للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالسِّرَايَةِ، وَخَرَجَ فِيهِ الْقِصَاصُ مِنْ ذَهَابِ الضَّوْءِ بِهَا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الضَّوْءَ وَنَحْوَهُ مِنْ الْمَعَانِي لَا يُبَاشَرُ بِالْجِنَايَةِ بِخِلَافِ الْأُصْبُعِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَجْسَامِ فَيَقْصِدُهُ بِمَحَلِّ الضَّوْءِ مَثَلًا نَفْسَهُ وَلَا يَقْصِدُ بِالْأُصْبُعِ مَثَلًا غَيْرَهَا.

بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْجَمِيعِ (لَا تُقْطَعُ يَسَارٌ بِيَمِينٍ) مِنْ يَدَيْنِ أَوْ رِجْلَيْنِ مَثَلًا (وَلَا شَفَةٌ سُفْلَى بِعُلْيَا وَعَكْسُهُ) أَيْ يَمِينٌ بِيَسَارٍ وَشَفَةٌ عُلْيَا بِسُفْلَى (وَلَا أُنْمُلَةٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ فِي الْأَفْصَحِ (بِأُخْرَى) وَلَا أُصْبُعٌ بِأُخْرَى (وَلَا زَائِدٌ بِزَائِدٍ فِي مَحَلٍّ آخَرَ) كَزَائِدٍ بِجَنْبِ الْخِنْصَرِ وَزَائِدٍ بِجَنْبِ الْإِبْهَامِ لِانْتِفَاءِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْجَمِيعِ فِي الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ فِي الْقِصَاصِ (وَلَا يَضُرُّ) فِيهِ حَيْثُ اتَّحَدَ الْجِنْسُ (تَفَاوُتُ كِبَرٍ) وَصِغَرٍ (وَطُولٍ) وَقِصَرٍ (وَقُوَّةُ بَطْشٍ) وَضَعْفُهُ (فِي) عُضْوٍ (أَصْلِيٍّ وَكَذَا زَائِدٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِيمَا ذُكِرَ لَا تَكَادُ تَتَّفِقُ.

وَالثَّانِي فِي الزَّائِدِ قَالَ إنْ كَانَ أَكْبَرُهُ فِي الْجَانِي لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ اقْتَصَّ مِنْهُ وَأَخَذَ حُكُومَةَ قَدْرِ النُّقْصَانِ

(وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمُوضِحَةِ) فِي قِصَاصِهَا (طُولًا وَعَرْضًا) فَيُقَاسُ مِثْلُهُ مِنْ رَأْسِ الشَّاجِّ، وَيَخُطُّ عَلَيْهِ بِسَوَادٍ أَوْ حُمْرَةٍ وَيُوَضِّحُ بِالْمُوسَى (وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتُ غِلَظِ لَحْمٍ وَجِلْدٍ) فِي قِصَاصِهَا

(وَلَوْ أَوْضَحَ كُلَّ رَأْسِهِ، وَرَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرُ اسْتَوْعَبْنَاهُ) إيضَاحًا (وَلَا نُتَمِّمُهُ مِنْ الْوَجْهِ وَالْقَفَا بَلْ نَأْخُذُ قِسْطَ الْبَاقِي مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِهَا) ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرَ الثُّلُثِ فَالْمَأْخُوذُ ثُلُثُ أَرْشِهَا (وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ أَخَذَ) مِنْهُ (قَدْرَ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ فَقَطْ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ فِي مَوْضِعِهِ إلَى الْجَانِي)

ــ

[حاشية قليوبي]

[بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ]

ِ، وَالْقِصَاصُ مِنْ قَصَّ بِمَعْنَى قَطَعَ وَاقْتَصَّ بِمَعْنَى تَبِعَ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْقَوَدِ كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِالْكَيْفِيَّةِ مَا يَعُمُّ الْمُمَاثَلَةَ وَالِاسْتِيفَاءَ، وَقَدَّمَ الْمُسْتَوْفِيَ هُنَا لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ مَعَ قَصْرِ لَفْظِهِ وَأَخَّرَهُ فِيمَا يَأْتِي لِأَنَّهُ مَعَ الِاخْتِلَافِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَهُ مَعَ طُولِ الْكَلَامِ وَوُقُوعِهِ بَعْدَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَالْعَفْوِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَسُكُوتِهِ عَنْهُ هُنَا لَيْسَ مَعِيبًا قَوْلُهُ: (لَا تُقْطَعُ) الْأَوْلَى لَا تُؤْخَذُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ لِيَشْمَلَ الْمَعَانِيَ، وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَا الْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَتَجِبُ فِي الثَّانِي دِيَتُهُ، وَكَذَا الْأَوَّلُ وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ فِيهِ لِأَنَّ الرِّضَا بِغَيْرِهِ يَتَضَمَّنُ الْعَفْوَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (بِيَمِينٍ) وَإِنْ فُقِدَتْ يَمِينُ الْجَانِي بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَكَذَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي وَدَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَانِبَا الرَّأْسِ فَلَا يُؤْخَذُ الْجَانِبُ الْأَيْمَنُ عَنْ الْأَيْسَرِ وَلَا عَكْسُهُ وَكَذَا مُقَدَّمُهُ وَمُؤَخَّرُهُ، وَظَهْرُ عُضْوٍ وَبَاطِنُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَالْقَاعِدَةُ الْمَنْعُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الِاسْمِ أَوْ الْمَحَلِّ قَوْلُهُ: (وَلَا زَائِدٌ إلَخْ) وَلَا أَصْلِيٌّ بِزَائِدٍ، وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ وَلَا حَادِثٌ بَعْدَ الْجِنَايَةِ بِمَا قَبْلَهَا وَلَا زَائِدٌ بِزَائِدٍ أَوْ أَصْلِيٌّ دُونَهُ، كَأَنْ يَكُونَ لِزَائِدَةِ الْجَانِي ثَلَاثَةُ مَفَاصِلَ وَلِزَائِدَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ أَصْلِيَّتِهِ مَفْصِلَانِ وَلَا يَدَ مُسْتَوِيَةُ الْأَصَابِعِ، وَالْكَفُّ بِيَدٍ أَقْصَرَ مِنْ أُخْتهَا وَلَوْ خِلْقَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ: (فِي مَحَلٍّ آخَرَ) فَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّهِ أُخِذَ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ دُونَهُ كَمَا مَرَّ وَيُؤْخَذُ زَائِدٌ بِأَصْلِيٍّ لَيْسَ دُونَهُ إنْ اتَّحَدَا مَحَلًّا كَأَنْ تَقَعَ أُصْبُعُهُ وَيَنْبُتَ لَهُ غَيْرُهَا فِي مَحَلِّهَا ثُمَّ يَقْطَعُ نَظِيرَتَهَا الْأَصْلِيَّةَ مِنْ غَيْرِهِ وَصَوَّرَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنْ يُخْلَقَ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ ثُمَّ يَنْبُتَ لَهُ أُصْبُعٌ فِي مَحَلِّ الْمَفْتُوحَةِ ثُمَّ يَجْنِيَ عَلَى نَظِيرَتِهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هَذِهِ أَصْلِيَّةٌ تَأَخَّرَ وُجُودُهَا فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (وَطُولٍ وَقِصَرٍ) أَيْ فِي الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَيْثُ سَاوَتْ كُلُّ يَدٍ أُخْتَهَا كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ وَتَجِبُ دِيَةٌ نَاقِصَةٌ حُكُومَةٌ إنْ كَانَ الْقَصْرُ بِجِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ وَإِلَّا فِدْيَةٌ كَامِلَةٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الضَّعْفِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ

