للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ جُرِحَا مَعًا وَذُفِّفَا) بِجُرْحَيْهِمَا (أَوْ أُزْمِنَا) بِهِ (فَلَهُمَا) الصَّيْدُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ الْمِلْكِ، (وَإِنْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَزْمَنَ) فِي جُرْحِهِمَا مَعًا (دُونَ الْآخَرِ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُذَفِّفِ أَوْ الْمُزْمِنِ الصَّيْدُ لِانْفِرَادِهِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ بِجُرْحِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرَحْ مِلْكَ الْغَيْرِ وَمَعْلُومٌ حِلُّ الْمُذَفِّفِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالتَّذْفِيفُ فِي الْمَذْبَحِ أَوْ فِي غَيْرِهِ.

(وَإِنْ ذَفَّفَ وَاحِدٌ) فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ (وَأَزْمَنَ آخَرُ) مُرَتَّبًا (وَجَهِلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (حَرُمَ) الصَّيْدُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْأَزْمَانِ فَلَا يَحِلُّ بَعْدَهُ إلَّا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ لَا يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ الْإِزْمَانِ وَرُجْحَانِ الْأَوَّلِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي حِلِّ الصَّيْدِ وَمَعْلُومٌ حِلُّهُ إذَا كَانَ التَّذْفِيفُ فِي الْمَذْبَحِ.

كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ اسْمٌ لِمَا يُضَحَّى بِهِ كَالضَّحِيَّةِ (هِيَ) أَيْ التَّضْحِيَةُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (سُنَّةٌ) فِي حَقِّنَا مُؤَكَّدَةٌ (لَا تُجَابُ إلَّا بِالْتِزَامٍ) بِالنَّذْرِ.

(وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ وَلَا ظُفُرَهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ وَأَنْ يَذْبَحَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةَ (بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَيَشْهَدَهَا) .

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَذُفِّفَا) بِأَنْ كَانَ جُرْحُ كُلٍّ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ مُذَفِّفًا وَكَذَا فِي أُزْمِنَا قَوْلُهُ: (أَوْ أُزْمِنَا) كَذَا لَوْ ذُفِّفَ أَحَدُهُمَا وَأُزْمِنَ الْآخَرُ فَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُ مَا ذُكِرَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ لَهُمَا وَإِنْ عَلِمَ تَأْثِيرَ فِعْلِ أَحَدِهِمَا وَشَكَّ فِي الْآخَرِ سَلَّمَ النِّصْفَ لِمَنْ عَلِمَ تَأْثِيرَ جُرْحِهِ وَوَقَفَ النِّصْفَ الْآخَرَ فَإِنْ تَبَيَّنَ الْحَالَ أَوْ اصْطَلَحَا فَوَاضِحٌ وَإِلَّا قُسِمَ بَيْنَهُمَا وَنُدِبَ اسْتِحْلَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ. قَوْلُهُ: (وَمَعْلُومٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَكُونُ الْمَصِيدُ بَيْنَهُمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هُنَا مَا مَرَّ فِي الِاحْتِمَالِ السَّابِقِ.

فَرْعٌ: أَرْسَلَ جَمَاعَةٌ كِلَابَهُمْ عَلَى صَيْدٍ ثُمَّ وُجِدَ مَيِّتًا فَإِنْ عُلِمَ قَتْلُ الْجَمِيعِ لَهُ كَأَنْ تَعَلَّقَ جَمِيعُ الْكِلَابِ بِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ أَوْ عُلِمَ قَتْلُ بَعْضِهِمْ لَهُ كَأَنْ تَعَلَّقَ بِهِ كَلْبٌ وَاحِدٌ مَثَلًا فَهُوَ لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ شَكَّ وَقَفَ إلَى الصُّلْحِ فَإِنْ خِيفَ فَسَادُهُ بِيعَ وَوَقَفَ ثَمَنُهُ لِذَلِكَ.

