للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ. حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا أَيْ هَذِهِ الدَّارَ (أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا) وَهُوَ فِيهَا (فَلْيَخْرُجْ فِي الْحَالِ) لِيَخْلُصَ مِنْ الْحَلِفِ وَلَا يَحْنَثُ لَوْ خَرَجَ وَتَرَكَ فِيهَا أَهْلَهُ وَمَتَاعَهُ (فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ وَإِنْ بَعَثَ مَتَاعَهُ) وَأَهْلَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْعَثْهُمَا لِأَنَّ حَلِفَهُ عَلَى سُكْنَى نَفْسِهِ وَإِنْ مَكَثَ لِعُذْرٍ كَأَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ، أَوْ مُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ لَوْ خَرَجَ لَمْ يَحْنَثْ (وَإِنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَجَمْعِ مَتَاعٍ وَإِخْرَاجِ أَهْلٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ) لِلْخُرُوجِ (لَمْ يَحْنَثْ) بِمُكْثِهِ لِمَا ذُكِرَ كَمَا لَوْ عَادَ لَهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ فِي الْحَالِ. .

(وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا لَوْ بَنَى بَيْنَهُمَا جِدَارًا وَلِكُلِّ جَانِبٍ مَدْخَلٌ) لَا يَحْنَثُ (فِي الْأَصَحِّ) لِاشْتِغَالِهِ بِرَفْعِ الْمُسَاكَنَةِ وَالثَّانِي يَحْنَثُ لِحُصُولِهَا إلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا نِسْبَةُ تَصْحِيحِهِ إلَى الْجُمْهُورِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ إلَى الْبَغَوِيّ. .

(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَهُوَ فِيهَا أَوْ لَا يَخْرُجُ وَهُوَ خَارِجٌ فَلَا حِنْثَ بِهَذَا) ، الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دُخُولًا وَلَا خُرُوجًا (أَوْ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يَتَطَهَّرُ أَوْ لَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَقُومُ أَوْ لَا يَقْعُدُ فَاسْتَدَامَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ) الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ التَّزَوُّجِ إلَى آخِرِهَا (حَنِثَ قُلْت تَحْنِيثُهُ بِاسْتِدَامَةِ التَّزَوُّجِ وَالتَّطَهُّرِ) الْمُخَالِفُ لِمَا فِي الشَّرْحِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ (غَلَطٌ لِذُهُولٍ) فَإِنَّ الِاسْتِدَامَةَ فِيهِمَا لَا تُسَمَّى تَزَوُّجًا وَتَطَهُّرًا بِخِلَافِهَا فِي بَاقِي الْأَحْوَالِ فَتُسَمَّى لُبْسًا وَرُكُوبًا إلَى آخِرِهَا. (وَاسْتِدَامَةُ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا قَوْلُهُ: (فَلْيَخْرُجْ) عَلَى الْعَادَةِ فَلَا يُكَلَّفُ الْعَدْوَ فِي مَشْيِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ التَّحَوُّلَ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ الْخُرُوجِ الْمُعْتَادِ وَلَا يُكَلَّفُ أَقْرَبَ الْبَابَيْنِ، فَلَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْأَبْعَدِ إلَّا إنْ كَانَ بِصُعُودِ نَحْوِ سَطْحٍ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَ مُكْثُهُ بِقَدْرِ زَمَنِ الِاعْتِكَافِ.

وَقَالَ شَيْخُنَا يُعْتَبَرُ مَا يُعَدُّ مُكْثًا فِي الْعُرْفِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَيْسَ مِنْ الْمَنْعِ حَلِفُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخُرُوجِ. قَوْلُهُ: (أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ) وَكَذَا عَلَى مُعْتَقِهِ أَوْ عِرْضِهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ لَوْ أَخَذَهُ مَعَهُ أَوْ تَرَكَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ لَمْ يَعْذُرْ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا وَإِنْ اخْتَصَّ الْأَمْنُ بِهِ، وَمِنْ الْعُذْرِ ضِيقُ وَقْتِ صَلَاةٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ بِمُكْثِهِ) وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ فِي جَمْعِ الْمَتَاعِ إنَابَةُ غَيْرِهِ فِي جَمْعِهِ مَنْ يَأْتَمِنُهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ.