قَوْلُهُ: (بِالْمُوسَى) أَيْ لَا بِسَيْفٍ وَحَجَرٍ وَإِنْ أَوْضَحَ بِهِمَا لِاحْتِمَالِ الْحَيْفِ قَالَ الْخَطِيبُ فَإِنْ أَمِنَ الْحَيْفَ جَازَ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْمِسَاحَةُ هُنَا لِأَنَّهُ فِي وَصْفٍ لِلْعُضْوِ وَإِنْ لَزِمَ اسْتِيعَابُ عُضْوٍ بِبَعْضٍ آخَرَ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْجُزْئِيَّةِ فِي الْأَعْضَاءِ، وَالْجَوَابُ بِغَيْرِ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ إنْ لَمْ يُؤَوَّلْ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتٌ إلَخْ) وَكَذَا لَا يَضُرُّ وُجُودُ شَعْرٍ وَعَدَمُهُ وَيَجِبُ إزَالَةُ شَعْرٍ يُخْشَى مَعَ بَقَائِهِ حَيْفٌ عِنْدَ الْإِيضَاحِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ مَنْبَتُ رَأْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَاسِدًا امْتَنَعَ الْقَوَدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ

قَوْلُهُ: (وَلَا نُتَمِّمُهُ مِنْ الْوَجْهِ وَالْقَفَا) وَكَذَا عَكْسُهُ فَلَا نُتَمِّمُ الْجَبْهَةَ مِنْ الرَّأْسِ قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ مِنْ الْقَصِّ وَهُوَ الْقَطْعُ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَلَمَّا كَانَ الْقِصَاصُ تَارَةً يُسْتَوْفَى وَتَارَةً يُعْفَى عَنْهُ بَدَأَ الْآنَ بِكَيْفِيَّةِ اسْتِيفَائِهِ ثُمَّ يَذْكُرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَصْلًا لِحُكْمِ الْعَفْوِ عَنْهُ، قَوْلُهُ: (وَمُسْتَوْفِيهِ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى كَيْفِيَّةٍ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الِاخْتِلَافِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ فَصْلَ الِاخْتِلَافِ الْآتِي سَابِقٌ عَلَى فَصْلِ الْمُسْتَوْفِي، قَوْلُهُ: (لَا تُقْطَعُ يَسَارٌ بِيَمِينٍ إلَخْ) . هَذِهِ الْأُمُورُ فِي الْأَطْرَافِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَاءَةِ فِي النُّفُوسِ وَلَوْ قَالَ لَا تُؤْخَذُ لِيَشْمَلَ فَقْءَ الْعَيْنِ وَنَحْوَهُ كَانَ أَوْلَى قَوْلُهُ: (وَلَا زَائِدٌ بِزَائِدٍ) كَالْأَصْلِيِّ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ إلَخْ) . أَيْ وَلَا طَلَاقَ آيَةُ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} [المائدة: ٤٥] الْآيَةَ، وَلِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ إبْطَالَ مَقْصُودِ الْقِصَاصِ وَلِذَا قُتِلَ وَقُطِعَ الْعَالِمُ بِالْجَاهِلِ وَالصَّانِعُ بِالْأَخْرَقِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) . عَلَّلَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّائِدِ اسْمٌ مَخْصُوصٌ يُوجِبُ النَّظَرَ إلَى الْقَدْرِ وَمَرَّ إعَادَةُ الصُّورَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا نُتَمِّمُهُ مِنْ الْوَجْهِ وَالْقَفَا) أَيْ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمَا قَوْلُهُ: (لَوْ وُزِّعَ) أَيْ الْأَرْشُ

<<  <  ج: ص:  >  >>