للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ أَيْ الْحَلَالُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ، (حَيَوَانُ الْبَحْرِ) أَيْ مَا يَعِيشُ فِيهِ وَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ كَانَ عَيْشُهُ عَيْشَ مَذْبُوحِ السَّمَكِ مِنْهُ أَيْ مَا هُوَ بِصُورَتِهِ الْمَشْهُورَةِ، (حَلَالٌ كَيْفَ مَاتَ) أَيْ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ بِضَغْطَةٍ أَوْ صَدْمَةٍ أَوْ انْحِسَارِ مَاءٍ أَوْ ضَرْبَةِ صَيَّادٍ. (وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ السَّمَكِ الْمَشْهُورِ حَلَالٌ (فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا) يَحِلُّ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سَمَكًا وَالْأَوَّلُ يُقَالُ يُسَمَّاهُ. (وَقِيلَ إنْ أَكَلَ مِثْلَهُ فِي الْبَرِّ) كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ، (وَحَلَّ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ مِثْلُهُ فِي الْبَرِّ (فَلَا) يَحِلُّ (كَكَلْبٍ وَحِمَارٍ) الثَّانِي زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَرِّ حِمَارُ الْوَحْشِ الْمَأْكُولِ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَالتَّهْذِيبِ وَغَيْرُهُمَا، أَيْ تَغْلِيبًا لِشَبَهِ الْحَرَامِ وَعَلَى الثَّالِثِ مَا لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْبَرِّ حَلَالٌ.

(وَمَا يَعِيشُ فِي بَرٍّ وَبَحْرٍ كَضُفْدَعٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ (وَسَرَطَانٍ وَحَيَّةٍ) وَعَقْرَبٍ وَسُلَحْفَاةٍ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَتِمْسَاحٍ (حَرَامٌ) ، وَفِي الْأَوَّلَيْنِ قَوْلٌ وَالْآخَرَيْنِ وَجْهٌ بِالْحِلِّ كَالسَّمَكِ وَالْحُرْمَةُ فِي الْأَرْبَعَةِ لِلِاسْتِخْبَاثِ وَفِي الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ لِلسُّمِّيَّةِ. .

(وَحَيَوَانُ الْبَرِّ يَحِلُّ مِنْهُ الْأَنْعَامُ) قَالَ تَعَالَى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [المائدة: ١] وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (وَالْخَيْلُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ جَابِرٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ» (وَبَقَرُ وَحْشٍ وَحِمَارُهُ) ، رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الثَّانِي كُلُوا مِنْ لَحْمِهِ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ مِنْهُ وَقِيسَ بِهِ الْأَوَّلُ.

ــ

[حاشية قليوبي]

كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ.

جَمْعُ طَعَامٍ بِمَعْنَى مَطْعُومٍ وَذَكَرَهُ عَقِبَ الصَّيْدِ لِبَيَانِ مَا يَحِلُّ مِنْهُ وَمَا لَا يَحِلُّ كَمَا ذَكَرَ عَقِبَهُ الْأُضْحِيَّةَ لِبَيَانِ مَا يُجْزِئُ فِيهَا، وَمَا لَا يُجْزِئُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِطَلَبِهَا وَغَلَبَ فِي التَّرْجَمَةِ غَيْرُ الْحَيَوَانِ عَلَيْهِ، أَوْ أَنَّهُ طَعَامٌ حَالًا وَالْحَيَوَانُ طَعَامٌ بِحَسَبِ الْمَآلِ، قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَلَالِ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَا لِمَعْنًى خَارِجٍ كَغَصْبٍ وَنَحْوِهِ كَتَغَيُّرٍ وَنَتْنٍ وَسُمِّيَّةٍ، قَوْلُهُ: (غَيْرِهِ) مِنْهُ الدَّنِيلِسُ بِتَشْدِيدِ النُّونِ الْمَكْسُورَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِأُمِّ الْخُلُولِ وَمِنْهُ الْقِرْشُ الْمَعْرُوفُ وَيُقَالُ لَهُ لَخَمٌ بِلَامٍ وَمُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَمِنْهُ الدَّعَامِيصُ وَيُقَالُ لَهُ دُودُ الْمَاءِ، قَوْلُهُ: (الْمَشْهُورُ) هُوَ جَوَابٌ عَمَّا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ مِنْ التَّسْمِيَةِ بِالسَّمَكِ فِيهِمَا، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سَمَكًا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْحِلَّ تَابِعٌ لِلِاسْمِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ عَلَى الْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: (وَمَا يَعِيشُ فِي بَرٍّ وَبَحْرٍ) أَيْ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (كَضِفْدِعٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَبِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ وَعَكْسِهِ، وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ وَمِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ لَا عَظْمَ لَهُ وَأَنَّهُ إذَا كُفِيَ طَشْتٌ فِي بِرْكَةٍ هُوَ فِيهَا مَنَعَ مِنْ نَعِيقِهِ فِيهَا، قَوْلُهُ: (وَسَرَطَانٍ) وَيُقَالُ لَهُ عَقْرَبُ الْمَاءِ وَهُوَ يَتَوَلَّدُ مِنْ لَحْمِ الدَّنِيلِسِ غَالِبًا قَوْلُهُ: (وَفَتْحِ اللَّامِ) أَوْ ضَمِّهَا، قَوْلُهُ: (وَتِمْسَاحٍ) وَنَسْنَاسٍ وَتِرْسَةٍ وَيُقَالُ لَهَا اللَّجَاةُ بِالْجِيمِ وَالْمُرَادُ بِالنَّسْنَاسِ الْبَرِّيُّ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْقُرُودِ بِخِلَافِ الْبَحْرِيِّ كَمَا لَمْ، قَوْلُهُ: (لِلسُّمِّيَّةِ) الْوَجْهُ أَنَّ هَذِهِ حِكْمَةٌ لَا عِلَّةٌ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ ثَابِتَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُمِّيَّةً مَعَ أَنَّ حَيَوَانَ الْبَحْرِ الَّذِي فِيهِ السُّمِّيَّةُ يَحْرُمُ لِلضَّرَرِ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ مَا كَانَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ لَهُ نَظِيرٌ مَأْكُولٌ مِنْ الْبَرِّ كَفَرَسِ الْبَحْرِ يَحِلُّ بِتَذْكِيَتِهِ لَا بِدُونِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ

