للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا يَضْمَنُ.

(وَكَذَا إنْ كَانَ الزَّرْعُ فِي مَحُوطٍ لَهُ بَابٌ تَرَكَهُ مَفْتُوحًا) فَلَا يَضْمَنُ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَادَةِ فِي رَبْطِهَا لَيْلًا

(وَهِرَّةٌ تُتْلِفُ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا إنْ عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا ضَمِنَ مَالِكُهَا فِي الْأَصَحِّ لَيْلًا وَنَهَارًا) ، لِأَنَّ هَذِهِ يَنْبَغِي أَنْ تُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهَا، وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْهِرَّةَ لَا تُرْبَطُ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا (فَلَا) يَضْمَنُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا، وَالثَّانِي يَضْمَنُ فِي اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ كَالدَّابَّةِ. .

كِتَابُ السِّيَرِ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْيَاءِ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْجِهَادِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمُتَلَقِّي مِنْ سِيَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزَوَاتِهِ فَتُرْجِمَ بِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ تَرْجَمَ بِالْجِهَادِ. (كَانَ الْجِهَادُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بَعْدَ الْهِجْرَةِ (فَرْضَ كِفَايَةٍ وَقِيلَ) فَرْضَ (عَيْنٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: ٣٩] وَمَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَدِينَةِ كَانَ يَحْرُسُهَا، وَحِرَاسَتُهَا نَوْعٌ مِنْ الْجِهَادِ وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ حِرَاسَةَ الْجَمِيعِ، (وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِلْكُفَّارِ حَالَانِ: أَحَدُهُمَا يَكُونُونَ بِبِلَادِهِمْ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ) يَجِبُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً (إذَا فَعَلَهُ مَنْ فِيهِمْ كِفَايَةً سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ)

ــ

[حاشية قليوبي]

مَالِكِهَا لَزِمَهُ بَقَاؤُهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ مَالِكَهَا، وَمَا أَتْلَفَتْهُ إلَّا مَا أَمْكَنَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ بِنَحْوِ مَا مَرَّ لِتَفْرِيطِهِ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا ضَمِنَهَا إنْ ضَاعَتْ وَضَمِنَ مَا تُتْلِفُهُ مِنْ زَرْعِ غَيْرِ مَالِكِهَا لِتَعَدِّيهِ وَلَوْ نَدَّ بَعِيرٌ وَأَتْلَفَ شَيْئًا، كَزَرْعٍ فَلَا ضَمَانَ وَكَذَا لَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ مِنْ يَدِهِ، أَوْ نَفَرَتْ الدَّوَابُّ عَلَى الرَّاعِي لِهَيَجَانِ رِيحٍ أَوْ ظُلْمَةٍ فِي النَّهَارِ فَلَا ضَمَانَ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَفَرَّقَتْ الدَّوَابُّ لِنَوْمِهِ أَوْ غَفْلَتِهِ أَوْ لِاشْتِغَالِهِ لِتَعَدِّيهِ.

تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ الدَّابَّةِ الطُّيُورُ كَحَمَامٍ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ مَالِكُهُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا أَوْ الْتَقَطَ حَبًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ وَإِنْ جَازَ حَبْسُهُ مَعَ تَعَهُّدِهِ بِمَا يَحْتَاجُهُ، نَعَمْ إنْ أَرْسَلَهُ لِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ ضَمِنَهُ.

فَرْعٌ: لَوْ حَمَلَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا وَأَشْرَفَ أَنْ يَقَعَ فِي مِلْكِهِ فَدَفَعَهُ مِنْ الْهَوَاءِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَهِرَّةٌ) وَمِثْلُهَا كُلُّ حَيَوَانٍ عَادٍ إلَّا الطُّيُورَ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهَا النَّحْلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، فَلَا ضَمَانَ فِيمَا أَتْلَفَهُ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَنَقَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ خِلَافَهُ. قَوْلُهُ: (عُهِدَ) وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ مَالِكُهَا) مَا لَمْ يُفَرِّطْ مَالِكُهُ وَالْمُرَادُ بِمَالِكِهَا ذُو الْيَدِ عَلَيْهَا وَلَوْ بِإِيوَاءٍ أَوْ لِنَحْوِ تَأْدِيبٍ. نَعَمْ إنْ انْفَلَتَتْ قَهْرًا فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ فِيهِ كَمَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ: يُدْفَعُ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ وُجُوبًا وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَالصَّائِلِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِالزَّجْرِ، لَكِنَّهُ يَعُودُ وَيُتْلِفُ مَا دُفِعَ عَنْهُ مَعَ التَّغَافُلِ عَنْهُ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ جَازَ قَتْلُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ حَالِ صِيَالِهِ لِأَنَّهُ لَا يُكَفُّ شَرُّهُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَرَاجِعْهُ.

