للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ كُفْرِهِ فَنَصِيبُهُ فَيْءٌ (فِي الْأَظْهَرِ) لِإِقْرَارِهِ بِكُفْرِ أَبِيهِ، وَالثَّانِي يُصْرَفُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَقِدُ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ كُفْرًا وَالثَّالِثُ الْأَظْهَرُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَالْوَجِيزِ يَسْتَفْصِلُ فَإِنْ ذَكَرَ مَا هُوَ كُفْرٌ كَانَ فَيْئًا أَوْ غَيْرُ كُفْرٍ صُرِفَ إلَيْهِ وَاقْتَصَرَ فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ، وَرُجِّحَ فِيهِ الثَّالِثُ.

(وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ وَفِي قَوْلٍ تُسْتَحَبُّ وَهِيَ) عَلَى الْقَوْلَيْنِ (فِي الْحَالِ وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ أَصَرَّا قُتِلَا) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَاسْتُتِيبَ قَبْلَ الْقَتْلِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ شُبْهَةٌ فَتُزَالُ (وَإِنْ أَسْلَمَ) الْمُرْتَدُّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (صَحَّ) إسْلَامُهُ (وَتُرِكَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُهُ إنْ ارْتَدَّ إلَى كُفْرٍ خَفِيٍّ كَزَنْدَقَةٍ وَبَاطِنِيَّةٍ) هَذَا الْمَقُولُ وَجْهَانِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُ الزَّنْدَقَةِ الَّذِينَ يُبْطِنُونَ الْكُفْرَ، وَيُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُ الْبَاطِنِيَّةِ أَيْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ لِلْقُرْآنِ بَاطِنًا وَأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْهُ دُونَ ظَاهِرِهِ.

(وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا) أَيْ الرِّدَّةِ (أَوْ بَعْدَهَا وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ) بِالتَّبَعِيَّةِ (أَوْ) أَبَوَاهُ (مُرْتَدَّانِ فَمُسْلِمٌ) لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِمَا (وَفِي قَوْلٍ مُرْتَدٌّ) بِالتَّبَعِيَّةِ (وَفِي قَوْلٍ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ قُلْت الْأَظْهَرُ مُرْتَدٌّ) زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا (وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ الِاتِّفَاقَ عَلَى كُفْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَبِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ أُطْلِقَ) مَرْجُوحٌ قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ الْأَظْهَرُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُ كُفْرٍ) كَشُرْبِ خَمْرٍ أَوْ زِنًى أَوْ أَكْلِ لَحْمِ خِنْزِيرٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْصَالُهُ وَلَوْ بِإِصْرَارِهِ عَلَى عَدَمِ التَّفْصِيلِ لَمْ يَحْرُمْ مِنْ الْإِرْثِ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا.

قَوْلُهُ: (وَاقْتَصَرَ فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ تَابِعٌ لَهُ، وَهُمَا غَافِلَانِ عَمَّا ذَكَرَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.

[اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ]

قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا كَوْنُهَا فِي الْحَالِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَصَرَّا قُتِلَا) وَدُفِنَا بِمَقَابِرِ الْكُفَّارِ وَيَتَوَلَّى الْقَتْلَ الْإِمَامُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ لَا غَيْرِهِ إلَّا السَّيِّدُ فِي رَقِيقِهِ وَيُعَزَّرُ غَيْرُهُمَا، وَإِنْ اعْتَدَّ بِهِ وَلَوْ ذَكَرَ عِنْدَ إرَادَةِ قَتْلِهِ شُبْهَةً نَاظَرْنَاهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ لَا قَبْلَهُ أَوْ جُوعًا أُطْعِمَ لِأَجْلِ الْمُنَاظَرَةِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَسْلَمَ) بِأَنْ أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ مُرَتَّبَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ وَقَالَ شَيْخُنَا لَا تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِرَافِهِ بِالرِّسَالَةِ إنْ كَانَ يُنْكِرُهَا أَوْ الْبَرَاءَةَ مِمَّا يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ وَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِ عَنْ اعْتِقَادٍ ارْتَدَّ بِسَبَبِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ لَفْظِ أَشْهَدُ قَالَ شَيْخُنَا أَوْ إتْيَانِهِ بِالْوَاوِ بَدَلَهَا كَمَا فِي تَشْهَدُ الصَّلَاةَ وَبِهِ يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ هَذِهِ الصِّيغَةِ، فَلَا يُبْدَلُ لَفْظٌ مِنْهَا وَلَوْ بِمُرَادِفِهِ فَلَا يَكْفِي لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلَّا اللَّهُ أَوْ لَا رَحْمَنَ إلَّا اللَّهُ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا الرَّحْمَنُ: أَوْ أَعْلَمُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَوْ أَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ أَشْهَدُ أَنَّ أَحْمَدَ مَثَلًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ أَوْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الرَّحْمَنِ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ ضَمِيرَ أَسْلَمَ الرَّاجِعُ إلَى الْمُثَنَّى إمَّا بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ أَوْ كُلٍّ أَوْ عُمُومِ لَفْظِ الْمُرْتَدِّ لِلْأُنْثَى تَغْلِيبًا.

