للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ (ادَّعَى عَيْنًا غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهَا كَعَقَارٍ وَعَبْدٍ وَفَرَسٍ مَعْرُوفَاتٍ) فِيهِ تَغْلِيبُ غَيْرِ الْعَاقِلِ الْأَكْثَرِ (سَمِعَ) الْقَاضِي (بَيِّنَتَهُ وَحَكَمَ بِهَا وَكَتَبَ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ لِيُسَلِّمَهُ لِلْمُدَّعِي وَيَعْتَمِدَ فِي الْعَقَارِ حُدُودَهُ) الْأَرْبَعَةِ (أَوْ لَا يُؤْمَنُ) اشْتِبَاهُهَا كَغَيْرِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ. (فَالْأَظْهَرُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ) فِيهَا اعْتِمَادًا عَلَى الصِّفَاتِ وَالثَّانِي قَالَ الصِّفَاتُ تَتَشَابَهُ (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يُبَالِغُ الْمُدَّعِي فِي الْوَصْفِ) مَا أَمْكَنَهُ (وَيَذْكُرُ) مَعَهُ (الْقِيمَةَ) فِي الْمُتَقَوِّمِ وَغَيْرِهِ. (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهَا) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ لِخَطَرِ الِاشْتِبَاهِ وَمُقَابِلُهُ مَا يَنْظُرُ إلَى ذَلِكَ (بَلْ يَكْتُبُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ بِمَا شَهِدْت بِهِ فَيَأْخُذُهُ وَيَبْعَثُهُ إلَى الْكَاتِبِ لِيَشْهَدُوا عَلَى عَيْنِهِ وَالْأَظْهَرُ) فِي طَرِيقِهِ (أَنَّهُ يُسَلِّمُهُ إلَى الْمُدَّعِي بِكَفِيلٍ بِبَدَنِهِ) ، وَالثَّانِي بِكَفِيلٍ بِالثَّمَنِ (فَإِنْ شَهِدُوا بِعَيْنِهِ كَتَبَ بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ الرَّدِّ أَوْ غَائِبَةٍ عَنْ الْمَجْلِسِ لَا الْبَلَدِ أَمَرَ بِإِحْضَارِ مَا يُمْكِنُ إحْضَارُهُ لِيَشْهَدُوا بِعَيْنِهِ وَلَا تُسْمَعُ شَهَادَةٌ بِصِفَةٍ) ، وَمَا لَا يُمْكِنُ إحْضَارُهُ كَالْعَقَارِ يَحُدُّهُ الْمُدَّعِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْحُدُودِ وَلَوْ كَانَ مَشْهُورًا لَا يَشْتَبِهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَحْدِيدِهِ (وَإِذَا وَجَبَ إحْضَارٌ فَقَالَ لَيْسَ بِيَدَيْ عَيَّنَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ (لِلْمُدَّعِي دَعْوَى الْقِيمَةِ فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي الدَّعْوَى بِالْعَيْنِ الْغَائِبَةِ إمَّا عَنْ الْبَلَدِ أَوْ عَنْ الْمَجْلِسِ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ: (ادَّعَى عَيْنًا) خَرَجَ بِالْعَيْنِ مَا لَيْسَ عَيْنًا مِمَّا لَا يُوصَفُ بِإِحْضَارٍ وَلَا عَدَمِهِ كَدَيْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَوَكَالَةٍ وَوِصَايَةٍ وَنَسَبٍ وَنَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ) وَلَوْ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ تَغْلِيبٌ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ وَجَوَابٌ عَلَى أَحَدِ طَرِيقَيْنِ. قَوْلُهُ: (حُدُودَهُ الْأَرْبَعَةَ) فَإِنْ عُرِفَ بِبَعْضِهَا اكْتَفَى بِهِ أَوْ بِالْمَحَلَّةِ أَوْ السِّكَّةِ فَكَذَلِكَ يَكْتَفِي بِهَا وَإِلَّا وَجَبَ ذِكْرُ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: (وَيُبَالِغُ الْمُدَّعِي فِي الْوَصْفِ) بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُ الِاشْتِبَاهَ وَإِنْ زَادَ عَلَى صِفَاتِ السَّلَمِ وَذِكْرُ الْوَصْفِ فِي الْمِثْلِيِّ وَاجِبٌ وَذِكْرُ الْقِيمَةِ فِيهِ مَنْدُوبٌ وَالْمُتَقَوِّمُ بِعَكْسِهِ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَاهُ فِي الدَّعَاوَى مِنْ وُجُوبِ وَصْفِ الْعَيْنِ بِصِفَةِ السَّلَمِ دُونَ قِيمَتِهَا مِثْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَقَوِّمَةً لِأَنَّهُ فِي عَيْنٍ حَاضِرَةٍ بِالْبَلَدِ يَسْهُلُ حُضُورُهَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ هُنَا فَإِنَّهَا لَا تَشْهَدُ إلَّا بِالصِّفَاتِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ كَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (فِي طَرِيقِهِ) أَيْ فِي كَيْفِيَّةِ الْبَعْثِ قَوْلُهُ: (إلَى الْمُدَّعِي) إنْ كَانَ مَلِيًّا ثِقَةً وَمَعَ نَحْوِ مُحْرِمٍ إنْ كَانَ أَمَةٌ تَحِلُّ لَهُ، وَإِلَّا فَمَعَ أَمِينٍ ثِقَةٍ وَيُنْدَبُ الْخَتْمُ عَلَيْهَا بِخَتْمٍ لَازِمٍ لِئَلَّا تُبَدَّلَ وَيَلْتَبِسُ الْأَمْرُ عَلَى الشُّهُودِ، فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا حُمِلَ فِي نَحْوِ عُنُقِهِ قِلَادَةً وَخَتَمَ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (بِكَفِيلٍ) وُجُوبًا بِشَرْطِ كَوْنِهِ مِلِّيًّا ثِقَةً قَادِرًا قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي بِكَفِيلٍ بِالثَّمَنِ) .

