للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَشْوِيهُهُ بِالضَّرْبِ بِخِلَافِ الْوَجْهِ (وَلَا تُشَدُّ يَدُهُ) بَلْ تُتْرَكُ يَدَاهُ مُطْلَقَتَيْنِ حَتَّى يَتَّقِيَ بِهِمَا (وَلَا تُجَرَّدُ ثِيَابُهُ) بَلْ يُتْرَكُ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَوْ قَمِيصَانِ دُونَ جُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ أَوْ فَرْوَةٍ (وَيُوَالِي الضَّرْبَ) عَلَيْهِ (بِحَيْثُ يَحْصُلُ زَجْرٌ وَتَنْكِيلٌ) فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَضْرِبَ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَوْطًا أَوْ سَوْطَيْنِ. .

فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ (يُعَزَّرُ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ لَهَا وَلَا كَفَّارَةَ) كَمُبَاشَرَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَسَرِقَةِ مَا دُونَ النِّصَابِ وَالسَّبِّ بِمَا لَيْسَ بِقَذْفٍ وَالتَّزْوِيرِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ وَالضَّرْبِ بِغَيْرِ حَقٍّ (بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ صَفْعٍ أَوْ تَوْبِيخٍ) بِالْكَلَامِ (وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ وَقِيلَ إنْ تَعَلَّقَ بِآدَمِيٍّ لَمْ يَكْفِ تَوْبِيخٌ) فِيهِ بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْحَبْسِ وَغَيْرِهِ وَلَهُ فِي الْمُتَعَلِّقِ بِحَقِّ اللَّهِ خَاصَّةً الْعَفْوُ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ (فَإِنْ جَلَدَ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَلَا تُشَدُّ يَدُهُ) أَيْ الْمَحْدُودِ وَلَوْ أُنْثَى وَالْيَدُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَشْمَلُ الْيَدَيْنِ مَعًا فَيَحْرُمُ شَدُّهُمَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَيُكْرَهُ فَقَطْ عِنْدَ الْخَطِيبِ وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ مِنْ تَمَكُّنِهِ مِنْ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى مَا يُؤْلِمُهُ، وَلَا يَتَوَلَّى الْجَلْدَ إلَّا الرِّجَالُ وَلَوْ مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى، وَيَجْلِدُ ذُو الْهَيْئَةِ فِي مَحَلٍّ خَالٍ وَاسْتَحْسَنَ الْمَاوَرْدِيُّ مَا أَحْدَثَهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ جَلْدِ الْمَرْأَةِ فِي نَحْوِ غِرَارَةٍ لِأَنَّهَا أَسْتَرُهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا تُجَرَّدُ) فَيُكْرَهُ قَوْلُهُ: (دُونَ نَحْوِ جُبَّةٍ) فَيَجِبُ نَزْعُهَا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ) أَيْ عَدَمُ تَوَالِيهِ فَيَحْرُمُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ، نَعَمْ إنْ بَقِيَ أَلَمُ الْأَوَّلِ عِنْدَ الضَّرْبِ الثَّانِي كَفَى قَالَهُ الْإِمَامُ وَرَجَّحُوهُ.

فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الْعَزْرِ وَهُوَ مُفْرَدُ التَّعَازِيرِ كَمَا مَرَّ، وَيُطْلَقُ لُغَةً عَلَى التَّعْظِيمِ وَالتَّفْخِيمِ وَالتَّأْدِيبِ وَالْإِجْلَالِ وَالرَّدِّ وَالْمَنْعِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَدُونَ الْحَدِّ وَشَرْعًا تَأْدِيبٌ عَلَى ذَنْبٍ لَا حَدَّ فِيهِ، وَلَا كَفَّارَةَ غَالِبًا وَهُوَ لِلَّهِ وَلِآدَمِيٍّ، وَلَا يَسْتَوْفِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ ذَلِكَ الْآدَمِيِّ كَمَا فِي حَدِّ السَّرِقَةِ وَغَيْرِهِ وَيَلْزَمُ الْإِمَامَ إجَابَتُهُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ.

قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ إلَخْ) هَذَا الضَّابِطُ لِلْغَالِبِ فَقَدْ يُشْرَعُ التَّعْزِيرُ وَلَا مَعْصِيَةَ كَتَأْدِيبِ طِفْلٍ وَكَافِرٍ، وَكَمَنْ يَكْتَسِبُ بِآلَةِ لَهْوٍ لَا مَعْصِيَةٍ فِيهَا وَقَدْ يَنْتَفِي مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ وَالْكَفَّارَةِ كَقَطْعِ شَخْصٍ أَطْرَافَ نَفْسِهِ، وَكَصَغِيرَةٍ صَدَرَتْ مِنْ ذِي هَيْئَةٍ قَبْلَ نَهْيِ الْحَاكِمِ لَهُ، وَإِنْ تَكَرَّرَتْ وَمِثْلُهُ وَطْءُ حَلِيلَتِهِ فِي دُبُرِهَا إذَا تَكَرَّرَ وَتَكْلِيفُ الْمَالِكِ مَمْلُوكَهُ مَا لَا يُطِيقُ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَدِّ كَمَا فِيمَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الرِّدَّةُ لِأَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الرِّدَّةِ رِدَّةٌ، وَيُعَزَّرُ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَقَدْ تَجْتَمِعُ مَعَ الْكَفَّارَةِ كَمَا فِي الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ، وَإِفْسَادُ صَوْمِهِ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانِ بِجِمَاعٍ مِنْهُ لِحَلِيلَتِهِ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ الثَّلَاثَةُ نَحْوُ مَنْ زَنَى بِأُمِّهِ فِي رَمَضَانَ زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ صَائِمٌ مُعْتَكِفٌ مُحْرِمٌ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ قَالَ فَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ وَالْفِدْيَةُ، وَيُحَدُّ لِلزِّنَى وَيُعَزَّرُ لِقَطْعِ رَحِمِهِ وَانْتِهَاكِ الْكَعْبَةِ.

