للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ إقْسَامِهِ لِيُسَلِّمَ) فَإِنَّهُ لَا يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ (فَإِنْ أَقْسَمَ فِي الرِّدَّةِ صَحَّ) إقْسَامُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِهِ نَوْعُ اكْتِسَابٍ لِلْمَالِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ الرِّدَّةُ كَالِاحْتِطَابِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَنْ الْمُزَنِيّ وَحَكَى قَوْلًا مُخَرَّجًا وَمَنْصُوصًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) خَاصًّا (لَا قَسَامَةَ فِيهِ) لِأَنَّ تَحْلِيفَ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَلَكِنْ يَنْصِبُ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ وَيُحَلِّفُهُ. .

فَصْلٌ (إنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ الْقِصَاصِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ (بِإِقْرَارٍ) بِهِ (أَوْ) شَهَادَةِ (عَدْلَيْنِ) بِهِ (وَ) إنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ (الْمَالِ) مِنْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ (بِذَلِكَ) أَيْ بِإِقْرَارٍ بِهِ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بِهِ (أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ) بِرَجُلٍ (وَيَمِينٍ) وَلَا يَثْبُتُ الْأَوَّلُ بِالْأَخِيرَيْنِ، وَلَا الثَّانِي بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ ذُكِرَتْ هُنَا تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَلَوْ عَفَا) عَنْ الْقِصَاصِ (لِيُقْبَلَ لِلْمَالِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ (لَمْ يُقْبَلْ) فِي ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ ثُبُوتِ مُوجِبِ الْقِصَاصِ وَلَا يَثْبُتُ بِمَنْ ذُكِرَ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمَالُ (وَلَوْ شَهِدَ هُوَ وَهُمَا) أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ (بِهَاشِمَةٍ قَبْلَهَا إيضَاحٌ لَمْ يَجِبْ أَرْشُهَا) أَيْ الْهَاشِمَةِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الْإِيضَاحَ قَبْلَهَا الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ لَا يَثْبُتُ بِمَنْ ذُكِرَ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقَةٍ وَهُوَ مُخَرَّجٌ يَجِبُ أَرْشُهَا لِأَنَّهُ مَالٌ وَمِثْلُ الْمَرْأَتَيْنِ

ــ

[حاشية قليوبي]

لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ فِي يَدِ الْمُوصَى لَهُ فَهُوَ الْحَالِفُ جَزْمًا فَرَاجِعْهُ

قَوْلُهُ: (قَبْلَ أَنْ يَقْسِمَ) فَهُوَ إنَّمَا ارْتَدَّ بَعْدَ مَوْتِ الْجَرِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَوْ نَصًّا وَمُخَرَّجًا فَلَا يُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ، وَفِي الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْخِلَافَ طُرُقٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَحَدَ طَرِيقَيْنِ، وَهِيَ عَامَّةٌ أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ أَوْ لَا، وَالثَّانِيَةُ إنْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ لَمْ يَحْلِفْ أَوْ بِعَدَمِ زَوَالِهِ حَلَفَ، وَعَلَى هَذَا فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمَذْهَبِ صَحِيحٌ، وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَنْصِبُ) أَيْ وُجُوبًا قَوْلُهُ: (وَيُحَلِّفُهُ) فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حُبِسَ إلَى أَنْ يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ كَمَا مَرَّ وَلَا يَحْلِفُ الْمَنْصُوبُ.

فَصْلٌ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ أَوْ الْمَالِ

قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْجِيمِ) لِأَنَّهُ بِمَعْنَى السَّبَبِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَهَذَا التَّرْتِيبُ يُقَالُ لَهُ الْمُوجَبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِيجَابِ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فَيَجُوزُ الْعَفْوُ أَوْ يُنْدَبُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْقِصَاصِ) أَيْ فِي النَّفْسِ أَوْ عُضْوٍ أَوْ جُرْحٍ كَالْمُوضِحَةِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يَقْبَلُ غَيْرَ الرِّجَالِ فِي الْمُوضِحَةِ وَإِنْ أَوْجَبَتْ مَالًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِإِقْرَارٍ) وَلَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ) وَمِثْلُهَا عِلْمُ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (مِنْ قَتْلٍ) أَيْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا لَا قَوَدَ فِيهِ كَقَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ. قَوْلُهُ: (مُوجِبُ الْمَالَ) إنْ ادَّعَاهُ وَهُوَ مَا عَدَا الْقَتْلَ الْعَمْدَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَثْبُتُ الْأَوَّلُ بِالْأَخِيرَيْنِ) وَلَوْ تَبَعًا فَلَوْ ادَّعَى بِمَالٍ أَوْ قِصَاصٍ وَأَقَامَ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ ثَبَتَ لَهُ الْمَالُ دُونَ الْقِصَاصِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَفَا إلَخْ) سَوَاءٌ قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ بَعْدَهَا وَالْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْأُولَى قَطْعًا وَفِي ابْنِ حَجَرٍ عَكْسُ ذَلِكَ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَلَعَلَّهُ سَهْوًا.

قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْبَلْ) نَعَمْ يَثْبُتُ بِذَلِكَ لَوْثٌ فَلَهُ الْحَلِفُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعَفْوَ إلَخْ) وَبِهَذَا فَارَقَ السَّرِقَةَ فَإِنَّهُمَا يَثْبُتَانِ فِيهَا مَعًا وَلَوْ أَقَامَ بَعْدَ هَذَا الْعَفْوِ رَجُلَيْنِ قُبِلَا. قَوْلُهُ: (بِهَاشِمَةٍ قَبْلَهَا إيضَاحٌ) أَيْ شَهِدَ بِهِمَا مَعًا وَهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَا مِنْ شَخْصَيْنِ أَوْ فِي مَرَّتَيْنِ مِنْ شَخْصٍ ثَبَتَ أَرْشُ الْهَاشِمَةِ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُخَرَّجٌ) أَيْ مِنْ نَصِّهِ فِيمَا لَوْ نَفَذَ السَّهْمُ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ حَيْثُ عُدَّتْ جَائِفَةً ثَانِيَةً وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا خَطَأٌ فَتَأَمَّلْهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

وَمَاتَ فَلَا يُقْسِمُ وَلِيُّهُ لِأَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ،

قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ اخْتَلَفُوا عَلَى طَرِيقَيْنِ إحْدَاهُمَا تَنْزِيلُ قَسَامَتِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي مِلْكِهِ إنْ قُلْنَا لَمْ يَزُلْ اعْتَدَّ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا وَالثَّانِيَةُ الِاعْتِدَادُ بِهَا مُطْلَقًا وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِاكْتِسَابَ، ثُمَّ قَالَ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَرْتَدَّ بَعْدَ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ وَإِلَّا فَلَا قَسَامَةَ لِعَدَمِ الْإِرْثِ وَلَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ اعْتَبَرْنَا مَا صَدَرَ فِي الرِّدَّةِ مِنْ الْقَسَامَةِ.

[فَصْلٌ يَثْبُتُ مُوجِبُ الْقِصَاصِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ بِإِقْرَارٍ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ]

فَصْلٌ إنَّمَا يَثْبُتُ إلَخْ

قَوْلُهُ: (بِإِقْرَارٍ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ الْحَلِفَ بَعْدَ النُّكُولِ. نَعَمْ قَدْ يُرَدُّ حُكْمُ الْقَاضِي قَوْلُهُ: (عَدْلَيْنِ) خَرَجَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ أَوْ وَالْيَمِينُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُثْبِتُ الْقِصَاصَ بَلْ وَعِنْدَ الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ لَا يُثْبِتُ الْمَالَ أَيْضًا، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ السَّرِقَةِ فَإِنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ وَإِنْ تَخَلَّفَ الْقَطْعُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ الْمُعْتَبَرَةَ هُنَاكَ كَمَا تُثْبِتُ الْقَطْعَ تُثْبِتُ الْمَالَ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا أَوْ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ شَهَادَةَ الْمَرْأَتَيْنِ وَالرَّجُلِ وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ تُثْبِتُ لَوْثًا، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعَفْوَ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا أَمَّا لَوْ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ فَبِالْعَفْوِ يَكُونُ الْوَاجِبُ الْمَالَ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَلِذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ الثَّانِي مُفَرَّعٌ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُخَرَّجٌ إلَخْ) إيضَاحٌ ذَلِكَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا نَصَّ هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ نَصَّ فِيمَا لَوْ مَرَقَ السَّهْمُ مِنْ زَيْدٍ إلَى عَمْرٍو أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخَطَأُ فِي عَمْرٍو بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَقِيلَ قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ، وَالتَّخْرِيجِ وَالْمَذْهَبُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجِنَايَةَ هُنَا مُتَّحِدَةٌ فَاحْتِيطَا لَهَا، قَوْلُهُ: (أَرْشُهَا) أَيْ الْهَاشِمَةِ وَأَمَّا الْمُوضِحَةُ فَلَا يَثْبُتُ قَوَدُهَا وَلَا أَرْشُهَا وَقِيلَ يَثْبُتُ أَرْشُهَا.

فَرْعٌ: لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ قِصَاصًا وَمَالًا فَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ قُبِلَتْ فِي الْحَالِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ فِي الْقِصَاصِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>