للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِبَعْضِهِ لِأَنَّهُ أُضْحِيَّةٌ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْأَوَّلَ الْغَزَالِيُّ، (وَ) لَهُ (شُرْبُ فَاضِلِ لَبَنِهَا) عَنْ وَلَدِهَا وَقِيلَ: لَا وَفِي أَكْلِهِ مِنْهَا قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلَا يَجُوزُ وَفِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا تَرْجِيحُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ جَمَاعَةٍ (تَرْجِيحُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ جَمَاعَةٍ) وَأَنَّهُ يُشْبِهُ الْجَوَازَ فِي الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً وَالْمَنْعَ فِي الْأُخْرَى، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَى الْجَوَازِ فَفِي قَدْرِ مَا يَأْكُلُهُ الْخِلَافُ فِي أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ وَلَوْ كَانَتْ الْوَاجِبَةُ بِنَذْرِ مُجَازَاةٍ كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ الشَّاةِ أَوْ بِشَاةٍ لَمْ يَجُزْ الْأَكْلُ مِنْهَا جَزْمًا.

(وَلَا تَضْحِيَةَ لِرَقِيقٍ) بِنَا عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ، (فَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ) فِيهَا (وَقَعَتْ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ بِشَرْطِهَا، وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ وَأَذِنَ لَهُ فِيهَا، وَقَعَتْ لِلرَّقِيقِ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُسْتَوْلَدَةُ، (وَلَا يُضَحِّي مُكَاتَبٌ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ، فَإِنْ أَذِنَ فَلَهُ التَّضْحِيَةُ فِي الْأَظْهَرِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَهُوَ نَاقِصُ الْمِلْكِ وَالسَّيِّدُ لَا يَمْلِكُ لَهُ فِي يَدِهِ. وَالْأَوَّلُ قَالَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ فَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا وَقَدْ تَوَافَقَا عَلَى التَّضْحِيَةِ فَتَصِحُّ وَمَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ لَهُ التَّضْحِيَةُ بِمَا مَلَكَهُ بِحُرِّيَّتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ

(وَلَا تَضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ) الْحَيِّ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) وَبِإِذْنِهِ تَقَدَّمَ (وَلَا عَنْ مَيِّتٍ إنْ لَمْ يُوصِ بِهَا) وَبِإِيصَائِهِ تَقَعُ لَهُ. .

فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ (يُسَنُّ أَنْ يُعَقَّ عَنْ) مَوْلُودٍ (غُلَام) أَيْ ذَكَرٍ (بِشَاتَيْنِ وَجَارِيَةٍ) أَيْ أُنْثَى (بِشَاةٍ) بِأَنْ يَذْبَحَ بِنِيَّةِ الْعَقِيقَةِ مَا ذُكِرَ وَيَطْبُخَ كَمَا سَيَأْتِي وَالْعَاقُّ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمَوْلُودِ وَلَا يَعُقُّ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ

(وَسِنُّهَا وَسَلَامَتُهَا) مِنْ الْعَيْبِ (وَالْأَكْلُ وَالتَّصَدُّقُ) وَالْإِعْدَاءُ مِنْهَا، (كَالْأُضْحِيَّةِ) فِي

ــ

[حاشية قليوبي]

تَنْبِيهٌ: وَارِثُ الْمُضَحِّي مِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَيَجْرِي فِي الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي الْجِلْدِ،

قَوْلُهُ: (وَلَا تَضْحِيَةَ لِرَقِيقٍ) أَيْ غَيْرِ مُكَاتَبٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، قَوْلُهُ: (بِشَرْطِهَا) وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَهَا عَنْ السَّيِّدِ وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ الْإِذْنَ لِلْعَبْدِ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ السَّيِّدِ فَلَا حَاجَةَ لِنِيَّةِ الْعَبْدِ بَلْ لَوْ نَوَاهَا الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ وَقَعَتْ عَنْ السَّيِّدِ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (فَلَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ إذَا ضَحَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَقَعَتْ عَنْهُ لَا عَنْ السَّيِّدِ عَلَى الرَّاجِحِ، قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ) نَعَمْ يَصِحُّ أَنْ يُضَحِّيَ الْوَلِيُّ مِنْ مَالِهِ عَنْ مَحْجُورِهِ وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِهِمْ تَضْحِيَةَ الْإِمَامِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَتَضْحِيَةَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَذَبْحَ أَجْنَبِيٍّ أُضْحِيَّةً مَنْذُورَةً مُعَيَّنَةً ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ، غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تَضْحِيَةٌ عَنْ الْغَيْرِ فَافْهَمْ، قَوْلُهُ: (وَبِإِيصَائِهِ تَقَعُ لَهُ) .

قَالَ شَيْخُنَا: وَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَلَا يَجُوزُ أَكْلُ الْأَغْنِيَاءِ مِنْهَا وَلَا النَّاظِرِ عَلَى وَقْفِهَا، وَلَا ذَابِحِهَا لِتَعَذُّرِ إذْنِ الْمَيِّتِ فِي الْأَكْلِ. نَعَمْ إنْ كَانَ الذَّابِحُ مِمَّنْ فِيهِ شَرْطُ الْمَيِّتِ فَيَنْبَغِي جَوَازُ أَكْلِهِ.

