للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَفِي زَوَالِهِ بِالْإِيضَاحِ يَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي دِيَتِهِ وَفِي زَوَالِهِ بِقَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ تَدْخُلُ دِيَتُهُ فِي دِيَتِهِمَا.

(وَلَوْ ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (زَوَالَهُ) أَيْ الْعَقْلِ بِالْجِنَايَةِ وَأَنْكَرَ الْجَانِي (فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ قَوْلُهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَفِعْلُهُ فِي خَلَوَاتِهِ) بِأَنْ رُوقِبَ فِيهَا (فَلَهُ دِيَةٌ بِلَا يَمِينٍ) لِأَنَّ يَمِينَهُ تُثْبِتُ جُنُونَهُ وَالْمَجْنُونُ لَا يَحْلِفُ، وَإِنْ انْتَظَمَ قَوْلُهُ وَفِعْلُهُ فِي خَلَوَاتِهِ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ صُدُورِ الْمُنْتَظِمِ اتِّفَاقًا أَوْ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ، وَفِي قَوْلِهِ ادَّعَى الْمَعْدُولُ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَنْكَرَ الْجَانِي تَصْرِيحٌ بِالدَّعْوَى الْأَصْلُ لِلْإِنْكَارِ وَفُهِمَ مِنْ السِّيَاقِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَاسْتَشْكَلَ سَمَاعَ دَعْوَاهُ الْمُتَضَمِّنَةِ لِزَوَالِ عَقْلِهِ وَأُوِّلَ بِأَنَّ الْمُرَادَ ادَّعَى وَلِيُّهُ وَمِنْهُ مَنْصُوبُ الْحَاكِمِ

(وَفِي السَّمْعِ) أَيْ إبْطَالِهِ (دِيَةٌ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ «فِي السَّمْعِ الدِّيَةُ» وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ.

(وَ) فِي إبْطَالِهِ (مِنْ أُذُنٍ نِصْفٌ) مِنْ الدِّيَةِ، (وَقِيلَ قِسْطُ النَّقْصِ) مِنْهُ مِنْ الدِّيَةِ (وَلَوْ أَزَالَ أُذُنَيْهِ وَسَمْعَهُ فَدِيَتَانِ) لِأَنَّ السَّمْعَ لَيْسَ فِي الْأُذُنَيْنِ (وَلَوْ ادَّعَى زَوَالَهُ وَانْزَعَجَ لِلصِّيَاحِ فِي نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ فَكَاذِبٌ) لَكِنْ يَحْلِفُ الْجَانِي لِاحْتِمَالِ أَنَّ الِانْزِعَاجَ بِسَبَبٍ آخَرَ اتِّفَاقِيٌّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْزَعِجْ (حَلَفَ) لِاحْتِمَالِ تَجَلُّدِهِ (وَأَخَذَ دِيَةً وَإِنْ نَقَصَ) السَّمْعُ (فَقِسْطُهُ) أَيْ النَّقْصِ مِنْ الدِّيَةِ (وَإِنْ عَرَفَ) قَدْرَهُ بِأَنْ عَرَفَ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا، فَصَارَ يَسْمَعُ مِنْ قَدْرِ نِصْفِهِ مَثَلًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ بِالنِّسْبَةِ (فَحُكُومَةٌ) فِيهَا (بِاجْتِهَادِ قَاضٍ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ سَمْعُ قَرْنِهِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ مَنْ لَهُ مِثْلُ سِنِّهِ (فِي صِحَّتِهِ وَيَضْبِطُ التَّفَاوُتَ بَيْنَ سَمْعَيْهِمَا) وَذَلِكَ بِأَنْ يُجْلِسَ قَرْنَهُ بِجَنْبِهِ وَيُنَادِيَهُمَا مَنْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لَا يَسْمَعُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ثُمَّ يَقْرُبُ الْمُنَادِي شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَقُولَ الْقَرْنُ: سَمِعْت فَيَعْرِفُ الْمَوْضِعَ، ثُمَّ يُدِيمُ الْمُنَادِي ذَلِكَ الْحَدَّ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ، وَيَقْرُبُ إلَى أَنْ يَقُولَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ: سَمِعْت فَيَضْبِطُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ أَيْ وَيُؤْخَذُ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ (وَإِنْ نَقَصَ) السَّمْعُ (مِنْ أُذُنٍ سُدَّتْ وَضَبَطَ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْأُخْرَى ثُمَّ عَكَسَ) أَيْ سُدَّتْ الصَّحِيحَةُ، وَضَبَطَ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْعَلِيلَةِ (وَوَجَبَ قِسْطُ التَّفَاوُتِ) مِنْ الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ النِّصْفُ وَجَبَ رُبُعُ الدِّيَةِ.

