للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَقِيلَ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ وَإِذَا حَلَفَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَهَلْ يَقُولُ اسْتَبْرَأْتهَا قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وِلَادَتِهَا هَذَا الْوَلَدَ، أَوْ يَقُولُ وَلَدَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِي فِيهِ وَجْهَانِ.

(وَلَوْ ادَّعَتْ اسْتِيلَادًا فَأَنْكَرَ أَصْلِ الْوَطْءِ وَهُنَاكَ وَلَدٌ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ الْوَطْءِ، وَالثَّانِي يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ لَثَبَتَ النَّسَبُ، فَإِذَا أَنْكَرَ حَلَفَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ لَا يَحْلِفُ قَطْعًا (وَلَوْ قَالَ وَطِئْت وَعَزَلْت لَحِقَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ إلَى الرَّحِمِ وَهُوَ لَا يَحُسُّ بِهِ وَالثَّانِي لَا يَلْحَقُهُ كَدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ.

كِتَابُ الرَّضَاعِ تَقَدَّمَ الْحُرْمَةُ كَالنَّسَبِ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ وَحُكْمُ عُرُوضِهِ بَعْدَ النِّكَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي.

(إنَّمَا يَثْبُتُ بِلَبَنِ امْرَأَةٍ حَيَّةٍ بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ) فَلَا يَثْبُتُ بِلَبَنِ رَجُلٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ وَلَا بِلَبَنِ خُنْثَى مَا لَمْ تَظْهَرْ أُنُوثَتُهُ وَلَا بِلَبَنِ بَهِيمَةٍ حَتَّى إذَا شَرِبَ مِنْهُ صَغِيرَانِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى لَمْ يَثْبُتْ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةٌ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الطِّفْلِ صَلَاحِيَّةَ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ، وَلَا بِلَبَنِ مَيِّتَةٍ كَأَنْ ارْتَضَعَ مِنْهَا طِفْلٌ أَوْ حُلِبَ وَأَوْجَرَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُثَّةٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ، كَالْبَهِيمَةِ وَلَا بِلَبَنِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْوِلَادَةَ وَاللَّبَنُ الْمُحَرِّمُ فَرْعُهَا بِخِلَافِ مَنْ بَلَغَتْهَا لِوُصُولِهَا لِسِنِّ الْحَيْضِ وَسَوَاءٌ فِيهَا الْبِكْرُ وَالْخَلِيَّةُ وَغَيْرُهُمَا.

(وَلَوْ حَلَبَتْ) لَبَنَهَا وَمَاتَتْ (فَأَوْجَرَ بَعْدَ مَوْتِهَا حَرَّمَ) بِالتَّشْدِيدِ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْفِصَالِهِ مِنْهَا وَهُوَ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ وَالثَّانِي لَا يُحَرِّمُ لِبُعْدِ إثْبَاتِ الْأُمُومَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، (وَلَوْ جُبِّنَ أَوْ نُزِعَ مِنْهُ زُبْدٌ) وَأُطْعِمَ الطِّفْلُ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَالْمُعْتَمَدُ النَّصُّ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (حَلَفَ) فَإِنْ نَكَلَ تَوَقَّفَ لُحُوقُ الْوَلَدِ عَلَى يَمِينِهَا عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، فَإِنْ نَكَلَتْ أَيْضًا رَجَعَ إلَى يَمِينِ الْوَلَدِ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ لُحُوقُ الْوَلَدِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ الِاكْتِفَاءُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُرَادُ إثْبَاتَ النَّسَبِ فَإِنْ أُرِيدَ نَفْيُ الِاسْتِيلَادِ حَلَفَ قَطْعًا.

