للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحِنْثِ. (وَ) لَهُ تَقْدِيمُ (كَفَّارَةِ ظِهَارٍ عَلَى الْعَوْدِ وَ) كَفَّارَةُ (قَتْلٍ عَلَى الْمَوْتِ وَ) تَقْدِيمُ (مَنْذُورِ مَالِيٍّ) عَلَى الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَشِفَاءِ الْمَرِيضِ فِي قَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ عَبْدًا، وَالْمُرَادُ فِي الْجَمِيعِ التَّقْدِيمُ بَعْدَ الْحَلِفِ وَالظِّهَارِ وَالْجَرْحِ وَالنَّذْرِ الْأَسْبَابُ الْأُوَلُ وَالْحِنْثُ وَمَا بَعْدَهُ الْأَسْبَابُ الثَّوَانِي، فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَى السَّبَبَيْنِ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الصَّوْمِ عَلَى الْمَوْتِ وَصَوَّرُوا التَّقْدِيمَ عَلَى الْعَوْدِ بِمَا إذَا ظَاهَرَ مِنْ رَجْعِيَّةٍ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ رَاجَعَهَا، وَبِمَا إذَا طَلَّقَ بَعْدَ الظِّهَارِ رَجْعِيًّا ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ رَاجَعَ أَمَّا إذَا أَعْتَقَ عَقِبَ الظِّهَارِ عَنْهُ فَهُوَ تَكْفِيرُهُ مَعَ الْعَوْدِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالْإِعْتَاقِ عَوْدٌ.

فَصْلٌ.

يَتَخَيَّرُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بَيْنَ عِتْقٍ كَالظِّهَارِ أَيْ كَعِتْقِ كَفَّارَتِهِ وَهُوَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ بِلَا عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحِلِّهِ. (وَإِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كُلُّ مِسْكِينٍ مُدُّ حَبٍّ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ أَوْ كِسْوَتُهُمْ بِمَا يُسَمَّى كِسْوَةً كَقَمِيصٍ أَوْ عِمَامَةٍ أَوْ إزَارٍ)

ــ

[حاشية قليوبي]

وَلَهُ تَقْدِيمُ إلَخْ) فَعَدَمُ التَّقْدِيمِ أَوْلَى مُطْلَقًا وَإِذَا قَدَّمَ وَفَاتَ التَّكْفِيرُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا فِي الزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ التَّقْدِيمُ بِالْعِتْقِ اُمْتُنِعَ الرُّجُوعُ وَيَقَعُ نَدْبًا، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الْعَبْدُ عَنْ الْإِجْزَاءِ فِي الْكَفَّارَةِ الْمُعَجَّلَةِ قَبْلَ وَقْتِ الْحِنْثِ فَيُكَفِّرُ بِعِتْقٍ آخَرَ أَوْ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَى السَّبَبَيْنِ) وَلَا مُقَارَنَةُ السَّبَبِ الْأَوَّلِ أَيْضًا كَأَنْ أَعْتَقَ مَعَ الشُّرُوعِ فِي الْجُرْحِ وَلَوْ وَكَّلَ مَعَهُ لَمْ يَصِحَّ التَّوَكُّلُ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ جَوَازُ الْعِتْقِ بَعْدَ النَّذْرِ فِي شِفَاءِ الْمَرِيضِ، وَلَوْ قَبْلَ الشِّفَاءِ سَوَاءٌ قَيَّدَهُ بِوَقْتٍ بَعْدَ الشِّفَاءِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَوْتِ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّا مَرَّ وَلَعَلَّ خُصُوصَ ذِكْرِهِ لِعَدَمِ الْإِطْعَامِ فِيهِ.

فَصْلٌ فِي صِفَةِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مِنْ الْكَفْرِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَهُوَ السَّتْرُ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى سَتْرِ جِسْمٍ بِجِسْمٍ آخَرَ، فَمَا هُنَا مَجَازٌ أَوْ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا جَابِرَةٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ زَاجِرَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلْأَغْلَبِ إذْ لَا إثْمَ فِي نَحْوِ الْمُبَاحِ كَالْمَنْدُوبِ ثُمَّ إنْ كَانَ عَقْدُ الْيَمِينِ طَاعَةً وَحَمْلُهَا مَعْصِيَةً كَأَنْ لَا يَزْنِي ثُمَّ زَنَى كَفَّرَتْ إثْمَ الْحِنْثِ، أَوْ عَكْسُهُ كَأَنْ لَا يُصَلِّيَ فَرْضًا ثُمَّ صَلَّاهُ كَفَّرَتْ إثْمَ الْعَقْدِ، كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ فَإِنْ كَانَا مُبَاحَيْنِ تَعَلَّقَتْ بِهِمَا لَكِنَّهَا بِالْحِنْثِ أَحَقُّ، لِأَنَّهُ الْمُوجِبُ لَهَا كَمَا يَأْتِي قَالُوا وَهِيَ مُخَيَّرَةٌ ابْتِدَاءً أَيْ فِي الْخِصَالِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ مُرَتَّبَةٌ انْتِهَاءً أَيْ فِي الْخَصْلَةِ الرَّابِعَةِ الَّتِي هِيَ الصَّوْمُ لِاعْتِبَارِ تَوَقُّفِهَا عَلَى فَقْدِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهَا.