قَوْلُهُ: (وَحَيَوَانُ الْبَرِّ) أَيْ مَا شَأْنُهُ أَنْ لَا يَعِيشَ إلَّا فِيهِ وَعَيْشُهُ فِي الْبَحْرِ عَيْشُ مَذْبُوحٍ، قَوْلُهُ: (يَحِلُّ مِنْهُ) أَيْ بِذَبْحِهِ بِشَرْطِهِ قَوْلُهُ: (الْأَنْعَامُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِيهَا مِنْ دَرٍّ وَنَسْلٍ وَشَعَرٍ وَصُوفٍ وَوَبَرٍ وَرُكُوبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَالْخَيْلِ) وَأَصْلُ خَلْقِهَا مِنْ الرِّيحِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْهَا الْعَتَاقُ أَبَوَاهَا عَرَبِيَّانِ وَالْمُقْرِفُ أَبُوهُ عَجَمِيٌّ وَأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ وَالْهَجِينُ عَكْسُهُ وَمِنْهَا الْبَرَاذِينُ أَبَوَاهُ عَجَمِيَّانِ، وَسُمِّيَتْ خَيْلًا لِاخْتِيَالِهَا فِي مَشْيِهَا، قَوْلُهُ: (وَبَقَرٍ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَبْقُرُ الْأَرْضَ أَيْ تَشُقُّهَا وَمِنْهُ

ــ

[حاشية عميرة]

[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ]

قَوْلُهُ: (أَيْ مَا هُوَ بِصُورَتِهِ الْمَشْهُورَةِ) يُرِيدُ دَفْعَ مَا قِيلَ عِبَارَةُ الْمَتْنِ تَقْتَضِي اخْتِصَاصَ اسْمِ السَّمَكِ بِالنَّوْعِ الْمَشْهُورِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ، قَوْلُهُ: (وَانْحِسَارُهُ مَاءً إلَخْ) .

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِحُرُمِهِ الَّذِي مَاتَ طَافِيًا وَاسْتَدَلَّ أَئِمَّتُنَا بِحَدِيثِ الْعَنْبَرِ وَإِطْلَاقُ حَدِيثِ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ.

قَالَ الْقَفَّالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّمَا اُخْتُصَّ السَّمَكُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الذَّكَاةِ لِأَنَّهُ لَا دَمَ لَهُ يَسِيلُ وَعَيْشُهُ فِي الْمَاءِ يُنَظِّفُهُ وَيُطَيِّبُهُ وَإِذَا فَارَقَهُ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ تَزْهَقَ رُوحُهُ وَقَدْ لَا تَتَهَيَّأُ لَهُ آلَاتُ الذَّبْحِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ أَقُولُ الْجَرَادُ وُجِدَ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْ كَلَامِهِ دُونَ مَا بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (حَلَّ) أَيْ بِشَرْطِ الذَّكَاةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَا يَعِيشُ فِي بَرٍّ إلَخْ) لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ لَا يَعِيشَانِ إلَّا فِي الْبَحْرِ حَرُمَتَا أَيْضًا لِلسُّمِّيَّةِ خِلَافُ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْبَحْرُ أَقْسَامٌ مُبَاحٌ وَمَحْظُورٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فَالضِّفْدَعُ وَذَوَاتُ السُّمُومِ حَرَامٌ، وَالسَّمَكُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ حَلَالٌ وَمَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فَإِنْ كَانَ يَسْتَقِرُّ فِي الْبَرِّ وَمَرْعَاهُ فِي الْبَحْرِ كَطَيْرِ الْمَاءِ حَلَّ، وَبِالْعَكْسِ كَالسُّلَحْفَاةِ يَحْرُمُ إنْ اسْتَقَرَّ فِيهَا وَمَرْعَاهُ فِيهِمَا يُنْظَرُ أَغْلَبُ أَحْوَالِهِ، فَإِنْ اسْتَوَتْ فَوَجْهَانِ، قَوْلُهُ: (كَضِفْدِعٍ) وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِهَا.

فَائِدَةٌ: ذَكَرَ ابْنُ مُطَرِّفٍ أَنَّ السَّرَطَانَ يَتَوَلَّدُ مِنْ اللَّحْمِ الَّذِي فِي الدَّنِيلِسِ.

قَوْلُهُ: (وَبَقَرِ وَحْشٍ وَحِمَارِهِ) أَيْ وَإِنْ اسْتَأْنَسَا كَمَا يَحْرُمُ الْأَهْلِيُّ وَإِنْ اسْتَوْحَشَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>