للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَمِينُ.

(وَلْيُصَرِّحْ الشَّاهِدُ بِالْمُدَّعَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ كَالْقَتْلِ (فَلَوْ قَالَ ضَرَبَهُ بِسَيْفٍ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ لَمْ يَثْبُتْ) قَتْلُهُ (حَتَّى يَقُولَ فَمَاتَ مِنْهُ أَوْ فَقَتَلَهُ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بِسَبَبِ غَيْرِ الْجُرْحِ (وَلَوْ قَالَ ضَرَبَ رَأْسَهُ فَأَدْمَاهُ أَوْ فَسَالَ دَمُهُ ثَبَتَتْ دَامِيَةٌ) بِذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ فَسَالَ دَمُهُ لَمْ يَثْبُتْ لِاحْتِمَالِ سَيَلَانِهِ بِغَيْرِ الضَّرْبِ (وَيُشْتَرَطُ لِمُوضِحَةٍ ضَرْبُهُ فَأَوْضَحَ عَظْمَ رَأْسِهِ وَقِيلَ يَكْفِي فَأَوْضَحَ رَأْسَهُ) لِفَهْمِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَهَذَا جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ثُمَّ ذَكَرَا مَا قَبْلَهُ عَنْ حِكَايَةِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَعَبَّرَ فِيهِ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَقْوَى (وَيَجِبُ بَيَانُ مَحَلِّهَا وَقَدْرِهَا) أَيْ الْمُوضِحَةِ (لِيُمْكِنَ قِصَاصٌ) فِيهَا

(وَيَثْبُتُ الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ بِإِقْرَارٍ لَا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَعْلَمُ قَصْدَ السَّاحِرِ، وَلَا يُشَاهِدُ تَأْثِيرَ السِّحْرِ وَالْإِقْرَارُ أَنْ يَقُولَ قَتَلْته بِسِحْرِي فَإِنْ قَالَ وَسِحْرِي يَقْتُلُ غَالِبًا، فَإِقْرَارٌ بِالْعَمْدِ أَوْ يَقْتُلُ نَادِرًا فَإِقْرَارٌ بِشِبْهِ الْعَمْدِ أَوْ قَالَ أَخْطَأْت مِنْ اسْمِ غَيْرِهِ إلَى اسْمِهِ فَإِقْرَارٌ بِالْخَطَإِ وَفِي الْأَوَّلِ الْقِصَاصُ وَفِي الْأَخِيرَيْنِ الدِّيَةُ فِي مَالِ السَّاحِرِ لَا الْعَاقِلَةِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوهُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَيْهِمْ لَا يُقْبَلُ.

(وَلَوْ شَهِدَ لِمُوَرِّثِهِ) غَيْرِ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (بِجُرْحٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ كَانَ الْأَرْشُ لَهُ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ (وَبَعْدَهُ يُقْبَلُ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَكَذَا) لَوْ شَهِدَ لَهُ (بِمَالٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) يُقْبَلُ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ كَالْجُرْحِ لِلتُّهْمَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْجُرْحَ سَبَبُ الْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ

(وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ يَحْمِلُونَهُ) مِنْ خَطَإٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ لِأَنَّهُمْ مُتَّهَمُونَ بِدَفْعِ التَّحَمُّلِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ بَيِّنَةِ إقْرَارٍ بِذَلِكَ أَوْ بَيِّنَةِ عَمْدٍ (وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلِهِ فَشَهِدَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ بِقَتْلِهِ) فِي الْمَجْلِسِ مُبَادَرَةً (فَإِنْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ) الْمُدَّعِي (الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى تَصْدِيقِهِمَا (حُكِمَ بِهِمَا) ، وَسَقَطَتْ شَهَادَةُ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّ الْوَلِيَّ كَذَّبَهُمَا (أَوْ) صَدَّقَ (الْآخَرَيْنِ أَوْ الْجَمِيعَ أَوْ كَذَّبَ الْجَمِيعَ بَطَلَتَا)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَلْيُصَرِّحْ) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَثْبُتْ قَتْلُهُ) لَكِنَّهُ لَوْثٌ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (فَمَاتَ مِنْهُ) أَوْ فَمَاتَ مَكَانَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ أَنْهَرَ دَمَهُ فَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً أَشْهَدُ أَنَّهُ قَتَلَهُ كَفَى أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَكْفِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي عَامِّيٍّ لَا يَعْرِفُ مَدْلُولَ الْإِيضَاحِ الشَّرْعِيِّ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ لَكِنْ يَلْزَمُهُ إحَالَةُ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (لِيُمْكِنَ قِصَاصٌ فِيهَا) فَإِنْ أَوْجَبَتْ مَالًا وَجَبَ بَيَانُ مَحَلِّهَا مِنْ كَوْنِهِ مِنْ الْوَجْهِ أَوْ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْقَدْرِ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَرْشَ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ، وَيَجِبُ فِي الثَّانِي لِاخْتِلَافِ الْحُكُومَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (بِالسِّحْرِ) وَهُوَ لُغَةً صَرْفُ الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ وَشَرْعًا مُزَاوَلَةُ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ بِأَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ لِيَنْشَأَ عَنْهَا أُمُورٌ خَارِقَةٌ لِلْعَادَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُ حَقٌّ وَلَهُ حَقِيقَةٌ وَأَنَّهُ يُؤْلِمُ وَيُمْرِضُ وَيَقْتُلُ وَيُفَرِّقُ وَيَجْمَعُ وَتَعْلِيمُهُ حَرَامٌ، إلَّا لِتَحْصِيلِ نَفْعٍ أَوْ لِدَفْعِ ضَرَرٍ أَوْ لِلْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ فِيهِ قَلْبُ أَعْيَانٍ وَالْأَرْجَحُ لَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَرَامَةِ وَالْمُعْجِزَةِ تَوَقُّفُهُ عَلَى الْمُزَاوَلَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَتَوَقُّفُ الْمُعْجِزَةِ عَلَى التَّحَدِّي وَعَدَمُ تَوَقُّفِ الْكَرَامَةِ عَلَى شَيْءٍ نَعَمْ قَالُوا إنَّ السِّحْرَ وَالْكَرَامَةَ لَا يَظْهَرَانِ إلَّا عَلَى يَدِ الْفُسَّاقِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ كُتُبَ الْقَوْمِ مَشْحُونَةٌ بِذِكْرِ الْكَرَامَاتِ عَنْهُمْ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ قَالَ قَتَلْته بِالنَّوْعِ الْفُلَانِيِّ وَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا فَإِنْ قَالَ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَلَوْ قَالَ أَمْرَضْته بِسِحْرِي فَلَمْ يَمُتْ بِهِ فَهُوَ لَوْثٌ فَيَقْسِمُ الْوَلِيُّ وَيَأْخُذُ الدِّيَةَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى قَتَلْته بِسِحْرِي وَجَبَ عَلَيْهِ دِيَةُ خَطَإٍ حَمْلًا عَلَى الْيَقِينِ، وَخَرَجَ بِالسِّحْرِ الْقَتْلُ بِالْحَالِ أَوْ بِالْعَيْنِ فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا، وَقَدْ مَرَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فِي فَصْلِ الْكَفَّارَةِ أَيْضًا وَيُلْحَقُ بِهَذَيْنِ الْقَتْلُ بِنَحْوِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَهِدَ) أَيْ الْوَارِثُ وَقْتَ شَهَادَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (كَانَ الْأَرْشُ لَهُ) أَيْ أَصَالَةً فَلَا يُرَدُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ مَعَ دَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ. قَوْلُهُ: (وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْجُرْحَ إلَخْ) وَكَذَا يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَالَ يَجِبُ حَالًا.

