للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتَجُوزُ الْمُبَارَزَةُ) . وَلَا يُسْتَحَبُّ ابْتِدَاؤُهَا وَلَا يُكْرَهُ (فَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ اُسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ إلَيْهِ) لَهَا (وَإِنَّمَا تَحْسُنُ مِمَّنْ جَرَّبَ نَفْسَهُ) وَعَرَفَ قُوَّتَهُ وَجُرْأَتَهُ فَالضَّعِيفُ الَّذِي لَا يَثِقُ بِنَفْسِهِ يُكْرَهُ لَهُ ابْتِدَاءً وَإِجَابَةً (وَ) إنَّمَا تَحْسُنُ (بِإِذْنِ الْإِمَامِ) فَلَوْ بَارَزَ بِغَيْرِ إذْنِهِ جَازَ، وَمِثْلُهُ الْأَمِيرُ الْمُعَبَّرُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا

(وَيَجُوزُ إتْلَافُ بِنَائِهِمْ وَشَجَرِهِمْ لِحَاجَةِ الْقِتَالِ وَالظَّفَرِ بِهِمْ وَكَذَا) يَجُوزُ إتْلَافُهَا (إنْ لَمْ يُرْجَ حُصُولُهَا لَنَا فَإِنْ رُجِيَ نُدِبَ التَّرْكُ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَحَرَّقَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: ٥] » الْآيَةُ.

(وَيَحْرُمُ إتْلَافُ الْحَيَوَانِ إلَّا مَا يُقَاتِلُونَ عَلَيْهِ) كَالْخَيْلِ فَيَجُوزُ إتْلَافُهُ (لَدَفَعَهُمْ أَوْ ظَفِرَ بِهِمْ أَوْ غَنِمْنَاهُ وَخِفْنَا رُجُوعَهُ إلَيْهِمْ وَضَرَرَهُ) لَنَا فَيَجُوزُ إتْلَافُهُ دَفْعًا لِضَرَرِهِ.

فَصْلٌ (نِسَاءُ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانُهُمْ إذَا أُسِرُوا رُقُّوا) وَكَذَا الْعَبِيدُ (يَصِيرُونَ بِالْأَسْرِ أَرِقَّاءَ لَنَا) فَيَكُونُ الثَّلَاثَةُ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ الْخُمُسُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ وَالْبَاقِي لِلْغَانِمِينَ (وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي الْأَحْرَارِ الْكَامِلِينَ) إذَا أَسَرُوا (وَيَفْعَلُ) فِيهِمْ (الْأَحَظَّ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَتْلٍ) بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ (وَمِنْ) بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِهِمْ (وَفِدَاءٍ بِأَسْرَى) مُسْلِمِينَ (أَوْ مَالٍ وَاسْتِرْقَاقٍ) لِلِاتِّبَاعِ وَيَكُونُ مَالُ الْفِدَاءِ وَرِقَابُهُمْ إذَا اُسْتُرِقُّوا كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ وَيَجُوزُ فِدَاءُ مُشْرِكٍ بِمُسْلِمٍ أَوْ مُسْلِمِينَ أَوْ مُشْرِكِينَ بِمُسْلِمٍ (فَإِنْ خَفِيَ) عَلَى الْإِمَامِ (الْأَحَظُّ) فِي الْحَالِ (حَبَسَهُمْ حَتَّى يَظْهَرَ) لَهُ فَيَفْعَلُهُ وَسَوَاءٌ فِي الِاسْتِرْقَاقِ الْكِتَابِيُّ وَالْوَثَنِيُّ وَالْعَرَبِيُّ وَغَيْرُهُ (وَقِيلَ: لَا يُسْتَرَقُّ وَثَنِيٌّ) لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِالْحُرِّيَّةِ (وَكَذَا عَرَبِيٌّ فِي قَوْلٍ) لِحَدِيثٍ فِيهِ لَكِنَّهُ وَاهٍ

(وَلَوْ أَسْلَمَ أَسِيرٌ عُصِمَ دَمُهُ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ» (وَبَقِيَ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي وَفِي قَوْلٍ يَتَعَيَّنُ الرِّقُّ)

ــ

[حاشية قليوبي]