كِتَابُ الرَّضَاعِ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا، وَيَجُوزُ إلْحَاقُهُ تَاءَ تَأْنِيثٍ فَيُقَالُ الرَّضَاعَةُ. وَيَجُوزُ إبْدَالُ ضَادِهِ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ أَيْضًا، وَهُوَ لُغَةً اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ، وَشَرْعًا حُصُولُ لَبَنِ امْرَأَةٍ أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ فِي مَعِدَةِ طِفْلٍ أَوْ دِمَاغِهِ فَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: رَضِيعٌ وَلَبَنٌ وَمُرْضِعٌ، وَلَهُ شُرُوطٌ تَأْتِي قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ أَخَصُّ مِنْ الشَّرْعِيِّ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ فِيهِمَا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (تَقَدَّمَ الْحُرْمَةُ بِهِ) وَالْمَحْرَمِيَّةُ الْمُفِيدَةُ لِجَوَازِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَعَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِاللَّمْسِ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ غَيْرُهُمَا، فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَلَا نَفَقَةَ بِهِ وَلَا عِتْقَ بِمِلْكِهِ وَلَا لِعَانَ لِنَفْيِهِ وَلَا سُقُوطَ قَوَدٍ وَلَا رَدَّ شَهَادَةٍ، قَوْلُهُ: (امْرَأَةٍ) اسْمٌ خَاصٌّ بِالْآدَمِيَّةِ كَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا لَفْظُ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَعَامٌّ فِي الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَغَيْرِهِمَا وَحُكْمُ الْجِنِّيَّةِ هُنَا كَالْآدَمِيَّةِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ نِكَاحِهِمْ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَأَتْبَاعِهِ حَيْثُ عُلِمَتْ أُنُوثَتُهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَدْيُهَا أَوْ فَرْجُهَا فِي مَحَلِّهِ الْمَعْهُودِ أَوْ لَمْ تَكُنْ هِيَ عَلَى الصُّورَةِ الْمَعْهُودَةِ لِلْآدَمِيِّ وَخَالَفَهُ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ فِي الْجِنِّ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (حَيَّةٍ) أَيْ حَالَ انْفِصَالِ اللَّبَنِ مِنْهَا بِشُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَإِنْ وَصَلَتْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ، فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَنْ مَرَضٍ فَإِنْ كَانَ عَنْ جِرَاحَةٍ لَمْ يَحْرُمْ كَالْمَيِّتَةِ فَإِنْ شُفِيَتْ حُرِّمَ، قَوْلُهُ: (بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ) قَمَرِيَّةً تَقْرِيبِيَّةً كَمَا فِي الْحَيْضِ، قَوْلُهُ: (وَلَا بِلَبَنِ خُنْثَى مَا لَمْ تَظْهَرْ أُنُوثَتُهُ) وَلَوْ بَعْدَ الْإِرْضَاعِ بِاتِّضَاحِهِ بِهَا نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُ كَالرَّجُلِ نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِمَا، قَوْلُهُ: (مَيِّتَةٍ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَيُكْرَهُ عِنْدَنَا كَرَاهَةً شَدِيدَةً، قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَلَبَتْ لَبَنَهَا) أَيْ مِنْ مَحَلِّهِ الْمَعْهُودِ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هُنَا مَا فِي الْمَنِيِّ فِي الْغُسْلِ وَرَجَّحَهُ الْعَبَّادِيُّ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ صُورَةِ الثَّدْيِ الْمَعْهُودِ وَمِنْ مَحَلٍّ يُمْكِنُ فِيهِ خُرُوجُ اللَّبَنِ مِنْهُ أُعْطِيَ حُكْمَهُ، وَإِلَّا فَلَا فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ، قَوْلُهُ: (وَهُوَ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ) رُبَّمَا يُفِيدُ هَذَا أَنَّ لَبَنَ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (حَلَفَ) قَالَ الْقَاضِي إنَّمَا سَمِعْنَا يَمِينَهُ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي تَارِيخِ الْوَطْءِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْوَطْءِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَيْ كَمَا فِي نَفْيِ وَلَدِ الْحُرَّةِ، وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ حَيْثُ إنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ مُنْطَبِقَةً عَلَى دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقُ النَّفْيِ قَالَ، وَلِذَا قَالُوا إذَا أَجَابَ بِنَفْيِ الْمُدَّعِي لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى مَا أَجَابَ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَخْلُفَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَوَابُهُ، وَفَارَقَ الْوَلَدُ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّ نَفْيَهُ لَمْ يَعْتَمِدْ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ فِيهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّعَرُّضَ فِي نَفْيِهِ إلَى ذِكْرِهِ

قَوْلُهُ: (وَهُنَاكَ وَلَدٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فَلَا يَحْلِفُ بِلَا خِلَافٍ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَلْ يَحْلِفُ بِلَا خِلَافٍ إذَا عُرِضَتْ عَلَى الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ دَعْوَاهَا تَنْصَرِفُ إلَى حُرِّيَّتِهَا دُونَ وَلَدِهَا، قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْلِفْ) وَجَّهَهُ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَى الْوَلَدِ حَتَّى تَنُوبَ عَنْهُ فِي الدَّعْوَى وَلَمْ يَثْبُتْ سَبَبٌ يَقْتَضِي نَسَبًا فَلَا مَعْنَى لِلتَّحْلِيفِ.

[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

قَوْلُهُ: (بِلَبَنِ امْرَأَةٍ) لَوْ انْفَتِحْ لَهَا مَوْضِعٌ مِنْ غَيْرِ الثَّدْيِ وَنَزَلَ مِنْهُ لَبَنٌ قَالَ بَعْضُهُمْ اتَّجَهَ قِيَاسُهُ بِالْآلَةِ الْمُنْفَتِحَةِ فِي نَقْصِ الْخَارِجِ مِنْهَا وَعَدَمِهِ، قَوْلُهُ: (وَأُطْعِمَ الطِّفْلُ) أَيْ ذَلِكَ الْجُبْنَ وَالزُّبْدَ أَوْ الْجُبْنَ وَاللَّبَنَ الْمَنْزُوعَ مِنْهُ الزُّبْدُ فَإِنَّ الْعِبَارَةَ صَادِقَةٌ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>