للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَتَقَدَّمَ صِحَّتُهُ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ، وَسَيَأْتِي صِحَّتُهُ مِنْ الْبَائِنِ حَيْثُ كَانَ وَلَدٌ.

(وَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ وَطْءٍ فَقَذَفَ وَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ لَاعَنَ) لِبَقَاءِ النِّكَاحِ (وَلَوْ لَاعَنَ) حَالَ الرِّدَّةِ (ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ (صَحَّ) لِعَانُهُ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ (أَوْ أَصَرَّ) عَلَى الرِّدَّةِ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ، (صَادَفَ لِعَانُهُ بَيْنُونَةً) لِتَبَيُّنِ الْفُرْقَةِ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ فَهُوَ نَافِذٌ، وَإِلَّا تَبَيَّنَّا فَسَادَهُ، وَلَا يَنْدَفِعُ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى الْأَصَحِّ.

(وَيَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ فُرْقَةٌ) لِحَدِيثِ الْبَيْهَقِيّ «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» ، وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ الْفُرْقَةُ كَانَ الِاجْتِمَاعُ حَاصِلًا وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ كَالرَّضَاعِ لِحُصُولِهَا بِغَيْرِ لَفْظٍ وَتَحْصُلُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَادِقَةً لَا تَحْصُلُ بَاطِنًا (وَحُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ - وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ -) لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ (وَسُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ) أَيْ حَدِّ قَذْفِهَا، أَوْ تَعْزِيرِهِ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ (وَوُجُوبُ حَدِّ زِنَاهَا) وَسَيَأْتِي سُقُوطُهُ بِلِعَانِهَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ الْآيَاتُ السَّابِقَةُ، وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ مَسْأَلَتَانِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا فِيهِمَا حَدُّ الزِّنَى، وَالذِّمِّيَّةُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا يَجِبُ حَتَّى تَرْضَى بِحُكْمِنَا فَإِنْ رَضِيَتْ، وَلَمْ تُلَاعِنْ حُدَّتْ.

(وَانْتِفَاءُ نَسَبٍ نَفَاهُ بِلِعَانِهِ) أَيْ فِيهِ حَيْثُ كَانَ وَلَدٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ (وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى نَفْيِ مُمْكِنٍ مِنْهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ) كَوْنُهُ مِنْهُ (بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ) لِانْتِفَاءِ زَمَنِ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ (أَوْ) لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِزَمَانِ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ وَ (طَلَّقَ فِي مَجْلِسِهِ) أَيْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِانْتِفَاءِ إمْكَانِ الْوَطْءِ (أَوْ نَكَحَ وَهُوَ بِالْمَشْرِقِ وَهِيَ بِالْمَغْرِبِ) لِانْتِفَاءِ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (لَمْ يَلْحَقْهُ) لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ مِنْهُ (وَلَهُ نَفْيُهُ مَيِّتًا) لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ بَلْ يُقَالُ: هَذَا الْمَيِّتُ وَلَدُ فُلَانٍ (وَالنَّفْيُ عَلَى الْفَوْرِ فِي الْجَدِيدِ) كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِجَامِعِ الضَّرَرِ بِالْإِمْسَاكِ، وَالْقَدِيمُ لَا، لِأَنَّ أَمْرَ النَّسَبِ خَطِيرٌ قَدْ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى نَظَرٍ، وَتَأَمُّلٍ فَيُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ لَهُ النَّفْيُ مَتَى شَاءَ وَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِإِسْقَاطِهِ قَوْلَانِ (وَيُعْذَرُ) قَوْلُ الْفَوْرِ (لِعُذْرٍ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (مِنْ أَجْنَبِيٍّ) مِنْهُ السَّيِّدُ فِي وَلَدِ أَمَتِهِ فَنَفْيُهُ بِالِاسْتِبْرَاءِ، وَالْحَلِفِ وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ مِنْ النِّكَاحِ فَقَطْ فَلَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِهِ وَتَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ.

قَوْلُهُ: (حَالَ الرِّدَّةِ) كَلَامُهُ فِيمَنْ قَذَفَ حَالَةَ الرِّدَّةِ، وَالْحُكْمُ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ فَلَوْ قَذَفَهَا قَبْلَهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ، أَوْ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ الصُّورَةُ الَّتِي يَتَبَيَّنُ فِيهَا فَسَادُ اللِّعَانِ حَيْثُ لَا وَلَدَ وَأَصَرَّ، وَاسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ.

قَوْلُهُ: (بِلِعَانِهِ) وَلَوْ كَاذِبًا، أَوْ لَمْ تُلَاعِنْ هِيَ، أَوْ لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَجْتَمِعَانِ) قَالَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ حَتَّى فِي الْجَنَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَحُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ) وَلَوْ بِمِلْكٍ لَهَا بَعْدَهُ، أَوْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ) لَكِنْ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهَا وَكَذَا عَنْهُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَوَافَقَهُ الْخَطِيبُ.