يَظْهَرَ اثْنَانِ مَثَلًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَفٍّ لِلْقِتَالِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا تَحْسُنُ) أَيْ تَجُوزُ أَوْ تُسْتَحَبُّ قَوْلُهُ: (تُكْرَهُ لَهُ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ وَطَلَبَهَا الْكَافِرُ. قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ طَلَبَهَا الْكَافِرُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تُبَاحُ لِقَوِيٍّ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ إنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْكَافِرُ مِنْهُ، وَتُسَنُّ لَهُ إنْ طَلَبهَا وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ مَا تَحْرُمُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهُ الْأَمِيرُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهُ وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ مِنْ الشَّارِحِ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى الرَّوْضَةِ بِذِكْرِهِ بَعْدَ مَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (نَدْبُ التَّرْكِ) فَيُكْرَهُ الْإِتْلَافُ نَعَمْ إنْ فَتَحْنَا بِلَادَهُمْ صُلْحًا عَلَى أَنَّهَا لَنَا أَوْ لَهُمْ أَوْ قَهْرًا وَلَمْ نَحْتَجْ إلَيْهَا حَرُمَ إتْلَافُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ حَاجَةُ الْقِتَالِ وَالظَّفَرِ بِهِمْ وَعَدَمِ حُصُولِهَا لَنَا فَانْظُرْهُ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ إتْلَافُ الْحَيَوَانِ) أَيْ الْمُحْتَرَمِ فَنَحْوُ خِنْزِيرٍ يَجُوزُ إتْلَافُهُ مُطْلَقًا بَلْ يُنْدَبُ.

[فَصْلٌ نِسَاءُ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانُهُمْ إذَا أُسِرُوا]

فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ قَوْلُهُ: (نِسَاءُ الْكُفَّارِ) وَإِنْ كُنَّ حَامِلَاتٍ بِمُسْلِمٍ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيَّاتٍ وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمُرْتَدَّاتِ وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ. قَوْلُهُ: (يَصِيرُونَ إلَخْ) فَمَعْنَى الرِّقِّ فِيهِمْ انْتِقَالُهُ لَنَا لِأَنَّهُ مُسْتَمِرٌّ وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ وَلَا يَسْرِي فِي الْمُبَعَّضِ رِقُّهُ بَلْ لِجُزْئِهِ الْحُرِّ حُكْمُ الْحُرِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمَجَانِينُ كَالصِّبْيَانِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا. قَوْلُهُ: (الْكَامِلِينَ) بِذُكُورَةٍ يَقِينًا وَبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَحُرِّيَّةٍ وَلَوْ لِبَعْضِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَفْعَلُ) وُجُوبًا بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَسْرَى مُسْلِمِينَ) وَكَذَا بِكُفَّارٍ وَلَهُ فِدَاءُ أَسْرَانَا بِسِلَاحِهِمْ، لِأَنَّهُ دَوَامٌ وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمُ بَيْعِهِ لَهُمْ وَلَوْ اخْتَارَ خَصْلَةً ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ غَيْرُهَا جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا، إلَّا إنْ كَانَتْ الْخَصْلَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا أَوَّلًا قَتْلًا وَإِلَّا فَلَا تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُبَعَّضَ لَا يُقْتَلُ وَلَهُ ضَرْبُ الرِّقِّ عَلَى جُزْءِ الْوَاحِدِ، وَلَا يَسْرِي لِبَاقِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ مَالُ الْفِدَاءِ) وَلَوْ سِلَاحًا لِأَنَّهُ لَا يُرَدُّ إلَيْهِمْ إذَا أُخِذَ كَالْفَيْءِ فَيُخَمَّسُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَسْلَمَ أَسِيرٌ) كَامِلٌ أَوْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ بِالْتِزَامِهَا عُصِمَ دَمُهُ، كَذَا وَلَدُهُ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ أَخْذًا مِمَّا

ــ

[حاشية عميرة]

فَصْلُ نِسَاءِ الْكُفَّارِ إلَخْ لَنَا قَوْلٌ: إنَّ الْعَرَبِيَّ الْكَامِلَ لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهُ فَيَنْبَغِي جَرَيَانُ نَظِيرِهِ هُنَا وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَخَرَّجَ بِإِضَافَةِ النِّسَاءِ إلَى الْكُفَّارِ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ الْكَافِرَاتِ، فَلَا تُرَقُّ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ خِلَافٌ فِي سَبْيِ الرَّاهِبَةِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ: (مِنْ قَتْلٍ) قَدْ فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَالنَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ بِبَدْرٍ وَجَعَلَ الْمَنَّ بِثُمَامَةَ بْنِ أَثَالٍ، وَأَبِي عَزَّةَ وَالْفِدَاءُ كَثِيرٌ قَالَ تَعَالَى {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤] وَالِاسْتِرْقَاقُ وَقَعَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَفِي بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَحَكَى بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ) أَيْ وَفِي الِاسْتِرْقَاقِ تَقْرِيرٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ الْمَنُّ عَلَيْهِ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَرَبِيٌّ فِي قَوْلٍ) ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْأُمِّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّا نَأْثَمُ بِالتَّمَنِّي لَتَمَنَّيْنَا أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَهَذَا، انْتَهَى. وَلِلتَّأْثِيمِ بِالتَّمَنِّي فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ ثُمَّ دَلِيلُ الْمَذْهَبِ سَبْيُ هَوَازِنَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ كَبَنِي الْمُصْطَلِقِ

قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّهُ أَسِيرٌ مُحَرَّمُ الْقَتْلِ فَكَانَ كَالصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>