للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ (كَعَيْنِهَا إنْ قَصَدَ ظِهَارًا وَإِنْ قَصَدَ كَرَامَةً فَلَا) يَكُونُ ظِهَارًا (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ) حَمْلًا عَلَى الْكَرَامَةِ، وَالثَّانِي يُحْمَلُ عَلَى الظِّهَارِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: رَأْسُكِ، أَوْ ظَهْرُكِ أَوْ يَدُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ظِهَارٌ فِي الْأَظْهَرِ) الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الظِّهَارِ الْمَعْهُودَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (وَالتَّشْبِيهُ بِالْجَدَّةِ) كَقَوْلِهِ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ جَدَّتِي (ظِهَارٌ) سَوَاءٌ أَرَادَ الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَمْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ.

(وَالْمَذْهَبُ طَرْدُهُ) أَيْ الْحُكْمِ بِالظِّهَارِ (فِي كُلِّ مَحْرَمٍ) يُشَبَّهُ بِهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ مُصَاهَرَةٍ (لَمْ يَطْرَأْ تَحْرِيمُهَا) عَلَى الْمُشَبَّهِ كَأُخْتِهِ وَبِنْتِهِ مِنْ النَّسَبِ وَمُرْضِعَةِ أَبِيهِ، أَوْ أُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ الَّتِي نَكَحَهَا قَبْلَ وِلَادَتِهِ (لَا مُرْضِعَةٍ وَزَوْجَةِ ابْنٍ) لَهُ لِطُرُوِّ تَحْرِيمِهِمَا عَلَيْهِ، وَكَذَا أُمُّ زَوْجَتِهِ وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ فِي مَحْرَمِ النَّسَبِ قَوْلٌ قَدِيمٌ إنَّ التَّشْبِيهَ بِهَا لَيْسَ بِظِهَارٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَتِهِ الْمَعْهُودَةِ، وَفِي مَحْرَمِ الرَّضَاعِ قَوْلٌ وَقِيلَ وَجْهٌ مُفَرَّعٌ مَعَ مُقَابِلِهِ عَلَى الْجَدِيدِ فِي مَحْرَمِ النَّسَبِ أَنَّ التَّشْبِيهَ بِهَا لَيْسَ بِظِهَارٍ، لِأَنَّ الرَّضَاعَ لَا يَقْوَى قُوَّةَ النَّسَبِ لِانْتِفَاءِ بَعْضِ أَحْكَامِ النَّسَبِ عَنْهُ كَالْوِلَايَةِ وَالْإِرْثِ وَالنَّفَقَةِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ، بِأَنَّهُ ظِهَارٌ، وَمَنْ طَرَأَ تَحْرِيمُهَا بِالرَّضَاعِ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِهَا لَيْسَ بِظِهَارٍ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ فِيهِ الْخِلَافَ وَمَحْرَمُ الْمُصَاهَرَةِ كَمَحْرَمِ الرَّضَاعِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِيهَا، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِهَا لَيْسَ بِظِهَارٍ أَصْلًا لِبُعْدِ الْمُصَاهَرَةِ عَنْ النَّسَبِ بِخِلَافِ الرَّضَاعِ لِتَأْثِيرِهِ فِي إنْبَاتِ اللَّحْمِ، وَلِذَلِكَ يَتَعَدَّى التَّحْرِيمُ فِيهَا إلَى الْأُمَّهَاتِ وَالْأَوْلَادِ وَلَا يَتَعَدَّى فِي الْمُصَاهَرَةِ مِنْ حَلِيلَةِ الْأَبِ وَالِابْنِ إلَى أُمَّهَاتِهِمَا وَأَوْلَادِهِمَا.

(وَلَوْ شَبَّهَ) زَوْجَتَهُ (بِأَجْنَبِيَّةٍ وَمُطَلَّقَةٍ وَأُخْتِ زَوْجَةٍ وَبِأَبٍ وَمُلَاعِنَةٍ فَلَغْوٌ) لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ لَا يُشْبِهْنَ الْأُمَّ فِي التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ، وَالْأَبُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الرِّجَالِ كَالِابْنِ وَالْغُلَامِ لَيْسَ مَحَلًّا لِلِاسْتِمْتَاعِ، وَالْمُلَاعِنَةُ لَيْسَ تَحْرِيمُهَا الْمُؤَبَّدُ لِلْمَحْرَمِيَّةِ وَالْوَصْلَةِ.

(وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ إنْ ظَاهَرْتُ مِنْ زَوْجَتِي الْأُخْرَى فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَظَاهَرَ) مِنْ الْأُخْرَى (صَارَ مُظَاهِرًا مِنْهُمَا) وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَدَخَلَتْهَا صَارَ مُظَاهِرًا مِنْهَا عَمَلًا بِمُوجَبِ التَّعْلِيقِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الطَّلَاقَ لِتَعَلُّقِ الْحُرْمَةِ بِهِ وَالْيَمِينَ لِتَعَلُّقِ الْكَفَّارَةِ بِهِ وَكُلٌّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ قَابِلٌ لِلتَّعْلِيقِ.

(وَلَوْ قَالَ: إنْ ظَاهَرْتُ مِنْ فُلَانَةَ) فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (وَفُلَانَةُ أَجْنَبِيَّةٌ فَخَاطَبَهَا بِظِهَارٍ لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ) لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ شَرْعًا (إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّفْظَ) أَيْ إنْ تَلَفَّظَ بِالظِّهَارِ مِنْهَا فَيَصِيرُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.

