للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَقِيلَ يَكْفِي لِوُقُوعِهِ فِي الْمِلْكِ الْمُسْتَقَرِّ.

(وَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُسْتَبْرَأَةِ) قَبْلَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ (بِوَطْءٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَغَيْرِهِ) كَقُبْلَةٍ وَلَمْسٍ وَنَظَرٍ بِشَهْوَةٍ قِيَاسًا عَلَيْهِ (إلَّا مَسْبِيَّةً فَيَحِلُّ غَيْرُ وَطْءٍ وَقِيلَ لَا) يَحِلُّ فِيهَا أَيْضًا كَغَيْرِهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ فَارَقَ الْوَطْءُ غَيْرَهُ صِيَانَةً لِمَائِهِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ بِمَاءِ الْحَرْبِيِّ لَا لِحُرْمَةِ مَاءِ الْحَرْبِيِّ.

(وَإِذَا قَالَتْ) مَمْلُوكَةٌ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ، (حِضْت صُدِّقَتْ) فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا وَلَا تَحْلِفُ فَإِنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ لَمْ يَقْدِرْ السَّيِّدُ عَلَى الْحَلِفِ (وَلَوْ مَنَعَتْ السَّيِّدَ فَقَالَ) لَهَا، (أَخْبَرْتنِي بِتَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ صُدِّقَ) فِي تَمَامِهِ عَلَيْهَا حَتَّى يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ الْغُسْلِ، لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مُفَوَّضٌ إلَى أَمَانَتِهِ وَلِهَذَا لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِخِلَافِ مَنْ وُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، وَهَلْ لَهَا تَحْلِيفُهُ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ، نَعَمْ قَالَ وَعَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّمَكُّنِ إذَا تَحَقَّقَتْ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنْ زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنْ أَبَحْنَاهَا لَهُ فِي الظَّاهِرِ، (وَلَا تَصِيرُ أَمَةٌ فِرَاشًا إلَّا بِوَطْءٍ) وَيُعْلَمُ الْوَطْءُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ وَالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، (فَإِذَا وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ وَطْئِهِ لَحِقَهُ) وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ وَهَذَا فَائِدَةُ كَوْنِهَا فِرَاشًا بِالْوَطْءِ وَقَبْلَهُ لَا فِرَاشَ فِيهَا، وَإِنْ خَلَا بِهَا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ بِهَا حَتَّى إذَا وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا لَحِقَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْوَطْءِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الِاسْتِمْتَاعُ وَالْوَلَدُ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالْإِمْكَانِ مِنْ الْخَلْوَةِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ وَقَدْ يُقْصَدُ بِهِ التِّجَارَةُ وَالِاسْتِخْدَامُ فَلَا يُكْتَفَى فِيهِ إلَّا بِالْإِمْكَانِ مِنْ الْوَطْءِ.

(وَلَوْ أَقَرَّ بِوَطْءٍ وَنَفَى الْوَلَدَ وَادَّعَى اسْتِبْرَاءً) بَعْدَ الْوَطْءِ بِحَيْضَةٍ وَأَتَى الْوَلَدُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، (لَمْ يَلْحَقْهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ وَفِي قَوْلٍ يَلْحَقُهُ تَخْرِيجًا مِنْ نَصِّهِ فِيمَا إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ فِرَاشِ التَّسَرِّي بِدَلِيلِ ثُبُوتِ النَّسَبِ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِهِ فِي التَّسَرِّي إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ وَقَدْ عَارَضَ الْوَطْءُ هُنَا الِاسْتِبْرَاءَ، فَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ اللُّحُوقُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ مِنْ نَصِّ الْأُمِّ قَوْلًا بِعَدَمِ اللُّحُوقِ.

(فَإِنْ أَنْكَرَتْ الِاسْتِبْرَاءَ حَلَفَ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ) ، وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلِاسْتِبْرَاءِ (وَقِيلَ يَجِبُ تَعَرُّضُهُ لِلِاسْتِبْرَاءِ) أَيْضًا، وَقِيلَ يَكْفِي الْحَلِفُ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ

ــ

[حاشية قليوبي]

