للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(حَرَّمَ) بِالتَّشْدِيدِ لِحُصُولِ التَّغَذِّي بِهِ، (وَلَوْ خُلِطَ بِمَائِعٍ حُرِّمَ إنْ غَلَبَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ عَلَى الْمَائِعِ، (فَإِنْ غُلِبَ) بِضَمِّ الْغَيْنِ بِأَنْ زَالَتْ أَوْصَافُهُ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ وَالرِّيحُ، (وَشَرِبَ الْكُلَّ قِيلَ أَوْ الْبَعْضَ حَرُمَ فِي الْأَظْهَرِ) لِوُصُولِ اللَّبَنِ إلَى الْجَوْفِ وَالثَّانِي لَا يُحَرِّمُ لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ الْمُسْتَهْلَكَ كَالْمَعْدُومِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ شُرْبَ الْبَعْضِ لَا يُحَرِّمُ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ وُصُولِ اللَّبَنِ مِنْهُ إلَى الْجَوْفِ.

فَإِنْ تَحَقَّقَ كَأَنْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ حَرَّمَ جَزْمًا عَلَى الْأَظْهَرِ

، (وَيُحَرِّمُ) بِالتَّشْدِيدِ (إيجَارٌ) وَهُوَ صَبُّ اللَّبَنِ فِي الْحَلْقِ لِيَصِلَ إلَى الْجَوْفِ لِحُصُولِ التَّغَذِّي بِذَلِكَ. (وَكَذَا إسْعَاطٌ) وَهُوَ صَبُّ اللَّبَنِ فِي الْأَنْفِ لِيَصِلَ إلَى الدِّمَاغِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الدِّمَاغَ جَوْفٌ لِلتَّغَذِّي كَالْمَعِدَةِ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُحَرِّمُ لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي بِهِ (لَا حُقْنَةٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي بِهَا لِأَنَّهَا لِإِسْهَالِ مَا انْعَقَدَ فِي الْأَمْعَاءِ وَالثَّانِي تُحَرِّمُ كَمَا يَحْصُلُ بِهَا الْفِطْرُ

(وَشَرْطُهُ رَضِيعٌ حَيٌّ) يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الرَّضِيعُ حَيًّا فَلَا أَثَرَ لِوُصُولِ اللَّبَنِ إلَى مَعِدَةِ الْمَيِّتِ لِخُرُوجِهِ عَنْ التَّغَذِّي، (لَمْ يَبْلُغْ سَنَتَيْنِ) فَإِنْ بَلَغَهُمَا لَمْ يُحَرِّمْ ارْتِضَاعُهُ لِحَدِيثِ الْإِرْضَاعِ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَتَعْتَبِرُ السَّنَتَانِ بِالْأَهِلَّةِ فَإِنْ انْكَسَرَ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ كَمُلَ بِالْعَدَدِ مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ وَابْتِدَاؤُهُمَا مِنْ وَقْتِ انْفِصَالِ الْوَلَدِ بِتَمَامِهِ، (وَخَمْسُ رَضَعَاتٍ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ» .