فَرْعٌ: يُعَزَّرُ مَنْ وَافَقَ الْكُفَّارَ فِي أَعْيَادِهِمْ وَمَنْ يُمْسِكُ الْحَيَّاتِ، وَمَنْ يَدْخُلُ النَّارَ، وَمَنْ يَقُولُ لِذِمِّيٍّ يَا حَاجُّ، وَمَنْ سَمَّى زَائِرَ قُبُورِ الصَّالِحِينَ حَاجًّا.

قَوْلُهُ: (كَمُبَاشَرَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ) مِنْ رَجُلٍ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ غَيْرُ حَلِيلَتِهِ، وَلَوْ مَحْرَمًا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالتَّزْوِيرُ) هُوَ مُحَاكَاةُ خَطِّ الْغَيْرِ.

قَوْلُهُ: (بِحَبْسٍ) وَلَهُ إدَامَةُ حَبْسِ مَنْ يَكْثُرُ أَذَاهُ لِلنَّاسِ، وَلَا يَكْفِهِ التَّعْزِيرُ حَتَّى يَمُوتَ، قَوْلُهُ: (صَفْعٍ) هُوَ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْكَفِّ أَوْ بِبَطْنِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ تَوْبِيخٍ بِالْكَلَامِ) وَبِالْقِيَامِ مِنْ مَجْلِسٍ وَخَلْعِ مَلْبُوسٍ، وَيَجُوزُ بِإِرْكَابِ دَابَّةٍ نَحْوِ حِمَارٍ مَقْلُوبًا وَدَوَرَانِهِ بَيْنَ النَّاسِ، وَبِكَشْفِ رَأْسٍ وَحَلْقِ رَأْسٍ لِمَنْ يَكْرَهُهُ، وَيُصْلَبُ دُونَ ثَلَاثٍ وَتَغْرِيبٍ دُونَ عَامٍ فِي الْحُرِّ، وَدُونَ نِصْفِهِ فِي الرَّقِيقِ وَلَا يَجُوزُ مَنْعُ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ حَلْقِ لِحْيَةٍ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ يُكْرَهُ حَلْقُهَا لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَحَلْقُ رَأْسِ الْمَرْأَةِ كَاللِّحْيَةِ، وَلَوْ عُزِّرَ بِهِ فِيهِمَا كَفَى وَمَنَعَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ الضَّرْبَ بِالدُّرَّةِ الْمَعْرُوفَةِ الْآنَ لِذَوِي الْهَيْئَاتِ لِأَنَّهُ صَارَ عَارًا فِي ذُرِّيَّتِهِمْ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ التَّعْزِيرُ مِنْ نَحْوِ كَافِلِ صَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ وَسَيِّدٍ فِي رَقِيقِهِ وَمُعَلِّمٍ لِمُتَعَلِّمٍ مِنْهُ لَكِنْ بِإِذْنِ وَلِيٍّ مَحْجُورٍ وَزَوْجٍ لِحَقِّ نَفْسِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ إلَخْ) هُوَ دَفْعٌ لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ أَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الْأَشْيَاءِ، فَيُفِيدُ أَنَّهَا لِلْإِبَاحَةِ فَلَهُ جَمْعُ نَوْعَيْنِ، فَأَكْثَرَ وَتَجِبُ مُرَاعَاةُ الْأَخَفِّ، فَالْأَخَفُّ كَالصِّيَالِ قَوْلُهُ: (وَلَهُ فِي الْمُتَعَلِّقِ بِحَقِّ اللَّهِ خَاصَّةً الْعَفْوُ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ) بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْآدَمِيِّ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ جُلِدَ) وَغَيْرُ الْجَلْدِ مِثْلُهُ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ حَدٍّ عَنْهُ فَلَا تَعْزِيرَ) وَلَا تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِي تَرْكِ الْحُدُودِ إنْ بَلَغَتْ الْإِمَامَ

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ]

فَصْلٌ يُعَزَّرُ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ إلَخْ وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مِنْهَا كَالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ الضَّرْبُ حِينَئِذٍ عَنْ أَدْنَى الْحُدُودِ نُقْصَانًا لَا يَبْلُغُ مَعَ الَّذِي ضُمَّ إلَيْهِ مِنْ أَلَمِ الْحَبْسِ، مَثَلًا أَدْنَى الْحُدُودِ ثُمَّ مِنْ الْأَنْوَاعِ الَّتِي يُعَزَّرُ بِهَا النَّفْيُ أَيْضًا، وَلَا يَجُوزُ حَلْقُ لِحْيَتِهِ وَفِي تَسْوِيدِ وَجْهٍ وَجْهَانِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْجَوَازِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْجَدِيدِ بِأَخْذِ الْمَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>