للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) وَتَجِبُ عَلَى الثَّانِي لَهَا عَلَى الْوَاطِئِ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَهُ، (قُلْت لَا نَفَقَةَ لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ لِأَنَّهَا بَانَتْ، وَالْحَمْلُ الْقَرِيبُ يَسْقُطُ نَفَقَتُهُ بِالْمَوْتِ

(وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ مُقَدَّرَةٌ كَزَمَنِ النِّكَاحِ وَقِيلَ تَجِبُ الْكِفَايَةُ) فَيُزَادُ وَيُنْقَصُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالرَّاجِحُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِالْأَوَّلِ، (وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ ظُهُورِ حَمْلٍ) سَوَاءٌ جُعِلَتْ لَهَا أَمْ لَهُ، (فَإِذَا ظَهَرَ وَجَبَ) دَفْعُهَا (يَوْمًا بِيَوْمٍ وَقِيلَ) إنَّمَا يَجِبُ دَفْعُهَا (حِينَ تَضَعُ) فَتُدْفَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْرَفُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَالثَّانِي عَلَى مُقَابِلِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا حِكَايَةُ خِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَيْنِ

(وَلَا تَسْقُطُ) نَفَقَةُ الْعِدَّةِ (بِمُضِيِّ الزَّمَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ فِي الْحَامِلِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا أَوْ لِلْحَمْلِ إنْ قُلْنَا بِالثَّانِي سَقَطَتْ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.

فَصْلٌ (أَعْسَرَ بِهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ كَأَنْ تَلِفَ مَالُهُ أَوْ غُصِبَ. (فَإِنْ صَبَرَتْ) بِهَا بِأَنْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا أَوْ مِمَّا اقْتَرَضَتْهُ، (صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ عَلَى الْأَظْهَرِ) كَمَا تَفْسَخُ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الصَّبْرَ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ أَسْهَلُ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى النَّفَقَةِ، وَالثَّانِي لَا فَسْخَ لَهَا لِأَنَّ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَالْخَادِمُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (لِحَامِلٍ) بَائِنٍ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ فِيهَا بِفَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ بِمُقَارَنٍ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.

قَوْلُهُ: (لَهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلِذَلِكَ تَلْزَمُ الْمُعْسِرَ وَتَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ كَامْتِنَاعِهَا مِنْ مَسْكَنٍ لَائِقٍ بِهَا، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَلَا بِمَوْتِهِ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ لِلْحَمْلِ) فَعَلَيْهِ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ بِحَمْلٍ نَفَاهُ فَلَوْ اسْتَلْحَقَهُ وَلَوْ بَعْدَ الرَّضَاعِ رَجَعَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهَا بَعْدَهُ بِأُجْرَةِ الْإِرْضَاعِ، وَبِمَا أَنْفَقَتْهُ إلَى وَقْتِ الِاسْتِلْحَاقِ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ لِظَنِّهِ مُعْسِرًا فَبَانَ مُوسِرًا.

قَوْلُهُ: (لِحَامِلٍ عَنْ شُبْهَةٍ) أَيْ لَا تَجِبُ عَلَى الْوَاطِئِ وَلَا عَلَى الزَّوْجِ مُدَّةَ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ لَوْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً. قَوْلُهُ: (لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) وَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهَا كَرَجْعِيَّةٍ بِخِلَافِ بَائِنٍ حَامِلٍ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَلَا تَسْقُطُ لِأَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ فَلَيْسَتْ مُعْتَدَّةَ وَفَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ

قَوْلُهُ: (وَالرَّاجِحُ إلَخْ) . هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (ظَهَرَ) أَيْ بِاعْتِرَافِ الزَّوْجِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ. قَوْلُهُ: (يَوْمًا بِيَوْمٍ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الظُّهُورِ، وَيَجِبُ دَفْعُ مَا قَبْلَهُ مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ دَفْعَةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (يُعْرَفُ) أَيْ يُعْطَى حُكْمُ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ الرَّاجِحُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ.

فَرْعٌ: لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ الْحَامِلَ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا حَتَّى يَضَعَ، أَوْ أَعْتَقَ مَمْلُوكَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَهَا.

فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ. قَوْلُهُ: (أَعْسَرَ) أَيْ الزَّوْجُ وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا. نَعَمْ إنْ كَانَ لِلزَّوْجِ ضَامِنٌ بِالْإِذْنِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا فَسْخَ أَوْ ضَمِنَهَا أَبٌ عَنْ مَحْجُورِهِ، وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا فَسْخَ أَيْضًا وَيَثْبُتُ إعْسَارُ الصَّغِيرِ بِالْبَيِّنَةِ كَغَيْرِهِ وَإِعْسَارُ غَيْرِهِ بِهَا إنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا كَفَى الْيَمِينُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِالنَّفَقَةِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَوْ بِمَا يَتْبَعُهَا كَأُجْرَةِ الطَّحْنِ وَغَيْرِهِ لَا بِنَحْوِ ظُرُوفٍ، وَلَا بِالْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الْخَادِمِ وَتَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ عِنْدَ وُجُودِهِ لَا مَعَ عَدَمِهِ، وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا فَسْخَ بِالْعَجْزِ عَنْ الْخَادِمِ مِنْ أَصْلِهِ. قَوْلُهُ: (صَارَتْ دَيْنًا) إنْ لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا مِنْهُ زَمَنَ الْإِعْسَارِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَهَا) وَلَوْ رَجْعِيَّةً. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا فَسْخَ لَهَا بِمَنْعِ مُوسِرٍ) وَلَا مُتَوَسِّطَ سَوَاءٌ حَضَرَ أَوْ غَابَ، وَإِنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ بِأَنْ تَوَاصَلَتْ الْقَوَافِلُ إلَى الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُظَنُّ وُصُولُهُ إلَيْهَا، وَلَمْ تُخْبِرْ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْعُمُرَ الْغَالِبَ سَوَاءٌ غَابَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا أَوْ جُهِلَ حَالُهُ، وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنْ غَابَ مُعْسِرًا وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ، وَمَا نُقِلَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَرْدُودٌ. نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ الْآنَ اعْتِمَادًا عَلَى إعْسَارِهِ السَّابِقِ عَلَى غَيْبَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُصَرِّحَ بِذَلِكَ قُبِلَتْ، وَلَهَا

ــ

[حاشية عميرة]

تُزَادُ بِلَا خِلَافٍ

قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا النَّفَقَةُ لَهَا أَمْ لِلْحَمْلِ لِأَنَّهَا الَّتِي تَنْتَفِعُ بِهَا وَتَسْقُطُ بِبَرَاءَتِهَا فَلَمْ تَجْرِ مَجْرَى نَفَقَةِ الْقَرِيبِ.

[فَصْلٌ أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِهَا أَيْ بِالنَّفَقَةِ كَأَنْ تَلِفَ مَالُهُ أَوْ غُصِبَ]

فَصْلٌ أَعْسَرَ بِهَا

قَوْلُهُ: (صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ زَمَنَ الْإِعْسَارِ، قَوْلُهُ: (فَلَهَا الْفَسْخُ) أَيْ وَلَوْ رَجْعِيَّةً قَوْلُهُ: (كَمَا تَفْسَخُ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ) اسْتَدَلَّ أَيْضًا بِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ «فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا» وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ يَأْمُرُهُمْ بِأَخْذِ النَّفَقَةِ إنْ وَجَدُوهَا وَالطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَجِدُوهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ خَالَفَهُ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُعْسِرَ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَا يَفْسَخُ بِنُشُوزِهَا فَلَا تَفْسَخُ بِعَجْزِهِ.

قَوْلُهُ: (لَا فَسْخَ لَهَا بِمَنْعِ مُوسِرٍ) لَكِنْ قَالُوا: لَهَا مَتَاعٌ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَلْ تَثْبُتُ نَفَقَتُهَا مَعَ الِامْتِنَاعِ فِي ذِمَّتِهِ قِيَاسُ مَا قَالُوا فِي الْمُعْسِرِ عَدَمُ الثُّبُوتِ، وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ قِيَاسُ قَوْلِهِمْ بِالِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ الْمَنْعِ لِأَجْلِ عَدَمِ إقْبَاضِ الْمَهْرِ الِاسْتِحْقَاقَ هُنَا مَعَ الِامْتِنَاعِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>