قَوْلُهُ: (عَادَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى جَمْعِ الْمَتَاعِ أَيْ مَعَ فَقْدِ نَائِبٍ كَمَا مَرَّ، وَخَرَجَ بِالْعَوْدِ إلَيْهِ مَا لَوْ عَادَ بَعْدَ تَحْوِيلِهِ، وَلَوْ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ) أَوْ لَا يَسْكُنُ مَعَهُ أَوْ لَا مُسَاكَنَةَ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (فِي هَذِهِ الدَّارِ) أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا عَمِلَ بِهِ حَتَّى لَوْ نَوَى أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ فِي الْبَلَدِ حَنِثَ بِسُكْنَاهُ فِيهَا، وَلَوْ فِي طَرَفٍ بَعِيدٍ عَنْهُ مِنْ طَرَفَيْهَا. قَوْلُهُ: (فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا) أَيْ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ وَلَوْ إلَى مَحَلٍّ مُلَاصِقٍ لَهَا مِنْ نَحْوِ خَانٍ أَوْ فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ حَيْثُ اسْتَقَلَّ كُلُّ مَحَلٍّ بِمَرَافِقِهِ مِنْ نَحْوِ بَالُوعَةِ وَحْشٍ وَمِصْعَدٍ وَسُلَّمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ) فَلَوْ قَالَ أَرَدْت مُدَّةً كَشَهْرٍ مَثَلًا قُبِلَ مِنْهُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ لَا بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ زَيْدًا وَعَمْرًا بَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا، أَوْ لَا يُسَاكِنُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا لَمْ يَبَرَّ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا) لَا يَحْنَثُ عَلَى مَرْجُوحٍ لَوْ بَنَى بَيْنَهُمَا جِدَارًا وَلِكُلِّ جَانِبٍ مَدْخَلٌ فِي الْأَصَحِّ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَا مَعًا فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْجِدَارِ حَنِثَ قَطْعًا، وَيَظْهَرُ أَنَّ جُمْلَةَ وَلِكُلِّ جَانِبٍ مَدْخَلٌ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ لِيُفِيدَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَدْخَلَيْنِ مَوْجُودٌ قَبْلَ بِنَاءِ الْجِدَارِ بَيْنَهُمَا، وَيُحْتَمَلُ عَطْفُ لِكُلٍّ عَلَى بَيْنِهِمَا فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْمَدْخَلَيْنِ جُدِّدَ بِنَاؤُهُ كَالْجِدَارِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِانْتِقَالِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي تَعَاطِيهِ الْبِنَاءَ بِنَفْسِهِ فَلَوْ مَكَثَ حَتَّى بَنَى غَيْرُهُ الْجِدَارَ وَلَوْ بِأَمْرِهِ حَنِثَ قَطْعًا، أَوْ خَرَجَ كَمَا مَرَّ حَتَّى بَنَى غَيْرُهُ الْجِدَارَ ثُمَّ عَادَ لَمْ يَحْنَثْ قَطْعًا فَرَاجِعْ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَحْنَثُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا.

قَوْلُهُ (وَلَوْ حَلَفَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْحُكْمِ وَالْمَعْنَى لَمْ يَجْعَلُوا لَهَا ضَابِطًا يَجْمَعُ جُزْئِيَّاتِ

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْل حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا أَيْ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا وَهُوَ فِيهَا]

فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا إلَخْ قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَكَثَ) أَيْ وَلَوْ مُتَرَدِّدًا فِي الْمَكَانِ وَاسْتَدَلَّ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْمَتَاعِ بِآيَةِ {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: ٣٧] فَأَطْلَقَ عَلَى ذَلِكَ إسْكَانًا وَلَيْسَ مَعَهُمْ رَحْلٌ وَلَا مَتَاعٌ وَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ أَنَّ الْمُكْثَ وَلَوْ قَلَّ يَضُرُّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ هُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَرَادَ لَا أَمْكُثُ وَإِنْ أَرَادَ لَا أَتَّخِذُهَا مَسْكَنًا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْحِنْثِ بِمُكْثِ نَحْوِ السَّاعَةِ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ السُّكْنَى كَالْمُقِيمِ لَا يَصِيرُ مُسَافِرًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ.

فَائِدَةٌ: جَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْعُذْرِ ضِيقَ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ، قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُشْتَغِلَ بِأَسْبَابِ الِانْتِقَالِ لَيْسَ سَاكِنًا عُرْفًا.

قَوْلُهُ: (لَا يُسَاكِنُهُ) مِثْلُهُ لَا يَسْكُنُ مَعِي أَوْ لَا أَسْكُنُ مَعَهُ.

فَائِدَةٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَنْ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ جَمْعِ الْمَتَاعِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ قَالَ هُنَا كَذَلِكَ وَمَنْ لَا فَلَا إلَّا الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فَصَحَّحَ هُنَاكَ عَدَمَ الْحِنْثِ وَصَحَّحَ هُنَا الْحِنْثَ وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ قَصْدَ الْمُسَاكَنَةِ مَوْجُودٌ هُنَا وَقَصْدَ التَّحَوُّلِ مَوْجُودٌ هُنَاكَ. وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ بَنَى بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَيْ بِفِعْلِهِمَا أَوْ بِأَمْرِ الْحَالِفِ أَوْ فِعْلِهِ.

قَوْلُهُ: (الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا إلَخْ) يُقَالُ تَزَوَّجْت مِنْ شَهْرٍ وَلَا يُقَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>