قَوْلُهُ: (الْعَاقِلَةِ) أَيْ الَّذِينَ هُمْ فِي مَحَلِّ التَّحَمُّلِ وَلَوْ فُقَرَاءَ لِأَنَّ الْغِنَى مُتَوَقَّعٌ كُلَّ وَقْتٍ كَالْوِلَايَةِ بِخِلَافِ الْأَبْعَدِ إذَا وَفَّى الْأَقْرَبُ لِبُعْدِ تَوَقُّعِ الْمَوْتِ كَذَا قَالُوا هُنَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالُوهُ فِي عَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ الْمُدَبَّرِ وَعَلَّلُوهُ بِقُرْبِ الْمَوْتِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَجْلِسِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ بَعْدَهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مُبَادَرَةً إلَى أَنَّهَا أَخْبَارٌ لَا شَهَادَةَ وَفَائِدَتُهَا تَوَقُّفُ الْحَاكِمِ عَنْ الْحُكْمِ نَدْبًا فَلَهُ الْحُكْمُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ حَيْثُ عَلِمَ بِاسْتِمْرَارِ الْوَلِيِّ عَلَى تَصْدِيقِ الْأَوَّلَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ دَامَ عَلَى تَصْدِيقِهِمَا حَكَمَ بِهِمَا وَكَذَا لَوْ لَمْ يُكَذِّبْهُمَا.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (قَتَلَهُ) خَرَجَ الْجُرْحُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَلِوَلِيٍّ إذَا زَعَمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْهُ أَنْ يَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَتَثْبُتَ الدِّيَةُ وَلَوْ أَنْكَرَ الْجَانِي كَوْنَ الْمَوْتِ مِنْ الْجُرْحِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الْمُصَدَّقُ، قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ الْمُوضِحَةُ إلَخْ) أَيْ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ مَا قَالَهُ الثَّانِي مَا فِي قَوْلِهِ وَيَجِبُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لِيُمْكِنَ قِصَاصٌ) قَضِيَّتُهُ ثُبُوتُ الْأَرْشِ عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْأَرْشَ لَا يَخْتَلِفُ بِمَوْضِعِ الْمُوضِحَةِ مِنْ الرَّأْسِ، وَمِسَاحَتِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ هَذَا أَنْ يَثْبُتَ الْأَرْشُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاسْتَنْكَرَهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الثُّبُوتِ اهـ.

[الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ]

قَوْلُهُ: (بِإِقْرَارٍ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا وَلَوْ قَتَلَهُ بِالْعَيْنِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَتْلِ بِهَا اخْتِيَارًا، قَالَ الْإِمَامُ وَإِلَّا لَقَضَيْنَا بِنَظَرِ مَنْ نَظَرَ إلَى مَنْ تَتُوقُ نَفْسُهُ إلَيْهِ أَوْ بِالْحَالِ فَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ السِّحْرِ، قَوْلُهُ: (وَالْإِقْرَارِ إلَخْ) لَوْ قَالَ مَرِضَ بِسِحْرِي وَلَمْ يَمُتْ فَهُوَ لَوْثٌ،

قَوْلُهُ: (بَطَلَتَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ أَصْلَ الدَّعْوَى بَاقٍ عَلَى حَالِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَكْذِيبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>