فَرْعٌ: لَا يُعَزَّرُ مُرْتَدٌّ أَوَّلَ مَرَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَتُرِكَ) نَعَمْ كَانَتْ رِدَّتُهُ بِقَذْفٍ حُدَّ بَعْدَ إسْلَامِهِ.

قَوْلُهُ: (هَذَا الْمَقُولُ) هُوَ بِالْمِيمِ وَفِي نُسْخَةٍ بِدُونِهَا وَلَيْسَ صَحِيحًا وَعَلَيْهِ فَيُرَادُ الْمَذْكُورُ.

قَوْلُهُ: (الَّذِينَ يُبْطِنُونَ إلَخْ) . هَذَا مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا وَفِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَفِي الْفَرَائِضِ وَقَالَ فِي اللِّعَانِ الزِّنْدِيقُ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ.

قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْهُ) أَيْ وَأَنَّ الْبَاطِنَ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْقُرْآنِ

قَوْلُهُ: (وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ) أَيْ مِنْ غَيْرِ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وَإِلَّا فَكَافِرٌ أَصْلِيٌّ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ أَبَوَيْهِ.

قَوْلُهُ: (إنْ انْعَقَدَ) أَيْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ قَوْلُهُ: (وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ) وَلَوْ أُنْثَى أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَوْ كَانَ مَيِّتًا فَالْمُرَادُ بِالْأَبَوَيْنِ الْأَصْلَانِ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ حَيْثُ نُسِبَ إلَيْهِ وَلَوْ نِسْبَةً لُغَوِيَّةً.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَبَوَاهُ مُرْتَدَّانِ) أَيْ وَلَيْسَ فِي أُصُولِهِ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِمْ مُسْلِمٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْلِمٌ. قَوْلُهُ: (الْأَظْهَرُ مُرْتَدٌّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي أُصُولِهِ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ آنِفًا. وَالْوَجْهُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ الِاتِّفَاقَ عَلَى كُفْرِهِ) إنْ أَرَادَ بِالْكُفْرِ الرِّدَّةَ أَوْ الْأَعَمَّ فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ بِإِسْلَامِهِ، وَتَقْوِيَةً لِمَا رَجَّحَهُ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْكُفْرَ الْأَصْلِيَّ فَقَطْ، فَهُوَ مَرْجُوحٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مُبَالَغَةً فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الرَّافِعِيِّ فِي حُكْمِهِ بِالْإِسْلَامِ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ) لِأَنَّهُ كَانَ مَعْصُومًا بِالْإِسْلَامِ وَالثَّانِي أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ عُرُوضُ شُبْهَةٍ، قَوْلُهُ: (وَالْمُرْتَدَّةِ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِعَدَمِ قَتْلِهَا وَإِنَّمَا تُحْبَسُ وَتُضْرَبُ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يُسْتَحَبُّ) أَيْ لِحَدِيثِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَلَمْ يَذْكُرْ تَوْبَةً، قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) لِظَاهِرِ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ، وَلِأَنَّهُ حَدٌّ فَلَمْ يُؤَجَّلْ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهُ وَرَدَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُ الْبَاطِنِيَّةِ) كَأَنْ وَجَّهَ دُخُولَ هَذَا فِي الْخَفِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خَفِيَ فِي ذَاتِهِ وَإِنْ أَظْهَرَهُ صَاحِبُهُ،.

قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهَا) لَوْ شَكَّ فِي الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَادِثَ يُقَدَّرُ بِأَقْرَب زَمَنٍ كَذَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَبَحَثَ أَيْضًا اسْتِثْنَاءَ أَوْلَادِ الْمُبْتَدِعَةِ إذَا كَفَّرْنَا آبَاءَهُمْ فَلَا يَسْرِي لِأَوْلَادِهِمْ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ: (عَلَى كُفْرِهِ) هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>