للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَثْلَاثًا) نَظَرًا إلَى عَدَدِ الْوَاضِعِ (وَقِيلَ نِصْفَانِ) عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفٌ وَعَلَى الْآخَرَيْنِ نِصْفٌ نَظَرًا إلَى عَدَدِ الْمَوْضُوعِ (وَلَوْ وَضَعَ حَجَرًا) فِي طَرِيقٍ (فَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ فَدَحْرَجَهُ فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ) فَهَلَكَ (ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ) لِأَنَّ الْحَجَرَ إنَّمَا حَصَلَ هُنَا بِفِعْلِهِ.

(وَلَوْ عَثَرَ) مَاشٍ (بِقَاعِدٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ وَاقِفٍ بِالطَّرِيقِ وَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا ضَمَانَ إنْ اتَّسَعَ الطَّرِيقُ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَوَجْهُهُ الِاشْتِرَاكُ فِي عَدَمِ التَّعَدِّي وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ إهْدَارُ الْعَاثِرِ وَضَمَانُ عَاقِلَتِهِ الْمَعْثُورِ بِهِ أَيْ لِنِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ ضَاقَ الطَّرِيقُ (فَالْمَذْهَبُ إهْدَارُ قَاعِدٍ وَنَائِمٍ) لِتَقْصِيرِهِمَا (لَا عَاثِرٌ بِهِمَا وَضَمَانُ وَاقِفٍ) لِأَنَّ الْوُقُوفَ مِنْ مَرَافِقِ الطَّرِيقِ (لَا عَاثِرٌ بِهِ) لِتَقْصِيرِهِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ضَمَانُ كُلٍّ مِنْهُمْ وَالثَّالِثُ ضَمَانُ الْعَاثِرِ وَإِهْدَارُ الْمَعْثُورِ بِهِ وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ.

تَنْبِيهٌ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَضْمِينِ الْوَاضِعِ وَالْحَافِرِ وَالْمُدَحْرِجِ وَغَيْرِهِمْ النَّفْسَ مِنْ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ، وَالْمُرَادُ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ بِالدِّيَةِ بِدَلَالَةِ التَّرْجَمَةِ وَغَيْرِهَا.

فَصْلٌ إذَا (اصْطَدَمَا) أَيْ كَامِلَانِ مَاشِيَانِ أَوْ رَاكِبَانِ (بِلَا قَصْدٍ) لِلِاصْطِدَامِ فَوَقَعَا وَمَاتَا (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ) لِوَارِثِ الْآخَرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ صَاحِبِهِ فَفِعْلُهُ هَدَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَضْمُونٌ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ ضَمَانَ خَطَأٍ، (وَإِنْ قَصَدَا) الِاصْطِدَامَ (فَنِصْفُهَا مُغَلَّظَةً) لِأَنَّ الْقَتْلَ حِينَئِذٍ شِبْهُ عَمْدٍ (أَوْ) قَصَدَهُ (أَحَدُهُمَا) وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْآخَرُ، (فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) مِنْ التَّخْفِيفِ وَالتَّغْلِيظِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (كَفَّارَتَيْنِ) وَاحِدَةً لِقَتْلِ نَفْسِهِ وَأُخْرَى لِقَتْلِ صَاحِبِهِ، وَالثَّانِي كَفَّارَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَتَجَزَّأُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ فَوَاحِدَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَنِصْفُهَا عَلَى الثَّانِي (وَإِنْ مَاتَ مَعَ مَرْكُوبَيْهِمَا فَكَذَلِكَ) دِيَةٌ وَكَفَّارَةٌ (وَفِي تَرِكَةِ كُلٍّ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى عَدَدِ الْوَاضِعِ) وَرَدَّ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ) سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا أَوْ قَصَدَ إزَالَتَهُ مِنْ الطَّرِيقِ لِمُنْعَطَفٍ فَعَادَ إلَيْهَا،

قَوْلُهُ: (بِالطَّرِيقِ) أَيْ لَا فِي مُنْعَطَفٍ مِنْهَا وَلَا لِنَفْعٍ عَامٍّ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ كَذَلِكَ وَبِالطَّرِيقِ مُتَعَلِّقٌ بِقَاعِدٍ وَنَائِمٍ وَوَاقِفٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) أَيْ عَلَى الْمَعْثُورِ بِهِ بَلْ هُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْعَاثِرِ كَمَا يَأْتِي لِتَقْصِيرِهِ، وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِيُوَافِقَ أَصْلَهُ الَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ، وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ حَمْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا بَعْدَهُ الْمَذْكُورِ فِي الرَّوْضَةِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إهْدَارُ الْعَاثِرِ) وَلَوْ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ ضَاقَ الطَّرِيقُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ اتَّسَعَ وَوَقَفَ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ، قَوْلُهُ: (لَا عَاثِرَ بِهِمَا) فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (وَضَمَانُ وَاقِفٍ) عَلَى الْعَاثِرِ بِهِ نَعَمْ إنْ انْحَرَفَ إلَيْهِ الْوَاقِفُ فَكَمَاشِيَيْنِ اصْطَدَمَا وَسَيَأْتِي.