[كِتَابُ السِّيَرِ]

ِ أَيْ الْجِهَادُ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْيَاءِ جَمْعُ سِيرَةٍ بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، وَهِيَ لُغَةً الطَّرِيقَةُ أَوْ السُّنَّةُ أَوْ التَّتَبُّعُ أَوْ الذِّكْرُ الْحَسَنُ عِنْدَ النَّاسِ وَاصْطِلَاحًا مَا يُؤْخَذُ، بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَوْجِيهًا لِلتَّعْبِيرِ بِالسِّيَرِ الَّتِي لَيْسَ هَذَا مَحِلُّهَا وَإِنَّمَا الْمُنَاسِبُ هُنَا التَّعْبِيرُ بِالْجِهَادِ، وَالْكِتَابُ شَامِلٌ لِلْغَزَوَاتِ هِيَ مَا خَرَجَ فِيهَا بِنَفْسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ سِتًّا وَعِشْرِينَ وَقِيلَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ وَرَجَحَ وَلَمْ يُقَاتِلْ بِنَفْسِهِ إلَّا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَهِيَ غَزْوَةُ أُحُدٍ وَقِيلَ: إنَّهُ قَاتَلَ فِي تِسْعٍ أَوْ أَكْثَرَ وَحُمِلَ عَلَى مَعْنَى عَزْمِهِ عَلَى الْقِتَالِ أَوْ عَلَى مَا لَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لَقَاتَلَ، وَلَمْ يَقْتُلْ بِنَفْسِهِ إلَّا وَاحِدًا وَهُوَ أُبَيّ بْنُ خَلَفٍ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ وَشَامِلٌ لِلْبُعُوثِ وَالسَّرَايَا، وَهِيَ مَا لَمْ يَخْرُجْ فِيهَا بِنَفْسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْهِجْرَةِ) أَمَّا قَبْلَهَا فَكَانَ مَمْنُوعًا مُطْلَقًا، وَلَهُ بَعْدَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُ أُبِيحَ لَهُ أَوَّلًا قِتَالُ مَنْ قَاتَلَهُ لَا الِابْتِدَاءُ بِهِ ثُمَّ أُبِيحَ لَهُ الِابْتِدَاءُ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، ثُمَّ أُبِيحَ لَهُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ، فَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ إنَّهُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَيْهَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَبَعْدَ إبَاحَتِهِ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (فَرْضَ كِفَايَةٍ) وَقِيلَ: فَرْضَ عَيْنٍ.

فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْقِيَامِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ إلَخْ) أَوْ يَقُولُ فَرْضُ الْعَيْنِ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْخُرُوجِ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا عَيَّنَ شَخْصًا لِلْقِيَامِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ إنَابَةُ غَيْرِهِ فِيهِ وَلَا أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا بَعْدَهُ) لَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَصْوَبَ أَوْ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْحَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي عَهْدِهِ أَيْضًا.

ــ

[حاشية عميرة]

كِتَابُ السِّيَرِ جَمْعُ سِيرَةٍ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا الْبَابُ مَعَ قَسْمِ الْغَنَائِمِ تَتَدَاخَلُ فُصُولُهَا فَمَا نَقَصَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلْيُطْلَبْ مِنْ الْآخَرِ، وَفِي الْحَدِيثِ «لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ، قَوْلُهُ: (فَرْضَ كِفَايَةٍ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَرْضُ كِفَايَةٍ فِيمَا لَمْ يَغْزُ فِيهِ بِنَفْسِهِ، وَفَرْضُ عَيْنٍ فِيمَا غَزَا فِيهِ بِنَفْسِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْأَنْصَارِ دُونَ غَيْرِهِمْ، قَوْلُهُ: (وَأَمَّا بَعْدَهُ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>