للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى) فِي الدِّيَةِ (كَنِصْفِ) دِيَةِ (رَجُلٍ نَفْسًا وَجُرْحًا) بِضَمِّ الْجِيمِ.

رَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ: «دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ» وَأَلْحَقَ بِنَفْسِهَا جُرْحَهَا وَبِهَا الْخُنْثَى نَفْسًا وَجُرْحًا؛ لِأَنَّ زِيَادَتَهُ عَلَيْهَا مَشْكُوكٌ فِيهَا.

(وَ) دِيَةُ (يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ ثُلُثُ) دِيَةِ (مُسْلِمٍ) أَخْذًا عَنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَرَضَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ» . رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ وَقَالَ بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (وَ) دِيَةُ (مَجُوسِيٍّ ثُلُثُ عُشْرِ) دِيَةِ (مُسْلِمٍ) كَمَا قَالَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِخُمُسِ دِيَةِ الذِّمِّيِّ وَهُوَ مَنْ لَهُ كِتَابٌ وَدِينٌ كَانَ حَقًّا وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَمُنَاكَحَتُهُ، وَيُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إلَّا الْخَامِسُ، فَكَانَتْ دِيَتُهُ خُمُسَ دِيَتِهِ (وَكَذَا وَثَنِيٌّ) أَيْ عَابِدُ وَثَنٍ بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ صَنَمٍ (لَهُ أَمَانٌ) بِأَنْ دَخَلَ لَنَا رَسُولًا فَقُتِلَ وَمِثْلُهُ عَابِدُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَيْ دِيَتُهُ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ، وَالْمَرْأَةُ فِي الْأَرْبَعَةِ عَلَى النِّصْفِ مِمَّا ذُكِرَ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْإِسْلَامُ) وَقُتِلَ (إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ فَدِيَةُ دِينِهِ) دِيَتُهُ، وَقِيلَ دِيَةُ مُسْلِمٍ لِعُذْرِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ بُدِّلَ (فَكَمَجُوسِيٍّ) دِيَتُهُ، وَقِيلَ دِيَةُ ذَلِكَ الدِّينِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

كَانَ أَعْلَى، وَإِلَّا رَجَعَ إلَى الْقِيمَةِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْجَدِيدِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَدِيمِ فَيُؤْخَذُ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّقْدِ الْمَذْكُورِ وَهَلْ الْقِسْطُ بِاعْتِبَارِ عَدَدِ الْمِائَةِ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ وَالْمَعْدُومِ لَوْ جُمِعَتْ، أَوْ بِاعْتِبَارِ نَقْصِ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ عَنْ الْأَلْفِ حَتَّى لَوْ سَاوَاهُ، فَلَا شَيْءَ رَاجِعْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ) أَيْ الْأُنْثَى وَهِيَ مُبْتَدَأٌ وَالظَّرْفُ بَعْدَهَا الْخَبَرُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَالْخُنْثَى عَطْفٌ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (نَفْسًا وَجُرْحًا) وَطَرَفًا وَمَعْنًى. نَعَمْ فِي حَلَمَةِ الْخُنْثَى وَمَذَاكِيرِهِ وَشَفْرَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دِيَةِ امْرَأَةٍ وَحُكُومَةِ كُلٍّ مِنْهَا

قَوْلُهُ: (وَدِيَةُ يَهُودِيٍّ إلَخْ) أَيْ لَهُ كِتَابٌ وَدِينٌ يُقِرُّ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ وَيَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَمَانٌ، وَأَنْ تَحِلَّ مُنَاكَحَتُهُ وَإِلَّا هَدَرٌ فِي الْأَوَّلِ وَوَجَبَ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ فِي الثَّانِي وَيُقَاسُ بِالدِّيَةِ غَيْرُهَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِي الثَّانِي نَظَرٌ لِأَنَّ الدِّيَةَ مُعْتَبَرَةٌ بِأَغْلَظِ الْأَصْلِ كَمَا يَأْتِي، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَفْظَ يَهُودِيٍّ وَمَا بَعْدَهُ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى الْمَرْأَةِ وَأَخْرَجَهُ الشَّارِحُ عَنْ إعْرَابِهِ بِتَقْدِيرِ لَفْظِ دِيَةٍ قَبْلَهُ، وَهُوَ مَعِيبٌ وَقِيلَ عُذْرُهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِمَا بَعْدَهُ، وَأَوْجَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي نَحْوِ الْيَهُودِيِّ نِصْفَ دِيَةِ مُسْلِمٍ، وَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهِ دِيَةَ مُسْلِمٍ كَامِلَةً، وَأَوْجَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ دِيَةَ الْمُسْلِمِ فِي الْعَمْدِ وَنِصْفَهَا فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ.

قَوْلُهُ: (ثُلُثُ عُشْرِ) الْأَخْصَرُ ثُلُثُ خُمُسِ مُسْلِمٍ قَالَ الْخَطِيبُ لِعَدَمِ تَكْرَارِ الثُّلُثِ وَتَصْوِيبِ الْحِسَابِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الذِّمِّيُّ قَوْلُهُ: (أَيْ صَنَمٌ) وَقِيلَ الْوَثَنُ مَا يَكُونُ مِنْ نَحْوِ نُحَاسٍ وَالصَّنَمُ مَا يَكُونُ مِنْ حَجَرٍ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَالْكَوَاكِبُ لَا تُسَمَّى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ اتَّحَدَ حُكْمُ الدِّيَةِ فِي الْجَمِيعِ.

