للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَ (وَجَبَتْ تِلْكَ) الصَّلَاةُ (إنْ أَدْرَكَ) مَنْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ مَا عَرَضَ (قَدْرَ الْفَرْضِ) أَخَفُّ مَا يُمْكِنُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهِ بِأَنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا، فَإِنْ لَمْ تُجْزِئْ طَهَارَتُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ كَالْمُتَيَمِّمِ اُشْتُرِطَ إدْرَاكُ زَمَنِ الطَّهَارَةِ أَيْضًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ قَدْرَ الْفَرْضِ (فَلَا) تَجِبُ تِلْكَ الصَّلَاةُ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهَا.

(فَصْلُ الْأَذَانِ) بِالْمُعْجَمَةِ (وَالْإِقَامَةِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ لِمُوَاظَبَةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَيْهِمَا (وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِأَنَّهُمَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ فَإِنْ اتَّفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهِمَا قُوتِلُوا عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. (وَإِنَّمَا يُشْرَعَانِ لِلْمَكْتُوبَةِ) دُونَ النَّافِلَةِ (وَيُقَالُ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ كَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالتَّرَاوِيحِ (الصَّلَاةَ جَامِعَةً)

ــ

[حاشية قليوبي]

مِنْ عُدُولِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَنْهُ إلَى الْأَثْنَاءِ لِشُمُولِهِ لِمَا لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ الْقَدْرُ فِي أَزْمِنَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ، كَأَنْ أَفَاقَ قَدْرَ الطَّهَارَةِ ثُمَّ جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ أَيْضًا ثُمَّ جُنَّ وَلَا يَنْبَغِي الْوُجُوبُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ. مِنْ شَرْطِ اتِّصَالِ الْخُلُوِّ وَلِمَا لَوْ خَلَا فِي نَحْوِ وَسَطِ الْوَقْتِ قَدْرَ الْفَرْضِ فَقَطْ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ إنْ كَانَ الظُّهْرُ مِمَّا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ اسْتِدْرَاكُ مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ، وَطُهْرٌ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (أَخَفُّ مَا يُمْكِنُهُ) كَذَا عَبَّرَ هُنَا وَهُوَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ فِعْلِ نَفْسِهِ، وَقَالَ فِيمَا مَرَّ أَخَفُّ مَا يُمْكِنُهُ أَحَدٌ، وَهُوَ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِقَوْلِهِمْ هُنَا إنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ لَأَمْكَنَهُ إتْمَامُهَا قَبْلَ طُرُوُّ الْمَانِعِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي اعْتِبَارِ فِعْلِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ ذَاكَ فَتَأَمَّلْهُ.

وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ مِنْ فِعْلِ غَالِبِ النَّاسِ فِي ظَنِّهِ حَتَّى لَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تُجْزِئْ طَهَارَتُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَكَانَ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ الصِّحَّةِ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ.

(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) وَحُكْمُهُمَا وَمَا يُطْلَبُ فِيهِمَا، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِالْبَابِ، وَهُوَ أَنْسَبُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ وَالْآذَانُ مِنْ آذَنَ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ، أَوْ أَذَّنَ بِتَشْدِيدِ الذَّالِ بِمَعْنَى أَعْلَمَ، وَيُقَالُ لَهُ التَّأْذِينُ وَالْأَذِينُ لُغَةً الْإِعْلَامُ وَاصْطِلَاحًا أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ، يُعْلَمُ بِهَا دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَالْإِقَامَةُ لُغَةً كَالْأَذَانِ وَشَرْعًا أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ، تُقَالُ لِاسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ، وَهُمَا حَقٌّ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْقَدِيمِ الْمُعْتَمَدِ غَالِبًا، وَقِيلَ لِلْوَقْتِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُسَافِرَ الْمُؤَخِّرَ، هَلْ يُؤَذِّنُ لِلْأُولَى فِي وَقْتِهَا

قَوْلُهُ: (أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا) هُوَ تَأْوِيلٌ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ. قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ) أَيْ عَلَى الْكِفَايَةِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُنْفَرِدِ، وَكَذَا فِي حَقِّهِ وَتَعَيُّنُهُمَا عَلَيْهِ عَارِضٌ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَقِيلَ سُنَّةُ عَيْنٍ فِي حَقِّهِ وَبِهِ.

قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَلَا بُدَّ فِي الْبَلَدِ مِنْ ظُهُورِ الشِّعَارِ وَلَوْ مَعَ تَعَدُّدٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِمُوَاظَبَةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَيْهِمَا) هُوَ دَلِيلٌ لِلتَّأْكِيدِ اللَّازِمِ لَهُ السُّنِّيَّةُ، وَقِيلَ دَلِيلٌ لِلسُّنِّيَّةِ فَقَطْ، وَالتَّأْكِيدُ مِنْ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ لِلْجَمَاعَةِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يُشْرَعَانِ) أَيْ نَدْبًا أَوْ وُجُوبًا فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَأَوَّلُ ظُهُورِ مَشْرُوعِيَّتِهِمَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ فِي الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، فَلَا يُنَافِي مَا قِيلَ إنَّ جِبْرِيلَ أَذَّنَ وَأَقَامَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

بِمَنْ فِيهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَلَا مَا قِيلَ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَآهُمَا لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ فِي السَّمَاءِ عَلَى أَنَّ رُؤْيَتَهُ لَهُمَا لَا تَقْتَضِي مَشْرُوعِيَّتَهُمَا قِيلَ، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْمَكْتُوبَةِ) أَيْ مِنْ الْخَمْسِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا

ــ

[حاشية عميرة]

أُجِيبُ بِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ تَعَلُّقِ الْفَرْضِ لَا مُسْقِطٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهَا) أَيْ وَكَمَا لَوْ هَلَكَ النِّصَابُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهِ. (فَصْلُ الْأَذَانِ إلَخْ)

[فَصْلُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَة]

الْأَذَانُ فِي اللُّغَةِ الْإِعْلَامُ، يُقَالُ: أَذِنَ بِشَيْءٍ إذْنًا وَتَأْذِينًا وَأَذِينًا أَعْلَمَ بِهِ، وَمِنْهُ {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ} [التوبة: ٣] أَيْ إعْلَامٌ وَالْأَذَانُ بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالذَّالِ الِاسْتِمَاعُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْإِقَامَةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُقِيمُ إلَى الصَّلَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (سُنَّةٌ) أَيْ وَلَيْسَا بِفَرْضٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ بِهِمَا فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ مَعَ ذِكْرِهِ الْوُضُوءَ وَالِاسْتِقْبَالَ، وَالْقَائِلُ بِالْفَرْضِيَّةِ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ " فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ " قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْمَكْتُوبَةِ) أَيْ مِنْ الْخَمْسِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِمَّا تَشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ) أَيْ إلَّا الْجِنَازَةَ لِأَنَّ الْمُشَيِّعِينَ حَاضِرُونَ وَلَا تَرُدُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ نَحْوَ الْعِيدِ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>