للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْمَذْهَبُ أَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا لَوْثٍ وَ) الْيَمِينُ (الْمَرْدُودَةُ) مِنْهُ (عَلَى الْمُدَّعِي أَوْ) الْمَرْدُودَةُ بِنُكُولِ الْمُدَّعِي (عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ لَوْثٍ وَالْيَمِينُ مَعَ شَاهِدٍ خَمْسُونَ) لِأَنَّهَا يَمِينُ دَمٍ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فِي الْأَرْبَعِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ بِالْخَمْسِينَ، وَفِي الْأُولَى طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِالْأَوَّلِ أَسْقَطَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ، وَفِي الثَّالِثَةِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِالْأَوَّلِ هِيَ الرَّاجِحَةُ فَقَوْلُهُ الْمَذْهَبُ لِلْمَجْمُوعِ

(وَيَجِبُ بِالْقَسَامَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ دِيَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) مُخَفَّفَةٌ فِي الْأَوَّلِ وَمُغَلَّظَةٌ فِي الثَّانِي كَمَا تَقَدَّمَ (وَفِي الْعَمْدِ عَلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ) ، وَلَا قِصَاصَ فِيهِ فِي الْجَدِيدِ (وَفِي الْقَدِيمِ) فِيهِ (قِصَاصٌ) كَمَا فِي غَيْرِ الْقَسَامَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِضَعْفِهَا.

(وَلَوْ ادَّعَى عَمْدًا بِلَوْثٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ حَضَرَ أَحَدُهُمْ أَقْسَمَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ، وَأَخَذَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَإِنْ حَضَرَ آخَرُ أَقْسَمَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ) كَالْأَوَّلِ (وَفِي قَوْلٍ خَمْسًا وَعِشْرِينَ) كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا يَحْلِفُ عَلَيْهِمَا خَمْسِينَ، قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بَحَثَا هَذَا الْخِلَافَ (إنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُ) أَيْ الثَّانِي (فِي الْأَيْمَانِ) السَّابِقَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهُ فِيهَا (فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهَا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ) كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَمُقَابِلُهُ وُجِّهَ بِضَعْفِ الْقَسَامَةِ وَالثَّالِثُ إذَا حَضَرَ يُقَاسُ بِالثَّانِي فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ

(وَمَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الدَّمِ أَقْسَمَ) مِنْ وَارِثٍ أَوْ سَيِّدٍ (وَلَوْ) هُوَ (مُكَاتَبٌ يُقْتَلُ عَبْدُهُ) وَلَا يُقْسِمُ سَيِّدُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَ عَبْدَ الْمَأْذُونِ لَهُ فَإِنَّ السَّيِّدَ يُقْسِمُ دُونَ الْمَأْذُونِ لَهُ.

(وَمَنْ ارْتَدَّ) قَبْلَ أَنْ يُقْسِمَ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي رُدَّ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَلَهُ رَدُّهَا عَلَى الْمُدَّعِي النَّاكِلِ لِأَنَّهَا غَيْرُ الْأُولَى الْأَصْلِيَّةِ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ لِمَا ذُكِرَ وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ الْقَسَامَةُ غَيْرَهَا.

قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ بِالْقَسَامَةِ دِيَةٌ) عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي غَيْرِهِ، وَخَرَجَ بِهَا الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ فَيَجِبُ بِهَا الْقِصَاصُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ فِيهِ فِي الْجَدِيدِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ أَوْ تُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ» وَأَمَّا خَبَرُ «تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» فَالْمُرَادُ بَدَلُ دَمِهِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ وَقُدِّمَ الْأَوَّلُ لِصَرَاحَتِهِ، وَأَخْذُ الدِّيَةِ وَالدَّمِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْقَوَدِ قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْقَسَامَةِ) اسْتَدَلَّ بِالْقِيَاسِ دُونَ الْحَدِيثِ لِمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (كَالْأَوَّلِ) لَكِنْ بِلَا تَجَدُّدِ دَعْوَى وَإِنَّمَا حَلَّفَهُ خَمْسِينَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّدْ بَلْ هُوَ مُدَّعٍ وَاحِدٌ، وَحَلَّفَهُ عَلَى الْحَاضِرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لَا يُفِيدُ وُجُوبَ اسْتِحْقَاقِهِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ، فَهُوَ تَجَدُّدُ اسْتِحْقَاقٍ وَإِذَا حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الثَّالِثُ مِنْ الثَّلَاثِ حَلَفَ عَلَيْهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ خَمْسِينَ أَيْضًا. لِمَا ذُكِرَ وَلِذَلِكَ لَوْ ذَكَرَ الِاثْنَيْنِ الْغَائِبَيْنِ فِي حَلِفِهِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ ذَكَرَ الثَّالِثَ فِي حَلِفِهِ عَلَى الثَّانِي لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَةِ الْحَلِفِ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) هُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ سَاقَهُ مَسَاقَ الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْأَصَحُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (يُقَاسُ إلَخْ) فَيَحْلِفُ خَمْسِينَ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ إنْ ذَكَرَهُ وَعَلَى الْأَصَحِّ إنْ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ ذَكَرَهُ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ اسْتَحَقَّ إلَخْ) ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ فِي حَلِفِ الْمُدَّعِي وَخَرَجَ بِهِ مَنْ ارْتَدَّ بَعْدَ أَنْ جَرَحَ غَيْرَهُ وَمَاتَ مُرْتَدًّا فَلَا يَقْسِمُ وَلِيُّهُ لِأَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ.