قَوْلُهُ: (لَهُ أَمَانٌ) لَمَّا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ رُجُوعَهُ لِلْوَثَنِيِّ وَحْدَهُ، قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى كَمَا مَرَّ فِي الْمُسْلِمِ. قَوْلُهُ: (إنْ تَمَسَّكَ) أَيْ يَقِينًا فَإِنْ شَكَّ هَلْ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَوْ لَا فَهَدَرٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (بِدَيْنٍ لَمْ يُبَدَّلْ) أَيْ عِنْدَ أَهْلِهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِهِ بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ نَاسِخٌ لَهُ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ دِيَةِ مُسْلِمٍ) فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ دِيَةُ ذَلِكَ الدَّيْنِ) وَفِيهِ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالْأَوَّلِ، وَلَعَلَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالْمَذْهَبِ لِأَجْلِهَا وَجَمَعَ الْأُولَى مَعَهَا تَغْلِيبًا، وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى ذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: يَجْرِي فِي هَذِهِ الدِّيَاتِ التَّغْلِيظُ فِي الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ وَفِي الْخَطَأِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَفِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ لَا فِي الْحُرُمِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، فَفِي قَتْلِ كِتَابِيٍّ مَثَلًا عَمْدًا أَوْ ذَا رَحِمٍ أَوْ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْحِقَّاتِ وَالْجَذَعَاتِ عَشْرٌ، وَمِنْ الْخَلَفَاتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلِفَةً وَثُلُثُ خَلِفَةٍ، وَفِي قَتْلِ نَحْوِ مَجُوسِيٍّ كَذَلِكَ جَذَعَتَانِ وَحِقَّتَانِ وَخَلِفَتَانِ وَثُلُثَا خَلِفَةٍ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُتَوَلِّدِ أَكْثَرُ أُصُولِهِ دِيَةً أَبًا كَانَ أَوْ أُمًّا سَوَاءٌ حَلَّتْ مُنَاكَحَتُهُ أَوْ لَا كَمَا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ نَظَرًا لِلْمَنْعِ ابْتِدَاءً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ مُغَلِّظَاتِ الدِّيَةِ شَرَعَ فِي مُنْقِصَاتِهَا فَمِنْهَا الْأُنُوثَةُ ثُمَّ الْكُفْرُ إلَى آخِرِ مَا قَرَّرَهُ، قَوْلُهُ (نَفْسًا) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ قَوْلُهُ: (وَجُرْحًا) أَيْ بِالْقِيَاسِ

[دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ]

قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةُ آلَافٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَاعْتُبِرَ الثُّلُثُ فِي الدَّرَاهِمِ فَقِسْنَا عَلَيْهِ الْإِبِلَ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى إيجَابِ دِيَةِ مُسْلِمٍ وَمَالِكٌ إلَى إيجَابِ النِّصْفِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الثُّلُثَ فَأَخَذَ بِهِ الشَّافِعِيُّ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ دَلِيلَ إيجَابِ الْإِبِلِ فِيهِ الْإِجْمَاعُ، قَوْلُهُ: (أَيْضًا أَرْبَعَةُ آلَافٍ) وَأَمَّا إيجَابُ الْإِبِلِ فِيهِ فَدَلِيلُهُ الْإِجْمَاعُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِمَّا قِيلَ، قَوْلُهُ: (وَيُعَبِّرُ عَنْ ذَلِكَ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى الْقِيَاسِ الَّذِي ثَبَتَ بِهِ الْحُكْمُ الْمُعْتَضَدُ بِقَوْلِ الصَّحَابَةِ، قَوْلُهُ: (أَيْ عَابِدُ وَثَنٍ) .

تَنْبِيهٌ: الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مُخْتَلِفِي الدِّيَةِ يُلْحَقُ بِأَغْلَظِهِمَا قِيلَ وَيَشْكُلُ بِالْخُنْثَى حَيْثُ أُلْحِقَ بِالْمَرْأَةِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَلَا يُقَالُ وَثَنٌ إلَّا لِمَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ صَخْرَةٍ كَالنُّحَاسِ وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (لَهُ أَمَانٌ) ظَاهِرُهُ عَوْدُهُ إلَى الْوَثَنِيِّ فَقَطْ، وَيَنْبَغِي عَوْدُهُ إلَى الْكُلِّ، قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَكَمَجُوسِيٍّ) اعْلَمْ أَنَّ عُمُومَ هَذَا الْكَلَامِ كَمَا يَشْمَلُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ يَشْمَلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَصْلًا وَفِيهِ طَرِيقَانِ إحْدَاهُمَا قَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا وُجُوبُ الْأَخَسِّ وَالثَّانِي دِيَةُ مُسْلِمٍ وَالثَّانِيَةُ الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمَذْهَبِ صَحِيحٌ بِالنَّظَرِ لِهَذَا فَيَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي غَيْرِهِ أَوْجَهُ وَيَقِي مِنْ الْمُنَقِّصَاتِ الرِّقُّ وَالِاجْتِنَانُ وَسَيَأْتِيَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>