قَوْلُهُ: (يَتَخَيَّرُ) أَيْ الْمُكَفِّرُ الْحُرُّ الرَّشِيدُ غَيْرُ الْمُفْلِسِ وَلَوْ كَافِرًا، قَوْلُهُ: (بَيْنَ عِتْقٍ) أَيْ إعْتَاقٍ وَهُوَ أَفْضَلُهَا وَلَوْ فِي زَمَنِ مَجَاعَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. قَوْلُهُ: (وَإِطْعَامُ) أَيْ تَمْلِيكُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَشْرَةِ مَسَاكِينَ) وَلَوْ فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَلَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ الْعَشَرَةِ. قَوْلُهُ: (كُلُّ مِسْكِينٍ مُدُّ حَبٍّ) فَلَا يَكْفِي أَقَلُّ مِنْ مُدٍّ لِوَاحِدٍ، قَوْلُهُ: (مِنْ غَالِبِ إلَخْ) الْمُعْتَبَرُ مَا فِي الْفِطْرَةِ. قَوْلُهُ: (بَلَدِهِ) أَيْ بَلَدِ الْحَالِفِ الَّذِي حَنِثَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فِيهِ أَوْ أَدَّى عَنْهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ ضَمِيرِ بَلَدِهِ لِلْحِنْثِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ فَيُوَافِقُ مَا ذَكَرَ، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا اعْتِبَارُ وَقْتِ التَّكْفِيرِ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ وَقْتَ وُجُوبِ التَّكْفِيرِ، فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ بِالْحِنْثِ وَإِنْ أَرَادَ وَقْتَ إرَادَةِ التَّكْفِيرِ فَقَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ،، وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ قُوتِ بَلَدِ الْحِنْثِ حَالَةَ إرَادَةِ التَّكْفِيرِ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) أَيْ الْعَشَرَةِ فَلَا يَجُوزُ دُونَهُمْ، وَلَا أَنْ يُطْعِمَ بَعْضَهُمْ وَيَكْسُوَ بَعْضَهُمْ لِأَنَّهُ تَلْفِيقٌ مِنْ خَصْلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِمَا يُسَمَّى كِسْوَةً) وَلَوْ مُتَنَجِّسًا أَوْ مِنْ جِلْدٍ أَوْ لَبْدٍ أَوْ فَرْوَةٍ حَيْثُ اُعْتِيدَ وَأَوْجَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ. قَوْلُهُ: (كَقَمِيصٍ) وَلَوْ بِلَا كُمٍّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ كَبِيرًا جِدًّا لِوَاحِدٍ فَلَا يَكْفِي دَفْعُهُ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ قَبْلَ تَقْطِيعِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ عِمَامَةٍ) أَوْ مِقْنَعَةٍ أَوْ طَرْحَةٍ لَا قَلَنْسُوَةٍ وَقُبَعٍ وَطَاقِيَّةٍ وَفَصَادِيَّةٍ وَعِصَابَةٍ، وَالِاكْتِفَاءُ بِالْعِرْقِيَّةِ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يُجْعَلُ تَحْتَ سَرْجِ الْفَرَسِ لَا الْعِرْقِيَّةُ الْمَعْرُوفَةُ بِالطَّاقِيَّةِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ إزَارٍ) هُوَ الْمِئْزَرُ وَهُوَ مَا يُشَدُّ عَلَى الْوَسَطِ لِيَسْتُرَ الْعَوْرَةَ. قَوْلُهُ: (أَوْ رِدَاءٍ) وَهُوَ مَا يُجْعَلُ عَلَى الْكَتِفِ كَالْفُوطَةِ وَيَكْفِي

ــ

[حاشية عميرة]

فَرْعٌ: قَالَ الْقَاضِي لَوْ أَيِسَ مِنْ الْحِنْثِ وَكَانَ قَدْ شَرَطَ الرُّجُوعَ فِيمَا دَفَعَهُ رَجَعَ كَالزَّكَاةِ، وَكَذَا قَالَ الْإِمَامُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ. أَقُولُ اُنْظُرْ هَلْ يَأْتِي ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.

[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ]

فَصْلٌ يَتَخَيَّرُ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَإِطْعَامِ) لَوْ أَطْعَمَ خَمْسَةً وَكَسَا خَمْسَةً لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ هَذَا قِسْمٌ رَابِعٌ وَالتَّخْيِيرُ فِي الْآيَةِ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَقَطْ، قَوْلُهُ: (قُوتِ بَلَدِهِ) أَيْ فَلَا يُجْزِئُ قُوتُ نَفْسِهِ إذَا خَالَفَ قُوتَ الْبَلَدِ.

تَنْبِيهٌ: إنَّمَا اُعْتُبِرَ الْمُدُّ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ الْعِرْقِ وَلِأَنَّهُ سَدَادُ الرَّغِيبِ وَكِفَايَةُ الْمُقْتَصِدِ وَنِهَايَةُ الزَّائِدِ وَالْكِسْوَةُ لَا سَبِيلَ إلَى ضَبْطِهَا، لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَعَنْ الْبُوَيْطِيِّ أَنَّ الْوَاجِبَ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ قِيلَ وَهُوَ قَوِيٌّ لِأَنَّهَا إحْدَى الْخِصَالِ فَيَجِبُ تَقْدِيرُهَا كَالْإِطْعَامِ وَاعْتَذَرَ عَنْهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ اعْتِبَارِ الِاسْمِ، وَهُوَ أَصْلٌ وَعَنْ اعْتِبَارِ الْكِفَايَةِ وَهُوَ عُرْفٌ قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>