قَوْلُهُ: (مِنْ وَارِثٍ) وَلَوْ كَافِرًا وَمَحْجُورًا.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْسِمُ سَيِّدُهُ) نَعَمْ إنْ عَجَزَ نَفْسُهُ قَبْلَ الْحَلِفِ حَلَفَ سَيِّدُهُ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ الْآنَ وَلَوْ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ مَثَلًا بِقِيمَةِ عَبْدِهِ إنْ قُتِلَ فَالْحَلِفُ الْوَارِثُ بَعْدَ دَعْوَاهُ أَوْ دَعْوَى الْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ فَعُلِمَ أَنَّ الْحَالِفَ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُدَّعٍ أَوْ غَيْر مُسْتَحَقٍّ نَعَمْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ

ــ

[حاشية عميرة]

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ أَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي مَرَّةً ثَانِيَةً، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ مَعْنَى ذَلِكَ وَأَنَّ السَّبَبَ الْمُمَكِّنَ لِلْمُدَّعِي مِنْ الْحَلِفِ أَوَّلًا اللَّوْثُ وَالسَّبَبُ الْمُمْكِنُ هُنَا النُّكُولُ فَصَارَ تَعْدَادُ السَّبَبِ كَتَعْدَادِ الْخُصُومَةِ، قَوْلُهُ: (مَعَ لَوْثٍ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَرْدُودَةَ، قَوْلُهُ: (هِيَ الرَّاجِحَةُ) أَيْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا» قَالَ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ تَجْدِيدِ الدَّعْوَى هَذَا إذَا كَانَ وَاحِدًا فَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةً حَلَفَ كُلٌّ خَمْسِينَ بِخِلَافِ تَعَدُّدِ الْمُدَّعِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ يَنْفِي عَنْ نَفْسِهِ الْقَتْلَ الْمُدَّعَى كَمَا يَنْفِيهِ الْعَدَدُ وَإِذَا تَعَدَّدَ الْمُدَّعِي لَا يُثْبِتُ كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْسِهِ مَا يُثْبِتُهُ الْوَاحِدُ لَوْ انْفَرَدَ،

[مَا تجب بِهِ الْقَسَامَة]

قَوْلُهُ: (قِصَاصٌ) أَيْ شَرْطُهُ قَوْلُهُ: (كَمَا فِي غَيْرِ الْقَسَامَةِ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانُوا جَمَاعَةً قُتِلُوا فِي الْقَدِيمِ، ثُمَّ قَوْلُهُ أَوَّلًا بِالْقَسَامَةِ يَخْرُجُ بِهِ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَثْبُتُ بِهَا لِأَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ،

قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَضَرَ آخَرُ أَقْسَمَ عَلَيْهِ) ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ادَّعَى وَأَقْسَمَ عَلَيْهِ. أَقُولُ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ ادَّعَى عَلَى ثَلَاثَةٍ وَمِنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ الْآتِي، قَوْلُهُ: (بَحْثًا) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ مُوهِمٌ، قَوْلُهُ: (وُجِّهَ بِضَعْفِ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّ اللَّوْثَ ضَعِيفٌ فَلَا يَنْهَضُ قَرِينَةً حَتَّى يَسْلَمَ مِنْ قَدْحِ الْخَصْمِ،

قَوْلُهُ: (وَمَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الدَّمِ أَقْسَمَ) خَرَجَ مَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>