للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ مُشْرِكِينَ (وَيَكُونُونَ بِحَيْثُ لَوْ انْضَمَّتْ فِرْقَتَا الْكُفْرِ قَاوَمْنَاهُمْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ: وَيُفْعَلُ بِالْمُسْتَعَانِ بِهِمْ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً مِنْ إفْرَادِهِمْ فِي جَانِبِ الْجَيْشِ أَوْ اخْتِلَاطِهِمْ بِهِ بِأَنْ يُفَرِّقَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، (وَ) لَهُ الِاسْتِعَانَةُ (بِعَبِيدٍ بِإِذْنِ السَّادَةِ وَمُرَاهِقِينَ أَقْوِيَاءَ) فِي الْقِتَالِ وَيَنْتَفِعُ بِهِمْ فِي سَقْيِ الْمَاءِ وَمُدَاوَاةِ الْجَرْحَى، (وَلَهُ بَذْلُ الْأُهْبَةِ وَالسِّلَاحِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَمِنْ مَالِهِ) فَيَنَالُ ثَوَابَ الْإِعَانَةِ وَكَذَا إذَا بَذَلَ وَاحِدٌ مِنْ الرَّعِيَّةِ.

(وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ) لِأَحَدٍ لِأَنَّهُ بِحُضُورِ الصَّفِّ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ

(وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ) لِجِهَادٍ (لِلْإِمَامِ قِيلَ وَلِغَيْرِهِ) مِنْ الْآحَادِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ لَا يَتَوَلَّاهَا الْآحَادُ وَيُغْتَفَرُ جَهَالَةُ الْعُمْرِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْقِتَالُ عَلَى مَا يُتَّفَقُ

(وَيُكْرَهُ لِغَازٍ قَتْلُ قَرِيبٍ) لَهُ مِنْ الْكُفَّارِ (وَ) قَتْلُ (مُحْرِمٍ أَشَدُّ) كَرَاهَةً (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، (إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَسُبَّ اللَّهَ) تَعَالَى (أَوْ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ.

(وَيَحْرُمُ قَتْلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى مُشْكِلٍ) لِلنَّهْيِ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَإِلْحَاقِ الْمَجْنُونِ بِالصَّبِيِّ وَالْخُنْثَى بِالْمَرْأَةِ فَإِنْ قَاتَلُوا جَازَ قَتْلُهُمْ

(وَيَحِلُّ قَتْلُ رَاهِبٍ) شَيْخٍ أَوْ شَابٍّ (وَأَجِيرٍ وَشَيْخٍ) ضَعِيفٍ (وَأَعْمَى وَزَمِنٍ لَا قِتَالَ فِيهِمْ وَلَا رَأْيَ فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] وَالثَّانِي لَا يَحِلُّ قَتْلُهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ فَمَنْ قَاتَلَ مِنْهُمْ أَوْ كَانَ لَهُ رَأْيٌ فِي الْقِتَالِ وَتَدْبِيرِ أَمْرِ الْحَرْبِ جَازَ قَتْلُهُ قَطْعًا وَتَفَرَّعَ عَلَى الْجَوَازِ قَوْلُهُ (فَيُسْتَرَقُّونَ وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ) وَصِبْيَانُهُمْ (وَ) تُغْنَمُ (أَمْوَالُهُمْ) وَعَلَى الْمَنْعِ يُرَقُّونَ بِنَفْسِ الْأَسْرِ وَقِيلَ: يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ وَقِيلَ: يُتْرَكُونَ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ، وَيَجُوزُ سَبْيُ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ وَاغْتِنَامُ أَمْوَالِهِمْ فِي الْأَصَحِّ.

(وَيَجُوزُ حِصَارُ الْكُفَّارِ فِي الْبِلَادِ وَالْقِلَاعِ وَإِرْسَالُ الْمَاءِ عَلَيْهِمْ وَرَمْيُهُمْ بِنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ وَتَبْيِيتُهُمْ فِي غَفْلَةٍ) أَيْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ لَيْلًا، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ قَالَ تَعَالَى {وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ} [التوبة: ٥] «وَحَاصَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ الطَّائِفِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «وَنَصَبَ عَلَيْهِمْ الْمَنْجَنِيقَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقِيسَ عَلَيْهِ رَمْيُ النَّارِ وَإِرْسَالُ الْمَاءِ «وَأَغَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَسَأَلَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ يَبِيتُونَ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (أَوْ مُشْرِكِينَ) أَيْ أَهْلَ حَرْبٍ وَلَوْ عَبِيدًا وَمُرَاهِقِينَ بِالْإِذْنِ كَمَا مَرَّ وَيُمْكِنُ شُمُولُ مَا بَعْدَهُ لَهُمْ. قَوْلُهُ: (وَبِعَبِيدٍ) وَلَوْ مُكَاتَبِينَ وَمُوصًى بِمَنْفَعَتِهِمْ وَلَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَكَذَا مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُرَاهِقِينَ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْجَمِيعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فِي الْقِتَالِ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالسِّلَاحُ) عَطْفٌ خَاصٌّ قَوْلُهُ: (فَيَنَالُ إلَخْ) يُمْكِنُ رُجُوعُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ) وَلَوْ صَغِيرًا وَرَقِيقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ أَوْ الْأَصْلِ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ) أَيْ كَافِرٍ مُطْلَقًا خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَتَصِحُّ بِلَفْظِ الْمُصَالَحَةِ وَتَنْفَسِخُ بِإِسْلَامِهِ وَبِالصُّلْحِ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا عَدَمُ الْفَسْخِ وَلَا تَتَوَقَّفُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْحَاجَةِ وَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ الْكَافِرُ، أَوْ انْفَسَخَتْ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ كُلَّهُ فِي الْأُولَى، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ يَمْضِ مِنْ زَمَنِ الْإِجَارَةِ شَيْءٌ وَإِلَّا فَبِالْقِسْطِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ صِحَّةِ إجَارَةِ الْكَافِرِ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ قُضَاةِ الْعَسَاكِرِ حَيْثُ لَا نِيَابَةَ لَهُمْ فِيهَا. وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ) وَلِذَلِكَ صَحَّ الِاسْتِئْجَارُ لِلْأَذَانِ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ وَلِأَنَّ الْأَجِيرَ فِي الْأَذَانِ مُسْلِمٌ فَهُوَ مَأْمُونٌ. قَوْلُهُ: (وَيُغْتَفَرُ إلَخْ) وَأَيْضًا يُغْتَفَرُ فِي مُعَاقَدَةِ الْكُفَّارِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي. .

قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ لِغَازٍ قَتْلُ قَرِيبٍ) وَكَذَا مَحْرَمٌ لَا قَرَابَةَ لَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَقَتْلُ مُحْرِمٍ) أَيْ قَرِيبٍ أَيْضًا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ ذِكْرَهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَسُبُّ اللَّهَ) أَيْ يَعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (أَوْ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَلَوْ قَالَ رَسُولًا لَكَانَ أَعَمَّ وَالنَّبِيُّ كَالرَّسُولِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى، وَكَذَا مَنْ سَبَّ الْإِسْلَامَ أَوْ الْمُسْلِمِينَ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ قَتْلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى) وَمَنْ بِهِ رِقٌّ قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَاتَلُوا جَازَ قَتْلُهُمْ) وَكَذَا مَنْ سَبَّ مِنْهُمْ الْإِسْلَامَ أَوْ الْمُسْلِمِينَ، نَعَمْ لَا عِبْرَةَ بِسَبِّ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ.

قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ قَتْلُ رَاهِبٍ) هُوَ عَابِدُ النَّصَارَى قَوْلُهُ: (وَأَجِيرٍ) أَيْ مَنْ اسْتَأْجَرُوهُ عَلَى قِتَالِنَا أَوْ اسْتَأْجَرْنَاهُ لِقِتَالِهِمْ ثُمَّ انْضَمَّ إلَيْهِمْ، نَعَمْ يَحْرُمُ قَتْلُ الرُّسُلِ مِنْهُمْ إلَيْنَا. قَوْلُهُ: (وَتَفَرَّعَ إلَخْ) أَيْ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ) وَلَوْ مُتَرَهِّبَاتٍ وَكَذَا خَنَاثَاهُمْ وَأَرِقَّاؤُهُمْ وَمَجَانِينُهُمْ.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ إلَخْ) أَيْ عَلَى قَوْلِ التَّرْكِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ رَمْيُهُمْ بِنَارٍ إلَخْ) وَإِنْ أَمْكَنَ قَتْلُهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ. نَعَمْ يَجِبُ عَرْضُ

ــ

[حاشية عميرة]

وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ يُخْفُونَ سَيْرَهُمْ مِنْ السِّرِّ وَرُدَّ بِأَنَّ اللَّامَ فِي السِّرِّ رَاءٌ قَوْلُهُ: (بِعَبِيدٍ وَمُرَاهِقِينَ) نَبَّهَ بِالْأَوَّلِ عَلَى مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْمَدْيُونِ وَالْوَلَدِ وَبِالثَّانِي عَلَى مَا فِي مَعْنَاهُ كَالنِّسَاءِ.

[اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ]

قَوْلُهُ: (مُسْلِمٍ) أَيْ وَلَوْ رَقِيقًا لِأَنَّ الْأَرِقَّاءَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ إذَا قَصَدَ الْكُفَّارُ دَارَ الْإِسْلَامِ بِمِثْلِ ذَلِكَ حُضُورُ الصَّفِّ

[اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ لِجِهَادٍ]

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ هُنَا مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِعَانَةِ بِالْكُفَّارِ كَمَا سَلَفَ، وَلَوْ حَصَلَ صُلْحٌ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ قَبْلَ وُصُولِ دَارِ الْحَرْبِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَقَضِيَّةُ نَظِيرِهِ مِنْ الْحَجِّ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ مُطْلَقًا، قَوْلُهُ: (مِنْ الْآحَادِ) كَالْأَذَانِ قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يُتَّفَقُ) أَيْ يَقَعُ

قَوْلُهُ: (وَمُحْرِمٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ بِدَلِيلِ تَقَدُّمِ الْأَقَارِبِ مُطْلَقًا فِي التَّصَدُّقِ عَلَى مَحَارِمِ الرَّضَاعِ

قَوْلُهُ: (ضَعِيفٍ) هُوَ صِفَةٌ لِشَيْخِ، قَوْلُهُ: (لَا قِتَالَ فِيهِمْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ لِلشَّيْخِ وَمَا بَعْدَهُ فَإِنَّ الْأَجِيرَ وَالرَّاهِبَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّابِّ وَالشَّيْخِ. أَقُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>