(فَلَوْ نَكَحَهَا وَظَاهَرَ مِنْهَا صَارَ مُظَاهِرًا) مِنْ زَوْجَتِهِ تِلْكَ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (وَلَوْ قَالَ:) إنْ ظَاهَرْت (مِنْ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ) فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (فَكَذَلِكَ) أَيْ إنْ خَاطَبَهَا بِالظِّهَارِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّفْظَ، أَوْ بَعْدَ

ــ

[حاشية قليوبي]

كَظَهْرِ أُمِّي كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (رَأْسُكِ) وَشَعْرُكِ وَظُفُرُكِ وَفَرْجُكِ وَسَائِرُ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ بِخِلَافِ الْبَاطِنَةِ فِي الْمُشَبَّهِ، وَالْمُشَبَّهِ بِهِ فَلَا ظِهَارَ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَالرَّأْسِ الْحَيَاةُ وَالرُّوحُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْكَرَامَةَ، وَخَرَجَ بِالْأَعْضَاءِ الْفَضَلَاتُ كَاللَّبَنِ وَالْمَنِيِّ فَلَا ظِهَارَ بِهِمَا مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (كُلِّ مَحْرَمٍ) وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ أَوْ فُقِدَتْ، أَوْ بَعُدَتْ، قَوْلُهُ: (قَبْلَ وِلَادَتِهِ) وَكَذَا مَعَهَا قَوْلُهُ: (لَا مُرْضِعَتِهِ) وَكَذَا بِنْتُهَا قَبْلَ إرْضَاعِهِ بِخِلَافِ الَّتِي مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ مُقَابِلِهِ) الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ.

قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ) تَفْرِيعًا عَلَى الْجَدِيدِ.

قَوْلُهُ: (بِأَجْنَبِيَّةٍ) وَكَذَا مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (وَأُخْتِ زَوْجَةٍ) وَكَذَا زَوْجَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ لِحُرْمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[تَعْلِيقُ الظِّهَارَ]

قَوْلُهُ: (فَظَاهَرَ) وَلَوْ مُتَرَاخِيًا قَوْلُهُ: (فَدَخَلَتْهَا) أَيْ عَامِدَةً عَالِمَةً مُخْتَارَةً وَلَوْ فِي حَالِ جُنُونِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ لَكِنْ لَا يَصِيرُ عَائِدًا حَتَّى يُمْسِكَهَا بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ الطَّلَاقُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَدْخُلِيهَا فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي حُكِمَ بِهِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ، وَحِينَئِذٍ لَا يُتَصَوَّرُ الْعَوْدُ.

قَوْلُهُ: (وَالْيَمِينَ) كَأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُكِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ.

قَوْلُهُ: (قَابِلٌ لِلتَّعْلِيقِ) وَكَذَا يَقْبَلُ التَّأْقِيتَ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، فَلَوْ قَالَ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَظِهَارٌ

ــ

[حاشية عميرة]

ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ الْآتِي وَقَوْلُهُ وَرَأْسُكِ، أَوْ ظَهْرُكِ، أَوْ يَدُكِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (كَعَيْنِهَا) مِثْلُهُ أَنْتِ كَرُوحِهَا كَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ، قَوْلُهُ: (إنْ قَصَدَ) أَيْ قَصَدَ أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، قَوْلُهُ: (رَأْسُكِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ التَّخْصِيصُ بِالْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الرَّوْنَقِ وَاللُّبَابِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ، قَوْلُهُ: (كَقَوْلِهِ أَنْتِ) أَيْ وَقِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (بِالْجَدَّةِ) وَيَكُونُ مُظَاهِرًا بِالنَّصِّ لَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ

قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَحْرَمَ النَّسَبِ فِيهِ قَوْلَانِ وَمَا عَدَاهُ فِيهِ طُرُقٌ، قَوْلُهُ: (مَعَ مُقَابِلِهِ) هَذَا الْمُقَابِلُ هُوَ الْمُرَادُ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ ظِهَارٌ فَالرَّاجِحُ فِيهِ إذًا طَرِيقُ الْقَوْلَيْنِ وَأَمَّا مَنْ طَرَأَ تَحْرِيمُهَا بِالرَّضَاعِ فَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ الْآتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَذْهَبِ فِيهَا طَرِيقُ الْقَطْعِ، وَأَمَّا مَحْرَمُ الْمُصَاهَرَةِ فَهِيَ كَمَحْرَمِ الرَّضَاعِ فِي هَذِهِ الْأَمْرِ الَّذِي نَبَّهْنَا عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَطْعُ مُفَرَّعًا عَلَى الْجَدِيدِ أَيْضًا، فَلَا يُقَالُ كَيْفَ قَطَعَ هُنَا وَجَرَى الْخِلَافُ هُنَا، فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الرَّضَاعِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ يَقْطَعُونَ بِتَأْثِيرِ التَّشْبِيهِ بِالرَّضَاعِ مُطْلَقًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْعَلُوهُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا يُنَافِيه

قَوْلُهُ: (وَظَاهَرَ) لَوْ قَالَ، ثُمَّ ظَاهَرَ كَانَ أَوْلَى قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَ نِكَاحِهَا صَارَ مُظَاهِرًا) يَشْهَدُ لِهَذَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>