الرَّهْنِ أَوْ الْحَجْرِ

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُسْتَبْرَأَةِ) خَرَجَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَهُ لَا مَعَهُ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ أَكَابِرِ الْفُضَلَاءِ، وَمِنْ الِاسْتِمْتَاعِ النَّظَرُ وَسَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (بِوَطْءٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الِاسْتِبْرَاءَ وَإِنْ حُرِّمَ، نَعَمْ إنْ حَلَبَتْ مِنْهُ قَبْلَ تَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِوَضْعِهِ قَوْلُهُ: (قِيَاسًا عَلَيْهِ) فِيهِ نَظَرٌ مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَةَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا قِيَاسَ حِينَئِذٍ، وَلَا إجْمَاعَ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (إلَّا مَسْبِيَّةً فَيَحِلُّ غَيْرُ وَطْءٍ) وَكَذَا الْمُشْتَرَاةُ مِنْ حَرْبِيٍّ قَوْلُهُ: (صِيَانَةً لِمَائِهِ) أَيْ أَصَالَةً فَلَا يَرِدُ الْبِكْرُ وَمَا نُقِلَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ حُرْمَةِ التَّمَتُّعِ فِيهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ كَغَيْرِهَا. أُجِيبَ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ فِي قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَأَيْضًا قَدْ صَحَّ الْحَدِيثُ الدَّالُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى جَوَازِهِ، وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ الْحَدِيثُ إذَا صَحَّ كَمَا ذَكَرَهُ، بِقَوْلِهِ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي.

قَوْلُهُ: (صُدِّقَتْ) وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إنْ كَذَّبَهَا وَتُصَدَّقُ هِيَ أَيْضًا فِي عَكْسِ هَذِهِ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهَا حَاضَتْ، وَأَنْكَرَتْ، قَوْلُهُ: (صُدِّقَ) كَمَا يُصَدَّقُ فِيمَا لَوْ وَرِثَ أَمَةً وَادَّعَتْ إنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ بِوَطْءِ مُوَرِّثِهِ، وَأَنْكَرَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ قَوْلُهُ: (لَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا) وَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً جِدًّا وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالزِّنَا وَعَدَمِ الْمَسْكَةِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَوْلُهُ صُدِّقَ بِالْيَمِينِ قَوْلُهُ: (إلَّا بِوَطْءٍ) أَيْ فِي الْقُبُلِ وَمِثْلُهُ إدْخَالُ الْمَنِيِّ فَلَا لُحُوقَ بِالدُّبُرِ فِيهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (أَوْ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَطْءِ وَقِيلَ رَاجِعٌ لِلْإِقْرَارِ وَالْأَوَّلُ صَرِيحُ كَلَامِ الْمَنْهَجِ

قَوْلُهُ: (وَنَفَى الْوَلَدَ) قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ، وَكَذَا الِاسْتِبْرَاءُ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَصْوِيرٌ وَأَحَدُهُمَا كَافٍ فِي النَّفْيِ، قَوْلُهُ: (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) خَرَجَ دُونَهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَيَلْحَقُهُ وَيَلْغُو الِاسْتِبْرَاءُ.

قَوْلُهُ: (الْمَنْصُوصِ) فَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالنَّصِّ قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ إلَخْ) فَصَارَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَانِ بِالنَّصِّ وَالتَّخْرِيجِ

ــ

[حاشية عميرة]

الْوَطْءَ فَاسْتَبْرَأَهَا بِشَهْرٍ ثُمَّ أَطَاقَتْ بَعْدَ ذَلِكَ

قَوْلُهُ: (لَا يَسْتَعْقِبُ حِلَّ الِاسْتِمْتَاعِ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لَوْ عُرِضَ فِي دَوَامِ الْمِلْكِ وَزَالَ أَوْجَبَ الِاسْتِبْرَاءَ فَكَيْفَ إذَا اقْتَرَنَ وَدَامَ

[الِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُسْتَبْرَأَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ]

قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ أُمُّ وَلَدٍ لِبَائِعِهَا أَوْ حَامِلٌ بِحُرٍّ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، وَلِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الْوَطْءِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْحَرْبِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الرِّقَّ وَلَا حُرْمَةَ لِمَائِهِ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ الْوَطْءِ) قَضِيَّةُ هَذَا الْإِطْلَاقِ الْحِلُّ فِيمَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَقَدْ تَرَدَّدَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ وَإِيرَادُ الْبَنْدَنِيجِيِّ الْحِلَّ.

قَوْلُهُ: (صِيَانَةً لِمَائِهِ) هَذَا لَا يَأْتِي فِي الْبِكْرِ مَعَ أَنَّ حُكْمَهَا كَغَيْرِهَا

قَوْلُهُ: (وَنَفَى الْوَلَدَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْ النَّفْيِ وَالِاسْتِلْحَاقِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ.

قَوْلُهُ: (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) خَرَجَ مَا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِهَا فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ وَلَا يَصِحُّ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا.

قَوْلُهُ: (الْمَنْصُوصِ وَفِي قَوْلٍ يَلْحَقُهُ تَخْرِيجًا إلَخْ) . بِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ يَقُولُ عَلَى النَّصِّ قَوْلُهُ: (وَقَدْ عَارَضَ الْوَطْءُ) أَيْ فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ الْمُعَارِضَةِ سِوَى مُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>