تَنْبِيهٌ: الْجَالِسُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ النَّائِمُ فِيهِ إنْ كَانَ لِمَا لَا يُنَزَّهُ عَنْهُ كَاعْتِكَافٍ وَصَلَاةٍ فَمَضْمُونٌ عَلَى الْعَاثِرِ بِهِ أَوْ لِمَا يُنَزَّهُ عَنْهُ كَنَائِمٍ غَيْرِ مُعْتَكِفٍ فَفِيهِ تَفْصِيلُ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (عَلَى عَاقِلَتِهِمْ) بِالدِّيَةِ الشَّامِلَةِ لِقِيمَةِ الرَّقِيقِ تَغْلِيبًا قَالَ فِي الْمَنْهَجِ فِي نَصْبِ الْجَنَاحِ وَمِثْلُهُ وَضْعُ الْمِيزَابِ وَبِنَاءُ الْجِدَارِ لَوْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ النَّصْبِ غَيْرَهَا يَوْمَ التَّلَفِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ وَاضِحٌ وَخَصَّ مَا ذَكَرَ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ مِثْلِهِ فِي غَيْرِهَا فَتَأَمَّلْهُ.

فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يَتْبَعُهُ قَوْلُهُ: (كَامِلَانِ) بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَحُرِّيَّةٍ وَقَيَّدَ بِهِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا بَعْدَهُ، وَإِنْ اتَّحَدَا فِي الْحُكْمِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَيِّدَ بِغَيْرِ الْحَامِلَيْنِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مَاشِيَانِ أَوْ رَاكِبَانِ) وَكَذَا رَاكِبٌ وَمَاشٍ، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ لِأَنَّهُ أَخْفَى مِمَّا قَبْلَهُ لَا يُقَالُ إنَّهُ رَاعَى ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي؛ لِأَنَّ مُرَاعَاتَهُ تُخْرِجُ الْمَاشِيَيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِلَا قَصْدٍ) لِعَمًى أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ عَدَمِ قُدْرَةٍ عَلَى ضَبْطِ الدَّابَّةِ أَوْ قَطْعِهَا عَنَانَهَا الْوَثِيقَ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَوَقَعَا وَمَاتَا) أَشَارَ بِالْفَاءِ إلَى تَرَتُّبِ الْمَوْتِ عَلَى الِاصْطِدَامِ فَوْرًا. أَوْ مَعَ بَقَاءِ الْأَلَمِ وَإِلَّا فَلَا وَالْوُقُوعُ مِثَالٌ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةٍ) خَطَأٍ فِي عَدَمِ الْقَصْدِ وَنِصْفُ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الْقَصْدِ نَعَمْ هِيَ مِثَالُهُ فِي الْعَمْدِ كَمَا يَأْتِي فَإِنْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ حَرَكَةُ أَحَدِهِمَا ضَعِيفَةً بِحَيْثُ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهَا مَعَ حَرَكَةِ الْآخَرِ، وَإِلَّا فَالْقَوِيُّ هَدَرٌ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ

ــ

[حاشية عميرة]

التَّدَحْرُجُ مَنْسُوبًا إلَى الْوَاضِعِ مَعْنًى، فَهَلَّا كَانَ ضَمَانُ الثَّانِي عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ وَلِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِحَرَكَتِهِ فَلَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ كَوْنُ الْمَشْيِ مِنْ مَرَافِقِ الطَّرِيقِ كَالْوُقُوفِ، قَوْلُهُ: (ضَمَانُ الْعَاثِرِ) عِلَّتُهُ أَنَّ الطَّرِيقَ لِلطُّرُوقِ وَهُمْ بِالْقُعُودِ وَنَحْوِهِ مُقَصِّرُونَ، قَوْلُهُ: (وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ) عِلَّتُهُ أَنَّ الْقَتْلَ بِحَرَكَتِهِ وَالْمَشْيَ ارْتِفَاقٌ، قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهَا) مِنْهُ قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِمَامِ الطَّالِبِ لِلْمَرْأَةِ: ضُمِنَ الْجَنِينُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَمِنْ ذَلِكَ إطْلَاقُ الضَّمَانِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَلِّقَهُ بِالْفَاعِلِ.

[فَصْلٌ اصْطَدَمَا أَيْ كَامِلَانِ مَاشِيَانِ أَوْ رَاكِبَانِ بِلَا قَصْدٍ لِلِاصْطِدَامِ فَوَقَعَا وَمَاتَا]

فَصْلٌ اصْطَدَمَا قَوْلُهُ: (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُمَا حُرَّانِ قَوْلُهُ: (فَنِصْفُهَا) عَلَى الْعَاقِلَةِ قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) أَيْ فَتَكُونُ الْكَفَّارَةُ الَّتِي عَلَى كُلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>