قَالَ شَيْخُنَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَبِيعُ الْعَيْنَ الْمُدَّعَاةَ لِلْمُدَّعِي وَيَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا بِثَمَنِهَا وَصَحَّ الْبَيْعُ لِلضَّرُورَةِ وَإِذَا ثَبَتَتْ لِلْمُدَّعِي تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ لَهُ فَرَاجِعْهُ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي كَيْفِيَّةِ الْبَعْثِ لَا فِيهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (كَتَبَ بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ) وَلَوْ أَحْضَرَ الْخَصْمَ عَيْنًا أُخْرَى مُشَارِكَةً لَهَا فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ فَكَمَا مَرَّ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مُؤْنَةُ الرَّدِّ) وَكَذَا مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ وَكَذَا نَفَقَةُ نَحْوِ رَقِيقٍ بِسَبَبِ السَّفَرِ، وَكَذَا أُجْرَةُ مُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ لَا أُجْرَةُ الْخَصْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ أَنَّ نَفَقَةَ الْمُدَّعَى بِهِ مُدَّةُ الْخُصُومَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ بِاقْتِرَاضٍ ثُمَّ عَلَى الْمُدَّعِي قَوْلُهُ: (لَا الْبَلَدِ) نَعَمْ الْغَائِبَةُ عَنْ الْبَلَدِ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَالَّتِي فِي الْبَلَدِ.

قَوْلُهُ: (مَا يُمْكِنُ) أَيْ مَا يَسْهُلُ إحْضَارُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً نَعَمْ إنْ كَانَ مَشْهُورًا لِلنَّاسِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِحْضَارِهِ، فَإِنْ عَرَّفَهُ الْقَاضِي بَنَى عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَقْضِي بِعِلْمِهِ. قَوْلُهُ: (يَحُدُّهُ الْمُدَّعِي) أَوْ يَصِفُهُ وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِصِفَاتِهِ أَوْ يَحْضُرُهُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ، وَيَتَعَيَّنُ هَذَا فِيمَا لَا يَعْرِفُهُ الشُّهُودُ إلَّا بِالْعَيْنِ وَتَعْتَمِدُ الشُّهُودُ الصِّفَاتِ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي هُنَا بِالتَّحْدِيدِ أَوْ الشَّهَادَةِ بِالصِّفَةِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (دَعْوَى الْقِيمَةِ) أَيْ فِي الْمُتَقَوِّمِ أَوْ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ ادَّعَى عَيْنًا غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهَا كَعَقَارٍ وَعَبْدٍ وَفَرَسٍ مَعْرُوفَاتٍ]

فَصْلٌ ادَّعَى عَيْنًا إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَعْتَمِدُ فِي الْعَقَارِ) قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمَنْهَجِ أَيْ الَّذِي لَمْ يَشْتَهِرْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمَتْنُ حُدُودُهُ) وَيَذْكُرُ أَيْضًا الْحَارَّةَ وَالسِّكَّةَ وَهَلْ هُوَ فِي صَدْرِهَا أَوْ يَمِينِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِيَشْهَدُوا إلَخْ) فَفَائِدَةُ الْإِقَامَةِ الْأُولَى نَقْلُ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِبَدَنِهِ) أَيْ وُجُوبًا وَالضَّمِيرُ فِي بَدَنِهِ يَرْجِعُ لِلْمُدَّعِي مِنْ قَوْلِهِ إلَى الْمُدَّعِي قَوْلُهُ: (بِالثَّمَنِ) بِأَنْ يَبِيعَهُ لَهُ وَيَطْلُبُ مِنْهُ كَفِيلًا بِالثَّمَنِ ثُمَّ إنْ سَلِمَتْ الْعَيْنَ لَهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَإِلَّا تَبَيَّنَ الصِّحَّةَ وَيَتَوَلَّى الْقَاضِي ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُؤْنَةُ الرَّدِّ) أَيْ وَالْإِحْضَارُ وَكَذَا نَفَقَةُ الْعَبْدِ لَكِنَّ الزَّائِدَةَ بِسَبَبِ السَّفَرِ وَكَذَا أُجْرَتُهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ. قَوْلُهُ: (بِصِفَةٍ) لِأَنَّهَا إنَّمَا جَازَتْ عِنْدَ الْغَيْبَةِ عَنْ الْبَلَدِ لِلْحَاجَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا. وَمِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعْلَمُ أَنَّ الدَّعْوَى تَعْتَمِدُ الصِّفَةَ وَتَسْمَعُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَمَالًا يُمْكِنُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَالتَّقْيِيدِ بِسُهُولَةِ النَّقْلِ لِيَخْرُجَ مَا يَتَعَذَّرُ نَقْلُهُ أَوْ يَتَعَسَّرُ لِكَوْنِهِ ثَقِيلًا، فَالْأَوَّلُ كَالْعَقَارِ بِحُدُودِهِ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِتِلْكَ الْحُدُودِ فَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ نَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ وَلَا نَعْرِفُ الْحُدُودَ بَعَثَ الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعَهَا عَلَى عَيْنِهِ، وَلَوْ كَانَ الْعَقَارُ مَشْهُورًا فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّحْدِيدِ، وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي يَتَعَسَّرُ فَيَصِفُهُ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ وَيَحْضُرُهُ الْقَاضِي لِلشَّهَادَةِ أَوْ يَبْعَثُ نَائِبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا وَجَبَ إحْضَارٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَجِبَ إحْضَارُهَا كَعَبْدِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَجَبَ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْيَمِينِ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>