَلَ عَنْهَا فَقَالُوا: إنَّ زَوْجَهَا فِي الْغُزَاةِ، فَرَجَعَ إلَى ابْنَتِهِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهَا: كَمْ تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ النِّكَاحِ فَقَالَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَبَعْدَهَا يَفْنَى صَبْرُهَا، أَوْ يَقِلُّ فَنَادَى حِينَئِذٍ أَنْ لَا تَزِيدَ غَزْوَةٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَفْظُهُ) وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ حَيْثُ عُرِفَ مَعْنَاهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِلَّا فَلَا وَكَاللَّفْظِ الْكِتَابَةُ، وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ.

قَوْلُهُ: (ذَكَرِي) وَأَرَادَ الْحَشَفَةَ، أَوْ أَطْلَقَ لِحَمْلِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهَا، فَإِنْ أَرَادَ جَمِيعَ الذَّكَرِ دُيِّنَ، فَإِنْ قَالَ: جَمِيعُ ذَكَرِي، أَوْ كُلُّ ذَكَرِي، فَلَا إيلَاءَ لِدَفْعِ ضَرَرِهَا بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (بِفَرْجِكِ) وَلَمْ يَقُلْ أَرَدْت الدُّبُرَ، وَإِلَّا دُيِّنَ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بَاطِنًا.

قَوْلُهُ: (لَا أُجَامِعُكِ) أَوْ لَا أُجَامِعُ فَرْجَكِ أَوْ نِصْفَكِ الْأَسْفَلَ، وَلَا إيلَاءَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْضَاءِ، أَوْ الْأَجْزَاءِ كَيَدِكِ وَرِجْلِكِ وَرُبُعِكِ وَنِصْفِكِ وَلَمْ يُرِدْ الْأَسْفَلَ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ بِكْرٌ) وَإِنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ وَعَلِمَ حَالَهَا، وَلَا تَحْصُلُ الْفَيْئَةُ إلَّا بِزَوَالِ بَكَارَتِهَا كَمَا يَأْتِي قَوْلُهُ: (وَكَذَا فِي الثَّالِثِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَعْنَى التَّدْيِينِ مَا مَرَّ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى مَا أَرَادَهُ، وَإِلَّا قُبِلَ ظَاهِرًا وَلَا تَدْيِينَ فِي النَّيْكِ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَالْحَاوِي قَوْلُهُ: (وَتَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ) فَلَوْ قَالَ: أَرَدْت حَشَفَةَ تَمْرٍ مَثَلًا لَمْ يُقْبَلْ وَيُدَيَّنُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُكِ إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ، فَإِنْ أَرَادَ مَا دُونَ الْحَشَفَةِ فَمُولٍ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَعَ هَذِهِ مَا لَا يَنْبَغِي الْقَوْلُ بِهِ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ) أَيْ كُلُّهُ وَانْظُرْ لَوْ زَالَ عَنْ بَعْضِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَقَاءُ الْإِيلَاءِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْمَوْتُ وَالْهِبَةُ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ وَنَحْوِهِمَا، وَلَا يَعُودُ الْإِيلَاءُ بِعَوْدِهِ لَهُ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ كَمَا ذَكَرَهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ بَيْعًا لَازِمًا، أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَلَا يَعُودُ الْإِيلَاءُ بِفَسْخِهِ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ فِيهِ. قَوْلُهُ (أَوْ وَهَبَهُ) أَيْ مَعَ قَبْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا تَمَلُّكَ إلَّا بِهِ.

ــ

[حاشية عميرة]

الْعِبَارَةُ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ حَالًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ التَّأَخُّرِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى مُضِيِّ مُدَّةٍ أُخْرَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

[اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيلَاءِ]

قَوْلُهُ: (تَغْيِيبُ ذَكَرٍ) صَوَّرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي بِأَنْ يَقُولَ: لَا أُغَيِّبُ ذَكَرِي وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِمْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَهُ تَأْوِيلَانِ الْأَوَّلُ أَنْ يُرَادَ لَا أُغَيِّبُ شَيْئًا مِنْهُ، وَالثَّانِي أَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِالذَّكَرِ عَنْ الْحَشَفَةِ، لِأَنَّهَا الْعُدَّةُ فِي تَرْتِيبِ الْأَحْكَامِ انْتَهَى.

قَوْلُهُ: (وَافْتِضَاضُ بِكْرٍ) لَوْ كَانَتْ غَوْرَاءَ وَعَلِمَ حَالَهَا قَبْلَ الْحَلِفِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُولِيًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْفَيْئَةُ فِي حَقِّ الْبِكْرِ تُخَالِفُ الْفَيْئَةَ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْوَطْءِ إلَخْ) اقْتَضَى صَنِيعُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَرَدْت بِالتَّغْيِيبِ تَغْيِيبَ جَمِيعِ الذَّكَرِ لَا يُدَيَّنُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُدَيَّنَ وَلَا يَكُونَ مُولِيًا فِي الْبَاطِنِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ بَيْعًا لَازِمًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بِخِلَافِهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَإِنْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ انْتَهَى وَلَك أَنْ تَقُولَ: إذَا زَالَ مِلْكُهُ لِكَوْنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ، ثُمَّ فُسِخَ فَكَيْفَ يَعْتِقُ وَقَدْ تَجَدَّدَ الْمِلْكُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>