قَوْلُهُ: (حَدِّ قَذْفِهَا) إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً أَوْ تَعْزِيرِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُحْصَنَةً، وَالِاعْتِبَارُ فِي ذَلِكَ بِحَالَةِ الْقَذْفِ لَا مَا بَعْدَهُ، أَوْ قَبْلَهُ وَكَذَا حَدُّ قَذْفِ الزَّانِي وَتَعْزِيرُهُ إذَا سَمَّاهُ فِي لِعَانِهِ، فَلَوْ عَمَّمَ الشَّارِحُ لَكَانَ أَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَعَادَ اللِّعَانَ لِأَجْلِهِ، وَلَوْ طَلَبَ الزَّانِي حَقَّهُ قَبْلَ طَلَبِهَا فَلَهُ اللِّعَانُ لِدَفْعِهِ، ثُمَّ إذَا طَلَبَتْ لَاعَنَ أَيْضًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَسْأَلَتَانِ) وَهُوَ مَا لَوْ قَذَفَهَا بِزِنًى مُطْلَقٍ، أَوْ مُضَافٍ لِمَا قَبْلَ نِكَاحِهِ بِنَاءً فِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَرْجُوحٍ.

قَوْلُهُ: (وَانْتِفَاءُ وَلَدٍ) وَتَسْقُطُ حَصَانَتُهَا إنْ لَمْ تُلَاعِنْ، وَكَذَا إنْ لَاعَنَتْ بِذَلِكَ الزِّنَى الَّذِي عَيَّنَهُ وَأَطْلَقَ وَلَا تَسْقُطُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَلَا فِي حَقِّهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ الزِّنَى وَلَا تَسْقُطُ حَصَانَةُ الزَّانِي مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (مُمْكِنٍ مِنْهُ) خَرَجَ الْمَمْسُوحُ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ وَلَدَتْهُ) وَهُوَ تَامٌّ، وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّجْعَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْعَقْدِ) الْأَوْلَى مِنْ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا وَلَا نَظَرَ لِنَحْوِ إرْسَالِ مَائِهِ إلَيْهَا، أَوْ وُصُولِهِ بِنَحْوِ وِلَايَةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالنَّفْيُ عَلَى الْفَوْرِ) بِأَنْ يَأْتِيَ إلَى الْقَاضِي وَيَقُولَ لَهُ إنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنِّي بِخِلَافِ اللِّعَانِ.

ــ

[حاشية عميرة]

الْحَدِّ. وَلَا لِعَانَ مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةِ مَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ، أَوْ أَمَتَهُ، أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ ثُمَّ قَذَفَهَا فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ لِنَفْيِ النَّسَبِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْحَدِّ أَيْ فِيمَا إذَا قَذَفَهَا حَالَ النِّكَاحِ، ثُمَّ أَبَانَهَا فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ، قَوْلُهُ: (حَيْثُ كَانَ وَلَدٌ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَذَفَهَا فِي حَالِ النِّكَاحِ، ثُمَّ أَبَانَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ

[ارْتَدَّ بَعْدَ وَطْءٍ فَقَذَفَ وَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ]

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا تَبَيَّنَّا فَسَادَهُ إلَخْ) هَذَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْقَذْفُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ كَمَا هُوَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فِي الْمِنْهَاجِ فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ النِّكَاحِ فَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا لَوْ قَذَفَ زَوْجَةً، ثُمَّ أَبَانَهَا

قَوْلُهُ: (فُرْقَةٌ) لَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ عُوَيْمِرٍ لَهَا ثَلَاثًا عَقِبَ اللِّعَانِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَا وَجَدَ فِي نَفْسِهِ الْعِلْمَ بِصِدْقِهِ، وَكَذِبِهَا وَجُرْأَتِهَا فَطَلَّقَهَا جَاهِلًا بِحُكْمِ اللِّعَانِ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ) أَيْ لَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ عَوْدَ النِّكَاحِ، وَلَا مَنْعَ التَّأْبِيدِ لِأَنَّهُمَا حَقٌّ لَهُ، وَقَدْ بَطَلَا بِاللِّعَانِ بِخِلَافِ الْحَدِّ، وَلُحُوقِ النَّسَبِ فَإِنَّهُمَا يَعُودَانِ، لِأَنَّهُمَا حَقٌّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا حَدُّهَا فَهَلْ يَسْقُطُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ لَمْ أَرَهُ لَكِنَّ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يُفْهِمُ السُّقُوطَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ، فَلَا تُحَدُّ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى اللِّعَانِ أَقُولُ وَفِي ذِكْرِ الْمَتْنِ: وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ هَذَا إشَارَةٌ إلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَسُقُوطُ الْحَدِّ) لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْله تَعَالَى {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: ٦] إلَى آخِرِهِ يُفِيدُ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَوُجُوبُ حَدِّ زِنَاهَا) أَيْ إذَا أَضَافَهُ لِحَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي

قَوْلُهُ: (أَيْ فِيهِ) أَرَادَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِهَذَا أَنَّ قَوْلَ الشَّخْصِ: وَإِنْ هَذَا الْوَلَدَ لَيْسَ مِنِّي مِنْ جُمْلَةِ اللِّعَانِ، قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ زَمَنِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلتَّعَذُّرِ وَكَذَا الْكَلَامُ فِي الِانْتِفَاءَيْنِ الْآتِيَيْنِ، قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمُدَّةِ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ بِالْمَشْرِقِ لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الَّذِي بِالْمَغْرِبِ وَالْعَكْسُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ سِتَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>