فَرْعٌ: تُسَنُّ التَّسْمِيَةُ ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ التَّكْبِيرُ، وَيُسَنُّ التَّثْلِيثُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِنَفْسِهِ وَيُوَجِّهُ لَهَا أَيْضًا مَذْبَحَ ذَبِيحَتِهِ ثُمَّ الدُّعَاءُ بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَإِلَيْك فَتَقَبَّلْ مِنِّي.

فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ مِنْ الْعَقِّ بِمَعْنَى الشَّقِّ لِأَنَّ مَا يُذْبَحُ يُشَقُّ نَحْرُهُ، وَيُنْدَبُ أَنْ تُسَمَّى نَسِيكَةً وَذَبِيحَةً وَيُكْرَهُ أَنْ تُسَمَّى عَقِيقَةً لِمَا فِيهَا مِنْ التَّفَاؤُلِ، وَهِيَ لُغَةً شَعْرُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ وَشَرْعًا مَا يُذْبَحُ لِأَجْلِهِ وَالْمَعْنَى فِيهَا إظْهَارُ السُّرُورِ وَنَشْرُ النَّسَبِ غَالِبًا فَلَا يَرِدُ وَلَدُ الزِّنَا، قَوْلُهُ: (تُسَنُّ) مُؤَكَّدَةٌ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ مَلَكَهَا زَائِدَةً عَلَى مَا فِي الْفِطْرَةِ قَبْلَ مُضِيِّ أَكْثَرِ مُدَّةِ النِّفَاسِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَلَا تُطْلَبُ مِمَّنْ أَيْسَرَ بَعْدَهَا وَلَا تَجُوزُ مِنْ مَالِ الْمَوْلُودِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَصَرَفَهَا عَنْ الْوُجُوبِ الْقِيَاسُ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إرَاقَةُ دَمٍ بِلَا جِنَايَةٍ، قَوْلُهُ: (عَنْ مَوْلُودٍ) وَلَوْ مِنْ زِنًى فِي حَقِّ أُمِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَارٌ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ السَّبْعِ، قَوْلُهُ: (عَنْ غُلَامٍ) وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْخُنْثَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (بِشَاتَيْنِ) وَأَفْضَلُ مِنْهُمَا ثَلَاثٌ وَمَا زَادَ إلَى سَبْعٍ ثُمَّ بَعِيرٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ وَكَالشَّاتَيْنِ سَبُعَانِ مِنْ نَحْوِ بَدَنَةِ فَأَكْثَرَ، وَتَجُوزُ مُشَارَكَةُ جَمَاعَةٍ سَبْعَةٍ فَأَقَلَّ فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ سَوَاءٌ كَانَ كُلُّهُمْ عَنْ عَقِيقَةٍ أَوْ بَعْضُهُمْ عَنْ أُضْحِيَّةٍ أَوْ لَا، وَلَا كَمَا مَرَّ وَفُضِّلَ الذَّكَرُ كَالدِّيَةِ. قَوْلُهُ: (بِشَاةٍ) فَلَوْ جَمَعَهَا مَعَ الْأُضْحِيَّةِ بِشَاةٍ كَفَى قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ تَدَاخُلِ الْوَلَائِمِ كَمَا مَرَّ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ وَهُوَ الْوَجْهُ، قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَذْبَحَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الشَّاتَيْنِ أَوْ الشَّاةِ بِنِيَّةِ الْعَقِيقَةِ فَلَا يَكْفِي بِدُونِهَا،.

قَوْلُهُ: (وَسِنُّهَا إلَخْ) أَيْ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَلَهُ شُرْبُ إلَخْ) وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَطْعًا وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ شُرْبِهِ، وَكَذَا أَكْلُ الْوَلَدِ مَعَ خُرُوجِ الْأَصْلِ عَنْ مِلْكِهِ بِالتَّعْيِينِ

أَيْ غَيْرِ مُكَاتَبٍ قَوْلُهُ: (بِشَرْطِهَا) أَيْ مِنْ النِّيَّةِ وَغَيْرِهَا فَفِيهِ دَفْعُ مَا قِيلَ كَيْفَ يَقَعُ عَنْ السَّيِّدِ مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ) أَيْ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ، قَوْلُهُ: (وَبِإِذْنِهِ تَقَدَّمَ) كَانَ مُرَادُهُ بِذَلِكَ التَّوْكِيلَ السَّالِفَ فِي الْحَاشِيَةِ عَلَى قَوْلِهِ فَيُفِيدُ اشْتِرَاطُهَا إلَخْ، قَوْلُهُ: (وَبِإِيصَائِهِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ مَالِهِ، وَبِالْأَوْلَى فِيمَا إذَا كَانَتْ مِنْ مَالِهِ.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُوصِ لِأَنَّهَا ضَرْبٌ مِنْ الصَّدَقَةِ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ خَتَمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ خَتْمَةٍ وَضَحَّى عَنْهُ مِثْلَ ذَلِكَ

[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ]

. فَصْلٌ يُسَنُّ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَجَارِيَةٍ) قَالَ الْقَفَّالُ: إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا اسْتِبْقَاءُ النَّفْسِ وَفِدَاؤُهَا فَأَشْبَهَتْ الدِّيَةَ، قَوْلُهُ: (مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمَوْلُودِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>