(وَضَبْطُهُنَّ بِالْعُرْفِ فَلَوْ قَطَعَ إعْرَاضًا تَعَدَّدَ أَوْ لِلَّهْوِ وَعَادَ فِي الْحَالِ أَوْ تَحَوَّلَ مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ فَلَا) تَعَدُّدَ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْمَيِّتَةِ نَجِسٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ مِنْ لَا حَيْثُ الطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ، قَوْلُهُ: (وَأُطْعِمَ) أَيْ الْجُبْنَ أَوْ الْمَنْزُوعَ زَبَدُهُ وَهُوَ الْمَخِيضُ، وَكَذَا الزَّبَدُ لِبَقَاءِ اللَّبَنِ فِيهِ وَالْقِشْدَةِ بِالْأَوْلَى بِخِلَافِ السَّمْنِ الْخَالِي عَنْ اللَّبَنِ، وَالْمَصْلُ كَذَلِكَ فَافْهَمْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ خُلِطَ) أَيْ اللَّبَنُ الْمَحْلُوبُ فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ ظَاهِرٌ لَا مَحِيصَ عَنْهُ، وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى فَهْمِ خِلَافِهِ وَشُرْبُهُ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ صِحَّةِ نِسْبَةِ التَّحْرِيمِ إلَيْهِ الْمَعْلُومِ مِمَّا يَأْتِي وَحَمْلِهِ عَلَى الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ مَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ هُنَا مِنْ الْإِشْكَالِ مِنْ بَابِ التَّحْرِيفِ وَالِاسْتِشْكَالِ وَمَا قِيلَ إنَّ كَلَامَ ابْنِ حَجَرٍ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ أَوْ لِبَعْضِهِ مَرْدُودٌ بِالْفَهْمِ السَّلِيمِ فَرَاجِعْ. وَافْهَمْ وَحَرِّرْ وَيَكْفِي فِي كُلِّ مَرَّةٍ قَدْرَ مَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ انْفِصَالًا وَوُصُولًا قَوْلُهُ: (بِمَائِعٍ) شَمَلَ لَبَنَ امْرَأَةٍ أُخْرَى وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَيَحْصُلُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا مَعًا وَالْجَامِدُ كَالْمَائِعِ، قَوْلُهُ: (حُرِّمَ إنْ غَلَبَ) اللَّبَنُ بِأَنْ بَقِيَ وَصْفٌ مِنْ أَوْصَافِهِ الْآتِيَةِ فَإِنْ زَالَتْ أَوْصَافُهُ كُلُّهَا حِسًّا أَوْ تَقْدِيرًا فَبِالْأَشَدِّ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَشُرْبُ الْكُلِّ إلَخْ) أَيْ إنْ شَرِبَهُ فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا الْبَعْضُ عَلَى الْمَرْجُوحِ قَوْلُهُ: (أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ) بِمَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ

قَوْلُهُ: (فِي الْحَلْقِ) قَيْدٌ لِتَسْمِيَتِهِ إيجَارًا وَإِلَّا فَيَكْفِي وُصُولُهُ يَقِينًا إلَى الْجَوْفِ مِنْ مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ وَلَوْ مِنْ جَائِفَةٍ مَثَلًا، وَهَذَا يَشْمَلُ وُصُولَهُ مِنْ ثُقْبَةٍ فِي الْبَطْنِ أَوْ الرَّأْسِ قَائِمَةٍ مَقَامَ فَرْجٍ مُنْسَدٍّ أَوْ غَيْرِ قَائِمَةٍ مَقَامَهُ، فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ رَاجِعْهُ لِأَنَّ وُصُولَهُ مِنْ الْفَرْجِ لَا يَحْرُمُ وَلَوْ قُبُلًا قَوْلُهُ: (لِيَصِلَ إلَى الْجَوْفِ) فَإِنْ عَادَ بِالْقَيْءِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ لَمْ يَحْرُمْ، قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ التَّغَذِّي) أَيْ بِحَسَبِ الشَّأْنِ، وَالْغَالِبُ فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ قَلِيلًا، قَوْلُهُ: (فِي الْأَنْفِ) خَرَجَ بِهِ الْأُذُنُ وَالْعَيْنُ وَالْمَسَامُّ نَعَمْ إنْ وَصَلَ مِنْ الْأُذُنِ إلَى مَحَلٍّ يَفْطُرُ بِهِ الصَّائِمُ حُرِّمَ، قَوْلُهُ: (لَا حُقْنَةٌ) وَلَوْ مِنْ الْقُبُلِ وَيُمْكِنُ جَرَيَانُ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ قَوْلُهُ: (كَمَا يَحْصُلُ بِهِ الْفِطْرُ) وَفِي تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ بِالتَّغَذِّي الْمُعْتَبَرِ هُنَا الْجَوَابُ عَنْ هَذَا.

تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَعِدَةَ وَالدِّمَاغَ هُمَا الْمُرَادُ بِالْجَوْفِ وَأَنَّهُ يَحْصُلُ التَّغَذِّي بِالْوَاصِلِ إلَيْهِمَا فَاعْلَمْ ذَلِكَ.

[شَرْط الرَّضَاع]

قَوْلُهُ: (يَعْنِي إلَخْ) تَأْوِيلٌ لِفَسَادِ الْحَمْلِ إذْ الرَّضِيعُ رُكْنٌ كَمَا مَرَّ، وَالشَّرْطُ حَيَاتُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْمَيِّتِ) وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ فِي حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَبْلُغْ) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ فَيَحْرُمُ الْمُقَارِنُ لِتَمَامِهَا وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُهُ مَنْسُوخٌ أَوْ خُصُوصِيَّةٌ، وَيُعْتَبَرُ الْحَوْلَانِ بِالْأَهِلَّةِ وَيُتَمِّمُ الْأَوَّلَ إنْ انْكَسَرَ مِمَّا بَعْدَهُمَا مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ.

قَوْلُهُ: (بِتَمَامِهِ) أَيْ الْوَلِيدِ أَيْ انْفِصَالِ جَمِيعِهِ كَمَا مَرَّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَخَمْسُ رَضَعَاتٍ) وَحِكْمَتُهُنَّ أَنَّ الْحَوَاسَّ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْإِدْرَاكِ خَمْسٌ وَالرَّضَعَاتُ جَمْعُ رَضْعَةٍ فَاعْتُبِرَ فِيهَا التَّفَرُّقُ، وَاكْتَفَى أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ، قَوْلُهُ: (فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ) وَتَمَامُ الْحَدِيثِ «فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ» . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. وَضَمِيرُ وَهُنَّ عَائِدٌ إلَى الْخَمْسِ بِمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ لِتَأَخُّرِهِ أَوْ قُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ يَقْرَأُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يَحْرُمْنَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ النَّسْخُ رَجَعَ عَنْ تِلَاوَتِهَا، وَهَذَا لَا يُوَافِقُ جَوَابَهُ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ يُتْلَى حُكْمُهُنَّ وَفِيهَا نَظَرٌ إذْ الْخَمْسُ لَيْسَ فِيهَا تِلَاوَتُهَا مُطْلَقًا،

ــ

[حاشية عميرة]

التَّغَذِّي بِهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ هُوَ أَبْلَغُ فِي حُصُولِ التَّغَذِّي مِنْ مَائِعِ اللَّبَنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَنْظُرْ إلَى اسْمِ اللَّبَنِ وَاعْتَبَرَ اسْمَ الرَّضَاعِ، وَإِنَّمَا عَوَّلَ حُصُولَ عَيْنِ اللَّبَنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ فِي الْجَوْفِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ الْمُسْتَهْلَكَ كَالْمَعْدُومِ) أَيْ كَمَا فِي الْخَمْرِ إذَا اُسْتُهْلِكَتْ فِي مَاءٍ لِأَحَدٍ فِيهَا، وَكَذَا النَّجَاسَةُ الْمُسْتَهْلَكَةُ لَا أَثَرَ لَهَا وَكَذَا الطِّيبُ الْمُسْتَهْلَكُ فِي طَعَامٍ لَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَحَقَّقَ إلَخْ) أَيْ فَتَكُونُ هَذِهِ الْحَالَةُ كَمَا لَوْ شَرِبَ الْكُلَّ

قَوْلُهُ: (يَعْنِي أَنْ يَكُونَ) تَصْحِيحٌ لِلْعِبَارَةِ وَدَفْعٌ لِمَا يُقَالُ الرَّضِيعُ رُكْنٌ لَا شَرْطٌ، قَوْلُهُ: (رَضَعَاتٍ) لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّفَرُّقِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ جَمْعُ الرَّضْعَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>