(وَفِي ضَوْءِ كُلِّ عَيْنٍ)

ــ

[حاشية قليوبي]

الْأَكْثَرِ) وَكَذَا لَوْ تَسَاوَيَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ يَمِينَهُ تُثْبِتُ جُنُونَهُ) وَلَا يُقَالُ بِيَمِينِهِ ثَبَتَ عَقْلُهُ لَا مَكَانُ صُدُورِهِ اتِّفَاقًا قَوْلُهُ: (وَالْمَجْنُونُ لَا يَحْلِفُ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي زَوَالِ كُلِّ الْعَقْلِ، وَإِلَّا حَلَفَ زَمَنَ إفَاقَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ عُدُولِ الْمُصَنِّفِ الْمُقْتَضِي لِلْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ الْمُحْوِجِ لِلتَّأْوِيلِ وَلَوْ بَنَى ادَّعَى فِي كَلَامِهِ لِلْمَجْهُولِ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (الْمُتَضَمِّنَةِ لِزَوَالِ عَقْلِهِ) صَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ الْمُتَضَمِّنَةِ لِبَقَاءِ عَقْلِهِ أَوْ الْمُتَضَمِّنَةِ لِعَدَمِ زَوَالِ عَقْلِهِ، أَوْ الْمُنَافِيَةِ لِزَوَالِ عَقْلِهِ فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (وَفِي السَّمْعِ) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْبَصَرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحَوَاسِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ وَلِذَلِكَ قُدِّمَ عَلَى الْبَصَرِ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ غَالِبًا، وَلِأَنَّهُ يُدْرِكُ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ. قَوْلُهُ: (أَيْ إبْطَالِهِ) خَرَجَ مَا لَوْ ارْتَتَقَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ فَإِنْ رَجَا عَوْدَهُ فَلَا شَيْءَ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (يَحْلِفُ الْجَانِي) أَنَّ سَمْعَهُ بَاقٍ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. قَوْلُهُ (حَلَفَ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ زَالَ مِنْ جِنَايَةِ هَذَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَقَصَ) أَيْ مِنْ الْأُذُنَيْنِ أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا، وَسَيَأْتِي الثَّانِي فِي كَلَامِهِ وَمَا ذَكَرَهُ يَصْدُقُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْأُذُنَيْنِ، وَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَا يَتَعَدَّدُ السَّمْعُ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ تَعَدَّدَ مَنْفَذُهُ بِخِلَافِ الْبَصَرِ فَإِنَّهُ تَعَدَّدَ وَمَحَلُّهُ الْحَدَقَةُ كَذَا قَالَهُ الْخَطِيبُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إنْ عَرَفَ) وَلَوْ بِقَوْلِهِ وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ دَعْوَاهُ مِنْ تَعْيِينِ قَدْرٍ.

قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْقَافِ) وَحُكِيَ كَسْرُهَا وَيُسَمَّى تِرْبًا بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ قَبْلَ الْمُوَحَّدَةِ

قَوْلُهُ: (كُلِّ عَيْنٍ) وَلَوْ عَيْنَ أَحْوَلَ أَوْ أَعْشَى وَهُوَ مَنْ لَا يُبْصِرُ لَيْلًا وَأَخْفَشَ، وَهُوَ مَنْ لَا يُبْصِرُ نَهَارًا وَلَوْ أَعْشَاهُ فَنِصْفُ دِيَةٍ أَوْ أَخْفَشَهُ أَوْ أَعْمَشَهُ أَوْ أَجْهَرَهُ أَوْ أَشْخَصَ

ــ

[حاشية عميرة]

بِفَوَاتِ الْعَيْنِ الْقَاتِمَةِ تَجِبُ الْحُكُومَةُ بَلْ يَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ، قَوْلُهُ: (تَدْخُلُ دِيَتُهُ) أَيْ وَعَلَى الْأَوَّلِ تَجِبُ ثَلَاثُ دِيَاتٍ.

قَوْلُهُ: (الْأَصْلُ لِلْإِنْكَارِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ إلَّا بَعْدَهَا، قَوْلُهُ: (وَأَوَّلَ إلَخْ) لِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ادَّعَى فِي كَلَامِ الْمَتْنِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ، أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ

[[ديةالسمع]]

قَوْلُهُ: (وَفِي السَّمْعِ) جَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ طُرُقِ إبْطَالِهِ الصَّوْتَ الْهَائِلَ الْخَارِقَ لِلْعَادَةِ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ أُذُنِ نِصْفٌ إلَخْ) قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمُتَعَدِّدِ فِي الْبَدَنِ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ يَجِبُ فِيهِ أَيْ فِي الذَّاهِبِ مِنْ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ الْحُكُومَةُ فَإِنَّ السَّمْعَ وَاحِدٌ، وَرُبَّمَا كَانَ الذَّاهِبُ بِانْسِدَادِ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ دُونَ النِّصْفِ أَوْ أَزْيَدَ وَلَكِنْ لَمَّا عَسُرَ ضَبْطُ نَقْصِهِ جَعَلَ الْمَنْفَذَ ضَابِطًا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ بِخِلَافِ ضَوْءِ الْبَصَرِ فَإِنَّ تِلْكَ اللَّطِيفَةَ مُتَعَدِّدَةٌ وَمَحَلُّهَا الْحَدَقَةُ اهـ.

وَلَوْ ارْتَقَتْ الْأُذُنُ فَتَعَطَّلَ السَّمْعُ بِعَدَمِ وُصُولِ الْهَوَاءِ أَوَّلَ طَبَقَةٍ نَاقِيَةٍ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَالْحُكُومَةُ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ قَسَّطَ النَّقْصَ) أَيْ لِأَنَّ السَّمْعَ وَاحِدٌ، قَوْلُهُ: (السَّمْعُ) أَيْ مِنْ أُذُنَيْهِ قَوْلُهُ: (إنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ إلَخْ) أَيْ عَرَفَ مِنْهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَقِسْ عَلَى نَظِيرِهِ الْآتِي، قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْقَافِ إلَخْ) . أَمَّا بِكَسْرِهَا فَهُوَ الْمُكَافِئُ ثُمَّ طَرِيقُ الِاعْتِبَارِ بِالْقَرَنِ أَنْ يَجْلِسَا مَعًا وَيُؤْمَرُ مَنْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ وَيُنَادِيهِمَا مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لَا يَسْمَعُ فِيهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا، ثُمَّ يَقْرُبُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَقُولَ السَّلِيمُ سَمِعْت فَيَعْلَمُ الْمَوْضِعَ ثُمَّ يُدِيمُ النِّدَاءَ، وَهُوَ يَقْرُبُ إلَى أَنْ يَسْمَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَيُخْتَبَرُ مِنْ نَظِيرِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ مِنْ جِهَاتٍ أُخَرَ لِئَلَّا يَكْذِبَ تَكْثِيرًا لِلْأَرْشِ، هَذَا كَتَبْته قَبْلَ رُؤْيَتِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.

قَوْلُهُ: (سُدَّتْ إلَخْ) ، بَقِيَ مَا لَوْ ادَّعَى زَوَالَهُ مِنْ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ إنْ كَانَتْ الصَّحِيحَةُ إذَا سُدَّتْ بِشَيْءٍ عُرِفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>