. كِتَابُ الْأُضْحِيَّةَ ذَكَرَهَا عَقِبَ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ لِاشْتِرَاكِهَا مَعَهُ فِي تَوَقُّفِ الْحِلِّ عَلَى الذَّبْحِ فِي الْجُمْلَةِ وَسُمِّيَتْ بِأَوَّلِ زَمَانِ فِعْلِهَا وَهُوَ الضُّحَى وَأَوَّلُ طَلَبِهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ كَالْعِيدَيْنِ وَزَكَاةِ الْمَالِ وَالْفِطْرِ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ مِنْ لُغَاتِهَا الثَّمَانِيَةِ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِيهَا أُضْحِيَّةٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَجَمْعُهَا أَضَاحِي، وَيُقَالُ: أَضْحَاةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَجَمْعُهَا أَضْحَى كَأَرْطَاةَ وَأَرْطَى وَيُقَالُ: ضَحِيَّةٌ بِغَيْرِ هَمْزٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ فِيهِمَا وَجَمْعُهَا ضَحَايَا. قَوْلُهُ: (اسْمٌ لِمَا يُضَحَّى لَهُ) هُوَ مَا يُذْبَحُ مِنْ النِّعَمِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ التَّضْحِيَةُ) وَهُوَ الْفِعْلُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْأُضْحِيَّةَ إذْ لَا تُطْلَقُ الْأُضْحِيَّةُ عَلَى الْفِعْلِ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ) لِمُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ حُرٍّ وَلَوْ مُبَعَّضًا غَنِيٍّ بِأَنْ مَلَكَهَا زَائِدَةً عَلَى كِفَايَةِ مُمَوِّنِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً كَمَا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كِفَايَةً يَوْمَ الْعِيدِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةَ، وَعَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ كَعْكٍ وَسَمَكٍ وَفُطْرَةٍ وَنَحْوِهَا وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لِأَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهَا، وَسَيَأْتِي أَنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ لَهُ أُضْحِيَّةٌ مَنْدُوبَةٌ أَيْضًا وَأَكْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أُضْحِيَّتِهِ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا، وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ فِعْلُهَا مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ، وَيُسَنُّ مِنْ مَالِهِ عَنْ الْمَوْلُودِ لَا عَنْ الْجَنِينِ. قَوْلُهُ: (فِي حَقِّنَا) وَأَمَّا هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ خُصُوصِيَّةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا مَرَّ. وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مَا زَادَ عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ وَسَيَأْتِي كَوْنُهَا سُنَّةَ كِفَايَةٍ أَوْ عَيْنٍ. قَوْلُهُ: (لَا تَجِبُ إلَّا بِالْتِزَامٍ بِالنَّذْرِ) وَكَذَا مَا أُلْحِقَ بِهِ.

قَوْلُهُ: (لِمُرِيدِهَا) سَوَاءٌ طُلِبَتْ مِنْهُ أَوْ لَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَنْبَنِي عَلَى

ــ

[حاشية عميرة]

وَلَكِنَّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي مَتْنِ الْبَهْجَةِ هُوَ الْوَجْهُ السَّابِقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (فَلَهُمَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَحِلُّهُ إذَا كَانَ جُرْحُ كُلِّ وَاحِدٍ لَوْ انْفَرَدَ لَأَزْمَنَ أَوْ ذُفِّفَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ ذُفِّفَ وَاحِدٌ) قِيلَ: كَانَ الْأَحْسَنُ ذِكْرَ هَذِهِ الصُّورَةِ قَبْلَ صُورَةِ الْمَعِيَّةِ.

[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

قَوْلُهُ: (لَا تَجِبُ إلَّا بِالْتِزَامٍ) يُرِيدُ بِهِ أَنَّ نِيَّةَ الشِّرَاءِ لِلْأُضْحِيَّةِ لَا تُوجِبُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، قَوْلُهُ: (بِالنَّذْرِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَجَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً أَوْ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا) لَوْ دَخَلَ يَوْمُ جُمُعَةٍ وَهُوَ مُرِيدٌ التَّضْحِيَةَ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ تَرْكُ أَخْذِ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>